q

حسن روحاني، الرئيس الإصلاحي، لم يكن قادرا على الفوز بمنصب رئيس الجمهورية، الا بأصوات ملايين المواطنين في إيران، عام 2013، وهذا القبول الشعبي لرئيس إصلاحي جديد، بعد تجربة سابقة لم يكتب لها النجاح بنسبة كبيرة، ما كان لينجح لولا الوعود التي أطلقها (روحاني)، بالتغيير، ونهج سياسية جديدة على المستوى الداخلي والخارجي... بعد ان شكلت احداث عام 2009، وما تلتها من احتجاجات وتظاهرات وخلاف حاد بين التيار الإصلاحي والتيار المحافظ، نقطة فارقة في تاريخ ايران الحديث، والتي انتهت مقتل العشرات وزج أبرز الشخصيات الإصلاحية في السجون.

ربما اهم ما وعد به روحاني على المستوى الداخلي كان: إطلاق برنامج حكومي تدريجي لرفع القيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة، وعلى النشطاء والمعارضة السياسية، فضلا عن إطلاق سراح المعتقلين، او من هم تحت الإقامة الجبرية لأسباب سياسية، (أبرزهم موسوي وكروبي)، او غيرها.

اما الوعد الثاني: فكان خارجيا، وقد نجح روحاني الى حد متقدم في قطع المسافات الطويلة بنصف المدة الزمنية المقررة، سيما وان توقيع "اتفاق تاريخي"، بين إيران والقوى الكبرى، قد انجز واعتبر من الماضي، وما سيترتب عليه من رفع للعقوبات والتعامل الاقتصادي مع الغرب بصورة أكثر ديناميكية، إضافة الى تحسن العلاقات الدبلوماسية مع المجتمع الدولي، والتي انتعش مناخها بفعل توقعات الانفتاح الاقتصادي المتبادل بين الأطراف المعنية، بعد الاتفاق النووي.

الشعب الإيراني انتظر ترجمة الوعود الإصلاحية بفارغ الصبر... وقد خرج الالاف من المواطنين الى الشارع، في طهران واصفهان وتبريز وغيرها من مدن إيران الإسلامية، للتعبير عن فرحتهم بالنجاح النووي، لكن قبل ذلك، فرحوا بتحقيق (الوعد) الذي قطعة (روحاني) في الطريق على سياسية الانفتاح، ونجاح أولى خطواته بهذا الاتجاه.

لكن ذات الشارع، ينتظر تحقيق المزيد من الوعود، سيما على المستوى الداخلي، وهو ما يضع في حسابات الإصلاحيين، الكثير من المخاوف تجاه إمكانية تحقيقها، وطرق التحرك القادمة، في ظل منافسة قوية وسيطرة شديدة للتيار المحافظ (المتشدد)، سياسيا واقتصاديا... فيما تبقى أبرز المناصب الحكومية في السلطات الثلاث، حكرا على التيار المسيطر في البلاد.

التيار الإصلاحي في إيران، والذي حقق بعض النجاحات الخارجية التي تحسب له، ما زال يعرف صعوبة تحقيق الإصلاحات الداخلية والوعود التي أطلقها لتنفيذ تلك الإصلاحات، على الأقل خلال الدورة البرلمانية والرئاسية الحالية، وغالبا ما يحاول (روحاني) او قادة هذا التيار، (رفسنجاني)، التأكيد على مسالة (الوقت) المناسب او التدرج في احداث الإصلاحات التي لن تأتي دفعة واحدة.

وقد أشار الرئيس الإيراني، في سؤال عن عملية الإصلاح الداخلي التي وعد بتنفيذها بالقول: "لقد بذلت جهدي لحل المشاكل السياسية والاجتماعية... ولكن عندما يحين الوقت، سيكون باستطاعتي الافصاح عن مزيد من التفسيرات... في بعض الحالات، لا يمكن للحكومة ان تقوم ببعض الامور لوحدها... من الافضل تسوية المسائل القديمة".

واغلب الظن ان في ذلك إشارة واضحة للمواطن الإيراني الراغب بالإصلاحات الداخلية، ان الوقت لم يحن بعد، سيما على مستوى المواجهة المباشرة، والتي قد تطفو على سطح الاحداث بعد ان تتقدم إيران في طريق تحقيق النجاحات الاقتصادية والدبلوماسية المنشودة بعد رفع العقوبات الاقتصادية، إضافة الى ما يعده الإصلاحيون من معركة سياسية في الانتخابات التشريعية المقبلة.

اما الرسالة الثانية، والتي اكدها روحاني بقوله: "ولكن عندما يحين الوقت، سيكون باستطاعتي الافصاح عن مزيد من التفسيرات"، قد تعني التيار المتشدد داخل السلطة، والذي يعترض سبيل الإصلاحات المطلوبة، فعامل الوقت والافصاح عما في جعبة الطرف المعتدل، تجاه الطرف المتشدد، قد يحول معركة الإصلاح الى الشارع الإيراني ليقول كلمته، وهي كلمة ستكون مسموعة هذه المرة، بخلاف عام 2009.

اضف تعليق