q
لقد تمنينا حل أزمة القرن 21 بوسائل خُطِّط لها في بداية القرن 20. سيتساءل المؤرخون ذات يوم عن سبب ارتباك جل الحكومات تجاه هذه الأحداث وعن كيفية ارتكابها هذا الخطأ التحليلي. وللأسف إذا ما تأكدت الموجة الثانية، سندرك افتقارنا الشديد لما يجب أن ينتجه اقتصاد الحياة...
بقلم: جاك أتالي/ترجمة: خاليد جوهري

هل من الضروري أن تضرب موجة ثانية كل أوربا لكي ندرك في النهاية أننا لسنا على الطريق الصحيح؟ لا أتكلم هنا عن الميدان الطبي الذي أتحفظ عن إبداء رأيي فيه، بل أقصد كل من الميدان الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي والسياسي والأخلاقي.

هل يجب أن يفرض علينا كوفيد حجرا صحيا جديدا لكي نستوعب أن حل أزمة من نوع جديد لا يتم بواسطة الوسائل القديمة؟

لقد تعاملنا مع الموجة الأولى من الجائحة -بعد فترة من الدهشة- بإعطاء كل الفاعلين الاقتصاديين الوسائل المادية والبنكية في انتظار تلاشي المرض ومنحنا الإجراء وسائل العيش دون عمل.

وعندما أدركنا أن هذه الجائحة لم تكن عابرة وأنها ذات تأثير عميق ومستدام على الاقتصاد، شرعت حكومات كل البلدان في وضع "تصور" لإطلاق مخططات استثمارية، لم تكن في النهاية "تصورات" واقعية.

لأننا أجمعنا في كل هذه المخططات على إخراج مشاريع ظلت حبرا على ورق في كل البلدان بما في ذلك المخطط الأوربي والمخطط الفرنسي، ومن ثم أعلنّا عن مشاريع تحديث للقطاعات الأكثر تضررا كقطاع السيارات وقطاع الطيران، وكأن هناك احتمال ضعيف كي يحافظ هذان القطاعان على ما كان متوقعا قبل الجائحة، وبما أن ذلك لم يكن كافيا، فقد رفعنا كذلك من المبالغ المخصصة لأحد البرامج البيئية المهمة التي طال انتظارها والتي لا زلنا نفتقر إلى الموارد اللازمة لتمويلها.

وعموما كانت الاستجابة للأزمة إلى هنا "الانتظار" بداية وبعد ذلك "مزيدا من الانتظار".

إلى حدود اللحظة لم يستغرب أحد من كون الاستجابة لأزمة صحية عالمية كان: "القدرة التنافسية والمناخ".

ومع ذلك يبقى هذا وذاك طموحان محدودان خاصة بفرنسا التي تعاني من عجز عميق في تجارتها الخارجية بفعل ضعف القدرة التنافسية، والتي تعاني كذلك من تنامي ظاهرة الانحباس الحراري، وفي هذا المجال تم دعم العديد من البرامج المتميزة خاصة ما يتعلق بتجديد السكن.

ورغم ذلك تبقى هذه الإجراءات عديمة الجدوى تجاه الإشكالات التي يطرحها كوفيد:

ذلك أن خطط الإنعاش هذه الرامية إلى تنمية قطاعات كشفت الموجة الأولى من كوفيد عن أوجه قصورها، والتي تشكل ما أصطلح عليه "اقتصاد الحياة"، وتتمثل هذه القطاعات في: صناعة الأدوية، التجهيزات الطبية، رقمنة التعليم، النظافة، التغذية السليمة، الماء، الطاقة النظيفة، التأمين، الإعلام، الأمن، التكوين المهني (بالخصوص تكوين العمال الذين سينفذون هذه الاستثمارات).

وفي الأخير لا شيء يذكر من التدابير اللازم أجرأتها لتشجيع اقتصاد الحياة الذي يشكل مجالا جذابا وغير مكلف لكنه مهمل كليا.

وخلاصة القول، لقد تمنينا حل أزمة القرن 21 بوسائل خُطِّط لها في بداية القرن 20.

سيتساءل المؤرخون ذات يوم عن سبب ارتباك جل الحكومات تجاه هذه الأحداث وعن كيفية ارتكابها هذا الخطأ التحليلي.

وللأسف إذا ما تأكدت الموجة الثانية، سندرك افتقارنا الشديد لما يجب أن ينتجه اقتصاد الحياة: المدارس مغلقة، التلاميذ في حجر صحي من جديد، وسندرك أنه كان من الأنسب طلب الحواسيب للأساتذة والتلاميذ وإعداد الدروس الضرورية خلال الصيف، كما أننا سنفهم أنه لا يجب فقط عزل العمارات، بل يجب أيضا السماح لكل واحد بامتلاك غرفة للعمل عن بعد، وفي انتظار ذلك يجب تحويل جزء هام من الفنادق إلى أماكن للعمل عن بعد والكثير من الأشياء الأخرى.

اضف تعليق