q
إسلاميات - الإمام الشيرازي

الطواغيت وتشويه الدين الاسلامي

قراءة في كتاب (معاناة الاسلام والمسلمين)

الكتاب: معاناة الاسلام والمسلمين
الكاتب: الإمام الراحل، آية الله العظمى، محمد الحسيني الشيرازي
اصدار: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر
عدد الصفحات: 104 صفحة من القطع المتوسط
سنة الطبع: 1424 ه/2003 م.. الطبعة الاولى
عرض: مروة خالد

ولد الامام الشيرازي في مدينة النجف الاشرف سنة 1347هجري، ينتمي الى عائلة الشيرازي التي اشتهرت بالعلم والتقوى والعمل الصالح والجهاد في سبيل الله، وقد نبغ فيها خلال القرنين الاخيرين عدد من اكبر مراجع التقليد والقيادات الدينية، وتميز الامام الراحل (رضوان الله عليه) بالعلم الغزير والشمولي الى جانب تحليه بمكارم الاخلاق، كما عرف بكثرة الانتاج والعطاء الفكري والعلمي والتربوي حيث تجاوزت مؤلفاته 1300 كتاب وكتيب وموسوعة، وبلغت موسوعته الفقهية 160 مجلدا، وقد تأسست على يديه وبتخطيطه وتشجيعه وتحريضه المئات من المساجد والمدارس والحسينيات والمؤسسات والصحف والمجلات والمكاتب والمنظمات الاسلامية والانسانية في اكثر من مئة دولة في العالم.

في هذا الكتاب كما في غيره من الكتب يبين الامام الشيرازي الراحل، آية الله العظمى السيد، محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، بعض المعاناة التي ألمَّت بالمسلمين وكيفية إيجاد الحلول لها، فقد اشار سماحته الى ان معاناة المسلمين التي بدأت بعد رحيل الرسول الاكرم (ص) واستمرت الى يومنا هذا وبين (رحمه الله) سبب تلك المعاناة واستنتج قائلا: إن السبب هو تسلط أئمة الجور وخلفاء السوء على رقاب المسلمين وتسلط الاستعمار على بلادهم وتنصيب عملائهم من الحكام على الشعوب الاسلامية لأجل اضطهادها ونهب خيراتها واذلال المسلمين، وتحدث (قدس سره) كيف انهم شوهوا صورة الاسلام والمسلمين في العالم من خلال افعالهم ليبينوا للعالم دينا مشوها قام بالسيف والى هذا اليوم بقتل الابرياء وقد تناول بعضا من تاريخ بني امية وبني العباس ومن سار بسيرتهم.

وأوضح ان الخلفاء الجائرين على قسمين:

الاول: الحكام الذين يتصورون ويصورون بأنهم خلفاء لرسول الله (ص) وهم يعرفون الاسلام وفق ما يشتهون.

الثاني: هم الحكام الذين عملوا وما زالوا يعملون على محو الاسلام وإخماد ذكر الرسول الاعظم واهل بيته صلوات الله عليهم، وهم متكاتفون مع الغرب والشرق من اجل تشويه الاسلام، واثارة الشكوك حول صاحب الرسالة، وبين سماحته في هذا الكتاب مفصلا ان هؤلاء الحكام الظلمة بقسميهما لم يطبقوا شيئا مما امر به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، لهذا دخل المسلمون بسبب انحراف قياداتهم في متاهات كثيرة وضلالات واضحة في العقيدة.

كما بين سماحته بالكتاب نفسه كيف ان الكثير من المسلمين يعتقدون بخلافة يزيد بن معاوية والوليد بن عبد الملك بن مروان وهارون العباسي والمأمون العباسي وحتى انهم يطيعون الولاة من امثال عبيد الله بن زياد والحجاج الثقفي الذين أضاعوا الاسلام ودمروا المسلمين، واوضح كيف ان الحكام الفاسدين تعاونوا مع المستعمرين حتى في ضياع قوانين الاسلام وابدلوها بقوانين غربية لا تمت للاسلام بصلة وكيف انهم سمحوا ببقاء المستعمرين لسنين طويلة في بلاد المسلمين، وبين سماحته ان من اهم الحلول لمعاناة الاسلام والمسلمين لا تكون الا بهمة رجال عاملين مخلصين للإسلام والمسلمين بكل اخلاص وتفانٍ، انطلاقا من الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وبين ان الساحة لم تخلو منهم ولكن نسبة العاملين المخلصين للاسلام مقارنة مع الاتجاهات الالحادية والمشركة واعلامهم المضلل، تعتبر اقل بكثير والمطلوب مضاعفة الكم والكيف، وشدد سماحته على ان القسم الاكبر من المسؤولية يقع على عاتق طلبة الحوزات العلمية والعلماء والمفكرين والكتاب، وبين انهم الحصن الحصين للدفاع عن ثغور الاسلام ومبادئه.

وبين سماحته من خلال موضوعات هذا الكتاب أن على العامل من اجل الاسلام والمسلمين ان لا ييأس بل عليه ان لا يعطي لنفسه المجال للتفكير باليأس والتراجع والفشل، وعليه ان يتقدم متأسيا بأمير المؤمنين عليه السلام، وبالمسلمين اذ كانوا فئة قليلة يوم بدر والاحزاب فنصرهم الله تعالى.

واوصى سماحته ان مقارعة الطاغوت ليس بالامر الهين وفي نفس الوقت ليس بالامر المستحيل، فالعاملون لابد ان يعملوا على محورين:

الاول: الثبات.

الثاني: تهيئة اسباب النصر.

نعم لقد عانى الاسلام ما عانى، فاليوم علينا ان نلتزم بوصايا أئمتنا عليهم السلام، وان لا نخالف علماءنا حتى لا نكون من المساهمين بظلم الدين الاسلامي.

وقال سماحته في هذا الخصوص، ان الهدف الاول هو ان نوصل كل مبادئ الدين الاسلامي الصحيحة الى كل انسان في العالم، وفي حالة عدم تحقق ذلك، فإن الاسلام سيبقى غريبا!. وذكر (رحمه الله) في هذا الكتاب، الاسباب والمسببات لتسلط ائمة الجور والحكام الظالمين وارتكاب المحرمات، كما ان من واجبنا ان نقف بوجه الظلمة والطغاة، وعلينا ان نتجنب المحرمات فإن من اهم اسباب معاناة المسلمين ما نراه اليوم من تفشي المحرمات والرذائل، فأنها توجب هلاك المجتمع، وان من اهم ما اوصى به أئمتنا هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا سلط الله علينا أشرار خلقه، فندعوا فلا يُستجاب لنا كما في الحديث الشريف. ونبه سماحته اذا اتصف ابناء المجتمع بالرذائل والصفات اللا اخلاقية فإن هذه الصفات وحدها تكون كافية لهلاكهم وتسلط الجبابرة عليهم.

واخيرا كلما ازداد ابتعادنا عن القرآن وعن منهج اهل البيت (ع)، كلما غرقنا في المتاهات لنفاجأ مدهوشين بالطغاة واحد تلو الاخر، لذلك يعلمنا الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله، ابلغ الدروس والعبر في ان من يسلك منهج الحق وصراط الهداية، عليه تحمل الصعاب والشدائد من سلوكها والصبر عليها، لان النتيجة تكون بالتالي للمصلحين الصابرين، فمهما كانت قساوة الطريق وصعوبة المسير، فأن شمس الهداية لابد ان تبزغ على هذه المعمورة.

اضف تعليق