q

في ليلة رمضانية يفوحُ منها شذى ربيع الصيام ليملئ القلوب سكينة وآمان أقامت جمعية المودة والازدهار النسوية الامسية الرمضانية الاولى تحت عنوان(مفاتيح السعادة في القرآن الكريم) في يوم الأحد المصادف ١٠ رمضان ١٤٣٦ الموافق ٢٨/٦/٢٠١٥ في مقرها الكائن في كربلاء المقدسة حيثُ تناولت الحاضرات التدبر في آيات من القرآن الكريم من اجل استلهام الهدف الالهي منها والذي يعتبر مفتاح من مفاتيح السعادة التي إن التزم بها المؤمن سيضمن الحياة الحُرة الكريمة التي سترتقي به نحو الانسانية++ المحمدية التي جاء بها القرآن الكريم..

فالسعي نحو العمل الصالح بكل المجالات كفيل بمنحك شعور السعادة الذي يقاوم كل الصعاب ألم يقل الله جل وعلا (إن ليس للإنسان الا ما سعى) على قدر سعي الانسان وهمته على قدر حصوله على ثمرة هذا السعي لذا لابد له ان يكون على قدر من الوعي والايمان ليكون سعيه خيّراً يجلب له السعادة والخير والذي يعتبر العطاء ومشاركتك الآخرين مصداقاً للسعي الصادق..

ومن جهة أخرى تناولت احدى الأخوات الآية (ولاتستوي الحسنة والسيئة ادفع بالتي هي أحسن).

حيثُ أشارت الى أدب القرآن الكريم وتأكيده على الخير والصلاح في كل الامور وكيف أنه وضع الأجر المضاعف للحسنات التي لا يمكن للسيئات ان تبلغه، ثم بعدها أشارت الى مفهوم التسامح الذي وللأسف الشديد بدأ بالاضمحلال في خير أمة كان نبيها افضل الانبياء، اذ من الرائع ان يتصالح الانسان مع نفسه ويبدأ بهذا الشهر الكريم بداية جديدة عنوانها التسامح والعفو ليضمن مفتاحاً آخراً من مفاتيح السعادة..

وقد ذهبت أحدى الاخوات لمفهوم قرآني رائع من خلال الآية الكريمة (ولاتتمنوا ما فضل بعضكم على بعض..) الا وهو مفهوم القناعة والرضا والذي قالت انه من اكبر مفاهيم السعادة فحين يقنع الفرد منا بما قسمه الله له ويرضا به يكون من اسعد الناس فكل فرداً منا رزقُ معلوم عند رب العباد لن يكون لغيرنا لذا علينا بالقناعة لأنها حقاً كنزاً لا يُفنى..

وكان المفتاح الآخر من مفاتيح السعادة يسكنُ في طيات هذه الآية المباركة (إستغفروا ربكم إنه كان غفارا، يُرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) حيثُ أشارت الأخت الى أهمية الاستغفار وأثره بالنفس والمجتمع وماله من نتائج تصبُ الخيرات والبركات صباً فقد قالت ان للاستغفار كما قال أمير المؤمنين شروط لابد للفرد ان يعيها ويعمل بها حتى يصل لمرحله المستغفر الموجب لبركة الله ورحمته.

وايضاً من الرائع حقاً ان لا يكون استغفارنا لقلقة لسان خالية من المضمون الحقيقي له بل لابد من اقترانها بالعمل حتى نضمن نتائجها..

بعدها، كان مفتاح السعادة الآخر في الآية الشريفة (حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهل لغير الله به).

حيثُ تناولت احدى الحاضرات بشكل علمي دقيق العلة من تحريمها ومالها من أثار سلبية على نفس وروح الفرد، وكيف هي من الناحية العلمية تعتبر الاساس في الكثير من الامراض التي تجلب العناء والاذى للفرد. ثم ربطت بطريقة رائعة السعادة بالصحة وكيف ان فقدانها يسلب شعور الامان والسعادة التي تستبدل بالقلق والاضطرابات والكثير من الاذى الذي من الممكن ان يصيب النفس والروح..

بعدها كانت لنا وقفة عند الآية المباركة (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) فحين نتأمل بها نجد من أروع طرق التربية التي وضعها القرآن من اجل حياة حرة كريمة فحين يعمل الانسان على التغيير نحو الافضل ويعزم عليه فسيفوز بالسعادة التي يبحث عنها.

والجميل ان من طرق تزكية النفس هو مبدأ (التخلية والتحلية)، فحتى تتحلى بالمكارم الاخلاقية لابد بالبداية ان تتخلى عن كل السلبيات والعادات الخُلقية التي من الممكن ان تبعدك عن ساحة الرضا الالهي. إذ إن البئر لأجل ملئه بالماء النقي الصالح للشرب لابد من تخليته في بادئ الأمر من الشوائب والأوساخ التي من الممكن أن تقف حائلاً دون ملئه بالماء الطيب..

بعدها كانت لنا وقفه مع قدسية وجمال الآية (ان مع العُسر يُسرى، فان مع العُسر يُسرى) وكيف أنها تتناول جانبان الاول: التفاؤل وحُسن الظن بالله جل وعلا.

والثاني: ان العسر واليُسر جانبان متلازمان اذ ان مع كل عسر لابد ان هناك يُسر وكلما أحسن الفرد ظنه بالله كلما كان يسره أقرب.

وايضاً كيف إنها تتناول وجوب الامل والتفاؤل وانتظار بقية الله المهدي (عج) إذ ان مع كُل عسر يمر به العالم الان فان نهايته الفرج وظهور من يملئها عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً..

بعدها وقفنا على آية تحتوي على اهم الركائز التي تضمن لنا الفوز والفلاح (إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) إذ أنها ذات دلالة واضحة جلية بالتوكيد بإن الله لا يجري سنة التغيير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وحتى يجدوا تلك العزيمة التي تشعل فيهم جذوة التغيير.

فحين يُشخص الفرد عاداته السيئة ويحاول التخلص منها ضمن تنمية العادات والسلوكيات الحسنة فأنه يتخذ القرار بضرورة التغيير ونجد أهل البيت (عليهم السلام) يصرحون بهذا ويأكدون على خطورة العادة وكيف على الانسان ان يراقب افكاره قبل ان تتحول لأفعال وعادات اذ يقول امير المؤمنين (عليه السلام): للعادة على كل إنسان سلطان.

فمن عود نفسه على شيء نمت فيه هذه العادة.

والانسان الواعي هو الذي يغير من سلوكياته السيئة. فالذي يضع الحجج والمبررات تحت عناوين شتى كضعف الارادة وفلسفة القضاء والقدر والتبرير والقناعة بالواقع ما هو الا انسان جهل حكمة الله في خلقه.

بعدها كان الختام ب (الا بذكر الله تطمئن القلوب) فمن أراد أن يتخلق بأخلاق الله عليه ان يدرك معنى هذه الآية ليصل للمفتاح، وقد يكون الذكر تارة فكري وأخرى لفظي وثالثة وهذا المهم وهو السلوكي فحينما يسعى الانسان ان يذكر الله بأفعاله من خلال العمل بأوامره والانتهاء عن نواهيه ويكون مصداقاً للصادق والرحيم وغيرها من اسماء الله. حيث يكون قد ذكر الله وبالتالي قد حصل على الاطمئنان والسعادة التي ينشدها.

وايضاً من خلال التمسك بمحمد وال محمد الاطهار إذ التمسك بهم النجاة والتفرق عنهم الخذلان والضياع لأنهم يذكرون الناس بالله سبحانه وتعالى.

وختاماً كان الدعاء بأن يغير الله حالنا من سوء حال الى افضل حال..

الامسية الرمضانية الثانية

واما الامسية الرمضانية الثانية فقد انعقدت يوم الاحد ١٧رمضان ١٤٣٦هـ المصادف ٥/٧/٢٠١٥م

وايضاً كانت عابقة بنفحات ربيع القلوب والتأمل بآياته المباركة والنهل منها للسعادة والفوز..

وكانت الآيات المختارة متنوعة ناقشت اهم المفاهيم المنتشرة بالمجتمع والتي كانت السبب وراء شقاءه وبالمقابل العلاج القرآني لها ليخطو خطوة نحو السعادة.

البداية كانت عند (لئن شكرتم لأزيدنكم) حيثُ تناولت حقيقة الشكر وكيف يكون السبب في نماء النعمة وزيادتها وديموميتها، ومنها سجدة الشكر والشكر اللفظي الذي اكد عليه المعصومين في رواياتهم. وايضا التطرق لنوع من الشكر الذي قد يغفل عنه الكثير وهو عدم اقتصار النعمة على نفس الفرد بل مشاركتها الآخرين ونفعهم وبهذا يتحقق معنى نفع العامة واصلاح حالهم..

واما الآية الاخرى فقد عالجت مشكلة للأسف مازالت تجد مكاناً خصباً في مجتمعاتنا، حيث يقول جل وعلا (ولا تزر وازرة وزر أخرى) نهي صريح من معاقبة الاخرين بجريرة غيرهم، بل كل نفس بما كسبت رهينة. لكننا نجد في مجتمعاتنا غلب العرف على الشرع وهذا ما يؤسف له، فحيثُ تعاقب البنت بجريرة أخيها أو والدها او حتى عشيرتها، ومعاقبة أسرة كاملة بجريرة فرد منهم، إذن ماذا أخذنا من تعاليم ديننا ؟ ولماذا حال وضعنا لهكذا حال؟

المحطة التالية كانت مع (واصبروا ان الله مع الصابرين) وفيها التفاتة رائعة لحقيقة يجهلها الكثير، حيت يتصور الواحد منها ان الصبر مذموم وانه سيتجرعه رغماً عنه، لكنه يجهل ان عاقبته خير ونهايته الفرج والاهم انه سيكون بمعية الله جل وعلا. وهل هناك أقدس من هذه المعية حين يكون الله معك؟ وايضاً لو تأملنا روايات المعصومين لوجدنا أهمية الصبر وكيف انه من الافعال كالرأس من الجسد، إن فسد الرأس فسد سائر الجسد، وعليه نحتاج بكل عمل وحركة للصبر، فالحمد وعدم التذمر والشكوى هو الصبر بمعناه المحمدي.

وكان المفتاح التالي عند (خُذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين) وبهذه الآية ثلاث ركائز لو ان العالم الاسلامي سار عليها لأصبح القوة التي لا يمكن هزمها ولحققت معنى خيرة أمة أخرجت للناس، حيث أن الآية التي احتوت على الفضائل الاخلاقية المتحققة بالعفو، والعفو بمعناه السماوي هو العفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين والأمر بالمعروف، والذي لا يشمل النصح فقط أنما صلة الرحم وتقوى الله في السر والعلن وغض البصر و.... والذي ان تركته امه سلط الله عليها شرار قوم واعرض عن الجاهلين ولو تدبر الواحد منا بكلمة اعرض لرأى انه كلمة اعراض تمثل قاعدة شرعية أخلاقية بمنتهى الروعة من أجل صيانة النفس وحفظها.

وكانت الآية التالية عند (لا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا) هنا يذهل العقل من وصف القرآن الكريم، ودقته والتفاتة لأصغر الأمور في سن القوانين التي تضمن الحياة الحرة الكريمة، حيث يقول الله جل وعلا لا يدفعكم خلافكم وكرهكم لشخص ما لمعاقبته بالعمل والسلوك وضمر العداوة الية بمعنى اخر لا يصح الخلط بين الشعور والعمل اذ ان كرهك لشخص لا يعني معاداته بالعمل والسلوك ان لم يصدر منه خطأ وهذه القاعدة العلاج لمزاجية العالم الذي نعيشه الان وما تخلفه هذه المزاجية من ظلم وتعدي على حقوق الاخرين.

ولهذا نحتاج لتدبر ووقوف طويل على اعتاب القرآن الكريم ان اردنا الاصلاح..

المحطة الأخرى كانت عند عظمة نعمة الولاية والتي لا تساويها أي نعمة أخرى، بل لا يمكن اقرانها مع النعم الأخرى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، وان ظاهر الآية يشير لأمر عظيم وركن من اركان الاسلام وهو الجهاد في سبيل الله. ومن مضامين الجهاد التي أشارت له الآية هو: الجهاد في سبيل اهل البيت (صلوات الله عليهم) والجهاد في الثبات في طريقهم. فحينما سُئل الباقر (عليه السلام) عنها قال: انها نزلت فينا اذن الثبات في طريقهم وحبهم والالتزام بنهجهم هو جهاد مقدس يصل بالإنسان لأعلى مراتب الفلاح والسعادة والفوز..

وختامها مسك عند (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشققُ فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون).

هنا يقف القرآن موقف المربي الذي يُبين ان القلوب حين تقسو تصبح كالحجارة بل اشد لان من الحجارة ما يتفجر منه الماء او تخشع لأمر الله لكن حين يقسو القلب لعدة اسباب اولها كثرة الذنوب ستكون العواقب وخيمة وتنتشر بالمجتمع شتى الامراض النفسية والتي من شأنها قتل السعادة والانسانية التي ينشدها القرآن الكريم، لذا لابد من استبدال القسوة بالرحمة لنخطو نحو السعادة.

والجدير بالذكر ان الحاضرات في الامسية كن من الكاتبات اللواتي دربتهن الجمعية على مهارة الكتابة والآيات التي تمت مناقشتها في الأمسية كتبت كمقالات وتم نشرها في شبكة النبأ المعلوماتية اضافة الى كتابات بعض الضيوف.

كما ان جمعية المودة والازدهار النسوية تهدف إلى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحديات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها وإعداد العلاقات التربوية الواعية التي تعنى بشؤون الأسرة وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واعِ.

اضف تعليق