q
كتاب \"الغرفة التي شهدت الأحداث\" للمستشار السابق للأمن القومي جون بولتون، ربما سيغير الكثير من الامور داخل أروقة السلطة في واشنطن، خصوصاً وان هذه المذكرات قد اثارت جدلاً كبيراً داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية، كما انها تأتي ايضاً في وقت مهم وحساس مع اقتراب موعد السباق الانتخابي...

كتاب "الغرفة التي شهدت الأحداث" للمستشار السابق للأمن القومي جون بولتون، ربما سيغير الكثير من الامور داخل أروقة السلطة في واشنطن، خصوصاً وان هذه المذكرات قد اثارت جدلاً كبيراً داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية، كما انها تأتي ايضاً في وقت مهم وحساس مع اقتراب موعد السباق الانتخابي الامر الذي قد يؤثر على حظوظ ترامب الانتخابية، وكشف بولتون، فيهذا الكتاب وكما نقلت بعض المصادر، الكثير من أسرار "المطبخ" الداخلي للرئيس ترامب، خاصة فيما يتعلق بتعامله مع إيران وأردوغان والأسد، وقضية مقتل خاشقجي والعلاقة مع بن سلمان. كما يثير الكتاب ايضاً الى علاقات ترمب بالصين وكوريا الشمالية، فضلاً عن ملفات دولية أخرى.

ورغم وعيد ترامب وتهديده لمستشاره السابق بدفع ثمن باهظ، إلّا أن جون بولتون نشر أخيرًا مذكراته التي تكشف جوانب من النقاشات الخاصة في البيت الأبيض، بين الرئيس الأمريكي وعدد من المسؤولين الكبار في إدارته بينهم بولتون نفسه وجميس ماتيس، وزير الدفاع السابق، ووزير الخارجية مايك بومبيو. وركزت المذكرات التي صدرت في 23 يونيو/ حزيران 2020، بعد نجاتها من مراجعة أمنية واعتراضات قانونية من وزارة العدل، على جلّ النقاشات الرئيسية التي دارت في البيت الأبيض، خاصة ما يتعلّق منها بنزاعات الشرق الأوسط وشؤون الأمن القومي الأمريكي وشخصية الرئيس رامب.

كما انتشرت بشكل واسع في بعض المواقع نسخاً إلكترونية، فقد ظهر ملف "بي دي إف" يحتوي على نسخة من كتاب ليقدم إصدارًا مجانيًا ومقرصنًا من كتاب بولتون. وقال آدم روثبرج، المتحدث باسم الناشر "سايمون أند شوستر" "نعمل جاهدين لإزالة هذه الأشياء غير القانونية الواضحة لانتهاك حقوق النشر". وكان من المقرر نشر الكتاب في مارس/ آذار، لكنه تأجل مرتين للنظر في اعتراضات البيت الأبيض.

في حين قال الفريق القانوني لبولتون إنه أمضى شهورا في معالجة مخاوف البيت الأبيض بشأن مدى سرية بعض المعلومات، وتلقى تأكيدات في أواخر أبريل/ نيسان من المسؤول الذي كان يعمل معه أن المسودة لم تعد تحتوي على أي مواد من هذا القبيل. ويتناول الكتاب الفترة التي تولى فيها بولتون منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي طوال 17 شهرا، وانتهت باستقالته في أيلول/سبتمبر. واعتبر بولتون الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري منذ وقت طويل، ويعتبر من صقوره اليمينيين، أن ترامب "غير مناسب للمنصب".

ترامب والقضاء

رفض قاض أمريكي طلبا من إدارة الرئيس دونالد ترامب بإصدار أمر لمنع نشر كتاب لمستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون يزعم أن الرئيس طلب مساعدة الصين للفوز بإعادة انتخابه. وقال قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية رويس لامبرث في حكمه ”في حين أن سلوك بولتون المنفرد يثير مخاوف خطيرة تتعلق بالأمن القومي، فإن الحكومة لم تثبت أن الإنذار القضائي هو العلاج المناسب“.

وسعت الإدارة إلى استصدار إنذار قضائي مؤقت وأمر قضائي أولي ضد نشر‭ ‬كتاب (من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض)، قائلة إنه يحتوي على معلومات سرية ويهدد الأمن القومي. وكتب القاضي ”قامر المدعى عليه بولتون بالأمن القومي للولايات المتحدة. لقد عرض بلاده للأذى ونفسه للمسؤولية المدنية (وربما الجنائية)“. لكنه قال إن الإنذار القضائي سيكون متأخرا جدا لوقف الضرر، مضيفا ”مع وجود مئات الآلاف من النسخ حول العالم، والعديد منها في غرف الأخبار، فقد وقع الضرر بالفعل“.

وفي تغريدة بعد وقت قصير من صدور قرار المحكمة، اتهم ترامب مرة أخرى بولتون بأنه ينشر معلومات سرية. وقال ترامب ”يجب أن يدفع ثمنا باهظا جدا لذلك مثلما دفع آخرون قبل ذلك... هذا يجب ألا يحدث مرة أخرى!!!“. وأضاف الرئيس الأميركي "بعد كشف الكتاب وتسريبه لكثير من الناس ووسائل الإعلام، من الواضح أنه لم يكن بمقدور القاضي الموقر فعل شيء لإيقافه... لكن، صدرت تصريحات قوية وشديدة وأحكام حول المال وخرق التحفّظ". وتابع أن "بولتون خرق القانون وتمت إدانته وتوبيخه على ذلك". بحسب رويترز.

من جهته، رحب محامي بولتون تشارلز كوبر بقرار القاضي لكنّه اعترض على الاستنتاج أن بولتون لم يلتزم بشكل كامل ضرورة التأكد من سرية المعلومات. وقال كوبر في بيان إن "القضية ستتواصل (...) الرواية الكاملة للأحداث لم ترو بعد، لكن ذلك سيحصل". وتم توزيع عدد كبير من نسخ كتاب "ذا روم وير إت هابند" على المكتبات في وقت سابق، وقد أوردت وسائل إعلام عدة قسما كبيرا مما يتضمنه من انتقادات حادة لترامب.

ازمة جديدة

الى جانب ذلك يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من أزمة مع إعلان مستشاره السابق جون بولتون أنه "غير مؤهل" للرئاسة في كتاب يتوقع أن يكون له وقع مدو. والأحداث الدراماتيكية المحيطة بالرئيس الذي تواجه معركة إعادة انتخابه صعوبات في الأساس، وبعد أن كانت حملة ترامب لولاية ثانية تسير بخطى واثقة، واجهت وضعا صعبا بسبب الانتقادات لتعاطيه مع جائحة كوفيد-19 والتظاهرات العارمة المنددة بالعنصرية. وأيدت المحكمة العليا الأميركية الخميس الإبقاء على الحماية القانونية الممنوحة لـ700 ألف مهاجر شاب يطلق عليهم تسمية "الحالمين" مسددة ضربة أخرى لحملة إعادة انتخابه التي تتركز في جزء كبير منها على وعد بمكافحة الهجرة غير الشرعية.

والقرار لاذع بشكل خاص لأن ترامب كثيرا ما تباهى بتعيينه قاضيين في المحكمة العليا مرسخا حضور المحافظين فيها. وفي رد فعل غاضب على تويتر وصف ترامب القرار وقرارات أخرى لم تعجبه بأنها "طلقات تنفجر في وجه أشخاص يفخرون بوصف أنفسهم بالجمهوريين". كما يتعرض لهجوم من الداخل من بولتون، الجمهوري الدائم الذي شاهد ترامب عن قرب بوصفه مستشاره للأمن القومي.

وقال بولتون لشبكة إيه.بي.سي نيوز "لا أعتقد أنه مؤهل للمنصب" وذلك في معرض الترويج لكتابه بعنوان "ذا رووم وير إت هابند" (الغرفة التي حدث فيها ذلك). وكتب بولتون أن ترامب "التمس" من الرئيس الصيني تشي جينبينغ خلال المفاوضات حول المبادلات التجارية شراء مزيد من المنتجات الزراعية لمساعدة الولايات الأميركية الزراعية، وذلك لتعزيز فرصه في الفوز بولاية ثانية في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر. واورد بولتون أيضا أن ترامب الذي لم يشغل سابقا أي منصب حكومي قبل توليه الرئاسة، كان يظن أن فنلندا جزء من روسيا.

دعم بولتون المزاعم التي كانت سببا في إطلاق محاكمة لعزل ترامب العام الماضي، والمرتبطة بممارسته ضغطا على أوكرانيا لكشف فضائح تضعف خصمه الديموقراطي جو بايدن. ولم يكتف مستشار الأمن القومي السابق بذلك، بل اعتبر أن ترامب ارتكب "تجاوزات مشابهة لملف أوكرانيا" عبر توظيف السياسة الخارجية لخدمة مصالحه الشخصية. وهزّت هذه المعلومات البيت الأبيض، وخصوصا أن مصدرها شخص كان له اطلاع واسع على طريقة عمل الإدارة الأميركية، وتأتي في وقت يتزايد انتقاد ترامب حول طريقة تعامله مع وباء كوفيد-19 ومع التوتر العرقي في البلاد.

وكتب بولتون أيضا أن ترامب قال إن غزو فنزويلا سيكون أمرا ”رائعا“ مع أن الحكومة الأمريكية تقول إنها لا تفضل استخدام القوة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو. وحسبما جاء في أحد المقتطفات، فقد أدلى ترامب خلال اجتماع في صيف عام 2019 بنيوجيرزي ببعض من أكثر تصريحاته إثارة للقلق حتى الآن بشأن وسائل الإعلام، إذ قال إنه يجب سجن الصحفيين حتى يبوحوا بمصادرهم و“ينبغي إعدامهم“.

وجاءت ردود ترامب وموالين له على نشر الكتاب حادة. ووصف الرئيس بولتون بأنه "جرو مريض" و"أحمق ممل"، ورد ترامب على بولتون ووصفه بأنه ”كاذب“ في مقابلة مع وول ستريت جورنال. ونشرت الصحيفة كذلك مقتطفات من الكتاب كما فعلت واشنطن بوست. وقال ترامب لقناة فوكس نيوز في مقابلة منفصلة إن بولتون خرق القانون بإدراجه معلومات في غاية السرية في الكتاب. بحسب رويترز.

وتصور المقتطفات ترامب رئيسا يسخر منه كبار مستشاريه ويعرّض نفسه لاتهامات بعدم الأهلية أشد بكثير من تلك التي دفعت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون للسعي لمساءلته وعزله العام الماضي. فيما اعتبر وزير الخارجية مايك بومبيو أنه "خائن"، وقال في بيان إن "جون بولتون ينشر عددا من الأكاذيب". وقال بومبيو "من المحزن والخطير في نفس الوقت أن يكون الدور الرسمي الأخير لجون بولتون، هو دور الخائن الذي ألحق الضرر بأميركا بانتهاك ثقته المقدسة مع شعبها".

قضية خاشقجي

على صعيد متصل كشفت مقتطفات من كتاب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون أن الرئيس دونالد ترامب استغل قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي لمساعدة ابنته إيفانكا. وكانت إيفانكا تواجه أزمة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2018 بعد الكشف عن أنها كانت تستخدم بريدها الإلكتروني الشخصي في مراسلات خاصة بعملها الرسمي، وكان ترامب قد استغل قضية مماثلة في الهجوم منافسته السابقة في انتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، التي استخدمت بريدها الشخصي في مراسلات خلال توليها وزارة الخارجية.

وأشار بولتون في كتابه، إلى البيان الذي أدلى به ترامب في 20 نوفمبر عام 2018 بعد أكثر من شهر على مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، والذي دافع فيه ترامب عن علاقته بالمملكة العربية السعودية. وأفاد كتاب بولتون، بأن ترامب استغل قضية خاشقجي وقرر أن يدلي البيان بنفسه لصرف الأنظار عن أزمة إيفانكا واستخدامها لبريدها الشخصي في مراسلات رسمية. بحسب CNN.

وقال بولتون: "لقد ناقشنا إذا كان ترامب يجب أن يقرأ البيان بنفسه من على منصة البيت الأبيض، أم فقط نصدر البيان كنص مكتوب". ونسب بولتون إلى ترامب قوله إن "هذا سيصرف الأنظار عن إيفانكا"، وأضاف الرئيس الأمريكي: "إذا قرأت البيان شخصيا فإن ذلك سيغطي على موضوع إيفانكا". ورجح ترامب مرارًا وتكرارًا أن كتاب بولتون سيحتوي على أكاذيب، قائلا: "ربما لا يقول الحقيقة، لقد عُرف عنه عدم قول الحقيقة".

كوشنر وعملية السلام

من جانب اخر تطرق جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى قضية عملية السلام التي يقودها، جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترامب، قائلا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "لم يفهم لماذا يقود كوشنر عملية السلام بالشرق الأوسط". وأوضح بولتون في كتابه أن نتنياهو "كان مترددا بتوكيل التوصل إلى نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى كوشنر، الذي عرف نتنياهو عائلته على مدى سنوات، كان (نتنياهو) سياسيا بما فيه الكفاية بعدم معارضة الفكرة على الملأ، ولكن كالعديد من الناس في العالم، تساءل لماذا كوشنر سينجح في حين فشل أشخاص آخرون بالمهمة مثل كيسنجر.."

وتطرق بولتون في جانب آخر من كتابه إلى عملية صنع القرار بالإدارة الأمريكية، واصفا إياها بأنها أشبه بـ"عراك على طعام"، حيث قال إن الاجتماع الأسبوعي الذي يرأسه ترامب إما في قاعة روزفلت أو في المكتب البيضاوي كانت اشبه بعراك على الطعام في المدارس، عوضا عن أن تكون نقاشا حذرا لصنع قرار، دون الحصول على رأي الجهات المختصة لحل المشكلة أو معرفة ما هي الخيارات.

من جانبه أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن ثقته في قدرات جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك في أول تعليق له بعد أن كشف كتاب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أن نتنياهو كان متشككا إزاء تولي كوشنر قيادة الجهود الأمريكية بشأن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه "يثق ثقة كاملة بقدرات جاريد كوشنر وبعزيمته ويرفض أي وصف يخالف ذلك"، مضيفا أن "كوشنر ساهم بشكل كبير جدا في دفع السلام في الشرق الأوسط قدما"، وفقا لما جاء على صفحته الرسمية في "فيسبوك". بحسب CNN.

ورأى نتنياهو أن "طاقم الإدارة الأمريكية الذي يعمل في الشرق الأوسط برئاسة كوشنر صاغ بنجاح مبادئ الرئيس ترامب وحولها إلى رؤية نحو تحقيق السلام، عارضا بذلك المخطط الأكثر واقعية لتحقيق السلام في منطقتنا". وقال: "كما ساهم كوشنر في القرارات التاريخية التي اتخذها الرئيس ترامب بما فيها الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، وساهم في تعزيز العلاقات الإسرائيلية العربية". واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه "بهذه الإنجازات وتحت قيادة الرئيس ترامب، حقق كوشنر ما لم يحققه آخرون قبله". وقال نتنياهو: "نحن واثقون من أن العمل معًا يمكّننا من تحقيق السلام الدائم والآمن الذي نرغب فيه جميعًا".

اضف تعليق