q
تواجه إيران التي تمر بظروف إنسانية صعبة بسبب استمرار العقوبات الامريكية، ازمات ومشكلات صحية خطيرة نتيجة الانتشار الواسع لفايروس كورونا المستجد الذي قتل واصاب الآلاف من المواطنين، وتعد إيران احدى أكثر الدولة المتضررة من العدوى في العالم، حيث سجلت أكثر من 1556 حالة وفاة حتى الآن...

تواجه إيران التي تمر بظروف إنسانية صعبة بسبب استمرار العقوبات الامريكية، ازمات ومشكلات صحية خطيرة نتيجة الانتشار الواسع لفايروس كورونا المستجد الذي قتل واصاب الآلاف من المواطنين، وتعد إيران احدى اكثر الدولة المتضررة من العدوى في العالم، حيث سجلت أكثر من 1556 حالة وفاة حتى الآن، واكثر من 20 ألف إصابة مؤكدة. وقد أضعفت العقوبات الأمريكية وكما نقلت بعض المصادر الاقتصاد الإيراني. وبالرغم من أن واشنطن تؤكد على أن المعدات الإنسانية والطبية لا تطالها العقوبات، فإن القيود المفروضة على المصرف المركزي الإيراني، وكذلك القيود على قدرة البلاد على التعامل مع بقية دول العالم تُفاقم مشاكل طهران. وما زاد الطين بلة هو اضطراب حركة النقل والمواصلات، وغلق الحدود وغيرها من الإجراءات التي تم اتخاذها مع اتساع رقعة انتشار الوباء. وكان مسؤول بوزارة الصحة الإيرانية أن فيروس كورونا الجديد يصيب 50 إيرانياً كل ساعة، بينما يقتل إيرانياً واحداً كل 10 دقائق.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن حجم الإصابات بفيروس كورونا لا يتماشى مع إمكانيات إيران، في حين بلغ عدد الوفيات 1556 وعدد المصابين أكثر من 20 ألفا. ودعا روحاني المصابين إلى العلاج في المنزل إذا كانت حالتهم لا تتطلب اللجوء إلى المستشفى. أما وزير الخارجية محمد جواد ظريف فقال إن طهران لا تمتلك الموارد الكافية لمحاربة الفيروس نتيجة العقوبات الأميركية. في المقابل، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة تقوم بكل ما في وسعها لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى إيران وهي غير مشمولة بالعقوبات.

ولاحتواء الفيروس اغلقت ايران المدارس والجامعات حتى مطلع نيسان/ابريل، كما اغلقت اربعة اضرحة دينية رئيسية في مدينة قم مركز الوباء. ونصحت السلطات الناس بعدم السفر في عطلة العام الفارسي الجديد، والغت صلوات الجمعة واغلقت البرلمان مؤقتا. وصرح نائب وزير الصحة علي رضا رئيسي ان الوباء يمكن أن يستمر اكثر من شهرين في حال واصل الناس السفر خاصة خلال العطلات.

قرارات جديدة

ولمنع تفاقم انتشار الفيروس قررت الجمهورية الاسلامية منع احتفالات عيد النوروز. وإيران من أكثر الدول تضررا بوباء كوفيد-19 خارج الصين التي ظهر فيها أول مرة. منذ إعلان أول حالتي وفاة في مدينة قم المقدسة، اتخذت إيران سلسلة اجراءات لاحتواء الفيروس. مع ذلك، لم تفرض السلطات حجرا على أي مدينة، ما ساهم في انتشار الوباء في جميع المحافظات ال31.

ومنعت إيران احتفالات عيد النوروز في طهران وعدة محافظات لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، وفق وكالة إرنا الرسمية.

ويحتفل بعيد النوروز الموروث عن الحقبة ما قبل الإسلامية في آخر يوم أربعاء من السنة الفارسية، ووفق التقاليد، يقفز المحتفلون فوق النار لدرء العين. ومنذ أعوام، تحول العيد إلى متنفس للشباب، ورغم تحذيرات السلطات يستخدم في الاحتفال قدر كبير من المفرقعات والألعاب النارية على الطرق العامة ما يؤدي إلى سقوط آلاف الجرحى وبعض الوفيات أحيانا.

ونقلت وكالة إرنا عن مسؤول الشرطة في طهران الجنرال حسين رحيمي قوله إنه "سيتم منع كل تجمّع بمناسبة عيد النوروز، وستفرض الشرطة احترام هذا المنع". ووفق الوكالة، تحضّ شرطة العاصمة الناس على البقاء في منازلهم، على غرار ما تطالب به السلطات منذ أيام، وتشدد على منع إشعال النار أو استخدام المفرقعات للاحتفال.

وأضافت الوكالة نقلا عن مسؤول آخر في شرطة طهران "من يغادرون منازلهم يعرضون أنفسهم للإصابة بفيروس كورونا المستجد ولمضاعفات تمسهم هم وعائلاتهم". وتابعت إرنا أن عدة محافظات اتخذت اجراءات مشابهة، على غرار أصفهان (وسط) وغولستان (شمال) وخوزستان (جنوب غرب). وكرر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على "تويتر" أن العقوبات الأميركية "أضعفت" قدرة إيران على محاربة وباء كوفيد-19. وأضاف ظريف "انضموا إلى الحملة العالمية لعدم التقيد بالعقوبات الأميركية على إيران". وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية عام 2018 عقب انسحابها الأحادي من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني.

من جانب اخر قال متحدث باسم السلطة القضائية في إيران إنه تم السماح لنحو 85 ألف سجين بينهم سجناء سياسيون بمغادرة السجون وذلك في إطار الإجراءات الرامية لاحتواء فيروس كورونا. وقال غلام حسين إسماعيلي إن الذين يقضون عقوبة السجن لأقل من خمس سنوات هم فقط الذين سيطلق سراحهم فيما سيبقى خلف القضبان سجناء سياسيون وآخرون مدانون بتهم ذات عقوبات أكبر ترتبط بمشاركتهم في مظاهرات مناهضة للحكومة. وأضاف ”اتخذنا أيضا في السجون إجراءات احترازية لمواجهة التفشي“. ولم يكشف عن موعد عودة المفرج عنهم للسجون مرة أخرى.

وفي العاشر من مارس آذار قال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمان إنه طلب من طهران إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين مؤقتا من السجون المزدحمة والموبوءة بالأمراض للمساعدة في كبح انتشار فيروس كورونا.

ودعت الولايات المتحدة إلى إطلاق سراح العشرات من مزدوجي الجنسية والأجانب المحتجز معظمهم بتهم التجسس في إيران قائلة إن واشنطن ستحمل الحكومة المسؤولية المباشرة عن وفاة أي مواطن أمريكي. ودعت طهران دولا أخرى لمساندة مطالبتها برفع العقوبات الأمريكية.

5 مليار دولار

على صعيد متصل قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على تويتر إن بلده طلب من صندوق النقد الدولي تمويلا طارئا لمكافحة تفشي فيروس كورونا الذي تضررت منه إيران بشدة. وهذه المرة الأولى منذ 60 عامًا التي تطلب فيها إيران قرضًا من الصندوق الدولي. وأعلنت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي أن البلدان المتضررة من فيروس كورونا ستحصل على دعم عبر أداة التمويل السريع. وكتب ظريف ”طلب بنكنا المركزي استخدام هذه الآلية على الفور“.

وكتب عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي الإيراني على موقع إنستجرام إنه ”طلب في خطاب موجه لمديرة صندوق النقد الدولي خمسة مليارات دولار من صندوق طوارئ أداة التمويل السريع للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا“. وتضرر الاقتصاد الإيراني بالفعل من العقوبات الأمريكية التي تحد من صادرات النفط والغاز الحيوية بالنسبة لإيرادات الحكومة. وقال محللون إن تباطؤ النشاط الاقتصادي الناجم عن تفشي الفيروس والإغلاق المستمر للحدود من المتوقع أن يؤدي إلى انكماش هذا العام.

وفي الوقت الذي يكافح فيه حكام إيران من رجال الدين لاحتواء تفشي الفيروس، ألقت طهران باللوم على الولايات المتحدة وسياسة ”الضغوط القصوى“ في تحجيم قدرتها على الاستجابة بفعالية للفيروس. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن ظريف كرر في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش طلب إيران برفع العقوبات الأمريكية. وقال مسؤولون أمريكيون إن العقوبات لا تستهدف الأدوية لإيران، وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة عرضت مساعدة طهران على مواجهة تفشي المرض. ورفضت إيران العرض ووصفته بأنه سخيف. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران في 2018 وأعاد فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية.

وأطلق وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ايضا رسالة إلى المنظمات الدولية لإغاثة إيران عبر تزويدها بـ30 صنفا من المعدات والأدوية الطبية الضرورية لمكافحة انتشار الفيروس، الأمر الذي لقي استجابة عدة دول منها: الصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وقطر وأذربيجان وروسيا.

ووجهت عدة دول منها الصين والباكستان مطالبات للولايات المتحدة برفع العقوبات عن إيران، منتقدة الموقف الأمريكي المتشدد بهذا الخصوص، كما أطلق نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة لجمع توقيعات تحض المؤسسات الدولية وأمريكا للاستجابة للمطالب الإيرانية برفع العقوبات عنها.

رفع العقوبات

في السياق ذاته طالبت وزارة الخارجية الروسية، الولايات المتحدة الأميركية برفع العقوبات الأحادية المفروضة على إيران في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف “طالبنا ونطالب الولايات المتحدة برفع الممارسة غير الإنسانية بفرص عقوبات أحادية ضد إيران، والتي تعاني من نقص حاد في الوسائل اللازمة لحل القضايا الصحية الطارئة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد”.

كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قنغ شوانغ، عن دعوة بلاده للدول المعنية إلى رفع العقوبات على الفور عن إيران، في الوقت الذي تكافح فيه طهران، للتعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وقال شوانغ خلال مؤتمره الصحفي: “تكافح حكومة وشعب إيران جائحة، وقد دخلت هذه المواجهة مرحلة حاسمة: “إن الإبقاء على العقوبات أحادية الجانب ضد إيران خلال هذه الفترة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع”، مشيرا إلى أن هذا مخالف لروح الإنسانية، وفق ” سبوتنيك”.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية بأن الإبقاء على العقوبات سيكون له تأثير خطير على قدرات إيران وجهودها في مكافحة جائحة فيروس كورونا، ما سيعيق أيضا مساعدة طهران من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى. وأكد قائلا: “الصين تدعو الأطراف المعنية إلى رفع العقوبات ذات الصلة فورًاٍ عن إيران لتجنب المزيد من الأضرار بالاقتصاد الإيراني وحياة الناس”.

وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ، على أن: “بكين ستواصل مساعدة طهران بناءً على احتياجات الجانب الإيراني وقدراته، كما ندعو المجتمع الدولي للعمل مع إيران لضمان أمن الصحة العامة على المستويين الإقليمي والعالمي”. بدوره انتقد مسؤول إيراني بشدة العقوبات الأمريكية المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي وصفها بأنها “لا تستثني حتى الأدوية في هذه الظروف الصعبة” التي تكافح فيها إيران للسيطرة على تفشي فيروس كورونا.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن مساعد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية رئيس منظمة التخطيط والميزانية محمد باقر نوبخت انتقاده لـ”السلوك العدائي واللاإنساني للإدارة الأمريكية في فرض العقوبات الشاملة على الشعب الإيراني، والتي لم تستثن حتى الأدوية في هذه الظروف الصعبة”. وقال إن “قادة أمريكا ورغم تصريحاتهم المخادعة لم يسمحوا لنا في هذه الظروف الصعبة التي يواجه فيها الشعب الإيراني فيروس كورونا، حتى ببيع النفط لتوفير الأدوية للمرضى”.

اضف تعليق