q
منوعات - بيئة

أوروبا تحترق!

موجة حر قياسية تربك القارة العجوز والبلدان الغربية الضحية الأكثر تضررا

تشهد معظم دول أوروبا درجات حرارة خانقة مع تحرك موجة الحر غير المسبوقة في أوروبا شمالا، ما ادى في بعض المناطق الى ليالٍ استوائية، هذه الحالة تضع الأرض على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية والذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم مسبقا...

تشهد معظم دول أوروبا درجات حرارة خانقة مع تحرك موجة الحر غير المسبوقة في أوروبا شمالا، ما ادى في بعض المناطق الى ليالٍ استوائية، هذه الحالة تضع الأرض على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية والذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية، إذا كان هناك اختلاف بين العلماء على أسباب ارتفاع حرارة الأرض فإن هم يتفقون جميعا على أن حرارة الأرض في ارتفاع مستمر، وهذا ما أثبتته قياسات درجات الحرارة خلال السنوات الثلاثين الماضية.

وارتفاع حرارة الأرض أمر خطير للغاية لأنه يُؤدي إلى نتائج كارثية، فاستمرار تلك الزيادة في درجة حرارة الأرض يُؤدي إلى ذوبان جبال الجليد في القطبين وبالتالي ارتفاع مستوى البحر ما ينتج عنه إغراق المناطق الساحلية، وكل ذلك يُحدث تغيرات كبيرة في مناخ الأرض تتفاوت بين الأعاصير، موجات الجفاف، الفيضانات والحرائق.

اما عن أسباب ارتفاع درجات الحرارة هذا العام الي مستويات قياسية لم يسبق الوصول اليها من قبل في السنوات الماضية هو تلوث الهواء والغلاف الجوي للأرض والذي تسبب في احداث التغييرات المناخية وتغير نسب الغازات في الغلاف الجوي وأيضا الوصول الي ظاهرة لاحتباس الحراري والتي يحذر منها العلماء انها قد تسبب مشاكل في ارتفاع درجات الحرارة والتأثير على المحاصيل الزراعية وارتفاع منسوب المحيطات، حيث ان استمرار استهلاك الوقود الاحفوري خاصة الفحم و عدم ايجاد آليه سليمة للتحكم العوادم والغازات الناتجة عن حرق البترول والفحم يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ومع ظاهرة الاحتباس الحرارة وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، يؤثر ذلك سلبا على المحاصيل الزراعية حول العالم، كما يؤدي ارتفاع درجة الحرارة الي ذوبان الجليد وارتفاع منسوب المحيطات والبحار، وبالتالي تنشئ ظواهر الفيضانات والتصحر وغيرها من الظواهر المصاحبة لارتفاع درجة الحرارة، ومن المتوقع ازدياد عدد أيام الحر الشديد إلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2080 وبعد ذلك مما يؤدي إلى حالات وفاة نتيجة الإجهاد الحراري أو الجفاف أو أمراض تتعلق بالقلب والجهاز التنفسي.

وعليه تشير المعطيات الى إن موجات الحر أصبحت أكثر تكرارا في العالم خلال العقود الأخيرة، مما يستدعي الحكومات والمؤسسات المعنية بالبيئة استنفار كافة الجهود والاستعدادات للحد والتقليل من اثار التغييرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة القياسية.

وقالت منظمة الأرصاد الجوية العالمية إن 2019 مرشح لأن يكون من بين أكثر الأعوام سخونة وإن الفترة من 2015 إلى 2019 ستكون أكثر خمس سنوات سخونة في التاريخ، وأضافت أن موجة الحرارة في أوروبا ”متوافقة بالتأكيد“ مع الارتفاعات في حرارة الجو المرتبطة بظاهرة الاحتباس الحراري في العالم.

مؤشر على تفاقم ظاهرة تغير المناخ

”هيا ننتحر“.. عنوان غير مألوف لفقرة كوميدية مسائية لكن الفنان الكوميدي البريطاني كارل دونلي أبلى بلاء حسنا فيما يبدو بتناول قضية بيئية في توقيت مثالي، فمع الانخفاض القياسي اليومي لدرجات الحرارة خلال الموجة الحارة الأوروبية الأسبوع الماضي، بدا الجمهور في حانة بشرق لندن مهيأ على نحو خاص للإعجاب بقفشات دونلي الفكاهية التي تناولت المخاطر الوجودية لتغير المناخ.

وهذا التوقع لعالم أكثر حرارة بكثير يسلط الضوء على المخاطر المحدقة خلال مرحلة حاسمة من المحادثات لتنفيذ اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 في مسعى جماعي لدرء الانهيار المناخي، وتظهر الدراسات المتعاقبة الأضرار المناخية من أحوال الطقس القاسية إلى ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحر بما يتجاوز التوقعات الأولية لذلك لا توجد أمام المفاوضين فسحة كبيرة لتحويل التطلعات المتفق عليها في باريس إلى نتائج ذات معنى.

وقالت سو ريد نائبة مسؤول المناخ والطاقة في سيريس، وهي جماعة أمريكية لا تهدف إلى الربح وتعمل على توجيه الشركات والمستثمرين إلى طريق أكثر استدامة ”هناك أمور كثيرة على المحك خلال الشهور الثمانية عشر المقبلة“.

وأضافت لرويترز ”هذه فترة حاسمة للمسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص على حد سواء لتحويل دفة الانبعاثات بالفعل“، وفي أكتوبر تشرين الأول، نبهت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والمدعومة من الأمم المتحدة إلى ضرورة بدء خفض الانبعاثات العام المقبل في أبعد تقدير حتى تكون هناك فرصة لتحقيق الهدف من اتفاقية باريس وهو إبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.

وفي ظل الانبعاثات الحالية التي تدفع درجات الحرارة إلى الارتفاع أكثر من ثلاث درجات، يعمل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على انتزاع التزامات أكبر من الحكومات قبل قمة مقررة في نيويورك في سبتمبر أيلول.

ويقول جوتيريرش إن عدم خفض الانبعاثات سيكون بمثابة عملية ”انتحارية“ ويريد حشد الزخم قبل جولة جديدة من المحادثات المناخية في تشيلي في ديسمبر كانون الأول، وبحلول وقت انعقاد قمة تكميلية كبيرة في بريطانية أواخر عام 2020، من المفترض أن تكون هناك خطط، ولو من الناحية النظرية، لخفض الانبعاثات العالمية إلى النصف خلال السنوات العشر المقبلة.

وقالت تيسا خان وهي محامية دولية في مجال تغير المناخ وأحد مديري شبكة معنية بالحد من آثار الظاهرة ”سنشهد خلال فترة عام ونصف العام دبلوماسية مناخية بكثافة لم نشهدها منذ توقيع اتفاقية باريس“، ومع تعزيز الجهود الدبلوماسية، لم تقدم أحدث الدراسات العلمية ما يُثلج صدور المفاوضين.

ويرى خبير المناخ الأمريكي مايكل مان أنه ينبغي خفض الانبعاثات بما يتجاوز كثيرا ما تريده الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لأن الهيئة ربما تستهين بمدى ارتفاع درجات الحرارة بالفعل مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.

وأضاف مان مدير مركز علوم نظام الأرض في جامعة ولاية بنسلفانيا ”عملنا بهذا الشأن يشير إلى أننا ربما نحتاج إلى تقليص استهلاك الكربون بنسبة 40 بالمئة مقارنة بما تشير إليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إذا أردنا عدم تجاوز حاجز 1.5 درجة مئوية“، لكن الدول صاحبة الاقتصادات الكبيرة لم تلتفت حتى الآن.

وعلى الرغم من تشديد بريطانيا التزامها باتفاقية باريس في يونيو حزيران بتعهدها بوقف انبعاثات الكربون تماما بحلول عام 2050 فإنها لا تزال بعيدة عن التأهب لدخول معترك المناخ مع انشغالها بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى ذلك، تراجع مسعى تقوده فرنسا وألمانيا لتبني الاتحاد الأوروبي لهدف مشابه إلى مجرد ملحوظة فرعية في بيان خلال قمة في بروكسل بعد معارضة بولندا وجمهورية التشيك والمجر، ولا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ملتزما بانسحاب بلاده، ثاني أكبر دولة مسببة للانبعاثات في العالم، من اتفاقية باريس تماما.

الوفيات الأعلى في هولندا

سجلت وفاة نحو 400 شخص إضافي مقارنة بمعدلات الوفيات العادية خلال موسم الصيف في هولندا بسبب موجة الحر القياسية التي ضربت أوروبا في تموز/يوليو، بحسب ما أفادت وكالة الإحصاءات الهولندية الجمعة.

وبلغت درجات الحرارة في هولندا 40,4 درجة مئوية في 25 تموز/يوليو محطمة بذلك الرقم القياسي المسجل عام 1944 ومتجاوزة للمرة الأولى الأربعين درجة مئوية منذ التدوينات الأولى لدرجات الحرارة.

وأفاد المكتب المركزي للإحصاءات الهولندية أن 2964 شخصا قضوا خلال الأسبوع الممتد من 22 إلى 27 تموز/يوليو مضيفا أن "ذلك يشكل قرابة 400 شخص إضافي مقارنة بأسبوع عادي خلال فترات الصيف".

وقال المكتب إن "موجة الحر كانت قصيرة لكن قوية جدا مع درجات حرارة تجاوزت كل الأرقام القياسية المسجلة من قبل في هولندا"، ويشار إلى أن غالبية القتلى الإضافيين هم أشخاص مسنون. وقضى 1687 مسنا يبلغون أكثر من 80 عاما خلال موجة الحر، أي أكثر بـ300 شخص مقارنة بعدد الضحايا خلال أسبوع صيفي عادي، بحسب الوكالة. وسجلت معدلات الوفيات الأعلى في شرق هولندا حيث كان الجو حارا أكثر من أماكن أخرى في البلادن وسجلت أرقام قياسية في أوروبا خلال موجة الحر هذه، إذ إن بريطانيا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا شهدت الأيام الأكثر حرا في تاريخها.

حرارة غير مسبوقة في بريطانيا

أظهرت بيانات أولية من مكتب الأرصاد البريطاني يوم الجمعة أن درجة الحرارة في بريطانيا سجلت على الأرجح رقما قياسيا يوم الخميس وبلغت 38.7 درجة مئوية، وبلغت الحرارة مستويات قياسية جديدة في ألمانيا وفرنسا وهولندا يوم الخميس مع تعرض أوروبا لموجة شديدة الحرارة للمرة الثانية خلال شهر.

وقال المكتب يوم الخميس إن ثاني أعلى درجة حرارة في بريطانيا على الإطلاق سُجل في كمبردج حيث وصلت إلى 38.1 درجة مئوية، لكن المكتب أعلن يوم الجمعة أن درجات الحرارة سجلت رقما قياسيا جديدا وبلغت 38.7 درجة بالحديقة النباتية لجامعة كمبردج، وسيحطم الرقم الجديد السجل القياسي السابق البالغ 38.5 درجة والمسجل في أغسطس آب 2003.

باريس تشهد أعلى درجة حرارة منذ بدء تسجيل البيانات

ذكرت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية (ميتيو فرانس) أن باريس شهدت يوم الخميس أعلى درجة حرارة منذ بدء تسجيل البيانات، فيما تلفح موجة حارة أنحاء أوروبا، وأضافت الهيئة أنه تم تسجيل درجة حرارة بلغت 40.6 درجة مئوية في العاصمة حوالي الساعة 1:40 بعد الظهر، ويحطم هذا الرقم درجة الحرارة القياسية السابقة التي بلغت 40.4 درجة مئوية وسجلت في يوليو تموز من عام 1947.

وتعرقلت رحلات مئات المسافرين على متن القطارات على مشارف باريس لبضع ساعات بعد اندلاع حريق في محول كهربائي، ما أدى إلى وقف الرحلات ذهابا وإيابا في محطة "غار دو ليست" في باريس.

وجاء ذلك بعد عطل طرأ على خط كهرباء معلق، ما أدى إلى وقف رحلات القطار بين بروكسل ولندن وباريس. ولم يتضح بعد ما إذا كان العطل قد نجم عن موجة الحر، غير أن شركة يوروستار حذرت من مزيد من الفوضى المحتملة الخميس.

وقالت وزيرة البيئة الفرنسية إليزابيت بورن "أطلب من كل من يستطيع تجنب أو إرجاء رحلاته أن يفعل ذلك" مضيفة أن الموظفين الذين يمكنهم القيام بعملهم في المنزل لا ينبغي أن يتوجهوا إلى مكاتبهم، وحذرت قائلة "ليس فقط الأشخاص الضعفاء هم المعرضون للإصابة بمشكلات صحية عندما تكون الحرارة بهذا المستوى".

أكثر من خمسين حريقا في اليونان

يسعى رجال الإطفاء في اليونان لإخماد خمسين حريقا جراء ارتفاع درجات الحرارة والرياح الشديدة، أبرزها حريقان قرب أثينا. وقد تم تجنيد أكثر من 450 عنصر إطفاء و23 طائرة في مختلف أنحاء البلاد للتصدي لهذه الحرائق التي اندلع أحدها في جزيرة إيلافونيسوس، إضافة إلى اثنين في محيط بلدة ماراثوناس قرب أثينا.

وتم إخلاء مخيم وفندق في الجزيرة المذكورة وأجلي مشاركون في أنشطة صيفية قرب ماراثوناس، بحسب وكالة الأنباء اليونانية الرسمية، وتقع ماراثوناس على مسافة قريبة من منتجع ماتي، حيث قضى أكثر من مئة شخص في عام 2018 في الحريق الأكثر دموية الذي شهدته اليونان، والجمعة، أعلن رئيس الحماية المدنية نيكوس هاردالياس الذي وضع أجهزة الطوارئ في حال استنفار قصوى، أنها المرة الأولى منذ عام 2012 التي تواجه فيها اليونان مزيجا خطيرا من الحرارة المرتفعة والرياح الشديدة والجفاف.

مبيعات الخضار والفواكه ترتفع بنسبة 20 % في إيطاليا

ارتفعت مبيعات الخضار والفواكه بنسبة 20 % الأسبوع الماضي في إيطاليا، في خضمّ موجة الحرّ، بحسب ما أعلنت نقابة "كولديريتي"، كبرى النقابات الزراعية في البلد، وقد دفع القيظ المستهلكين إلى "تغيير عاداتهم الغذائية واختيار مأكولات طازجة وصحية"، في وقت ساهمت الأحوال المناخية في "تعزيز إنتاج الفواكه الشديدة الحلاوة"، بحسب ما جاء في بيان صادر عن النقابة، وشهدت أوروبا الأسبوع الماضي موجة حرّ غير مسبوقة لشهر حزيران/يونيو. وتخطّت الحرارة 40 درجة مئوية في إيطاليا.

وتأثّرت بعض المحاصيل بشدّة بهذا القيظ في سهل بو، مثل البطيخ والفليفلة، مع خسائر تراوح بين 10 و30 %، بحسب "كولديريتي" التي أشارت إلى أن بعض المزارعين اضطروا إلى اللجوء إلى الريّ المكثّف لإنقاذ بعض المحاصيل، مثل الذرة والصويا والطماطم، ولم تسلم الحيوانات من موجة الحرّ هذه. فقد تراجع إنتاج الحليب عند بعض أنواع البقر بنسبة 10 % بسبب الإجهاد الذي لحق بالحيوانات من شدّة الحرّ.

اضف تعليق