q
نلاحظ اختفاء الطموح تدريجياً عند الجيل الجديد بسبب ظروف البلاد والخيبات التي يواجهها الأفراد في المجتمع وبسبب التطور الكبير وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ادى الى هروب الأشخاص من واقعهم وطموحاتهم والعيش في التكنولوجيا الحديثة والعزوف عن الأحلام والآمال وبسبب قلة الوعي الثقافي والإدراك الحقيقي...

فتاة تعيش أهوالاً في طفولتها، فقرٌ وحرمان، لم تتمتع بطفولة عادية وعاشت وترعرت في الظلام تعرضت للتحرش الجنسي في سن الـ14 وتوفى مولودها بعد ساعات من ولادتها وتحرم من الأطفال للأبد وهذا اثر على نفسها وعمل تحولاً سلبياً في حياتها، مأسات حقيقة لا أحد يتحملها لكنها وقفت بوجه الحياة وتحدت الآخرين للوصول الى ما تريد، انها أوبرا وينفري التي تحولت بإصرارها وعزيمتها من فتاة محطمة تسكن ولاية ميسيسبي الأمريكية الى اثرى نساء الكرة الأرضية فهي الان الأشهر في تاريخ التلفاز الأمريكي.

رفضت وينفري الظروف التعيسة ومنعتها من الوقوف في وجه أحلامها.. وزادت بمرور الوقت شهرتها لتصبح عالمية، وثالث امرأه تملك شركة إنتاج، وكانت في طريقها لتصبح اول بليونيره سوداء، فقد جمعت 97 مليون في عام 1996 فقط، هذا التحول والإصرار في اثبات الذات يسميه البعض او إصرار او عزيمة، سَمِه ما شئت، لكنه يصب في معنى واحد وهو المجهود الذي يبذله المرء لتحقيق أهدافه المنشوده وتطوير مهاراته الشخصية وتحويل أفكاره الى نتائج.

الطموح يولد مع ولادة الانسان فلكل شخص مواهب وغايات وامكانات تميزه عن غيره فالإنسان صاحب الهمم العليا والإرادة القوية لا يتوقف بمجرد النجاح او تحقيق الهدف انما يسعى دائما الى اثبات ذاته ورسم مستقبله والسعي الى تحقيق اهدافه بأكمل وجه فَسِر نجاح كل انسان هو طموحه، عندما يفكر الانسان بهدف ثم يسقط ثم يصمم على تحقيق ما يسعى اليه فبهذا سيحقق كل ما يتمنى ويريد.

يبدأ الطموح بفكرة صغيرة وينتهي بنجاح كبير فهو يصنع الانسان ويجعله يتميز ويرتقي ويبدع في حياته، لا يعرف الإنسان الطموح المستحيل، يحقق أهدافه بالعزيمة والإصرار والامل لان اساس الطموح هو الامل والإصرار القوي، لان طريق النجاح مليء بالأشواك والمتاعب فعليه مواجهه فشله والصمود امامه وعدم الانكسار، النجاح يولد من رحم الفشل وبدون الفشل لا يستطيع الانسان ان يكتشف نفسه والشخص الطموح يتعلم من فشله ويخلق منه فرص للنجاح.

وان ثقة الشخص بنفسه وبطموحه اهم عوامل النجاح ولا يتمكن المرء من تحقيق غاياته واهدافه دون التأكد من قدرته بالوصول لما يطمح اليه. ويقول زيج زيجلر في كتابه أراك على القمة "ان اذهاننا تكمل اية صورة نتخيلها عن انفسننا؛ بمعنى انك اذا رأيت نفسك شخصا عاديا فان ذهنك سيبدأ من فوره في تقمص هذا الدور فيأتيك بكلمات العاديين ويلهمك تصرفاتهم , فعقلك قادر على تشكيل تصور كامل لحياتك وفق ما تدخله من بيانات ومعطيات ويكفيك ان تدخل الخطوط الرئيسة كي يتكفل هو بوضع الكثير من التفاصيل الفرعية".

لكن علينا ان نميز بين الطموح والطمع والجشع فالطموح من اسمى الصفات التي يتمتع بها الانسان ويسمو ويرتقي فهو الشي المشروع لتحقيق الاهداف السامية اما الطمع هو الانحطاط والتجاوز على حقوق الاخرين منبعه حب الذات والانانية الحقد والحسد فالإنسان الطماع يريد ان يمتلك كل شيء في الحياة ولا يريد ان يشاركه احد فيه فيتحول الطموح الى جشع عندما لا يكتفي الشخص بنجاحاته وانما يحاول الاستيلاء على نجاحات الاخرين.

وقد يجهل كثير من الاشخاص قيمة الذات فيكونون عاجزين عن الطموح وينظرون الى الاشخاص الناجحين على انهم غير اسوياء فالأشخاص العاجزين عن الطموح هم من يتخوفون من الفشل والاحباط فتسيطر عليهم الافكار السلبية وعندما تسيطر تلك المشاعر على ذات الانسان تجعله عاجز عن الاداء والتطور بوجه عام.

ونلاحظ اختفاء الطموح تدريجياً عند الجيل الجديد بسبب ظروف البلاد والخيبات التي يواجهها الأفراد في المجتمع وبسبب التطور الكبير وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ادى الى هروب الأشخاص من واقعهم وطموحاتهم والعيش في التكنولوجيا الحديثة والعزوف عن الأحلام والآمال وبسبب قلة الوعي الثقافي والإدراك الحقيقي لدى الأفراد جعله يتخلى عن طموحاته ، فليس من صالح الدولة او المجتمع إهمال اوتجاوز طموح الأفراد لان طموح الفرد يؤدي الى بناء المجتمع واستقراره فكلما زادت المطامح السامية والاهداف النبيلة لدى الافراد تقدم المجتمع وحقق النجاح على جميع الأصعدة العلمية والصناعية والثقافية والتجارية فنجاح المجتمع مرهونا بنجاح ابنائه .

لقد اثبتت أوبرا وينفري تلك المرأة السوداء المضطهدة في مجتمعها ان لاشئ يقف أمام طموحات الانسان لاظروفه ولا معاناته فهو يصنع نفسه بنفسه، قد نعاني الكثير من المتاعب، لكن بالتأكيد ليست اقسى مما عانت منته ونفري والالاف مثلها الذين وصلوا الى القمة، لا تنتظر كثيرًا لتبدأ بتحديد هدفك والعمل على تحقيقه أسعَ إليه يسعى هو إليك، فالمعاناة يمكن تحويلها الى فرص.

....................................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق