q

يظهر مشهد الحرب الراهن في سوريا سيناريوهات متعددة من التصعيد العسكري جميعها ساهمت في تقليص فرص الحلول السياسية في البلد المنهار على المستويات كافة، فقد كشفت المعارك الاخيرة ان موازين الحرب في سوريا تجري على أساس المزيد من التصعيد العسكري من اجل تحقيق المزيد من السيطرة على الأراضي، من لدن اطراف النزاع وهذا الامر بات وضحا عن طريق الحروب المتداخلة بين فصائل ما يسمى بالمعارضة فقد اظهر الاحتراب فيما بينها اجندتها المزعومة كونها مجرد ادوات حرب بالوكالة لحساب دول اقليمية ودولية.

ويرى الكثير من المحللين انه على الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الإقليمية والدولية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، الا ان تفسخ هذه الفصائل التدميرية باتت خارج سيطرة التي الدول الداعمة لها، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء، لتعكس تلك الجهود والمساعي بالحقائق والدلائل مدى التنافس والغايات والأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة والمحرضة للمعارضة الدموية.

ففي اخر تطور على هذا الصعيد لم تتوصل الولايات المتحدة وتركيا بعد إلى اتفاق حول تسمية الجماعات المعارضة في سوريا الممكن تقديم الدعم لها لتطهير الحدود التركية من تنظيم "داعش" بحسب ما أفاد مسؤولون.

لكن يبدو أن التخطيط بدأ للتو والاتفاق على التفاصيل الهامة مثل أي جماعات المعارضة ستتلقى الدعم على الأرض قد يؤجج توترات قائمة بالفعل منذ أمد بعيد بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن الإستراتيجية في سوريا.

فإدارة الرئيس باراك أوباما التي تخشى الانجرار إلى فوضى الحرب في سوريا تسعى جاهدة حتى الآن للعثور على عدد كاف من الشركاء على الأرض للمساعدة في انتزاع السيطرة على الأراضي من داعش وتعتمد بشكل كبير على المقاتلين الأكراد.

وفي المقابل تشعر تركيا بالانزعاج من المقاتلين الأكراد وربما تكون أقل اهتماما من واشنطن بالجماعات التي تربطها صلات بجماعات متطرفة أو لديها طموحات لتوسيع نطاق المعركة لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

فيما يرى محللون آخرون على الرغم مما تشهده سوريا خلال الآونة الاخيرة من تحولات سياسية امنية، تجسدت بالجهود الدولية الخارجية، والتحولات الامنية الداخلية، الا انها هذه التحولات البطئية الحركة لم تنجح في فتح كوة في الازمة السورية الاعقد في الشرق الاوسط.

وعليه يبدو ان مؤشرات حرب الوكالة التي تقودها المعارضات في سوريا، أظهرت ما دأبت به هذه المعارضات المسلحة على اللهاث وراء سراب تحقيق غايات مشبوهة لتفتح نزاعا مفتوحا لإرضاء من يدعمهم من لدن بعض الدول الإقليمية والدولية.

احتراب خصوم الاسد في سوريا

في سياق متصل قالت جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا إنها احتجزت عددا من المعارضين السوريين الذين تدربهم الولايات المتحدة ووصفتهم بأنهم "وكلاء لتمرير مشاريع ومصالح أمريكا في المنطقة" في تحد مباشر لخطة واشنطن لتدريب وتسليح مقاتلين لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وفي بيان يتناقض على ما يبدو مع تصريحات لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قالت جبهة النصرة إن الرجال الذين تحتجزهم دخلوا سوريا قبل عدة أيام وتدربوا تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية. بحسب رويترز.

كان البنتاجون قد نفى خطف أي من أفراد المجموعة الأولية التي يبلغ قوامها نحو 60 مقاتلا تلقوا تدريبا تحت إشراف الولايات المتحدة فيما يعرف باسم القوة السورية الجديدة. وشكك رئيس أركان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في هذه الرواية أيضا،

وقال البريجادير جنرال كيفين كيليا في تصريحات صحفية "كل المعلومات التي لدينا هو أنه لم يتم أسر... أي من أفراد القوات السورية الجديدة".

ووصفت جبهة النصرة من احتجزتهم بأنهم عملاء للولايات المتحدة وحذرت الآخرين بأن عليهم أن يتركوا برنامج التدريب. وقالت ايضا إن التحالف بقيادة واشنطن شن ضربات جوية على مواقعها بينما كانت تخوض اشتباكات مع مقاتلين معارضين آخرين.

كان المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر من المعارضة السورية قد ذكروا في وقت سابق هذا الأسبوع أن جبهة النصرة احتجزت قائد "الفرقة 30" وهي جماعة معارضة تلقت تدريبا أمريكيا الى جانب عدد من أعضائها.

وقالت جبهة النصرة في بيان نشر على الانترنت "إننا إذ نحذر جنود تلك الفرقة من المضي في المشروع الأمريكي فلن نرضى ولن يرضى أهل السنة في الشام أن تقدم تضحياتهم على طبق من ذهب للجانب الأمريكي وأن ترسي قدمه في المنطقة فوق مقابر مئات الآلاف من أهل الشام وملايين الجرحى والمهجرين"، وسبق أن سحقت جبهة النصرة التي تعتبر احدى أقوى الجماعات المسلحة في شمال سوريا جماعات معارضة تحصل على دعم من الدول الغربية بما في ذلك حركة حزم التي تفككت هذا العام، وتبرز أحدث واقعة الصعوبات التي تواجهها جهود الولايات المتحدة لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية المنافس لجبهة النصرة، وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه لرويترز إن بعض أعضاء الفرقة 30 كانوا بين المرشحين المحتملين من السوريين للبرنامج التدريبي الذين خضعوا لقدر من الفحص الأولى، وقالت جبهة النصرة في بيانها "قبل أيام دخلت أولى هذه المجموعات تحت مسمى الفرقة 30 مشاة إلى سوريا بعدما أكملوا البرنامج التدريبي وتخرجوا منه ليكونوا نواة لما يسمى الجيش الوطني فكان لزاما على جبهة النصرة التحري وأخذ الحيطة والحذر من مثل هذه المشاريع فقامت باعتقال عدد من جنود تلك الفرقة"، وأضاف البيان أن الفرقة 30 نسقت ضربات جوية مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد مواقعها في إشارة الى اشتباكات بين الجانبين يوم الجمعة. وقال إن الضربات "خلفت عددا من الشهداء والجرحى في صفوفنا", وذكر المرصد أيضا أن طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف قصفت مواقع للجبهة في المنطقة قرب بلدة اعزاز شمالي مدينة حلب, وأضاف أن 18 على الأقل من مقاتلي الجبهة قتلوا في الضربات الجوية والاشتباكات بينما لقي سبعة من مقاتلي المعارضة حتفهم في الاشتباكات, وقال المرصد إن جبهة النصرة هاجمت الفرقة 30 وجماعات معارضة أخرى اثناء الليل مما يصعد التوتر بين جماعات المعارضة المتنافسة قرب الحدود التركية.

ويشير القتال الى أحد التعقيدات الرئيسية التي تواجه خطط الولايات المتحدة وتركيا للتعاون في إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من شمال سوريا، وأكدت المتحدثة باسم البنتاجون الكوماندر اليسا سميث أن "قوة غير معروفة" شنت هجوما يوم الجمعة على قوات دربتها الولايات المتحدة وأعضاء بالفرقة 30 وفرقت بين المجموعتين. وقالت إنه تم صد الهجوم لكنها لم تكشف عن مكان حدوثه.

وقالت الفرقة 30 يوم الجمعة إن مقاتلي جبهة النصرة هاجموا مقر قيادتها في الساعة 4.30 صباحا بالتوقيت المحلي (0130 بتوقيت جرينتش) في المنطقة قرب اعزاز. وأضافت الفرقة إن خمسة من أفرادها قتلوا حين صدوا المهاجمين، وتصنف واشنطن جبهة النصرة منظمة إرهابية. وفي العام الماضي هزمت جبهة النصرة جبهة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف الذي كان يعتبر واحدا من أقوى قيادات المعارضة حتى هُزم.

خلاف أمريكي تركي

فيما أعلنت واشنطن وأنقرة عزمهما توفير الغطاء الجوي للمعارضة السورية المسلحة واجتثاث مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" سويا من القطاع الممتد على طول الحدود مع استخدام الطائرات الحربية الأمريكية للقواعد الجوية في تركيا لشن الهجمات.

ويقول مسؤولون إنه لا يزال يتعين حل مسائل في المحادثات مع تركيا تتعلق بعمق المنطقة التي ستمتد داخل سوريا ومدى سرعة بدء الطائرات الحربية الأمريكية في تنفيذ مهام قتالية من القواعد التركية، وقال مسؤول كبير بإدارة أوباما في إفادة للصحفيين مشترطا عدم نشر اسمه "علينا أن نجلس مع الأتراك لنقرر ذلك." واعترف المسؤول أن هناك جماعات معارضة في سوريا "لن نعمل معها بالقطع". بحسب فرانس برس.

ولم يدرب الجيش الأمريكي حتى الآن سوى نحو 60 من مقاتلي المعارضة السورية وهو عدد أقل بكثير من التوقعات ويرجع ذلك جزئيا إلى متطلبات التدقيق الصارمة التي تستبعد على سبيل المثال المقاتلين الذين هدفهم الأساسي إسقاط الأسد.

وقال "ديريك تشوليت" الذي كان مساعدا لوزير الدفاع في إدارة أوباما إن القرارات بشأن أي جماعات تتلقى الدعم لن تكون سهلة أبدا وأشار إلى الخلافات القائمة منذ فترة طويلة بين واشنطن وأنقرة بشأن إستراتيجية سوريا.

وأضاف تشوليت وهو مستشار بارز في مؤسسة "جيرمان مارشال فاند" البحثية "في حين تحسن تعاوننا على نحو مطرد يبدو أن الأزمة الملحة دفعتنا إلى (تعاون) أوثق وسيجري التغاضي عن خلافاتنا عن الأرجح بدلا من حلها بالكامل."

قال روبرت فورد السفير الأمريكي السابق لدى سوريا إن تركيا سيكون لها قول أكبر على الأرجح بشأن الترتيبات الأمنية في المنطقة القريبة من حدودها ويرجع ذلك جزئيا إلى قربها، وأضاف فورد الذي يعمل حاليا في معهد الشرق الأوسط أن واشنطن لن تعمل مع جبهة النصرة جناح تنظيم "القاعدة" في سوريا وهي ضمن تحالف قال إنه تلقى دعما تركيا. لكنه قال فيما يتعلق بالجماعات الإسلامية الأقل تشددا "أعتقد أن الإدارة يمكنها أن تتعايش مع ذلك"، وثمة جماعة واحدة من غير المتوقع أن ترحب بها تركيا في المنطقة وهي وحدات حماية الشعب الكردية التي صدت مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" بمساعدة الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في شمال سوريا.

تغيير النظام بشكل جذري وشامل

الى ذلك اتفق الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي التي تتخذ من دمشق مقرا اساسيا خلال اجتماع في بروكسل على ضرورة "تغيير النظام بشكل جذري وشامل" في سوريا كحل للنزاع المستمر منذ اكثر من اربع سنوات، وهو الاجتماع الثاني الذي يعقد بين ممثلين عن الطرفين بعد لقاء اول جرى في باريس في شباط/فبراير. بحسب فرانس برس.

واصدر الطرفان بيانا مشتركا جددا فيه "تاكيدهما على ان حل الازمة في سورية يكون من خلال عملية سياسية يتولاها السوريون انفسهم برعاية الامم المتحدة (...) بما يفضي الى تغيير النظام السياسي بشكل جذري وشامل. ويشمل ذلك راس النظام وكافة رموزه ومرتكزاته واجهزته الامنية"، واوضح ان الحل يجب ان يتم "على اساس تطبيق البيان الصادر عن مجموعة العمل لاجل سوريا بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2012 بكامل بنوده، واستنادا الى قرارات مجلس الامن ذات الصلة"، وكان الاجتماع الاول اعلن توصل الفريقين الى "مسودة خارطة طريق للحل السياسي" تنص على "ان الهدف الاساسي للمفاوضات مع النظام هو قيام نظام مدني ديموقراطي اساسه التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية".

وحتى الآن، كانت هيئة التنسيق تتردد في المطالبة بهذا الوضوح بتغيير النظام برئاسة بشار الاسد. وتعتبر هيئة التنسيق من مجموعات المعارضة المقبولة من النظام اجمالا، ولو ان بعض اعضائها استقر في الخارج، فيما اثنان من قياداتها في السجن.

واعلن البيان الذي تلي خلال مؤتمر صحافي مشترك ان الطرفين اقرا "خارطة طريق لانقاذ سورية تضم المبادئ الاساسية للتسوية السياسية على ان تتم المصادقة عليها من مرجعياتهما"، وتدعو هذه الخارطة، بحسب البيان، الى "تنفيذ بيان جنيف بكافة بنوده بدءا بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تمارس كامل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بما فيها كافة سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة والتي تشمل الجيش والقوات المسلحة واجهزة وفروع الاستخبارات والامن والشرطة"، وتالفت مجموعة العمل من اجل سوريا من ممثلين عن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا وجامعة الدول العربية والامم المتحدة. ونص بيان جنيف على تشكيل حكومة انتقالية من الحكومة والمعارضة "بصلاحيات كاملة" تتولى الاشراف على المرحلة الانتقالية في سوريا.

اضف تعليق