q

برع العالم الغربي بموضوع التخطيط بعيد المدى ووضع الخطط المستقبلية ليس في الاقتصاد والمالية فحسب، وإنما في جميع مسارات الحياة بما فيها السياسة، والعلاقة مع الآخر، وأساليب توظيف الآخر لتنفيذ بعض أقذر البرامج وأخطرها؛ على مراحل مدروسة بعناية.

من جانب آخر نرى أن ما وصلت إليه دول الخليج من سطوة وبطش وتأثير على القرار السياسي، في الأقل في بلداننا العربية وبعض الدول النامية والأفريقية الأخرى، لم يكن بحكمة قياداتها فجميع قادتها جهلة لم يحصلوا على شهادة الدراسة الابتدائية. ولا لكثرة العلماء فيها، فجل علمهم محصور بشرب بول البعير وجهاد المناكحة، والتواصل مع المرأة المتوفاة، ولو انسحب العلماء الوافدون من بينهم سيتوقف كامل مشروعهم الحياتي ويموت. ولا لأن العالم يحب أهلها فغالب أهلها مكروهون في دول العالم نتيجة سلوكهم المنحرف وكم من أمير من أمرائهم أو ثري من أثريائهم، وقع تحت طائلة قانون الغرب بسبب سوء سلوكه ورعونته وتجاوزه. ولا لأنها أكثر شعوب العالم ثراء، فكل ثروتهم قائمة على صناعة البترول، ورؤوس أموالها موجودة في مصارف أجنبية بيد من يحق له وحده التحكم بها، وهو قادر على سلبها منهم متى يشاء.

إن السر وراء صعود أثر القرار الخليجي أن هناك قوى عظمى ونافذة تجيد التخطيط بعيد المدى، تعمدت تحويل هذه المحميات والمشايخ الذين يحكمونها خلال السنوات الثلاثين المنصرمة إلى عمالقة لهم سطوة وأثر وقوة وتأثير لكي توكل إليهم مهمة القيام بأقذر العمليات، ولاسيما تخريب الدول (العربية الراسخة) بالنيابة لكون هذه الدول تقلق الغرب بثباتها وتفشل مشاريعه. إن القوى التي كانت ولا زالت تسعى للسيطرة على العالم تعرف قبل غيرها أن الحرب المباشرة مع الدول الراسخة (العراق وسوريا ومصر وليبيا) ليست بالأمر الهين وممكن أن تسبب لها خسائر هائلة، تفقدها لذة النصر، ولذا خلقت (قوة) الخليج الوهمية بأن حولت تلك المشيخات الفارغة حتى من الأخلاق؛ إلى نمر من ورق لتوكل إليها مهمة تدمير هذه الدول وتغيير الخارطة السياسية والجغرافية والديموغرافية العربية، وهو ما حصل فعلا، لكن هذه الدويلات المشوهة التي غرتها قوتها وشعرت لأول مرة أنها قادرة على تركيع وتخنيع من كانوا لا يحترمونها من قادة وسكان الدول العربية الراسخة، حكمت على نفسها بالموت دون أن تدري، فعمرها الآن مقرون بإنجاز مهمة التخريب، ينتهي بانتهاء (الأعمال) في تلك البلدان حينما ينجحون بتحويلها إلى دول فاشلة، وحينها لا تعد القوى العظمى بحاجة إلى خدمات هذه المحميات لأنها لا أثر ولا تأثير لها خارج المنطقة، ولا نفع لقوتها ووجودها، بل إنها ستتحول بعد انجاز المهمة إلى عبء ثقيل على كاهل الغرب يجب أن يتلاشى ويختفي لكي تتولى القوى العظمى أنتاج وتسويق بترول المنطقة بنفسها دون حاجة إلى سماسرة أغبياء، وهذا ليس ببعيد، حيث سيندمون على ما فرطوا ولاسيما بعد أن يعرفوا أنهم بطيشهم وغبائهم وعبوديتهم دمروا دولا كانت درأ وحصنا لهم، وساروا بأرجلهم إلى حيث الذل والهوان، وحينها سينساهم التاريخ كما نسي كل العمالقة المزيفين.!

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق