q

إدارة التوحش كتاب كتبه تنظيم القاعدة يضع فيه معالم فكرهم المتميز بصناعة الفوضى والقتل والتدمير والافساد في الأرض والهيمنة على البلاد التي يريدون السيطرة عليها.

وهذا ما تستعمله دول التحالف السعودي في حربها على اليمن، وتدخلها في العراق ودورها في تدمير كل من ليبيا وسوريا وغيرها على الطريق، ومن وراءهم الدول المتحضرة الكبر ى.

ادارة التوحش منهج يستهدف الهيمنة على مناطق محددة أو بلدان معينة بعد اسقاط انظمة الحكم فيها وزعزعتها، أما بالنسبة إلى تنظيمات ادارة التوحش فتعمل على اقتطاع مناطق من بلدان محددة حسب دراسة ترمي تطبيق مشروع توسعي يتمدد في الأرض، ليؤسس مشروع فوضى وتوحش بعد خلخلة الوضع السياسي والاقتصادي والأمني فيها وإحداث فوضى بالقتل والنهب والتدمير وتركيز الحرمان والفقر والحاجة في كل شيء ثم الهيمنة عليها حسب الخطوات التالية:

الخطوة الأولى: التخطيط الشامل لمنطقة الهدف

تنظيمات القاعدة واخواتها من (تنظيمات التوحش)، مع (حكومات التوحش) عادة ما تعمل على تحديد دول إما أن تكون ضعيفة أساسا أو تريد تضعيفها إذا وجدوا فيها مصادر الحياة وملامح التنمية والقدرة على التطور نحو القوة والاستقلال والنمو كالعراق واليمن وسوريا وليبيا وغيرها. فتنتخب مناطق منها بعيدة عن مركز القوة والحماية، حتى يسهل التفرد بها كما صنعوا بالرمادي وصناعة ساحات الاعتصام، أو الموصل وتغذية التذمر من نظام العراق الجديد، أو تكريت مستغلين خسارتها لقيادة العراق الذي كان متحكما ببلاد العرب عبر نظام الحزب المقبور وأموال الشعب المقهور.

وبهذا فإن تنظيمات وحكومات ادارة التوحش تدرس ظروف البلاد والمناطق التي يريدون التعشعش فيها فيدرسون ظروفها الجغرافية والاقتصادية والبشرية والطائفية ونسبة قوة ولائها أو ضعفه من الدولة بغية اقتحامها، وكما يقول كتاب ادارة التوحش (ص16) أن من مقومات ترشيح إحداث حالة التوحش ثم ادارة التوحش هي:

1. (وجود عمق جغرافي وتضاريس تسمح في كل دولة على حدة بإقامة مناطق بها تدار بنظام إدارة التوحش).

فكانت ديالى وتكريت والرمادي والموصل مرشحة لكونها محيطة جغرافيا بالعاصمة من جهاتها الثلاث، أما من الجهة الرابعة فكانت المحمودية واليوسفية وجرف الصخر وما يحيط بها منطقة ثغرة تتصل إلى الغرب بالفلوجة والرمادي وتكريت والموصل صاعدا، ولذلك كانوا مطمئنين رافعين اصواتهم عاليا بعبارة غزوة بغداد، المهم أنهم كانوا يعملون وفق دراسة لجغرافية المنطقة التي يريدون دخولها.

2. (ضعف النظام الحاكم وضعف مركزية قواته على أطراف المناطق في نطاق دولته بل وعلى مناطق داخلية أحيانا خاصة المكتظة). كما في العراق واليمن وسوريا وليبيا ومصر وغيرها.

3. (وجود مد إسلامي جهادي مبشر في هذه المناط). كأن تتوفر فيه قاعدة دينية تتناعم مع تنظيمات أو حكومات التوحش كما في درعا وحلب ودَور الاخوان المسلمين والسلفيين والانفصاليين والمتضررين في تهيئة الاجواء للمناطق للفوضى والتوحش، وذات الشيء بالنسبة لمناطق غرب العراق حيث زرع فيها نظام البعث المقبور السلفية والوهابية حتى كانوا يطلقون على الفلوجة بمدينة المائة مأذنة.

إذن تهتم حكومات وتنظيمات التوحش بالمناطق التي تكفل لهم الحاضنة الاجتماعية الجيدة.

4. (طبيعة الناس في هذه المناطق..).

لما توفر لهم حاضنة اجتماعية جيدة من مجتمع تتوفر فيه الكثافة الطائفية التي تخدم تطلعاتهم، والمتضررين من النظام القائم، والذين خسروا مواقعهم في النظام السابق كما حصل للموصل وتكريت والانبار وخسارتهم نظام البعث المقبور، إذن يدرسون طبيعة الناس في تلك المناطق.

5. (كذلك انتشار السلاح بأيدي الناس فيها).

فهو يفكرون في اقتحام مناطق يتوفر فيها السلاح سواء كان من تهريب يصل اليهم من الخارج أو عبر سيطرتهم على سلاح حكومي بطريق الخيانة أو الاستيلاء أو شبهه.

وهذه المرحلة يسمونها مرحلة ما قبل (شوكة النكاية والإنهاك) بحيث يزرعون فيها مجاميع يسمونها (مجموعات النكاية) تقوم باستثمار الظروف الموضوعية التي تعيشها تلك الدول أو المناطق التي يراد تشكيل حكومة بعيدة عن المركز.

إذن كل شيء يخضع إلى دراسة جغرافية وسياسية ومذهبية ودينية واقتصادية وعسكرية مما يوجب على الغيارى (على الوطن والانسان والدين) من السياسيين أن يكونوا على درجة عالية من النضج والوعي الذي يوجب عليهم أمور منها:

أولاً: العمل وفق دراسات مستفيضة لكل شيء سياسي أو اقتصادي، دولي أو اقليمي أو محلي لغرض صياغة البنية السياسية القوية، وتأمين الوضع الجغرافي جيدا، وبناء جيش عقائدي متمكن غيور على وطنه وإنسانه وقيمه، ذلك أن (ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.

ثانيا: الدراسات التي تعتمدها ادارة الحكم يحب أن تستند إلى مراكز دراسات الباحثين العلميين الاستراتيجيين، والانتفاع من كل الطاقات والعقلاء وإن كانوا من خارج حزب أو كتلة الحكام السياسيين. وهذا يستلزم نضجا عقليا راقيا، وعلميا متفوقا، ومعرفيا رفيعا، وكذلك نفسيا عاليا.

ثالثا: العمل على رص الصف السياسي السليم بتطهيره من المنافقين والطابور الخامس الفاعل في الإعداد لمرحلة التوحش التي سنذكرها في حلقة قادمة بعون الله تعالى.

والنتيجة... فإن ما يحصل في العراق هو مرحلة ادارة التوحش التي يشترك فيها أنظمة اقليمية متوحشة وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا والأردن، مع نظام دولي غربي متوحش يريد بقاء مصالحه في عراق غير مستقر على أيدي العراقيين أنفسهم، وتنظيمات محلية متوحشة كتنظيم داعش والقاعدة المتوحش وبقايا حزب البعث المتوحش، وكل المتضررين من المشروع السياسي للعراق الجديد.

إذن يجب أن تكون عقلية السياسيين العراقيين على درجة عاليا من الفطنة ولا ينخدعوا بالوعود المعسولة من حلفائهم فالغدر فيهم عميق، ولا ينساقوا للشعارات البراقة كالشفافية والموزائيك والتوافق والاتفاق والمصالحة (ضد) الوطنية التي ما زالت لحد الساعة حكومات التوحش غير راضية بحجم التنازلات التي صنعها السياسيون لصالح استقرار الوطن وجمع الاطياف والأعراق، إذْ ما زالوا يطالبون بالمزيد من المصالحة الوطنية والديمقراطية وبلدانهم مازالت ترزح تحت أنظمة ملكية تملك الإنسان والأرض والقرار والسياسة والحكم وحتى أنفاس الناس؟؟ فالمصالحة مع من؟؟ ومن هم المواطنون المبعدون؟؟

إنه أمرٌ مريبٌ ودورٌ خطيرٌ فاعل في مرحلة النكاية والانهاك لصناعة التوحش ثم إدارته فيما بعد كما سنبين في الحلقة القادمة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق