q
في القديم كان الانسان يعيش حياة بسيطة وكان الهدوء هو الحالة سائدة في اغلب الاوقات اما في عصرنا هذا فقد اصبحت الحياة سريعة ومليئة بالمسؤوليات التي تضغط على أعصاب الناس وتسبِب لهم المشاكل النفسية، ويبدو أنّ القلق مرتبط بالحياة الحديثة والمعاصرة حيث أصبح يشير إلى ظاهرة مرضيّة...

في القديم كان الانسان يعيش حياة بسيطة وكان الهدوء هو الحالة سائدة في اغلب الاوقات اما في عصرنا هذا فقد اصبحت الحياة سريعة ومليئة بالمسؤوليات التي تضغط على أعصاب الناس وتسبِب لهم المشاكل النفسية، ويبدو أنّ القلق مرتبط بالحياة الحديثة والمعاصرة حيث أصبح يشير إلى ظاهرة مرضيّة تنسج خيوطها في خطر يهدّد مسيرة الحضارة الإنسانية وإنّ الأسباب التي تحفّز القلق في عالمنا الحاليّ لا يمكن حصرها، فعلى المستوى العالمي يعكس القلق حساسية الإنسان تجاه جنون العالم الّذي يرحّب بالحروب والصّراعات التي يقتل فيها الإنسان بدم بارد ويشرّد بأعداد لا يمكن إحصاؤها عالم يموت فيه البعض جوعاً ومرضاً في الوقت الذي ينفق فيه مليارات الدولارات على الأسلحة المتطورة تكنولوجيّا ورحلات السفر لاستكشاف الفضاء.

ونتيجة متاعب الحياة والانشغال بالمهام المنزلية والوظيفية يعاني الكثير من الناس من العديد من المشكلات النفسية والناتجة عن الضغوطات المختلفة والتي تتسبب في الإصابة بعد التركيز وعدم القدرة على القيام بالمهام الوظيفية والمنزلية المختلفة، ومع زيادة تعقيدات الحياة والتطور التكنولوجي اصبح الإنسان فريسة سهلة للتوتر والضغط، فنجده يعاني من الأرق والقلق أو آلام عضوية، ما هي إلا أعراض للضغط النفسي بل وأصبحت الضغوط النفسية من أكثر المسببات للأمراض في العصر الحالي تختلف الضغوط النفسية بحسب شخصية الفرد وطريقة تفكيره، فما يعتبر ضغطًا نفسيًا لشخص قد لا يعني بالنسبة للآخر شيئًا وعلى ذلك يتولد الضغط النفسي من مصادر عديدة.

تاثيرات الضغوط طويلة المدى

يرى بعض الباحثين أن الضغوط طويلة المدى أدت إلى ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم، وتدفع إلى الإصابة بالاكتئاب الحاد ولاحظ باحثون في دراسات أجريت على البشر والحيوانات أن الضغوط النفسية طويلة المدى قد تغير بنية الدماغ، إذ قارنت إيفانا سافيك وفريقها بمعهد كارولينسكا بالسويد وجامعة ستوكهولم، أدمغة أشخاص يعانون من ضغوط نفسية طويلة المدى بسبب العمل مع أدمغة أشخاص أصحاء باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي واكتشف الفريق وجود اختلافات في مناطق الدماغ المسؤولة عن الانتباه واتخاذ القرار والذاكرة والعواطف.

وقد يعاني المرء من الضغوط النفسية بسبب نمط التفكير أو طريقة نظرته للأمور وهذا يتجلى في تأثير اجترار الأفكار السلبية على النفس إذ أن إعادة تمثيل الحدث المثير للانفعالات في الذهن قد تنشط نفس المناطق من الدماغ التي تنشطها الأحداث والمواقف المسببة للضغوط النفسية وهذا يجعل الجسم في حالة تأهب دائما استجابةً للضغوط الداخلية والخارجية.

وربطت دراسة بين الضغط النفسي طويل المدى وبين ارتفاع ضغط الدم واستعان باحثون أمريكيون بتدريبات التحكم في الضغط النفسي لتخفيض ضغط الدم ولاحظ الباحثون ارتباط التوقف عن الفكير السلبي بانخفاض ضغط الدم، وقد تساعد تمرينات التأمل والاستغراق الذهني وأساليب التنفس في التحكم في الضغط النفسي، إذ تعمل على تحسين القدرة على التحكم في الانفعالات وتقلل استجابة الجسم للضغوط وتعجل بالشفاء من الضغوط النفسية رغم أن بعض الأبحاث أشارت إلى أن تدريبات التأمل قد تشجع البعض على اجترار الأفكار السلبية.

الضغط النفسي وتاثيره على المخ

1- الذاكرة: يمكن أن يتسبب الضغط النفسي في ضعف الذاكرة، وذلك لأن زيادة هذا الضغط وإستمراره بشكل متكرر يؤدي إلى تلف خلايا المخ، فهناك منطقة بالدماغ تسمى "الحصين"، وهي مركز الذاكرة بالمخ، ومن يعانون من التوتر الزائد والإكتئاب تنكمش لديهم هذه المنطقة، كما أن التوتر والإجهاد النفسي يضر بمنطقة في الدماغ تسمى "القشرة الجبهية"، وعند يزداد الضغط على هذه المنطقة يمكن أن تحدث بعض الإضطرابات النفسية التي ينتج عنها ضعف في الذاكرة.

2- إرتفاع مستوى الكورتيزول: نتيجة الشعور بالتوتر، ترتفع مستويات الكورتيزول في الجسم، وهو الهرمون الذي يتحكم في العديد من وظائف الجسم مثل التمثيل الغذائي.

3- صعوبة التركيز: عندما يزداد التفكير في شيء ما يشكل مصدر إزعاج له، فيمكن أن يصاب الإنسان بتشتت في الإنتباه وصعوبة التركيز، فيصبح الفرد شارداً لأوقات طويلة، وبالتالي تتأثر إنتاجية العمل وتزداد فترات إنجاز المهام المختلفة، كذلك يؤدي الضغط النفسي والتوتر إلى إرسال إشارات خاطئة للمخ، فيمكن أن يقول الشخص شيء عفوي لم يكن يقصد قوله نتيجة عدم القدرة على التركيز الكامل.

4- إضطرابات النوم: كلما زاد الشعور بالقلق والتوتر، كلما زاد التفكير والخوف من عقبات مسببات هذا التوتر، مما يؤدي لخلل في وظائف المخ، ومنها تنظيم النوم، وبالتالي يصاب الشخص بقلق يومي، وصعوبة في النوم بالمواعيد الصحيحة، ليسهر في فترة الليل وعدم القدرة على الإستيقاظ مبكراً، وفي حالة الإستيقاظ مبكراً دون أخذ القسط الكاف من النوم، فإنه لن يتمكن من القيام بمهامه اليومية جيداً.

5- العصبية الشديدة: مع تراكم كافة التأثيرات السابقة، سواء عدم التركيز وقلة الإنتاجية، عدم النوم جيداً، إرتفاع الضغط، والشعور المستمر بالقلق، فيصبح الشخص عصبي بشكل ملحوظ، وسوف تؤثر هذه العصبية على كافة الأجواء المحيطة بالشخص المصاب بالتوتر، سواء في العمل أو في المنزل.

عوامل تؤثر في درجة الاستجابة للضغوط

- السن

- النوع

- الحالة الاجتماعية

- المستوي الاقتصادي

وتشير الاستشارية النفسية إلي أن أهم مصادر الضغوط النفسية، هي المنزل والعمل ومشكلات الحياة بشكل عام والمشكلات الاقتصادية، والمشاكل والضغوط النفسية التي يتعرض لها الفرد قد تكون لها علاقة بالنفس مثل فقدان الشعور بالثقة في النفس، وكثرة التفكير في المشكلات وأمور الحياة بشكل عام، وعدم القدرة علي التعامل مع الأحداث، بالإضافة إلي أن هناك مشاكل ترتبط بالآخرين والعلاقة بهم ومنها صعوبة تكوين علاقات وصداقات أو الفشل بالزواج إلي جانب المشاكل المتعلقة بالمستقبل وكل ما هو في علم الغيب مثل فوبيا الفقدان ووفاة من نحب مثل الأهل والأزواج أو الأبناء.

علامات الضغط النفسي

- عدم الرغبة في الضحك والاستمتاع بالحياة

- مهما حدث فـأنت لا تهتم به

- الانعزال وحب الوحدة وقد يصل الأمر للاكتئاب

- العدوانية

- القلق والتوتر الدائم

- التعصب علي أتفه الأمور

- كثرة التفكير

بعض طرق تخفيف الضغط النفسي

النوم بشكل جيد: يعد النوم الجيد أحد أفضل وسائل تخفيف الضغط؛ لأن اضطراب النوم يجعلك تبدأ اليوم مضغوطًا، ويتراوح عدد ساعات النوم الطبيعي من سبع إلى تسع ساعات، للأفراد الذين تتراوح أعمارهم من 18لـ64 عام، ويفضل قبل النوم، عدم مشاهدة التلفزيون أو النظر إلى الأجهزة الذكية؛ إذ كشفت دراسة لمدرسة هارفارد الطبية الأمريكية، أن الآشعة الزرقاء النابعة من تلك الأجهزة الذكية، تزعج وتعطل الساعة البيولوجية للجسم، والتي تجعل من الصعب على الشخص أن يغفو.

وهناك علاقة قوية بين اضطراب النوم والشعور بالضغط؛ إذ كشفت دراسة تعود لعام 2014، بأن 70% من المبحوثين الذين كانوا تحت ضغط نفسي، كانوا يعانون أيضًا من اضطراب في النوم وينصح أيضًا بأخذ قيلولة؛ إذ يقلل ذلك من نسبة الكورتيزول مما يقلص الضغط النفسي والتوتر.

الاستيقاظ مبكر: بعد أخذ القسط الكافي من النوم والراحة، حاول أن تستيقظ مبكرًا عن الآخرين؛ لأن ذلك لا يقلص التوتر والضغط النفسي فقط، وإنما أيضًا يساعد على زيادة الإنتاجية، فالاستيقاظ مبكرًا يُشعرك بسعة أكبر، ووقت أكبر خلال اليوم؛ مما يُخفض من مستوى التوتر لديك.

أغلق أجهزتك الرقمية: كشف باحثون بريطانيون عن وجود علاقة بين ارتفاع مستويات الضغط والتوتر، والاطلاع المستمر للهاتف الذكي، وأفادت دراسة لجامعة متشيجن الأمريكية تعود لعام 2013، أن الاستخدام المستمر والمتزايد لمنصات التواصل الاجتماعي الكبيرة كالفيسبوك مثلًا تجعلك أكثر حزنًا وكآبة.

التأمُل: ربما ترتبط طريقة التأمل بالطريقة السابقة، فالانفصال عن الأجهزة الرقمية بعض الوقت يمنحك الفرصة للتأمل، ويقول شخص جرّب المكوث في البرية لبضعة أيام بعيدًا عن أية صلة بالإنترنت: "لم أشعر قط بهذا السلام الذي شعرته في تلك الأيام" وفي هذا الصدد، كشفت دراسة تعود إلى عام 2012، بأن التأمل له آثار إيجابية على الفرد، وأفادت بأن الهدوء الذهني الذي يصاحب عملية التأمل، تقلص الشعور بالضغط النفسي.

التمرين وممارسة الرياضة: يُنصح بأداء التمارين وممارسة الرياضة بشكل شبه يومي لتقليص الضغط؛ إذ كشفت دراسة لجامعة هارفارد، تعود لعام 2011، أن التحرّك والتمرين وممارسة الرياضة كلها عوامل تساعد على تقليص هرمونات الضغط، مثل الكورتيزول والأدرينالين، وتثير هرمون الإندروفين الذي يساعد على تخفيف الضغط وتحسين المزاج بشكل عام، كما كشفت دراسة أخرى أحدث تعود لعام 2012 أن التمرينات البدنية تساعد الناس على التخلص من الضغط والتوتر.

تناول اللُبان: يساعد تناول اللبان على تقليص الضغط والتوتر؛ إذ كشفت دراسة علمية، تعود لعام 2009، أن تناول اللبان يقلص الكورتيزول؛ مما يساعد على تقليص الضغط والتوتر، ويخفف من الحالة المزاجية السلبية، ويساعد على ضخ الدم بشكل نشط.

الكتابة: اكتب أفكارك ومشاعرك بشكل دوري؛ لأنها تساعد على تخفيف التوتر؛ إذ كشفت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن كتابة ما تشعر به يساعد على تخفيف الضغط، والصدمات النفسية، وأفادت الدراسة بأن إعطاء معنى ما لمشاعرك بكتابتها يساعدك على تنظيم تلك المشاعر، والإفصاح عنها للآخرين.

القراءة: كشف بحث علمي يعود لعام 2009، أن القراءة، ولو لمدة وجيزة كست دقائق مثلًا، يمكنها تقليص الضغط بنسبة أكثر من الثلثين، لذلك فإن التركيز في قراءة كتاب أو رواية يذهب بالعقل بعيدًا عن الأحداث المتوالية، ويعطي نتائج أكثر فاعلية من الذهاب إلى التنزه أو الاستماع إلى الموسيقى.

الشاي: كشفت دراسة تعود لعام 2007، أن شرب الشاي الأحمر يؤدي إلى تقليص هرمون الكورتيزول المسبب للضغط والتوتر، كما أنه يؤدي إلى مستويات كبيرة من الاسترخاء والراحة.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال [email protected]
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ الوثائقي)

.....................................
المصادر
- ساسة بوست
- بي بي سي
- ويب طب
- تسعة
- مجلة الرجل

اضف تعليق