q
يواجه العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك بعد السعودية، والذي يعتمد في اقتصاده على واردات النفط، حيث يضخ نحو 4.6 مليون برميل يوميا، وتتجه معظم صادراته من الخام إلى آسيا. جملة من التحديات الكبيرة بسبب حالة عدم الاستقرار والتوترات المستمرة التي تعيشها المنطقة...

يواجه العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك بعد السعودية، والذي يعتمد في اقتصاده على واردات النفط، حيث يضخ نحو 4.6 مليون برميل يوميا، وتتجه معظم صادراته من الخام إلى آسيا. جملة من التحديات الكبيرة بسبب حالة عدم الاستقرار والتوترات المستمرة التي تعيشها المنطقة وخصوصا التوترات الاخيرة بين امريكا وايران، والتي اثارت مخاوف وقلق الكثير من الدول التي تخشى ان تؤثر هذه التوترات على عمليات تصدير النفط الذي يعد عصب الاقتصاد في العراق. هو المصدر الأول للعائدات المالية حيث تصل نسبة الاعتماد على النفط إلى ما يقارب 95%.

ويعتبر ملف النفط بحسب بعض المصادر ايضا، من أكثر الملفات الشائكة في العراق والأكثر غموضًا في الاقتصاد العراقي، حيث لم يتم إطّلاع الرأي العام على أغلب العقود التي تبرمها الوزارات التي تشكّلت في حكومات ما بعد الاحتلال، في ظل هيمنة الأحزاب المتنفّذة وتفشي قضايا الفساد الاداري والمالي.

ويسعى العراق، إلى زيادة طاقة إنتاج الخام لـ7 ملايين برميل يوميا بحلول 2022، مقارنة بـ5 ملايين برميل يوميا في الوقت الحالي، هذه الزيادة بحسب بعض المراقبين ستتحقق مستقبلا خصوصاً مع العقود والاتفاقات المبرمة مع بعض الشركات العالمية لتطوير قطاع النفط. وفي هذا الشأن فقد كشف وزير النفط العراقي، ثامر الغضبان، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، عن مشروع استراتيجي ينوي البلدان تنفيذه في مجال الطاقة.

وأعلن الغضبان عزم العراق وتركيا مد خط جديد لضخ النفط الخام من الحقول العراقية في محافظة كركوك إلى الحدود التركية. ولا تعد فكرة مد أنبوب نفطي جديد بين العراق وتركيا جديدة، إذ كشف وزير النفط العراقي، في مايو الماضي، عن خطة لمد أنبوب جديد لضخ النفط من حقول محافظة كركوك إلى تركيا، وذلك بالموازاة مع أنبوب "كركوك-جيهان" الموجود. ويأتي ذلك في إطار مساعي أنقرة لزيادة مشترياتها من النفط العراقي، وذلك بعد القرار الأمريكي إنهاء الإعفاءات الممنوحة لمجموعة دول منها تركيا لشراء النفط الإيراني.

عقبة كبيرة

من جانب اخر قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إن أي تعطل لصادرات النفط عبر مضيق هرمز سيشكل ”عقبة كبيرة“ أمام اقتصاد بلاده، التي لا تملك سوى منافذ قليلة للغاية لتصدير الخام. وذكر عبد المهدي أن حكومته تدرس خطط طوارئ للتعامل مع أي حالات تعطل محتملة، بما في ذلك البحث عن مسارات بديلة لصادرات النفط. وأبلغ رئيس الوزراء الصحفيين ”العراق لديه منافذ ضعيفة لتصدير النفط... الآن معظم صادرات النفط تتم عن طريق المنافذ الجنوبية“. وأضاف ”نحن نحتاج إلى تنويع منافذ تصدير النفط“.

جاءت تعليقات عبد المهدي ردا على سؤال بخصوص ما إذا كانت التوترات بين إيران والولايات المتحدة يمكن أن تؤثر على صادرات العراق النفطية عبر مضيق هرمز. ويقع مضيق هرمز في بؤرة التوترات الإقليمية منذ عقود، وهو ممر ملاحي حيوي يربط بين منتجي النفط في الشرق الأوسط والأسواق في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وما وراء ذلك. وشهدت الأشهر الماضية سلسلة من الأحداث هزت استقرار المنطقة، حيث تعرضت ست ناقلات للهجوم منذ مايو أيار وسط تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن. ويخشى كثيرون من أن تؤثر التوترات على تدفق النفط.

وقال عبد المهدي إنه في إطار خطط الطوارئ، فوض مجلس الوزراء وزارة النفط للمضي قدما في مشروعين لدعم صادرات البلاد في المستقبل. وأضاف أن الوزارة كُلفت بإجراء دراسات جدوى، والبحث عن نماذج استثمار لبناء خط أنابيب رئيسي لتصدير النفط من جنوب العراق إلى ميناء العقبة الأردني. وستدرس الوزارة أيضا إقامة منشأة بحرية لتصدير النفط في الجنوب. وأعلن المتحدث باسم وزارة النفط العراقية ان سلطات بلاده تدرس بدائل في حال أدى تصاعد التوتر الاميركي الايراني الى قطع طرق التصدير عبر الخليج، الأمر الذي أعتبره مراقبون "كارثيا".

واتهمت الولايات المتحدة إيران بمهاجمة ناقلتا نفط نروجية ويابانية كانتا تبحران في خليج عمان ما أثار مخاوف من احتمال تهديد شحنات النفط العالمية عبر هذا الممر المائي الرئيسي. وقال عاصم جهاد "لا يوجد منفذ يعوّض عن المنفذ الجنوبي والبدائل محدودة، هذا مصدر قلق للسوق النفطي" في العالم. ودعا برلمانيون إلى عقد جلسة طارئة مع وزراء النفط والتجارة والتخطيط والنقل من أجل "الإستعداد لمواجهة الأخطار المحتملة".

وتمر ثلث إمدادات النفط المنقولة بحراً في العالم عبر مضيق هرمز. وهددت إيران مراراً بإغلاق هذا المضيق في حال حدوث نزاع مع الولايات المتحدة، فيما تعهد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبو ، الأحد أن واشنطن ستضمن إستمرار الشحنات عبره. وكانت وزارة النفط العراقية أعلنت في ايار/مايو تصدير 3,4 ملايين برميل يوميا عبر الموانىء المطلة على الخليج، مقابل 100 الف برميل يوميا فقط، عبر ميناء جيهان التركي. بحسب فرانس برس.

وقال مظهر صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ان "الغالبية الكاسحة من صادراتنا تمر عبر هذا المنفذ، إذا وقعت اشتباكات بين السفن ستؤثر على (مرور) النفط ونحن سنتضرر،ستكون كارثة للعراق". ولم تطرأ أي تغييرات على إنتاج العراق وصادراته نتيجة التطورات الأخيرة، كما قال جهاد، الأمر الذي اكده موقع "كليبر ديتا" التي تتابع حركة ناقلات النفط في المنطقة. وتعتمد ميزانية العراق، الذي يعد حاليًا خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، بشكل كامل على عائدات النفط. وقالت ربى الحصري المتخصصة بالشؤون النفطية،إن "خسارة عائدات النفط ، ولو ليوم واحد، ستكون كارثية". واضافت "اذا فقد العراق القدرة على تصدير نفطه الخام عبر الخليج فسيتم خنقه تماما (... ) فالممرات المائية الخليجية هي شريان الحياة بالنسبة لهذا البلد".

اتفاق جديد

على صعيد متصل أفاد خمسة مسؤولين عراقيين أن العراق يقترب من إبرام اتفاق مع شركتي النفط العالميتين بي.بي وإيني بشأن مشروع خط أنابيب مُخصص للتصدير كان من المخطط في الأصل أن يكون جزءا من صفقة ضخمة مع شركة النفط الأمريكية العملاقة إكسون موبيل. وقالت المصادر التي طلبت عدم نشر اسمها لأن المناقشات ليست معلنة إنه بموجب اتفاق مقترح بقيمة 400 مليون دولار، ستقوم شركة بي.بي البريطانية وإيني الإيطالية بإدارة مخطط لبناء خطي أنابيب بحريين لتصدير النفط من جنوب العراق عبر الخليج.

وقال المسؤولون إن أعمال خطوط الأنابيب كان من المخطط أن تكون جزءا من مشروع أكبر بقيمة 53 مليار دولار بدا أن إكسون تستعد للمضي فيه قدما في وقت سابق من العام الجاري، لكن اتفاقا مع بغداد توقف بفعل خلافات تعاقدية ومخاوف بشأن الأمن. والمشروع العملاق البالغ عمره 30 عاما هو محور خطط إكسون للتوسع في العراق ثاني أكبر منتج بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وتجزئة المخططات من الصفقة قد يؤثر سلبا على طموحات الشركة.

وتأتي محادثات بي.بي وإيني مع بغداد عقب إعلان مسؤولين عراقيين في يونيو حزيران عن اختيار هيواندي للهندسة والبناء الكورية الجنوبية لبناء منشأة حقن لمياه البحر بتكلفة 2.4 مليار دولار، وذلك جزء آخر من الصفقة التي كانت تخضع للنقاش مع إكسون. وامتنعت إكسون موبيل وإيني عن التعليق، بينما لم تدل بي.بي بتعقيب حتى الآن. وفي مايو أيار، بدا أن الصفقة الضخمة التي سيبرمها العراق مع إكسون وشيكة. وبحث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الصفقة مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مرتين في ثلاثة أيام بما في ذلك خلال زيارة مفاجئة قام بها إلى بغداد. في غضون ذلك، قال عبد المهدي إن العراق يقترب من توقع الاتفاق مع الشركة الأمريكية وشريكتها في المشروع بتروتشاينا.

لكن المفاوضات استغرقت وقتا طويلا فيما بعد بشأن شروط العقد وبفعل تصاعد التوترات بين إيران المجاورة للعراق والولايات المتحدة، والبلدان حليفان رئيسيان للعراق. وتعطلت المحادثات الهادفة للتوصل إلى اتفاق أولي على الأقل جراء عمليتي إجلاء منفصلتين للموظفين الأجانب بإكسون من العراق، الأولى بعد أن حذرت واشنطن من تهديدات إيرانية للمصالح الأمريكية هناك، والثانية جاءت بفعل هجوم صاروخي بدا أنه يستهدف الشركة. وقال المسؤولون العراقيون الخمسة الكبار إن التأجيلات أجبرت العراق على التفكير في شركات أخرى للمساعدة في تشييد البنية التحتية الخاصة بمرافئ التصدير البحرية لديه.

وقال أحد المسؤولين الذي يشرف على البنية التحتية للتصدير في جنوب البلاد ”لا يمكننا انتظار إكسون إلى لأبد. لدينا مشكلات خطيرة في خطوط الأنابيب البحرية ونحتاج بشكل عاجل إلى العثور على شركاء للمساعدة في بناء خطوط جديدة. حدوث المزيد من التأجيلات قد يلحق الضرر ببنية التصدير البحري لدينا“. ويشمل المشروع الذي يبحثه العراق مع بي.بي وإيني استبدال خطي أنابيب بحريين قديمين، بما في ذلك خط متوقف ينقل الخام إلى مرفأ خور العمية.

وقال مسؤولون نفطيون إن عمليات التحميل توقفت في خور العمية منذ 2017 بعد أن عانى خط الأنابيب من كسور وتسريبات وتعين إغلاقه. ويعمل خط الأنابيب الآخر بطاقة جزئية لشحن النفط الخام إلى مرفأ البصرة البحري. وقالت المصادر إنه بموجب الاتفاق المقترح، ستمول بي.بي المشروع وستتولى إيني الجوانب المتعلقة بعطاء المشتريات والهندسة والبناء.

والمفاوضات في مراحلها الأخيرة بعد أن توصلت الأطراف إلى آلية تسمح للشركة البريطانية باستعادة مدفوعات التمويل التي ستقدمها. وقال أحد المسؤولين العراقيين ”من حيث المبدأ، اتفقنا على أن بمقدور بي.بي استعادة مدفوعات ستقدمها عبر الحصول على شحنات نفط بدلا من النقد، مثل الآلية التي نتبعها للسداد للشركة التي تطور حقول نفط الرميلة“. وقال المسؤولون إن إيني ستتقاضى الأموال مقابل عملها.

وكان مشروع حقن مياه البحر، الذي وقع الاختيار على هيونداي لتوليه، في الأصل جزءا من اتفاق مزمع لإكسون لتطوير منشآت الطاقة في جنوب العراق. ويفتقر العراق إلى محطة كبيرة لحقن المياه ويحتاج إلى واحدة من أجل الآبار وإلا سيخاطر بفقدان الضغط ويواجه انخفاضات حادة في الإنتاج خصوصا في حقوله النفطية المتقادمة. وفي ضوء أن المياه العذبة مورد نادر في العراق، فإن استخدام مياه البحر المعالجة أحد أفضل الخيارات. بحسب رويترز.

وقال ثلاثة من المسؤولين النفطيين إن إكسون قدرت تكلفة المشروع بقيمة تفوق تلك التي وضعتها هيونداي عند 2.4 مليار دولار. وأضافوا أن بقية أجزاء مشروع إكسون المقترح قد تذهب إلى شركات أخرى إذا عرضت تكاليف أقل بما في ذلك مشروع لبناء منشآت تخزين إضافية للخام. وما زالت صفقة هيونداي، التي أعلنتها شركة نفط البصرة التي تديرها الحكومة، تتطلب موافقة نهائية من وزارة النفط. وقال أحد المسؤولين إن الاتفاق سيُستكمل قبل نهاية العام.

الحقول المشتركة

الى جانب ذلك قالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن العراق والكويت وقعا عقدا مع شركة استشارات الطاقة البريطانية إي.آر.سي اكويبويز لإعداد دراسة لتطوير حقول النفط الحدودية المشتركة. وأضافت الوكالة أن العقد، الذي سيدرس تحديد أفضل السبل لاستثمار واستغلال هذه الحقول، وقعه مسؤولون من البلدين الخليجيين في العاصمة الأردنية ومن المتوقع أن يستمر لما يصل إلى عامين ونصف العام.

وتوجد بضعة حقول نفطية في المنطقة الحدودية بين العراق والكويت، من بينها الرتقة، وهو امتداد جنوبي لحقل الرميلة العراقي العملاق. ولطالما كان الإنتاج في حقول النفط عبر الحدود مصدرا للتوتر بين العراق والكويت العضوين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وقبل الغزو العراقي للكويت في عام 1990، اتهمت بغداد الكويت بحفر آبار عبر الحدود وضخ النفط من الأراضي العراقية. ونفت الكويت ذلك الاتهام. وقال رئيس وفد الكويت الشيخ طلال ناصر العذبي الصباح إن توقيع العقد هو نتيجة لست سنوات من العمل الشاق بين البلدين. والعراق هو ثاني أكبر مصدر للنفط في أوبك، ويهدف في الأمد الطويل إلى تعزيز الإنتاج الذي كبحته عقود الحرب والعقوبات.

من جانب اخر كشف عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، محمد كامل ابو الهيل، وبحسب بعض المصادر عن قيام الجانب الكويتي بحفر آبار النفط داخل الحدود العراقية عن طريق الحفر المائل باتجاه العراق، لافتاً الى ان هذا الحفر لم يصدر بشأنه اي موقف من قبل الحكومة. وقال ابو الهيل ان “الكويت تحفر آبار نفطها عند الحدود العراقية مستخدمة طريقة الحفر المائل باتجاه العراق، الامر الذي يؤكد حقيقة ان النفط المستخرج هو من داخل العراق وليس من الكويت”. واضاف ان “الحكومة المركزية وعلى الرغم من علمها بالموضوع الا انها لم تحرك ساكن ازاء ماتقوم به الكويت في الحقول المشتركة مابين البلدين”. واوضح ابو الهيل، أن “لجنة النفط والطاقة وخاصة بعد اختيار رؤساء اللجان ستعمل على مناقشة موضوع استغلال الاراضي العراقية لاستخراج النفط لصالح الكويت واتخاذ الاجراء اللازم بشأنها”.

اضف تعليق