q

جرائم الاغتصاب والتحرش والاعتداءات الجنسية التي تزايدت بشكل مخيف في العديد من دول العالم، والاغتصاب بحسب بعض المصادر، جريمة معقدة من الصعب تحليلها وحصر عدد ضحاياها في العالم، حيث يمتنع أغلبهم عن الإبلاغ عن حادثة الاعتداء، ويشير إحصاء "إنريكو بيسوجنو"، التابع للأمم المتحدة أن نسبة إبلاغ الشرطة عن جرائم الاغتصاب حالة واحدة من كل 10 حالات حول العالم.

ويعتقد بعض علماء النفس أن القليل من الرجال هم الذين يرتكبون جريمة الاغتصاب بقصد المتعة الجنسية والباقون يرتكبون جريمتهم معاداة للمجتمع الذي يعيشون فيه. ويرى بعض علماء النفس أن الكثير من المغتصبين لديهم إحساس بالكره أو الخوف من النساء و في بعض الأحيان يكون الاغتصاب بسبب الانتقام بين العائلات أو الأعداء عامة مما يقودهم إلى الرغبة في إثبات قوتهم وسيطرتهم من أجل إذلال وإيذاء هؤلاء النسوة المغتصَبات.

وجرائم الاغتصاب وكما يقول بعض الخبراء، تزداد بشكل كبير في الدول التي تعاني من عدم استقرار امني بسبب الصراعات والنزاعات العرقية والعنصرية، حيث تعمد بعض الجهات والمجاميع المسلحة الى استخدام هذه الورقة في سبيل ارهاب الخصوم وقد تحجز النساء وكما تشير بعض المصادر في معسكرات ويكرهن على البغاء أو العبودية الجنسية لقاء الإبقاء على حياتهن أو سلامة أطفالهن أو للحصول على الطعام. كما ان البعض يرى ان ضعف القوانين الرادعة قد ساعدت ايضا في تفاقم وانتشار هذه الجرائم في بعض الدول، يضاف اليها الانفتاح الكبير والاباحية المفرطة التي غزت العالم.

وفي دراسة سابقة قامت بها منظمة الصحة العالمية تبين أن ثلث النساء في العالم وقعن ضحية للعنف الجنسي أو العائلي. ويبدو أن جميع الدول بلا استثناء، تعاني النساء فيها من شكل من أشكال الإساءة الجنسية بدرجات متفاوتة، بما في ذلك دول القارة الأوروبية. وكانت دراسة للاتحاد الأوروبي أشارت إلى أن ما يزيد على 9 ملايين سيدة أوروبية، وقعن ضحايا لانتهاكات جنسية، أي 33% من النساء الأوروبيات، لكن واحدة فقط من كل 3 سيدات أبلغت عما تعرضت له.

وأشارت الدراسة إلى أن ثلث الأوروبيات (62 مليونا) تعرضن لنوع من الاعتداء الجسدي، وواحدة من كل 10 سيدات تعرضت لاعتداء جنسي، بينما تعرضت واحدة من كل 20 سيدة للاغتصاب مرة واحدة في حياتها. لكن الجريمة حاضرة أيضا في القارة الإفريقية، وفي أمريكا اللاتينية وآسيا. وفي دراسة اخرى حول الاغتصاب والعنف الجنسي نشرتها مجلة لانسي الطبية، بينت أن واحدا من كل عشرة رجال في بعض أنحاء آسيا اعترفوا بأنهم قاموا باغتصاب سيدة ليست شريكتهم. وعند تضمين الشريكة أو الصديقة في الحسبان فإن الرقم يرتفع إلى نحو الربع.

جنوب السودان

وفيما يخص بعض هذه الجرائم فقد اتهمت بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان في تقرير جيش جنوب السودان باغتصاب فتيات ثم أحراقهن وهن على قيد الحياة داخل منازلهن أثناء حملة جرت مؤخرا واتسمت بمستوى "جديد للوحشية". واستند تقرير البعثة على شهادات 115 ضحية وشاهد عيان من ولاية الوحدة الشمالية التي تشهد أعنف المعارك في الحرب الأهلية. وجاء في التقرير أن "الناجين من هذه الهجمات أكدوا أن الجيش والميليشيات التابعة له في مايوم شنوا حملة ضد السكان المحليين، ما أدى إلى مقتل مدنيين ونهب وتدمير قرى وتسبب بنزوح أكثر من مئة ألف شخص".

وأضاف إن "بعض المزاعم التي تثير قلقا شديدا ركزت على اختطاف نساء وفتيات واستغلالهن جنسيا، فيما تحدثت أنباء عن إحراق بعضهن وهن على قيد الحياة في منازلهن". وأظهرت صور احتواها التقرير دوائر خلفتها الأكواخ المحترقة بعد أن اضرمت فيها النيران، كما أظهرت جميع المباني مدمرة. وقال شاهد "رأيت جنودا حكوميين يغتصبون بشكل جماعي أما كانت ترضع طفلها وكيف أنهم ألقوا بالطفل جانبا"، فيما وصف شاهد آخر كيف أجبر الجنود امرأة أخرى على الضغط على الجمر المشتعل في يديها لإجبارها على الكشف عن مكان وجود متمردين أو ماشية.

واتهم التقرير كذلك قوات المتمردين بارتكاب فظائع من بينها الاغتصاب والقتل وتجنيد الأطفال للقتال. ولم يصدر رد فعل فوري من الجيش. وقالت الأمم المتحدة إنه تم تسليم التقرير إلى مسؤولين حكوميين إلا أنهم لم يعلقوا بعد على نتائجه. ودعت إيلين مارغريت، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، إلى السماح للبعثة بـ"الدخول إلى المواقع دون إعاقة" للتحقيق في الجرائم المزعومة. وقالت إن "الكشف عن حقيقة ما جرى هو أفضل أمل لضمان المساءلة عن مثل هذا العنف الفظيع وإنهاء دائرة الإفلات من العقاب التي تسمح لمرتكبي الانتهاكات بالاستمرار فيها". بحسب فرانس برس.

وشن جيش جنوب السودان في نيسان/ أبريل هجوما واسع النطاق ضد القوات المتمردة في دائرة مايوم في ولاية الوحدة والتي كانت منطقة نفطية مهمة قبل أن تدمرها المعارك. وبعد أربع سنوات من حصول جنوب السودان على استقلالها، أصبح ثلثا سكانها البالغ عددهم 12 مليونا بحاجة إلى المساعدات، طبقا للأمم المتحدة التي قالت إن سدس السكان فروا من منازلهم.

الهند

على صعيد متصل اعلنت الشرطة الهندية ان راهبة في الخامسة والسبعين من العمر تعرضت لاغتصاب جماعي بينما كانت في احد الاديرة في شرق الهند. وقال المفتش العام في الشرطة انوج شارما ان "شخصين اعتقلا" اثر جريمة الاغتصاب الجماعية هذه التي جرت عندما دخل 12 لصا الدير القريب من مدينة كالكوتا في ولاية البنغال الغربية. واضاف المصدر نفسه ان "التحقيقات الاولية افادت بان راهبة تعمل في مدرسة داخل الدير قيدت وتعرضت لاغتصاب جماعي" وهي تتلقى العلاج حاليا في المستشفى.

ونزل عدد من سكان الحي حيث يقع الدير الى الشارع وقطعوه تعبيرا عن استهجانهم للجريمة وطالبوا بتدابير لوقف هذا النوع من الجرائم المتكررة في الهند. وندد رئيس حكومة ولاية البنغال الغربية ماماتا بانرجي بهذه "الجريمة المرعبة" ووعد باتخاذ "اجراءات سريعة وشديدة" بحسب ما جاء على حسابه على تويتر. بحسب فرانس برس.

وكانت السطات الهندية منعت بث وثائقي عن الاغتصاب الجماعي عام 2012 لطالبة في نيودلهي ما ادى الى ردود فعل غاضبة في الهند والعالم. وبررت السلطات المنع بالخوف من حصول ردود فعل في الشارع. واتهم المعارضون الحكومة بالانشغال بسمعة البلاد اكثر من انشغالها بسلامة سكانها. وشهدت الهند خلال السنوات القليلة الماضية العديد من حوادث الاغتصاب التي دفعت الحكومة الى تعديل بعض القوانين الخاصة بهذه الجرائم لتشديدها.

من جهة اخرى فرض حظر التجول ونشرت قوة من شرطة مكافحة الشغب في مدينة ديماربور، في شمال شرق الهند، بعد يومين من سحل وقتل رجل موقوف بشبهة اغتصاب شابة في التاسعة والعشرين من عمرها. وقام جمع بإخراج المشتبه به، سيد فريد خان، والبالغ من العمر 35 عاما، من السجن وسحله وضربه حتى الموت ثم تعليقه على برج الساعة في المدينة. والرجل كان موقوفا منذ نهاية شباط/فبراير لاتهامه باغتصاب امرأة بصورة متكررة.

ونظرا لرفض الجمع تسليم الجثة للشرطة أطلقت الأخيرة النار فقتلت رجلا وأصيب 60 آخرون خلال صدامات مع قوى الأمن. ودان رئيس حكومة ولاية اسام، التي يتحدر منها القتيل عملية إخراجه من السجن وقتله ووصفها بأنها "عمل وحشي مشين وغير إنساني". وقالت "منظمة العفو الدولية" إن عملية القتل تكشف "ثغرة خطيرة في النظام العدلي". وقال شامير بابو مسؤول فرع الهند في المنظمة إن "من واجب حكومة نغالاند ضمان إحالة جميع الذين شاركوا (في عملية القتل) أمام العدالة".

تركيا

على صعيد متصل اثارت جريمة قتل الطالبة الجامعية اوزغيه جان اصلان (20 عاما) بعد محاولة اغتصابها غضبا واسعا في تركيا اتخذ منحا سياسيا حيث وجهت اتهامات لحكومة حزب العدالة والتنمية بالإهمال. ومنذ العثور على جثة الشابة قرب مرسين في جنوب البلاد، تظاهر الآلاف في شوارع المدن الكبرى تعبيرا عن سخطهم تجاه الجريمة وخصوصا ادانة الازدياد المثير للقلق لجرائم العنف ضد المرأة.

وتظاهر حوالى الف شخص في مدينة مرسين تنديدا بالجريمة. كما تظاهر ثلاثة آلاف محام، يعارضون مشروع قانون يمنح صلاحيات اوسع للشرطة في انقرة ورفعوا صور الشابة الضحية. ودعت المنظمات النسائية الاتراك الى الحداد على الضحية، كما امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل تدعو ضحايا العنف الى الخروج عن صمتهم. وقالت المهندسة من انقرة بيلغي دينلير التي ترتدي ثيابا سوداء اللون ان "هذا الامر لا يمكن ان يستمر. اصبح العنف والجريمة ضد المرأة امرا عاديا في تركيا".

وافادت وكالة الاناضول الرسمية ان محكمة في مدينة طرسوس (جنوب) اصدرت قرارا بتوقيف احمد صوفي التندوكن ووالده نجم الدين التندوكن بالاضافة الى فتحي غوكجي بانتظار محاكمتهم. ويشتبه بان احمد صوفي ارتكب جريمة قتل الفتاة، فيما يتهم الاثنان الآخران بالتواطؤ معه، بحسب الوكالة. وفقدت الفتاة في طرسوس وتبين انها قاومت محاولة اغتصاب ثم قتلت. وعثرت الشرطة على جثتها محترقة في احد انهر المدينة. وافادت التقارير الاعلامية ان اصلان كانت الراكبة الوحيدة في حافلة صغيرة يقودها احمد صوفي وكان من المفترض ان يقلها من الجامعة الى المنزل، لكنه غير مسار الحافلة وحاول اغتصاب الفتاة.

وحاولت اصلان مقاومته عبر استخدام رذاذ الفلفل لكنه ما لبث ان طعنها وضربها بعصا من حديد حتى الموت، ثم عاد الى طرسوس ليبحث عن والده وصديقه لمساعدته على اخفاء اثار جريمته. وعمد الثلاثة الى احراق جثة اصلان في منطقة برية في محاولة لطمس الادلة. وسرعان ما عثرت الشرطة على المشتبه بهم الثلاثة وحققت معهم، واقروا بجريمتهم، وبالتالي وجهت الاتهامات اليهم، فاصدرت المحكمة قرارا بتوقيفهم بانتظار المحاكمة.

ومنذ دفن الطالبة، تضاعفت التظاهرات في كافة انحاء البلاد حتى انها اتخذت منحا سياسيا. ومثل ما حصل في ايار/مايو العام 2014 بعد كارثة المنجم في مدينة سوما التي سقط ضحيتها 301 قتيل، انتقدت المعارضة التركية الحكومة وحملتها مسؤولية ما حدث.

وربط رئيس حزب الشعب الجمهوري، ابرز احزاب المعارضة، بين ازدياد العنف ضد المرأة و"اخلاقيات" حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم منذ العام 2002. وقال كمال كيليجداراوغلو "ان حزب العدالة والتنمية وصل الى السلطة بحجة ان الاخلاقيات تراجعت كثيرا (...) الا ان الديموقراطية والاخلاق فقدتا الكثير من الدماء خلال كل هذه السنوات". واكثر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من تصريحاته المثيرة للجدل حول المرأة، حتى انه وصف المساواة بين الرجل والمرأة بـ"غير الطبيعية".

وبحسب المنظمات المعنية بحقوق المرأة، ارتفع معدل الجريمة ضد المرأة خلال السنوات العشر الماضية ليبلغ 300 حالة سنويا. ووفق تقرير لوزارة الشؤون الاجتماعية فان 40 في المئة من النساء ضحايا العنف يتعرضنّ له على ايدي ازواجهن او احد افراد من عائلاتهن. واعرب اردوغان عن الامل في ان يواجه المتهم بارتكاب الجريمة "اقصى عقوبة ممكنة". واضاف ان "العنف ضد المرأة جرح مفتوح في مجتمعنا". بحسب فرانس برس.

والغت تركيا حكم الاعدام في العام 2004 كبادرة من اجل قبول عضويتها في الاتحاد الاوروبي. الى ذلك، قامت ابنتا الرئيس التركي سمية واسراء، بزيارة عائلة الضحية. كما تحدث معها عبر الهاتف اردوغان وزوجته وادانا الجريمة. وحظيت عريضة تطالب بتطبيق "عقوبة استثنائية" ضد مرتكبي جريمة قتل اصلان حوالى 700 الف توقيع.

الصومال

الى جانب ذلك تعرضت الصومالية فاطمة البالغة 14 عاما للاغتصاب من قبل سائق "توك توك" الا ان الرجل لم يتعرض لأي ملاحقات اما هي فقد اتهمت بممارسة الدعارة واوقفت وسجنت لمدة شهر.. اغتصبها خلاله شرطي. وتنتشر أعمال العنف الجنسي على نطاق واسع في الصومال البلد المحافظ جدا الواقع في منطقة القرن الافريقي ونادرا ما يتعرض مرتكبوها لملاحقات كما أن الضحايا غالبا ما يجدون أنفسهم في قفص الاتهام، كما هي الحال مع الشابة التي استعارت اسم فاطمة.

وصرحت فارتون ادان التي تدير مركزا للسلام وحقوق الإنسان في مقديشو تلجأ إليه النساء اللواتي تعرضن لأي شكل من أشكال العنف الجنسي "نناضل لتغيير العادة السائدة بإلقاء اللوم على الضحية". وأضافت "ينبغي على مرتكبي جرائم الاغتصاب تحمل عواقب أفعالهم". وتمكث المراهقة فاطمة مع قريبة لها في أحد مخيمات اللاجئين المنتشرة في العاصمة الصومالية. وعندما لا تكون في مدرسة لتحفيظ القرآن، تحضر السكاكر مع قريبتها لبيعها. وهي كانت في طريقها إلى إحدى نقاط البيع عندما أخذها سائق التوك توك إلى منطقة معزولة واغتصبها.

وقد تنبه عناصر الشرطة إلى الضجة وأوقفوا المراهقة والسائق الذي سرعان ما أطلق سراحه، في حين اتهمت فاطمة بممارسة الدعارة. وقالت فاطمة "أوقفتني الشرطة وقالت لي إن الذنب ذنبي". وسعت قريبتها لإطلاق سراحها، لكن فاطمة كانت بالكاد تتكلم معها، مكتفية بالطلب منها أن تعتبرها ميتة. فقد كانت فاطمة تتعرض بشكل متكرر للاغتصاب من قبل أحد الشرطيين خلال توقيفها.

وحاولت قريبتها إبلاغ الشرطة لكن عناصرها "قالوا لي إنه لا يجدر بي أن أتكلم بهذه الطريقة وإنه ينبغي أن أغادر" على حد تعبيرها. ولا تزال فاطمة بعد إطلاق سراحها بمساعدة من ناشطين تواجه خطر أن تلاحق بتهمة ممارسة الدعارة. وصرحت قريبتها "لم تعد كما كانت، وهي كانت في السابق جد نشطة وفرحة". وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، تتعرض الشابات والفتيات في مخيمات النازحين لأعمال عنف "بشكل منهجي"، من قبل قوى الأمن في أحيان كثيرة.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد نددت العام الماضي بحالات اغتصاب واستغلال جنسي يرتكبها جنود بعثة الاتحاد الافريقي في الصومال المنتشرة في البلاد منذ العام 2007. وأقرت لجنة تحقيق تابعة للاتحاد الافريقي بأنها رصدت "حالات استغلال جنسي واغتصاب"، لكنها لفتت إلى أن هذه الظاهرة "لا تبدو منتشرة". وأشار محققوها من جهتهم إلى أنه كان في وسعهم كشف النقاب عن حالات أخرى، لولا تردد بعض الاشخاص في مساعدتهم خلال تحقيقاتهم.

وقالت فارتون عدن "إلى أين تذهبون إذا كان الخوف ينتابكم اذا قصدتم الشرطة؟، موضحة أن هذا هو السبب الذي دفعها إلى تأسيس المركز الذي تديره مع ابنتها إلواد علمان. ويضم هذا المركز 15 سريرا وهو يستقبل ضحايا الاغتصاب وأعمال العنف الجنسي على أنواعها، لا سيما منها ختان الإناث الذي يطال تقريبا كل الصوماليات، فضلا عن الزيجات القسرية والمبكرة السائدة في البلاد.

لجأت مريان (اسم مستعار) البالغة من العمر 18 عاما إلى هذا المركز بعدما أجبرت قبل سنة على الزواج من رجل يكبرها سنا بقرار من والدها. وكان زوجها يضربها وهي كانت تهرب إلى بيت والدها الذي كان يعيدها إليه. ومن شدة يأسها، قررت إضرام النار في جسدها. وهب الجيران إلى نجدتها كما ان تلك الحادثة تركت ندوبا عميقة في صدرها وذراعها. ورغم كثرة اعمال العنف الجنسي في الصومال والعار والنبذ اللذين يلاحقان الضحايا، تؤكد فارتون ادان انها تسجل تطورا. وقالت "لا تتراجع حالات الاغتصاب لا احد يريد الحديث عن الامر لا الحكومة ولا العائلات ولا العشائر لكن النساء بدأن يطرحن الموضوع".

واضافت "عندما بدأنا بالحديث عن حالات الاغتصاب في العام 2010 كان الجميع يلزم الصمت. اما الان فثمة اعتراف بوجود مشكلة لذا دخلنا في مرحلة جديدة. وينبغي الان ان نعرف كيف نعالجها". ويحظر الدستور الصومالي الموقت العائد الى العام 2012 والذي صيغ بتأثير من المجتمع الدولي الذي يدعم سلطات مقديشو الهشة، "اي نوع من انواع العنف ضد المرأة" ويحظر "ختان الاناث". بحسب فرانس برس.

لكن لم يتم اقرار اي من القوانين ذات الصلة في بلد غارق في الفوضى منذ عشرين عاما حيث تواجه الحكومة صعوبة في بسط سلطتها خارج حدود العاصمة التي تتعرض لهجمات متواصلة تشنها حركة الشباب الاسلامية. والصومال محرومة من سلطة مركزية فعلية منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري الذي ادى الى غرقها في حرب اهلية وانتشار ميليشيات وعصابات اجرامية وجماعات اسلامية. واعتبرت فارتون ادان ان "العنف الجنسي هو احد مخلفات الحرب في الصومال".

موريتانيا وفرنسا

من جانب اخر تظاهر مجموعة من الموريتانيين بالعاصمة نواكشوط أمام إدارة أمن الطرق، للمطالبة بفتح تحقيق في واقعة تعرض طفلة يتيمة تبلغ من العمر ثماني سنوات لجريمة اغتصاب من طرف أحد رجال أمن الطرق، حسب مقطع فيديو ظهرت فيه والدتها. وطالبت والدتها في الفيديو الذي نشرته مدونة "التاسفرة" بالكشف عن منفذ الجريمة وإنزال أشد العقوبات في حقه، متحدثة أن ابنتها تعاني من التبعات النفسية لهذا الاغتصاب.

وقد أشار صاحب المدونة إلى أنه اتصل بوالدة الضحية وأخبرته أنها السلطات الأمنية خلصت إلى أن الطفلة تعرّضت لمجرد خدش جنسي طفيف لا يرقى لدرجة اغتصاب. وتابعت الأم في حديثها لصاحب المدونة، سيدي الطيب ولد المجتبي، أن التقرير الطبي الأول أثبت تعرّض ابنتها للاغتصاب بطريقة عنيفة، وأن السلطات الأمنية أخبرتها بأن وكيل الجمهورية اعتمد التقارير التي تشير إلى الخدش وليس التقرير الأول، ممّا يبين حسب قولها "انتصار الدولة للشرطي وإضاعة حق ابنتها".

ووفق ما نقله صاحب المدونة، فإن واقعة الاغتصاب تعود إلى شهر ماي/ أيار المنصرم، عندما عادت الطفلة من مدرستها بعد تغيّب الأستاذ، فوجدت الشرطي الذي يسكن في البيت المجاور يترصدها، ليعمل على إدخالها إلى بيته، ثم يغتصبها ويهددها بالقتل إن أخبرت والدتها، إلّأ أنها اعترفت لصديقاتها في المدرسة فيما بعد بتعرَّضها للاغتصاب. بحسب CNN.

والغريب في الواقعة حسب ما نقلته المدونة، أن الشرطي المتهم بالاغتصاب هو أخ زوج والدة الضحية، كما أن هذا الزوج عمل على طرد الضحية ووالدتها بعد الشكوى التي تقدمت بها، بدعوى أن كلامها مجرّد افتراء. ولم تدلِ السلطات المورياتنية بعد بتوضيحات للإعلام حول حقيقية اتهامات والدة الطفلة، في وقت يقول فيه ناشطون حقوقيون موريتانيون إن حوادث الاغتصاب كثرت في الأشهر الأخيرة.

في السياق ذاته ضمت تهم جديدة بالاعتداء الجنسي على 50 طفلا إلى الملف القضائي لمدير مدرسة في فرنسا متهم باغتصاب أحد عشر طفلا، بحسب ما أفاد مصدر قضائي. وقال متحدث باسم النيابة العامة في مدينة غرونوبل إن القضاء يحقق في ملف يضم تهما باعتداء المدير الموقوف على خمسين طفلا. ورفض المدير الرد على أسئلة المحققين حول هذه القضايا الجديدة بداعي أنه متعب. وقال المتحدث "بما أنه رفض التحدث مع المحققين، أحلنا الملف إلى القاضي".

وكان حكم على المدير في العام 2008 بالسجن ست سنوات مع وقف التنفيذ وإلزامه الخضوع لعلاج نفسي لإدانته بتحميل صور إباحية لأطفال، لكن هذا الحكم لم يبلغ للمسؤولين عنه فظل في عمله وعلى تماس مع الأطفال. وفي أيار/مايو الماضي، أعلنت وزارتا التعليم والقضاء أن قانونا سيقر قريبا يلزم السلطات القضائية بإبلاغ الإدارات بالأحكام الصادرة على أشخاص على اتصال مع قاصرين، ولاسيما في الجرائم الجنسية.

وليد يبحث عن والديه

من جانب اخر يقول ألن موهيتش الذي حملته أمه عندما اغتصبها جندي إبان حرب البوسنة إنه لم يكن ليملك شجاعة البحث عن والديه لولا كاميرات التصوير التي كانت تتبعه. ويوثق فيلم (فخ لطفل غير مرئي) وهو الوثائقي الثاني عن موهيتش رحلة البحث المضني لابن إمرأة بوسنية مسلمة وجندي من صرب البوسنة اغتصبها مرارا خلال حرب البوسنة التي دارت رحاها بين 1992 و1995. وفي الفيلم الأول الذي أخرجه شمس الدين جيجتش عام 2005 أصبح الصبي موهيتش أول طفل يتحدث علنا عن وصمة العار التي لحقت به وبآخرين مثله في البوسنة كونه ابن سفاح ولد لأم اغتصبت خلال الحرب.

وخطا الفيلم الثاني -الذي بدأ عرضه في جورازدي مدينة موهيتش في شرق البوسنة- خطوة أخرى فريدة في التصدي للآراء المجحفة التي يواجهها هؤلاء الأطفال عندما يكبرون. وكانت أم موهيتش قد هجرته بعد ولادته وإخفاء حملها عن أسرتها. ولم يعرف هو أنه طفل متبنى سوى من استهزاء زملائه في المدرسة به عندما أصبح في العاشرة من عمره وكانت تلك صدمة أطلقت شرارة أزمة هوية دائمه عنده. وقتل نحو 100 ألف شخص خلال الحرب البوسنية بين الصرب المسيحيين الارثوذكس ومسلمي البوسنة والكروات الكاثوليك.

ويقول معهد أبحاث الجرائم ضد الانسانية والقانون الدولي بجامعة سراييفو الذي أنتج الفيلم إن من المعتقد أن ما يتراوح بين 25 و30 ألف إمرأة وفتاة بوسنية تعرضن للاغتصاب خلال مجريات الحرب. وتقول الرابطة البوسنية للمغتصبات خلال الحرب واسمها "النساء.. ضحايا الحرب" التي تضم 25 ألف عضو إن السلطات سجلت 62 بوسنيا كأطفال ولدوا من الاغتصاب خلال الحرب.

وترك أغلب الأطفال في دور للأيتام حيث تم إخفاء هوياتهم ولهذا أصبحوا يعرفون باسم "الأطفال غير المرئيين" وفقا لما يقوله باحثون في ظاهرة الاغتصاب خلال الحرب وما بعدها. وحوكم والد موهيتش وأدين بالاغتصاب في عام 2007. وأفرج عنه فيما بعد عند استئناف الحكم بشرط أن يقابل الطفل موهيتش إذا طلب الطفل ذلك. ورأى المخرج جيجتش إمكانية انتاج جزء ثان لقصة موهيتش. وقال موهيتش "وعدته أن نصور الفيلم الثاني الذي سنبحث فيه عن والدي الحقيقيين." وأضاف "وبعد أن اتصل بي في العام الماضي للسؤال عن الامر كان علي أولا أن أفكر في المسألة برمتها وأرتب أفكاري قبل أن أبت في هذه الخطوة الكبرى التي تعني الكثير لي. ثم قبلت."

وفي الوثائقي الجديد يتضح أنه عندما يطلب موهيتش لقاء والده لا يظهر الأب ويظل يراوغ في إجراء أي اتصال بالابن. أما أم موهيتش فتعيش في الخارج مع أسرة جديدة وترفض أيضا لقاءه. وقال جيجتش "ألن موهيتش هو الأول بين الاف الاطفال غير المرئيين الذي كان شجاعا بما يكفي لرفع صوته." وأشار إلى أن كل دول العالم بها أطفال مثل موهيتش لا يعرف عنهم المجتمع والرأي العام شيئا.

وبكى موهيتش بعد عرض الفيلم في دار للسينما اكتظت بالمشاهدين في جورازدي الذين وقفوا يصفقون له طويلا. وقالت إمرأة تدعى أرنيلا من بين دموعها "كان الحدث مؤثرا جدا." وبعد الإعلان عن الفيلم على فيسبوك قال موهيتش إن تأييد المهنئين انهال عليه بمن فيهم نساء تعرضن للاغتصاب وأباء وأمهات تبنوا أطفالا لهم ظروف مماثلة لظروفه بل ومن أطفال في دور للايتام كلهم يعبرون له عن شكرهم على ما وجهه لهم من نصح. بحسب رويترز.

وقال موهيتش فارع الطول الذي يعمل فنيا طبيا في مستشفى المدينة "الفيلم الأول أسفر عن تحرير هويتي وكان الهدف من الفيلم الثاني الكشف عن هذين الشخصين أي الرجل الذي اغتصب أمي ومن هي أمي." وأضاف "على مدى سنوات كنت أشعر بالغضب والعار لكنني الآن أشعر بالسكينة فعلا. فقد وجدت إجابات لأسئلة كثيرة".

اضف تعليق