q

يتذمر الكثير من نمط حياته الذي يتقوقع فيه حول نقطة واحدة يرفض ان يدور حول غيرها، او حتى محاولة الخروج منها راجعاً عدم قدرته لأسباب كثيرة جعلها ذرائع لنفسه من اجل البقاء في مستنقع (الروتين) الذي بات يحكم سيطرته عليه ورفض (التغيير) الذي يُحطم قيوده ويخرجه من هذه الدائرة المغلقة فبعضهم يجعل من ضعف الارادة مبرراً والآخر يرى في فلسفة القضاء والقدر العذر الكافي في الاستمرار بوضعه.

ويذهب الآخر الى سياسية التبرير والرضوخ للواقع الذي يعيشه..

لكن ماذا كان رأي القرآن الكريم؟

وبماذا رد على هؤلاء؟

يأتي الرد القرآني في سورة الرعد آية ١١ (إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

وقد جاءت الآية الكريمة بحرف توكيد (إنَّ) مؤكدة ان الله جل وعلا لا يُغير من حال انسان حتى يشعر هو نفسه بضرورة التغيير ويبدأ بها من نفسه ثم يتوسع مجالها ليشمل قومه..

وقد يتبادر الى أذهان البعض ماهو التغيير المطلوب؟ ولماذا نتغير؟

ولكن قبل توضيح جواب السؤال اعلاه لا بد للفرد ان يتيقن ان العدو الحقيقي هو العدو الداخلي ما إن يتلاشى وجوده لا يستطيع اي عدو خارجي إيذاءك..

والان نرجع لسؤالنا الذي طرحنا في الفقرة السابقة حيثُ يقول الامام علي سلام الله عليه:

إيها الناس تولوا من انفسكم تأديبها واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها..

قاعدة تأديبية رائعة من معلم البشرية واستاذها وفيها اشارة واضحة الى تأثير العادة الشديد على سلوك الانسان حيث يقول في حديث آخر: للعادة على كل انسان سلطان.

من هنا نستطيع ان نخطو الخطوة الاولى والتي تعتبر اللبنة الاساسية في تشييد السلوك السوي وهي: مراقبة عاداتنا ومن ثم تشخيص السيء منها من الجيد والبدء بعملية (التغيير) من السيء نحو الاحسن.

فمراقبة افكارنا التي ستتحول الى عادات، والعادات التي ستصبح افعالا، ترسم مصيرنا خطوة تحتاج لعزيمة وشعور بالمسؤولية ودعاء لطلب التوفيق من الله تعالى (اللهم غيّر سوء حالنا الى أحسن حال).

وايضاً (واجعل غدي وما بعده افضل من ساعتي ويومي).

فمن عّود نفسه على شيء نمت فيه هذه العادة، عبارة خطيرة جداً تحتاج لتدبر دقيق منا.

فليكن شهر رمضان شهر الطاعة والغفران شهراً للتغيير نحو الافضل،، نحو ولادة جديدة

لأنفسنا،، عاداتنا واعمالنا.

فمن كان بخيلاً ليحرقها بالكرم ويصبحُ كريماً.

ومن كان كثير الشكوى والتذمر فليوثق نفسه بالحمد والرضا حتى يُكتب مع كثيري الحمد.

ومن كان سريع الغضب ليهدأ بماء الحلم، فعنه صلوات الله عليه (ان لم تكن حليماً فتحلم)

فالخير عادة والشر عادة، وهكذا حتى يصلح شأنه مع بقيه عاداته وصفاته..

تذكروا (ان السعادة نابعة من داخلنا موطنها؛ نحن؛ لا نحتاج ان نبحث عنها طويلاً يكفي ان نشعل جذوة التغيير فينا نحو الافضل لنكون سعداء حقاً فأفضل العبادة غلبة العادة).

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق