q
هذا التجاهل لم يكن بمحض الصدفة بل من المؤكد مدروس ومخطط له من قبل القائمين على الفضائيات الاعلامية التابعة لجهات معينة، وهنا لابد من الخوض بأسباب هذا التجاهل، قد يخطر في ذهن العديد من المراقبين تساؤل منطقي، يتمثل في عدم اعطاء بعض القنوات الحزبية الاهمية الكافية لتغطية المظاهرات العراقية؟ ...

تعج الفضائيات الاخبارية العربية والاجنبية، المعادية والصديقة، بالاخبار العاجلة والنشرات المكررة على رأس كل ساعة متناولة أبرز الاحداث التي تحصل في الحال وفي مختلف البقاع، وليس بغريب ان نشاهد تلك الاحداث او الاخبار لكن ما يدعو للغرابة هو عدم اكتراث المحطات التابعة لاحزاب تشترك بالحكومة الحالية او الحكومات المتعاقبة لما يحل بالعراق.

هذا التجاهل لم يكن بمحض الصدفة بل من المؤكد مدروس ومخطط له من قبل القائمين على الفضائيات الاعلامية التابعة لجهات معينة، وهنا لابد من الخوض بأسباب هذا التجاهل بشكل مفصل ومن مختلف الابعاد والاتجاهات.

قد يخطر في ذهن احد المراقبين تساؤل منطقي، يتمثل في عدم اعطاء بعض القنوات الحزبية الاهمية الكافية لتغطية حدث الانتفاضات الشعبية، وهذا بطبيعة الحال يمكن ان يفسر بأتجاهين:

الاول: هو عدم معرفة المسؤولية الملقاة على عاتقها كوسائل إعلام محلية عليها الالتزام ونقل ما يدور في البلاد من احداث بعض النظر عن مكان وقوعها والجهة التي تقف ورائها وبالتالي يمكن ان نقول لدينا إعلام حيادي يقف عن الجميع بمسافة واحدة.

اما الاتجاه الثاني، فهو الاقرب للحقيقة اذ من المحتمل ان يكون هذا عدم الاكتراث جزء من سعي الاحزاب المشتركة في العلمية السياسية لاخفاء اخفاقاتها في ادارة العلمية السياسية بالعراق الجديد، فهي لا تريد ان تضخم من حجم الاحتجاجات التي خرجت بمدن عراقية عدة، فمن المؤكد ان التركيز عليها واعطائها الزخم الكافي سينعكس بصورة سلبية على سمعة الكيانات السياسية واظهارها على انها جهات تحاول اغتنام فرصة وجودها في العملية السياسية لتحقيق المكاسب والحصول على الامتيازات.

بما ان الاغلب الاعم من المنتفضين هم ينتمون لطائفة معينة ومعروفة لا تحتاج الى ايضاح فان الاجدر بالفضائيات التابعة لهذه الجهات ان تتولى زمام الامور وتتصدر الموقف وتقوم بالتغطية المستمرة والمعمقة ولا تكتفي بالتغطيات الخجولة والتقليدية، فلا يعقل ان تهتم بعض القنوات العربية كقناة العربية والعربية الحدث بالاحداث اكثر من قنواتنا المحلية.

بعض القنوات الدينية لديها جمهور واسع ومتعدد الثقافات ولديه هوس في متابعتها بشكل يومي مع التسليم بما يتم عرضه عبر شاشتها لكنها في ذات الوقت لم تخلع ردائها الديني وتقوم بلبس آخر يتخذ من تغطية الاحداث الجارية في اغلب المدن العراقية همه الاول.

من المفترض ان تقدم تلك القنوات على تغطية الاحتجاجات الى جانب البرامج التي اعتادت بثها، فمن الممكن ان يعتمد هذا النوع من القنوات على الجمهور العريض الذي تتمتع به وبالتالي جلب جمهور جديد يضاف الى ذلك او تضمن عدم تظليل جمهورها بمعلومات غير واقعية على الاقل.

عدم النقل المتعمد من قبل تلك الفضائيات فسح المجال امام القنوات الاخرى التي طالما عرفت بعدم الحيادية والدقة في نقل المعلومة، بل عملت وفي اكثر من مناسبة على تشويه الحقائق وتزييف الوقائع وتظليل الرأي العام بمعلومات كاذبة.

فالكثير من الجماهير في محافظات الوسط والجنوب تعتمد في معرفة مجريات الاحداث اليومية على بعض القنوات التي لا تريد للاستقرار ان يعم في البلاد، فضلا عن تهويلها لبعض المواضيع التي لا تستحق كل ذلك، فربما يكون ليس من الضروري تغطيتها ايضا في ظل الاوضاع الراهنة.

بعض القنوات الفضائية العربية نجحت في تكوين رأي عام داخل العراق ضد بعض الدول التي تتسم علاقة بلادها بها بالتوتر وعدم الارتياح، فنراها عملت جاهدة على تشويه الصورة وتحريف الحقائق من اجل تكوين رأي مناهض لهذه الدولة او تلك، ليس حبا بالعراق وشعبه وانما الهدف من ذلك يتجسد في في تقليص نفوذ بعض الدول في المنطقة لنضع ايران على سبيل المثال والحد من دورها الذي تنامى بشكل ملحوظ مؤخرا.

الفضائيات المحلية والاجنبية على حد سواء تمكنت من كسب الجمهور العراقي والعربي معا عبر قربها من الشارع العراقي ونقل ما يدور فيه بغض النظر عن حجم التزييف والتلاعب، معتمدة بذلك على شبكة مراسليها واجرائها الاتصالات مع الشخصيات المعروفة والمؤثرة في البلد، بالنتيجة فان هؤلاء يمثلون نخبة وكلامهم يأخذ مأخذه في ذوات الجماهير.

في الايام القادمة لابد ان تصحى القنوات المعنية فيما سبق من القول وتعرف حجم المسؤولية التي من الواجب تحملها، وتعمل على مختلف الاصعدة من اجل تقليص الفجوة التي حصلت بينها وبين جمهورها المتعطش لسماع الاخبار الحقيقية ومن منصات إعلامية موثوق بها.

وتبقى الامنية قائمة بأن نشاهد نشرة اخبارية مفصلة على شاشات القنوات ذات الصبغة الدينية، لكي تسحب البساط من تحت القنوات الصفراء، وهذا لم يتم مالم تقترب تلك القنوات من مشاكل الشعب والاحساس بمعاناتهم التي طال امد الانتظار لمعالجتها ولم يبزغ النور بعد في ظلام حياتهم المعتمة.

اضف تعليق