q
إسلاميات - الإمام الشيرازي

الرأي العام الهادف

من قاموس الامام الشيرازي

جميع المجتمعات تعاني من مشاكل وظواهر سلبية مختلفة في جوانب حياتها السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية وغيرها.

يعتمد تشخيص هذه المشاكل والظواهر على عدد من الفاعليات في كل مجتمع، منها الباحثون المتخصصون في كل علم، ومنهم علماء الدين ورجال السياسة وقادة البلد.

تتفاوت الاستجابة لهذه المشاكل والظواهر تبعا لطبيعة كل مجتمع، فمنها ماتكون سريعة الاستجابة او متوسطة او ضعيفة، تبعا لعامل اخر هو الاليات والادوات التي يتم تقديم العلاجات والحلول عبرها...

يشكل الاعلام الاداة الابرز من تلك الادوات في نقل الظواهر والمشاكل الى السطح وجعلها شأنا عاما من خلال تشكيل رأي عام يتجاوب مع ماتفرضه من تحديات على المجتمع.

الرأي العام: (هو ما يتفق عليه افراد مجموعة معينة كلها أو غالبيتها من رأي أزاء مشكلة معينة أو موضوع معين من الموضوعات الجدلية التي تحتمل وجهات نظر مختلفة).

 وبعبارة أخرى فهو (مايجول بفكر مجموعة معينة وما تشعر به نحو مسألة أو قضية معينة تؤثر عليهم ولهم فيها مصلحة).

وهناك عدد من العوامل المؤثرة في تكوين الرأي العام منها:

العوامل الحضارية

العوامل الوراثية والبيئية بالمعتقدات الدينية والقيم الأخلاقية وآداب المعاملة والسلوك وغيرها

الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية...

 العمر والجنس.

في حديثه عن الرأي العام واهميته، يحدد المرجع الراحل الامام الشيرازي (قدس سره) هذا الرأي بإضافة كلمة (الهادف) اليه، فليس كل رأي عام سليم التوجه والدوافع، ولا هو خالص النية لخلق وعي مغاير في النظر الى الظواهر والمشكلات، ولا هو ايضا يمكن ان يكون ناجعا دون هدفية واضحة المعالم.

والرأي العام الذي يتحدث عنه الامام الراحل في كتابه (الراي العام وسبل التوجيه) هو نتاج عاملين مهمين: (الوعي والتنظيم)، اللذان بتوفرهما (كان الرأي العام في هذا المجتمع هادفاً وسليماً، فالمجتمعات الواعية المنظمة إذا أُريد رأيها في مسألة ما كانتخاب مجلس شورى، أو حتى انتخاب مدير مؤسسة مثلاً، فإن هذا الرأي يكون غالباً موفّقاً ومطابقاً لما ينبغي).

يطرح الامام الشيرازي تساؤلا مفاده: كيف يمكن أن نحصل على رأي هادف وسليم؟.

للإجابة على تساؤله يقترح جملة من العوامل منها:

 إرشاد وتوجيه الناس إلى كافة الأمور التي يعيشونها، أو التي تُحيط بهم، سواء كانت دينية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وذلك عبر العلماء والمثقفين، الذين لهم اطّلاع في هذه الأمور.

وهذه المجموعات التي يذكرها الامام الراحل هي مايصطلح عليه بتسمية (قادة الرأي العام) الذين يمتلكون القدرة على تشكيله او اعادة هذا التشكيل، او تغييره تجاه الظواهر والمشاكل المجتمعية.

 تخصيص هؤلاء القادة بالعلماء والمثقفين، يعود بحسب تعبير الامام الشيرازي، الى ان (كلُّ مجتمع عبارةٌ عن خليط من الطبقات والأفكار والمعتقدات، ومهمة العالم والمثقف صياغة المجتمع صياغة جيدة، بحيث يحاول أن يرفع من مستوى الطبقات المتردية فكرياً واقتصادياً وما إلى ذلك، وفي نفس الوقت يحافظ أو يرفع من مستوى الطبقات العالية والمتوسطة).

قدرة قادة الرأي العام وهم العلماء والمثقفين لايمكن لها ان تترجم الى تأثير فاعل، او تحدث الموجات المطلوبة في المياه الراكدة، الا من خلال امور يحددها الامام الراحل على الشكل التالي:

أولاً: دراسة المجتمع دراسة موضوعية، ودراسة الأفكار التي يعتنقها المجتمع، ودراسة الحالة العامة للمجتمع ـ اقتصادية، سياسية، اجتماعية ـ ودراسة التيارات الفكرية المعاصرة وما إلى ذلك.

ثانياً: تشجيع وتحفيز كلّ العوامل الإيجابية في المجتمع، وتقويم وتصحيح السلبيات فيه.

ثالثاً: إعداد خطة متكاملة لهذه المهمة، متكونة من الكوادر الكفوءة، والوسائل المتطورة، وتكون الكلمة الحجر الأساسي في نجاح هذه المهمة، فالكلمة الهادفة سواءُ كانت نابعة من قلم كاتب، أو فم خطيب، أو من جهاز مرئي أو مسموع، أو عن أي طريق كان، تُعدّ مصدراً هاماً لإزالة العديد من عوامل التخلف في المجتمع، وغرس عوامل التطور والازدهار محلها ومتى ما توصلنا إلى ذلك، فيمكن حينئذ أن نحصل على رأي عام هادف وسليم.

 

اضف تعليق