q

تلعب الرياضة دوراً أساسياً في حياتنا اليومية فهي وبحسب بعض الخبراء لها الكثير من الفوائد الصحية والنفسية لذا فقد اصبحت محط اهتمام بالغ من قبل بعض الجهات والمؤسسات الرياضية التي سعت بشكل جاد الى نشر وتطوير بعض الرياضات بصورة أكبر في العديد من دول العالم وذلك من خلال اقامة المسابقات والدورات المستمرة للعديد من هذه الالعاب وخصوصا الالعاب المميزة هذا بالإضافة الى إحياء بعض الألعاب الشعبية القديمة والعمل على الترويج لها باعتبارها جزء مهم من ثقافة تلك الشعوب والبحث عن أخرى جديدة.

وفي هذا الشأن فقد قدمت الحكومة البرازيلية مع ممثلين عن السكان الأصليين للأمم المتحدة في نيويورك مشروع أول "ألعاب عالمية للسكان الأصليين" التي من المزمع تنظيمها في الخريف في بالماس في شمال البرازيل. وقد أكدت حوالى خمسين إتنية أصلها من 22 بلدا مشاركتها في هذا الحدث المزمع انعقاده بين 20 تشرين الأول/أكتوبر و 3 تشرين الثاني/نوفمبر، قبل أقل من عام من دورة الألعاب الأولمبية في ريو سنة 2016.

وقال ماركو تيرينا من اللجنة الخاصة بالقبائل في البرازيل "سنتشرف باستقبال سكان أصليين من روسيا وافريقيا وكندا واليابان وأميركا الجنوبية". ومكن المتوقع أن يشترك نحو ألفي رياضي في هذه الدورة الأولى من نوعها. وأضاف تيرينا الذي يعد من مؤسسي دورة الألعاب المخصصة للسكان الأصليين في البرازيل التي أطلقت سنة 1996 "نعمل جاهدين في البرازيل لاستحداث بيئة لا تكون مؤاتية للمنافسات الرياضية فحسب بل أيضا للحوارات من خلال الرياضة". بحسب فرانس برس.

وكان القيمون على هذا الحدث يفكرون في تنظيمه بداية بين 15 و 27 أيلول/سبتمبر، لكنهم عدلوا عن قرارهم هذا كي لا تتزامن الدورة مع أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويعيش في البرازيل أكثر من 900 ألف من السكان المتحدرين من 305 إتنيات تتكلم 274 لغة مختلفة، بحسب تعداد رسمي. ويقدر عدد السكان الأصليين في العالم بنحو 370 مليون شخص، أي 5 % من إجمالي السكان.

التايكواندو لنشر السلام

من جهة أخرى فان "التايكواندو" تعد واحدة من الفنون القتالية الكورية التقليدية، لكن رئيس الاتحاد الدولي للعبة الكوري الجنوبي تشونغ وون تشوو اتخذ من هذه اللعبة منصة لرفع راية الرياضة والسلام. هذه الرياضة التي ظهرت في كوريا وعرفت منذ أكثر من الفي سنة، وقد أوجدها القدماء كوسيلة للدفاع عن النفس بسبب كثرة الحروب الأهلية وصعوبة الحياة وسط الحيوانات الضارية وقتذاك، استطاعت مع مرور السنوات أن تصبح رياضة اولمبية رسمية في دورة سيدني 2000 بعد أن كانت رياضة استعراضية في الدورات السابقة التي احتضنتها سيول الكورية الجنوبية وبرشلونة الإسبانية واتلانتا الأمريكية .

وكانت الجولة التي نظمتها اللجنة الاولمبية التركمانستانية للكشف عن منشآت دورة الالعاب الاسيوية داخل القاعات (تركمانستان 2017) مناسبة كشف خلالها رئيس الاتحاد الدولي للتايكواندو عن طموحه الذي راوده منذ ان تبوأ رئاسة الاتحاد في حزيران/يونيو 2004 حين أدرك ان الرسالة السامية للرياضي الاولمبي هي التنمية المتناغمة للانسان للوصول الى عالم سلمي أفضل.

ويشير تشوو الى انه استلهم من مسيرة والده الشخصية الطموح في نشر ثقافة السلام والرياضة متحدثا عن ما قام به والده الذي عانى من آثار الحرب الكورية (1950-1953) ، فشرح تشوو كيف تمكن والده عندما كان رئيسا للاتحاد الدولي للجامعات من اطلاق رسالة "السلام أغلى من الانتصار" في كوستاريكا في حزيران/يونيو 1981. وأعلن تشوو ان والده نجح بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدها مع سفراء الدول الكبرى ومع امين عام الامم المتحدة من انتزاع قرار باعتماد اليوم العالمي للسلام، وكان ذلك في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1981.

ويؤكد تشوو ان مبادرة السلام والرياضة التي اطلقها عام 2008، تستبع تقديم الدعم الرياضي الشامل للبلدان المتخلفة اضافة الى مخيمات اللاجئين، ويشمل الدعم توفير المعدات والمهارات والتدريب للمدربين المحليين والرياضيين لممارسة الرياضات الاولمبية في أي بلد يحتاج الى مساعدة. ويعتقد تشوو ان هذا يعطي الأمل والأحلام للشباب الذين يحرمون من فرصة لتعلم الرياضة، في حين يعزز في الوقت نفسه الصداقة والسلام والتفاهم من خلال الرياضة والتفاعلات الدولية. ويؤكد تشوو ان المشروع يتطلب مجموعة من المتطوعين من مدربين ورياضيين واساتذة حيث سيتم ارسالهم بعد فترة من التدريب لخدمة المجتمعات المحلية المخصصة.

وتمت مؤخرا دعوة رئيس الاتحاد الدولي للتايكواندو من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك للاحتفال باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام. وصف تشوو الاجتماع ب"المثمر للغاية"، واضاف: "نحن جميعا متفقون على أن الرياضة لديها قوة واحدة لخلق مستقبل أكثر سلاما". وقال تشوو: "يحدوني الأمل بدعم من الأمم المتحدة، واللجنة الأولمبية الدولية وجميع الاتحادات الدولية، لإطلاق مشروع سلام من خلال تسخير قوة الرياضة الهائلة وجلب الأمل والوئام إلى بعض البلدان الأكثر حرمانا في العالم". بحسب فرانس برس.

وحول انتشار لعبة التايكواندو في الدول العربية، أكد تشوو ان العديد من البطولات الدولية تنظم في هذه البقعة من العالم معتبرا انه من شأنها توسيع اطار اللعبة وابرزها تتمثل ببطولة قطر الدولية اضافة الى بطولة الفجيرة وبطولة البحرين. واكد رئيس الاتحاد الدولي ان اوروبا لاتزال مسيطرة على اللعبة بشكل عام حيث ذهبت 5 ميداليات من أصل ثمانية معتمدة للاعبين الاوروبيين في دورة الالعاب الاولمبية الاخيرة في لندن عام 2012.

اليابانيات و رياضة السومو

ساياكا ماتسوو البالغة 19 عاما تزن 60 كيلوغراما ولا تخشى شيئا فهي تواجه في حلبة ترابية مصارع سومو يزيد وزنه مرتين ونصف المرة عن وزنها مجسدة بروز النساء في هذه الرياضة الوطنية الذكورية تقليدا. وبعد حصولها على تدليك للعنق والكتفين اخذت وضعية القتال فيما عقدت حزام "ماواشي" الخاص برياضة السومو على خصرها قبل ان تواجه خصمها الرجل.

وتوضح ساياكا ماتسوو "الاصعب هي عملية الاصطدام الاولى. فهي موجعة والاصابة واردة جدا. لكن مع الممارسة نزداد قوة وصلابة". هذه الرياضة شغف عائلي لدى ساياكا فوالدها مصارع سومو محترف سابق. واعتبارا من سن الخامسة بدأت تتدرب على تقنيات هذا الفن القتالي. وهي باتت الان ضمن حلقة ضيقة جدا من النساء اللواتي يمارسن السومو.

ويشكل ذلك ثورة صغيرة في هذه الرياضة التي ولدت قبل الفي سنة كجزء لا يتجزأ من الطقوس الديانة الشينتوية في اليابان. ويمنع التقليد على المرأة ان تطأ ارض حلبة كوكوغيكان في طوكيو التي تقام عليها المسابقات الرسمية. لكن منذ العام 1997 يمكن للنساء المشاركة في المسابقات الدولية. ومن دون المساس بالسومو التقليدي يدرس الاتحاد الوطني امكانية تحويل بطولة الهواة الى رياضة اولمبية مع فئات مختلفة في الاوزان والمباريات للجنسين.

ويؤكد توشياكي هيراهارا مدرب نادي السومو في جامعة طوكيو العريقة "منع النساء من دخول الدوجو الوطني امر مفهوم فهو موطن الالهة". ويضيف "الا ان دورات الهواة لا علاقة لها بالالهة لذا يمكننا ان نسمح للاناث بالمشاركة فيها". ويقول المدرب "عند التفكير في السومو تتبادر الى الذهن صورة رياضة مخصصة لرجال بدناء، يجب تغيير هذه الصورة وان نظهر للعالم ان النساء يمكنهن ايضا ممارسة هذه الرياضة".

ولا تحتاج اليابانيات المهتمات بهذه الرياضة الى زيادة حميتهن الغذائية في حين ان الابطال الكبار من الرجال يلتهمون عشرين الف سعرة حرارية في اليوم. وتؤكد ماتسوو "انوي البقاء في فئة دون ال65 كيلوغراما لذا احاول ان اكل بطريقة متوازنة" مقرة في الوقت ذاته انها تحب كثيرا يخنة "شانكونابي" المغذية جدا المؤلفة من الخضار والارز واللحم والتي تهيمن على وجبات رياضيي السومو.

انا فوجيتا (21 عاما) التي بدأت السومو قبل سنتين وتمارسه دونما انقطاع تتنبه ايضا الى حميتها "في حال زاد وزني بعد ساصبح مضطرة الى مواجهة شابات يزن اكثر من مئة كيلوغرام". ويشكل الانفتاح على الهواة والنساء وسيلة للسلطات لاعادة تلميع صورة هذه الرياضة التي تأثرت سلبا بسلسلة من الفضائح حول مباريات مزورة ورهانات غير قانونية ومضايقات كبيرة وشبهات بوجود روابط مع الياكوزا، المافيا اليابانية.

وهذه وسيلة ايضا لاكتشاف مواهب جديدة في حين ان عشاق هذه الرياضة مستاؤون من هيمنة مصارعين اجانب وصلوا الى اليابان منذ التسعينات. فاليوم، ال"يوكوزونا"الثلاثة في اليابان (اعلى مستوى في لعبة السومو) هم من منغوليا وقد حقق احدهم ويدعى هاكوهو في كانون الثاني/يناير الماضي رقما قياسيا بفوزه بلقب البطل للمرة الثالثة والثلاثين.

الا ان دخول العنصر النسائي الى هذه اللعبة لا يزال محدودا. ففي المدارس الابتدائية ثمة فتاة واحدة في مقابل 300 صبي يشاركون في مسابقات الاحداث على ما تظهر ارقام الاتحاد الياباني للسومو. والمشكلة الاكبر تكمن في قبول المجتمع لهذه الظاهرة. وتقول آنا فوجيتا ان "محو الفروقات بين الرجال والنساء يبقى صعبا يجب تغيير الذهنية في اليابان". وهي تحلم في ان تدخل يوما الى حلبة كوكوغيكان ليس للفوز باللقب بل اكثر لتطوير العقليات. بحسب فرانس برس.

وتبدو عزيمتها صلبة فخلال النهار هي طالبة مثالية في تاريخ تايوان في جامعة طوكيو لكنها تنتقل مساء الى مواجهة رجال أقوياء البنية على حلبة نادي السومو الجامعي. ولم تكشف آنا عن شغفها بالسومو لوالديها فهي تنتظر حصولها على الشهادة الجامعية وحتى ان تكون تزوجت لمفاجأتهم بهذا الخبر.

رياضة تاريخية

الى جانب ذلك تنطلق الرماية بالقوس على ظهر الخيول، وهي رياضة ضاربة جذورها في التاريخ، لغزو العالم، من احد وديان منطقة نائية في المجر. فقد ولدت المغامرة في بلدة كابوسميرو الواقعة على بعد 180 كلم جنوب بودابست، بفضل شغف لايوش كاساي البالغ 54 عاما والوارد اسمه خمس مرات في موسوعة غينيس للارقام القياسية لفوزه بألقاب عدة من بينها لكونه الرجل الوحيد في العالم القادر على الرماية بالقوس على هدف محدد على مدى 24 ساعة متواصلة.

وهذه الرياضة التي تجمع بين الرماية بالقوس والفروسية والحركات البهلوانية ووضع اسسها كاساي في ثمانينات القرن الماضي، تقوم على التصويب على هدف محدد من على ظهر فرس خلال عدوها. وأوضح كاساي ان "الاساس هو الايقاع والتوازن"، مضيفا "يجب تنسيق امرين بشكل متزامن: اسفل الجسم يركز على حركات الخيل والاعلى يركز على الهدف". ويتم اطلاق السهم عندما تكون الحوافر الاربعة للحيوان في الهواء ما يمنح الشخص الذي يمارس هذه الرياضة برهة قصيرة جدا من الثبات لا تتجاوز بضعة اعشار من الثانية.

وعلى مرأى من عشرات المتابعين المشدوهين، يقود الخيال فرسه داخل المضمار ويطلق الاسهم بوتيرة سريعة على اهداف يحملها مساعدوه. ويرفق اطلاق كل سهم بصرخة. وابدى ادم بنتر الذي جاء لمتابعة العرض مع ولديه، دهشته ازاء "المهارة المذهلة" للفارس. ويتابع ثلاثمئة شخص دروسا في مدرسة كابوسميرو، الاولى من اصل شبكة تضم عشرات المدارس اسسها لايوش كاساي في الولايات المتحدة وكندا والنروج وبلدان اخرى خصوصا في اوروبا الوسطى.

وقد وصلت سمعة كاساي الى هوليوود حيث درب اخيرا الممثل الاميركي مات دايمن على هذه الرياضة تحضيرا لدوره المقبل في فيلم حركة وتشويق. والخيول المستخدمة في هذه الرياضة، وكلها بلون رمادي ارقط، تنتمي الى فئة الشاغيا، وهي من الانواع المجرية للخيل العربي الاصيل. ويطلب الاستاذ من تلامذته أن "يشعروا بتنفس الخيل ونبضها وان يتحدوا بها". وتقول التلميذة كاتا سيلاغ "يدفعنا الى حدودنا القصوى ويختبر ردود افعالنا".

هذه المصممة الآتية من بودابست ستخضع هذا العام لامتحان صارم جدا. وفي حال نجاحها، ستصبح واحدة من 260 اخصائيا في رياضة الرماية على ظهر الخيل في العالم مخولين المشاركة في مسابقات دولية. وقد صنع لايوش كاساي اول قوس له من جذع شجرة صفصاف حين كان في سن السادسة. وقد شب خلال طفولته على اسطورة قبائل المجريين الذين كانوا يتنقلون باستمرار على الخيول وينامون في الخيام وانتقلوا قبل الف سنة من جبال الاورال الى قلب اوروبا من ثم استقروا وشكلوا الشعب المجري.

وتعتبر الرماية بالقوس على ظهر الخيول فنا قتاليا تتشاركه شعوب المغول التركية والاوراسية. وتطورت هذه الرياضة شرقا لتصبح جزءا لا يتجزأ من تقليد الساموراي في اليابان. وكتب البطل المجري في هذه الرياضة مجموعة كتب عن تقنيات القتال لدى المجريين القدماء والروابط التي نسجوها مع مجموعات اخرى من الرحل في اسيا الوسطى خصوصا الهون. ويختصر كاساي نفسه قائلا "رأسي اوروبي لكن قلبي شرقي". بحسب فرانس برس.

وفي كابوسميرو، ينقل الحديث عن روحية المجريين القدامى وجذورهم جزءا كبيرا من الزوار الى عالم اخر ينظرون خلاله الى تقدم الفرسان على وقع الموسيقى التقليدية المجرية. كما أن لايوش كاسي فخور جدا لأن ممثلين عن 22 بلدا شاركوا العام الماضي في "مونديال" هذه الرياضة الذي اجري على الاراضي المجرية. وقد حصد المجريون المراتب التسعة الاولى وكان الفوز بطبيعة الحال من نصيب المعلم الكبير في هذه الرياضة لايوش كاساي.

تسلق الجبال رياضة جديدة

على صعيد متصل تتسلق سلوى الصخور للوصول الى اعلى جبل في قرية يبرود بينما تتصاعد هتافات التشجيع من مجموعة من المتسلقين الفلسطينيين في احدى رحلات التسلق التي تلقى رواجا متزايدا في الضفة الغربية المحتلة. وقد نجحت هذه الفلسطينية المحجبة البالغة 23 عاما في امتحان المستوى الاول للتسلق بعدما شاركت في رحلتين سابقتين في منطقتي يبرود وعين كينيا القريبتين من رام الله.

وتقول الشابة التي جاءت من القدس وهي تضحك "قدمت امتحانا في المستوى الاول ونجحت فيه واعتبر الان ذات خبرة". وتتابع "تعلمت الكثير، تعلمت بانه لا مكان لليأس، وكيفية تقوية قدراتي العقلية لايجاد طريقة (للصعود )وقدرتي الجسدية لتحمل الألم وان ادفع نفسي الى القمة" موضحة "افضل شعور في العالم بعد كل هذا التعب، هو الوصول الى اعلى".

ويؤكد عمر ابو عرة (22 عاما) الذي اتى من جنين في شمال الضفة الغربية بعدما تلقى دعوة من اصدقائه عبر موقع فيسبوك "الامر مخيف حقا. ان تدفع نفسك رغما عنك للقيام بأمر غير معتاد خاصة هنا في هذا البلد". وتسلق الصخور رياضة جديدة نسبيا في الاراضي الفلسطينية المحتلة. فقد بدأ الشابان الاميركيان ويل هاريس وتيموثي بيرنز وكلاهما في الثالثة والعشرين، منذ الخريف الماضي تنظيم رحلات محلية لتسلق الجبال في موقعين قرب مدينة رام الله ضمن مبادرة اطلق عليها اسم "وادي كلايمبينغ".

ويؤكد ويل هاريس "جئنا الى فلسطين لتطوير مجتمع من متسلقي الصخور. كنا نستكشف فلسطين ورأينا ان فيها امكانية كبيرة للتسلق". ويضيف "بدأنا باختيار بعض المناطق قرب رام الله ونظمنا رحلات اسبوعية واخرى في عطلة نهاية الاسبوع للفلسطينيين والاجانب المقيمين هنا". ويوضح شريكه تيموثي بيرنز "فوجئنا عند وصولنا بالنقص الكبير في النشاطات الترفيهية هنا. واعجبتنا الصخور وبدأنا بالتفكير في انشاء ناد للتسلق في فلسطين".

ويقوم الشابان حاليا بتنظيم رحلات تسلق في منطقتين في جبال يبرود ومنطقة عين كينيا بعدما حددا المسارات فيهما مستخدمين المطارق والمسامير للتمكن من تعليق حبال التسلق عليهما. ويقول تيم ان اختيار المناطق المخصصة للتسلق في الضفة الغربية المحتلة لم يكن سهلا. ويوضح "اردنا تطوير اماكن يسهل على الفلسطينيين دخولها وهذا امر قد يكون صعبا وعليك الاخذ في الاعتبار امكانية دخولها ومواقع المستوطنات والاماكن التابعة لسلطة الحدائق الاسرائيلية".

ويتابع قائلا "هناك مواقع تسلق في الضفة الغربية ولكنها مخصصة لاستخدام الاسرائيليين فقط ولذلك قررنا اختيار منطقتين للتسلق في منطقة قريبة من القرى الفلسطينية ويمكن للفلسطينيين الدخول اليها" وهما تقعان في المنطقة "ب". وتشمل المنطقة "ب" حوالى 22 % من اراضي الضفة الغربية المحتلة، وقد حافظت فيها اسرائيل على السيطرة الامنية بينما تركت المسائل الادارية للسلطة الفلسطينية.

وعن سبب اختيارهما لفلسطين، يقول الشابان انه خلال اقامتهما في الأردن قبل عامين حاولا ممارسة هذه الرياضة هناك ولكنهما وجداها تقتصر على الاغنياء فقط بسبب الكلفة العالية. وبعد وصولهما الى الضفة الغربية، قرر الشابان اطلاق مبادرتهما التي تلقى تمويلا من جهات خاصة اميركية وفلسطينية ودولية، بكلفة معقولة اذ تكلف رحلة تسلق 60 شيكلا فقط (14 يورو) وهذا يشمل ايضا استئجار احذية خاصة للتسلق. ويحاول الشابان التواصل مع المشاركين باللغة العربية التي تعلماها في الاردن.

واتى رامي زغير (27 عاما) من القدس بعدما سمع عن هذا النشاط للمرة الاولى من اخته. وهو يقر انه سخر من الامر عندما اطلع عليه في البداية ووصفه "بالحدث السخيف". لكنه يضيف "بعدما رأيت صورا لها (شقيقته) وهي تتسلق الصخور وبعيدة عن الارض مسافة 15 مترا و20 مترا، قلت انني سأذهب في المرة المقبلة بالتأكيد". وبحماسة تقول نادين ابو رميلة (23 عاما) بعد تجربتها الاولى في التسلق "عندما نظرت الي الصخور في البداية قلت انه من المستحيل ان اتسلقها. بحسب فرانس برس.

ولكنني عندما بدأت بالتسلق لم اجد نفسي الا في القمة". ويؤكد ويل ان مبادرة التسلق تلقى نجاحا ملحوظا في الاراضي الفلسطينية موضحا "جاء اكثر من 270 شخص للتسلق معنا في الاشهر الاربعة الاخيرة والناس يحبون ذلك". ويلاحظ تيم وويل ان عدد المشاركين الفلسطينيين يرتفع اسبوعيا وهما سعيدان بذلك ويخططان في خطوة مقبلة، لافتتاح صالة للتسلق الداخلي في مدينة رام الله.

المصارعة في السودان

من جانب اخر وفي قاعة رياضة متداعية في الخرطوم، يتدرب نحو اثني عشر فتى نوبيا بملابس رياضية ضيقة على مرأى من مدربهم الياباني المكلف مهمة تأهيلهم ليصبحوا ابطالا في المصارعة تحضيرا لدورة الالعاب الاولمبية سنة 2020. وتمثل المصارعة منذ آلاف السنين جزءا من ثقافة قبائل النوبة المتنوعة دينيا وعرقيا، والعديد من الرياضيين الشباب المفتولي العضلات دخلوا حلبات المصارعة ما ان بدأوا بالمشي.

إلا أن المدرب سونا، كما هو معروف، وهو بطل مصارعة ياباني شاب، قد تم تكليفه من قبل سفارة بلاده في الخرطوم لتحضير فريق رياضي قادر على الفوز بميدالية في دورة الالعاب الاولمبية في طوكيو سنة 2020، للمرة الاولى تاريخ النوبة. واشار المدرب الياباني بنبرة جدية الى ان المصارعين "لديهم حقا قوة بدنية ممتازة"، لكن القليل من العوامل الاخرى تصب لمصلحتهم.

وخلفه في قاعة شديدة الحرارة، يتبارى رياضيان في جولة مصارعة على مرأى من زملائهم الصامتين التواقين لتعلم مهارات جديدة. وتعتبر المصارعة الاولمبية رياضة راسخة في اليابان التي فازت بعدد كبير من الميداليات في الدورات الرياضية الاخيرة. الا ان اهتمام طوكيو في رياضة المصارعة لدى قبائل النوبة بدأ في العام 2013، عندما شارك دبلوماسي من سفارتها في تحد ضد أبطال محليين.

. وبنت اليابان على الاهتمام الذي اثارته هذه المباريات في محاولة لنسج علاقات مع دولة تعتبرها واحة استقرار نسبي في منطقة مضطربة. وترى السفارة أن مبلغ الـ50 الف دولار الذي دفعته في دعم هذه الرياضة في السودان كان في محله- لكونه وسيلة سهلة للتواصل مع حكومة قلقة من النفوذ الأجنبي. لكن مهمة سونا ليست بالبسيطة. اذ ان سجل السودان يقتصر على ميدالية اولمبية واحدة منذ العام 1960، كما ان القواعد الاولمبية تبدو غريبة على المصارعين الذين يدربهم.

ففي المصارعة النوبية التي تمارس في ميادين رملية، يفوز المنافس بمجرد طرح خصمه ارضا. اما النسخة الأولمبية فتمنح نقاطا على حركات مختلفة، والمتباري يفوز تلقائيا عند تثبيت خصمه على الحلبة. وقال سوناغاوا خلال دورة كانت الاخيرة اثر زيارة استمرت شهرا كاملا الى الخرطوم في شباط/فبراير "أنا أبذل كل جهد ممكن للاستفادة من إمكاناتهم إلى أقصى حد من خلال ايجاد برامج مصممة خصيصا لهم".

وسيسافر ستة من أفضل هؤلاء الرياضيين- أربعة لاعبين ومدربان - إلى اليابان للمشاركة في دورة تدريبية لكن لا يزال يتعين فعل الكثير لتعزيز قدرات فريق كامل من المصارعين. وزار سونا السودان للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر. وسارت الأمور بشكل جيد الى ان عاد إلى اليابان. لكن عند عودته في شباط/فبراير وجد أن الكثير المصارعين توقفوا عن التدريب. ويتحدر السكان النوبيون في الخرطوم من منطقة جنوب كردفان السودانية المضطربة التي دمرتها الحرب الأهلية في السودان على مدى 22 عاما ثم طالها التمرد الذي انطلق سنة 2011، عندما اشتكى متمردون سابقون من التهميش الذي يلحقهم من جانب حكومة سودانية يهيمن عليها العرب.

وكان على الطلاب العودة إلى العمل لإعالة أنفسهم، ما يجعل من الصعب لهم تخصيص وقت للمصارعة. وقال الأمين العام للجنة الأولمبية السودانية أحمد هاشم خلال متابعته التدريبات "هناك ضعف في التدريب المناسب ونقص في المرافق"، مضيفا "كل ما لدينا هو مصارعة نوبية تقليدية قديمة جدا".

نصف النوافذ في القاعة محطمة ولا تكييف للهواء فيها، الا انها أفضل منشأة توافرت للسفارة واتحاد المصارعة في السودان. غير ان هاشم لديه آمال كبيرة. وأول هدف له هو التأهل لدورة الالعاب الاولمبية، إما في ريو دي جانيرو في عام 2016 أو طوكيو في عام 2020. أما "الهدف على المدى الطويل فهو أن تصبح المصارعة من الرياضات المهمة التي ينافس اللاعبون فيها باستمرار على الميداليات".

وأشار الدبلوماسي ماسايوكي سوريماشي الى إن هدف البرنامج لا يقتصر فقط على دعم السودان للفوز بميداليات وبناء علاقات خارجية لليابان، لكن ايضا تحسين العلاقات المضطربة داخل المجتمع السوداني. ولفت الى ان "الرياضة قادرة على توحيد الناس، لذلك قد يمثل هذا الامر رمزا للسلام والاستقرار ولوحدة الشعب السوداني". اما بالنسبة للمصارعين، فهذا البرنامج يشكل فرصة لتطوير المهارات التي تعلموها منذ الطفولة. بحسب فرانس برس.

وقال وسام محمد، وهو شاب في سن 18 عاما يعمل لحاما واختير للسفر إلى اليابان بفضل مهارته وقوته في المصارعة "اليابانيون جاؤوا الى هنا ودربونا ونقلوا الينا بعض المهارات، ونحن استفدنا من ذلك". وأضاف "أريد أن أشارك في دورة الالعاب الاولمبية في العام 2020. بإذن الله سأحصد ميدالية برونزية وأرفع علم السودان".

اضف تعليق