q
ملفات - شهر رمضان

السلطة مسؤولية أم غنيمة

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ

عالمَنا العربي والإِسلامي مليءٌ بمثلِ هَذِهِ النَّماذج، ولذلكَ نرى كلَّ هذا الدَّمار وكلَّ هَذِهِ الدِّماء والأَعراض المُستَباحة من أَجلِ أَن يبقى سيادتهِ على رأس ِهرمِ السُّلطة وليسَ بعد ذَلِكَ كيف يَكُونُ الثَّمن. حتى أَقنعَنا الطُّغاة والجبابِرة بأَنَّ معنى النَّصر الحقيقي هو أَن يكونَ الزَّعيم في السُّلطة...

(١٤)-(أ)

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ}.

بغضِّ النَّظر عن الأَسباب والمُسبِّبات، والعلَّةِ والمعلُولِ، والمُقدِّمات والنَّتائج، نتساءل عن السرِّ الكامِن في شخصيَّة الإِمام السِّبط الحسن المُجتبى (ع) [تُصادف ذكرى ولادتهِ الميمونةِ ليلة ١٥ رمضان المُبارك عام ٣ للهجرةِ في المدينةِ المنوَّرةِ] والذي مكَّنهُ من تركِ السُّلطةِ وسدَّةِ الخِلافةِ؟!.

ما هي تلكَ القوَّة الخارِقة والرُّؤية الثَّاقبة بعيدة المدى التي مكَّنتهُ من تركِ السُّلطة على الرَّغمِ مِن إِجتماع كلِّ الأَسباب للتشبُّث بها مثلما فعلَ غيرهُ؟!.

أَلم يكُن بإِمكانهِ، مثلاً، أَن يتشبَّث بها بذريعةِ أَنَّها [قميصٌ قمَّصهُ الله تعالى إِيَّاهُ لا ينزعهُ عن نفسهِ أَبداً أَو يهلكَ دونهُ] كما فعلَ الخليفةُ الثَّالث المقتول؟!.

فقد ذكرَ عُلماء [المذاهِب السنيَّة الأَربعة] وغيرهُم أَنَّهُ لمَّا اجتمعَ المُسلمُونَ على خلعِ عُثمان من الخلافةِ قالُوا لهُ؛ إِمَّا أَن تخلعَ نفسكَ أَو أَن نقتُلكَ! فاختارَ القتلَ على خلعِ نفسهِ وقال؛ لا أَخلعُ قميصاً البسنيهُ الله!.

ويدلُّ ذلكَ على أَنَّ خلع الإِنسان لنفسهِ من الخلافةِ عندهُ أَعظم من إِظهارِ كلمةِ الكُفر، على الرَّغمِ مِن أَنَّهُ يعرِف جيِّداً، وقبل غيرهِ، أَنَّما البسهُ قميص الخِلافة عبد الرَّحمن بن عَوف وليسَ الله تعالى! فضلاً عن أَنَّ أَهل العِلم والتَّواريخ قد رَوَوا بِلا خلافٍ بينهُم أَنَّ الخليفةَ أَبا بكر قبلهُ قامَ على المِنبر وقال؛ أَقيلوني فلستُ بخيرِكُم! وقد فعلَ ذلكَ من غَيرِ إِكراهٍ من أَحدٍ لهُ على الخلعِ ولا خَوف القَتل!.

أَلم يكُن بإِمكانهِ أَن يتمسَّك بالشَّرعية [شرعيَّة البَيعة] وقد كانت مُكتمِلةِ الأَركانِ والشُّروطِ، ليتشبَّث بالسُّلطة فلا يترُكها حتَّى لو جرت الدِّماء أَنهاراً ودُمِّرت البِلاد وطحَنتها الحربُ الأَهليَّة؟!.

هذهِ الشَّرعيَّة التي وصفها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ في رسالةٍ بعثها إِلى الطَّاغية الطَّليق مُعاوية بن أَبي سُفيان عندما رفضَ بيعتهُ (ع) {إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالاْنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ منه، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى}.

فما هو السرُّ في عظمةِ شخصيَّتهِ (ع) الذي سيطرَ بهِ على كلِّ شيءٍ يُغري ليتركَ السُّلطة فيجنِّب الأَمَّة مشاكلَ عويصةً حاولَ الطَّاغية مُعاوية أَن يورِّطهُ فيها لتطحنَها طحنَ الرَّحى في إِطار صراعٍ على السُّلطة خطَّطَ لهُ منذُ عهد الخليفة الأَوَّل عندما عيَّنهُ والياً على الشَّامِ بعدَ مقتلِ أَخيهِ يزيد بن أَبي سُفيان وبدأَ بتنفيذهِ لحظة مقتل الخليفة الثَّالث واعتلاءِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) سدَّة الخِلافة؟!.

(١٥)-(ب)

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ}.

إِنَّنا بإِزاء زعامات سخَّرت كلَّ شيءٍ من أَجلِ نَيلِ السُّلطةِ أَو التشبُّث بها، فقادت الحرُوب وأَثارت الفِتن وأَهلكت الحرثَ والنَّسل واستباحت الدِّماء والأَعراض، وكلَّ ذلكَ وأَكثر من أَجلِ أَن تمكُثَ في السُّلطةِ ولا تتركها بأَيِّ ثمنٍ.

فهذا الخليفة الثَّالث الذي تسبَّب تشبُّثهُ بالسُّلطة بفتنةٍ عمياءَ هي رُبما من أَكبر الفِتَن التي مرَّت على الأُمَّة والتي ولَّدت فِتنٌ تبِعتها سلسلة من الفِتن استمرَّت لقرونٍ طويلةٍ من الزَّمن وبسببِها تحوَّلت الخِلافة إِلى مُلكٍ عضُوضٍ بعدَ أَن جرَّأَ نهجهُ السُّلطوي بني أُميَّة للسَّيطرةِ على مفاصِل الدَّولة وعلى رأسِها الميزانيَّة العامَّة فكان واليهُم على الكوفةِ سعيد بن العاص يقولُ [إِنَّ السَّوادَ بُستانٌ لِقُريشٍ] إِلى جانبِ أَنَّهُ جرَّأَ الطَّاغية مُعاوية على الخليفةِ الشَّرعي بكلِّ المقاييس أَميرُ المُؤمنينَ (ع) كما جرَّأَ غيره عليهِ، فكانَ نهجهُ السُّلطوي السَّبب المُباشر في إِضعافِ الخِلافةِ التي وصفها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {وَالاْمَامَةَ نِظَاماً لِلاْمَّةِ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلاِْمَامَةِ}.

ويصِفُ حال السُّلطةِ (ع) والمهزلةِ والإِنحطاطِ الذي وصلت إِليهِ بقولهِ {وَلكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ [أَمْرَ ]هذِهِ الاُْمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَفُجَّارُهَا، فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَعِبَادَهُ خَوَلاً، وَالصَّالِحِينَ حَرْباً، وَالْفَاسِقِينَ حِزْباً، فَإِنَّ مِنْهُمُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فِيكُمُ الْحَرَامَ، وَجُلِدَ حَدّاً فِي الاِْسْلاَمِ، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى رُضِخَتْ لَهُ عَلَى الاْسْلاَمِ الرَّضَائِخُ، فَلَوْلاَ ذلِكَ مَا أَكْثَرْتُ تَأْلِيبَكُمْ وَتَأنِيبَكُمْ، وَجَمْعَكُمْ وَتَحْرِيضَكُمْ، وَلَتَرَكْتُكُمْ إِذْ أَبَيْتُمْ وَوَنَيْتُمْ}.

كلُّ ذلكَ على الرَّغمِ من التَّحذيرات المُتكرِّرة والنَّصائح الصَّادقة المُتتالِية التي قدَّمها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) لهُ ولكنَّها للأَسف لم تنفع فوقعَ المحذُور.

فمِن كلامٍ لهُ (ع) لمَّا اجتمعَ النَّاسُ إِليهِ وشكَوا ما نقمُوهُ على عُثمان وسأَلوهُ مُخاطبتهِ واستعتابهِ لهُم، فدخلَ(ع) على عُثمان فقالَ {إِنَّ النَّاسَ وَرَائي، وَقَدِ اسْتَسْفَرُوني بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ! مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، وَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْر لاَ تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْء فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلاَ خَلَوْنَا بِشَيْء فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ الله(ص) كَمَا صَحِبْنَا.

وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلاَ ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ(ص) وَشِيجَةَ رَحِم مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مَنْ صَهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالاَ.

فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِكَ! فَإِنَّكَ ـ وَاللهِ ـ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمىً، وَلاَ تُعَلَّمُ مِنْ جَهْل، وَإِنَّ الْطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وَإِنَّ أَعْلاَمَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ.

فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِاللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَي، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَاللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً.

وَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(ص) يَقُولُ؛ «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالاِْمَامِ الْجَائِرِ وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَلاَ عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى، ثُمَّ يَرْتَبِطُ فِي قَعْرِهَا».

وَإِني أَنْشُدُكَ اللهَ أنْ تَكُونَ إِمَامَ هذِهِ الاُْمَّةِ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ؛ يُقْتَلُ فِي هذِهِ الاُْمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ إِلى يَوْمِ الْقُيَامَةِ، وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، وَيَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا، فَلاَ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً، وَيَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً.

فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلاَلِ السِّنِّ وَتَقَضِّي الْعُمُرِ}.

(١٦)-(ج)

كما أَنَّنا بإِزاء زعامات قادت حركات تمرُّد زجَّت الأُمَّة في حروبٍ عبثيَّةٍ راح ضحيّتها مئات الآلاف، هدفُها الوحيد هو التمكُّن من السُّلطةِ والنُّفوذِ، كما انتُهِكت بها دماءٌ وأَعراضٌ وأَموالٌ.

فلقد قادَ [الصحابيَّان] طلحة والزُّبير حرباً شرسةً ضدَّ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) لينالا بعضَ السُّلطة التي رفضَ الإِمام منحها لهُما، يجرُّونَ وراءهُما [أَم المُؤمنينَ عائشة] التي نبحتها كلابَ الحوأَب فلم تعُد أَدراجها على الرَّغمِ من تحذيرِ رسول الله (ص) لها بذلكَ عدَّة مرَّات.

يصفُ أَميرُ المُؤمنين (ع) حربَ الجمل بقولهِ {فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللهِ(ص) كَمَا تُجَرُّ الاْمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا، مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا، وَأَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اللهِ(ص) لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا، فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَقَدْ أَعْطَانِي الطَّاعَةَ، وَسَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَه، فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَخُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً، وَطَائِفَةً غَدْراً.

فَوَاللهِ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ، بِلاَ جُرْمٍ جَرَّهُ، لَحَلَّ لي قَتْلُ ذلِكَ الْجَيْشِ كُلِّهِ، إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا، وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَلاَ يَدٍ، دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ!}.

وفي عصرِنا الحاضر كذلك، فلقد عِشنا، ومازلنا، نماذجَ من هذهِ الزَّعامات المُستعدَّة لتحويلِ البلادِ إِلى كومةٍ من الحجرِ المُحترِق المركومِ مُقابل أَن تمكُثَ في السُّلطة أَيَّاماً معدوداتٍ أُخَر.

فهل نسينا الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين الذي دمَّر البِلاد وتسبَّب بانتزاعِ سيادتها وقرارها الوطني وعرَّضها للغزوِ الأَجنبي وكلُّ ذلكَ من أَجلِ أَن يبقى في السُّلطة وهوَ الذي كانَ يقولُ مُهدِّداً [مَن أَراد العِراق فسنسلِّمهُ لهُ أَرضاً بِلا شعبٍ] في إِشارةٍ إِلى أَنَّهُ على استعدادٍ لقتلِ كلِّ العِراقيِّين قبل أَن يُسلِّمَ السُّلطة لأَيِّ أَحدٍ.

إِنَّهُ قتلَ وأَعدمَ وأَحرقَ بالتِّيزاب ورمى للوحوشِ الكاسِرة لتنهش لحومهُم آلاف مُؤَلَّفة من العُلماء والفُقهاء والمُفكِّرين والمُثقِّفين والضبَّاط ومِن مُختلف شرائح المُجتمع العراقي، وكلُّ ذلكَ من أَجلِ وأدِ أَيَّة مُحاولة للإِنقلابِ عليهِ يتخيَّلها أَو تخطُر في بالهِ! على قاعِدة [خذُوهُم على الظنَّة واقتلُوهُم على التُّهمةِ] وهيَ القاعِدة التي أَسَّس لها طاغِية الشَّام الطَّليق مُعاوِية.

كما أَنَّهُ شنَّ الحروبِ العبثيَّة على مدى رُبعِ قرنٍ تقريباً لإِبعادِ شبح ترك السُّلطة الذي كانَ يُؤَرِّقهُ ليلَ نهارٍ!.

إِنَّهُ ملأَ أَرضَ العراق بالمقابرِ الجماعيَّة والأَنفال وحلبجة التي قصفَها بالسِّلاحِ الكيمياوي فراحَ ضحيَّتها عشرات الآلاف بينَ شهيدٍ وجريحٍ ومُعوَّق، وكلُّ ذلكَ لحمايةِ سُلطتهِ مِن الزَّوالِ.

كان ذلكَ [قائدٌ ضَرورة] إِنتهت بهِ عنتريَّاتهِ وبهلوانيَّاتهِ وشعارات [المُمانعة والمُقاومة] وكلُّ ما بذلهُ وأَنفقهُ من دماءِ العراقيِّين وسمعةِ العراق ليتجنَّب زوال السُّلطةِ، والتي كانَ دافعها الأَوَّل المرض النَّفسي وجنُون العَظَمة! ليستقِرَّ بهِ المقام في بالوعةٍ حقيرةٍ توَّجت كلَّ مسيرتهِ النِّضاليَّة العفِنة.

ومرَّت الأَيَّام لتبتليَ البِلاد بـ [قائدٍ ضَرورةٍ] آخر رفعَ شِعار [بعد ما ننطيها] فكانَ على استعدادٍ لفعلِ كلِّ شيءٍ من أَجلِ أَن ينالَ [الوِلاية الثَّالثة] فحرَّكَ مثلاً القطَعات العسكريَّة في العاصِمةِ بغداد وهدَّد بفتحِ أَبوابَ جهنَّم إِذا مسَّ أَحدٌ سُلطتهُ! لولا أَنَّ الله تعالى لطفَ بعبادهِ ومنحهُ فُرصةً أُخرى ليعودَ إِلى نفسهِ عسى أَن لا يقودهُ [جنُون السُّلطَة] إِلى بالوعةٍ أُخرى!.

وصدقَ مَن قال [أَنَّ الدَّجاجةَ تمُوتُ وعينَها على المزبلةِ] وهو حالُ [الطَّاغوت] الذي يموتُ وعَينهُ على السُّلطةِ!.

(١٧)-(د)

{قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}.

كما أَنَّ عالمَنا العربي والإِسلامي مليءٌ بمثلِ هَذِهِ النَّماذج، ولذلكَ نرى كلَّ هذا الدَّمار وكلَّ هَذِهِ الدِّماء والأَعراض المُستَباحة من أَجلِ أَن يبقى [سيادتهِ] على رأس ِهرمِ السُّلطة وليسَ بعد ذَلِكَ كيف يَكُونُ الثَّمن.

حتى أَقنعَنا الطُّغاة والجبابِرة بأَنَّ معنى النَّصر الحقيقي هو أَن يكونَ الزَّعيم في السُّلطة فقط وما دُونَ ذَلِكَ ثمنٌ زهيدٌ يدفعهُ الوطن والرَّعيَّة [فِدوة] لَهُ!.

أَلا ترى أَنَّ رعايا [سيادتِهِ] يلهثُونَ خلفَ سيَّارتهِ كالكِلابِ السَّائبة وهيَ تصرخ بأَعلى صوتِها [بالرُّوح بالدَّم نفديك يازعيم]؟! وآخرُون يهدِّدونَ بحرقِ البلد إِذا مسَّ أَحدٌ شعرةً في رأسِ الزَّعيمِ المُلهَمِ؟!.

الزَّعيمُ عندنا [نِصفُ آلهة] والسُّلطة هي الصَّرح الذي يبلغُ بهِ الطَّاغوت أَسبابَ السَّماواتِ كما يحدِّثنا القُرآن الكريم بقَولهِ {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}.

وقَولهُ تعالى {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ* أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}.

ولذلكَ ترى أَنَّ كلَّ الزَّعامات في بلادِنا تحتفي بالنَّصر بُعدَ كُلِّ أَزمةٍ على الرَّغمِ من كلِّ هذا الدَّمار وعلى امتدادِ عقودٍ من الزَّمن، لأَنَّ الحاكمَ لا يُعيرُ كلَّ ذلكَ أَيَّة أَهميَّة إِنَّما الشَّيءُ المُهم الوحيد هو أَن يكونَ في السُّلطة فيفلت من الفِتَنِ والحرُوب والأَزمات!.

وهكذا اقتنعت شعوبَنا بهذهِ النَّظريَّة وتعايشت معها فتراها تُردِّد زغاريد النَّصر والأَناشيد التي تُمجِّد [القائد الضَّرورة] الذي أَفلتَ من الأَزَمات المُتتالية بغضِّ النَّظر عمَّا قدَّمتهُ البِلاد والشَّعب مِن ثمنٍ باهض!.

فالعراقُ كانَ مُنتصراً في زمنِ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين على الرَّغمِ من أَنَّهُ لم يربح حرباً بالمُطلق، والعكسُ هُوَ الصَّحيح فلقد كان يتنازل عَن أراضٍ ومياه وسيادة كُلَّما زجِّ البلادَ في حربٍ عبثيَّةٍ!.

مع كلِّ ذلكَ فالعراقُ مُنتصِرٌ لأَنَّ نِهايات الحرُوب كانت أَنَّ الطَّاغية لازالَ في السُّلطة ولَم يتزحزح عنها وهذا هُوَ المُهم، فهوَ معنى النَّصر الحقيقي!.

نَحْنُ أَمام نهجَينِ؛ الأَوَّل يتشبَّث بالسُّلطة مهما كانَ الثَّمن والثَّاني زاهدٌ فيها إِذا كانت سبباً للتَّدمير، أَوَ إِذَا شعرَ صاحبَها أَنَّها ليست أَداةً لإِقامةِ العدلِ.

فما هُوَ الفرقُ بينهُما؟!.

أَو بعبارةٍ أَدق؛ ما الذي يُميِّز صاحب كلَّ نهجٍ مِن النَّهجَينِ؟!.

أَوَّلاً؛ بينما لا يجدُ صاحب النَّهج الأَوَّل نفسهُ إِلَّا بالسُّلطة ليزيِّن بها شخصيَّتهُ، فإِنَّ صاحب النَّهج الثَّاني لا يرى فيها أَيَّة إِضافة لشخصيَّتهِ، بالعكس فهو الذي يُزيِّنها إِذا اعتلاها، بأَخلاقهِ وسلوكهِ وعدلهِ وحزمهِ واستقامتهِ ونزاهتهِ وشجاعتهِ.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) متحدِّثاً عن ذلكَ بقولهِ لمَّا أَرادهُ النَّاس على البَيعةِ بعد قتل عُثمان {دَعُوني وَالْـتَمِسُوا غَيْرِي فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الاْفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ، وَالْـمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ.

وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً!}.

(١٨)-(هـ)

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}.

ثانيا؛ بينما يرى صاحبُ النَّهج الأَوَّل السُّلطة كغنيمةٍ يسعى لها بشتَّى الطُّرُق حتَّى إِذا تيقَّنَ أَنَّهُ لا يستحقَّها بأَيِّ حالٍ من الأَحوال، ففي الأُمَّة مَن هوَ أَكفأَ مِنْهُ بكلِّ المعايير والمَقاييس، يرى صاحب النَّهج الثَّاني فيها رسالة ومَسؤُوليَّة، لا ينبغي أَن يتصدَّى لها مَن لا يستحقُّ أَو إِذا لم يكُن بمقدُورهِ أَن يعدِلَ أَو ينجحَ في إِنجازِ مسؤُوليَّاتهِ، أَو أَنَّ الظُّروف غَير مُلائمة، أَو أَنَّ الأُمَّة لا تستحقّ قيادتهُ وأَنَّها غَيْر جديرة بها، فيترُك السُّلطة لتتحمَّل الأُمَّة المسؤُوليَّة، فهوَ يحترمُ إِرادتها في الإِختيار حتّى إِذَا كانت على خطأ.

يقولُ أَميرُ المُؤمنين (ع) {أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الاَْمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ فِيهِ، فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ، فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ}.

ويقولُ (ع) {اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَان، وَلاَ الْتمَاسَ شِيء مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الاْصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ.

اللَّهُمْ إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَنابَ، وَسَمِعَ وَأَجَابَ، لَمْ يَسْبِقْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللهِ (ص)بِالصَّلاَةِ}.

ويقولُ (ع) {أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ؛ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ!}.

فالسُّلطة ليست تفاخُراً ولا امتيازاً ولا جاهاً وإِنَّما هي مسؤُوليَّة فإِمَّا أَن يتحمَّلها مَن يقدِرَ عليها أَو يترُكها لمن يقدرَ عليها.

ولذلكَ وردَ في الحديثِ الشَّريفِ عن رَسُولِ الله (ص) {ملعونٌ ملعونٌ مَن ضيَّعَ مَن يعولُ} وقَولهُ {أَعظمُ الخِيانة خيانةُ الأُمَّة} والتي تتجلَّى بتسلُّقِ العاجِز لجدارِ السُّلطةِ.

ثالثاً؛ صاحبُ النَّهج الأَوَّل يُفكِّر بعقليَّةٍ ضيِّقةٍ فلا يرى أَبعدَ من أَرنبةِ أَنفهِ عندما يتحدَّث أَو يحدِّثونهُ عن السُّلطة، أَمَّا صاحبُ النَّهج الثَّاني فذو رُؤيةٍ إِستراتيجيَّةٍ ونظرةٍ ثاقبةٍ وبصيرةٍ واضحةٍ {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} يُفكِّرُ بعيداً فيحسبُ لكلِّ شيءٍ حسابهُ ويرمي ببصرهِ أَقصى القَوم كما يصِفُ ذلكَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) لإِبنهِ مُحمَّد بن الحنفيَّة عندما سلَّمهُ الرَّاية في يَوْمِ صفِّين.

ولكلِّ ذلكَ فإِنَّ السُّلطة تسعى إِلى صاحب النَّهج الثَّاني، أَمَّا صاحب النَّهج الأَوَّل فيجثو على رُكبتَيهِ لنيلِها.

يشرحُ أميرُ المُؤمنِينَ (ع) حال الخلافة عندما جاءتهُ جاثيةً على رُكبتَيها مُتوسِّلةً بهِ {وَبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا، وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الاْبِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ، وَسَقَطَ الرِّدَاءُ، وَوُطِىءَ الضَّعِيفُ، وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ، وَهَدَجَ إِلَيْهَا الْكَبِيرُ، وَتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ، وَحَسَرَتْ إِلَيْهَا الْكِعَابُ.

رابعاً؛ صاحبُ النَّهج الأَوَّل يعيشُ اللَّحظة أَمَّا صاحبُ النَّهج الثَّاني فيرسمُ أُسُساً وقواعدَ إِستراتيجيَّة بمعنى المفاهيم التي تتعلَّق بالسُّلطة.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالمَغَانِمِ وَالاَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلاَ الجَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْم، وَلاَ الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ، وَلاَ الْمَعطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الاُمَّةَ}.

ومنها قولهُ (ع) لإِبن عبَّاس عندما دَخَلَ عليهِ في ذي قار وهوَ يخصِفُ نعلهُ؛ ما قيمةُ هذا النَّعل؟! فأَجابهُ إِبنُ عبَّاس؛ لا قيمةَ لَهُ يا أَميرَ المُؤمنِينَ، فقالَ لَهُ الإِمامُ (ع) {والله لهِيَ أَحبُّ إِليَّ من إِمرتِكُم هذهِ إِلَّا أَن أُقيمَ حقّاً وأَدفعَ باطِلاً}.

فالسُّلطةُ التي لا تفعل ذلكَ باطلةٌ وإِن تشبَّهت بالحقِّ!.

[email protected]

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق