q
إيران التي ترى احتجاز السفينة تم بطريقة غير قانونية وهنا لابد من وضع التساؤول التالي ما الذي يفسر الادعاء الايراني؟، وهل يوجد قانون يشرعن هذا الاحتجاج من قبلها، بالتأكيد الاجابة لا تحتمل خيار ثان، فطالما ان الناقلة تحمل علم بنما ولم تكن تابعة لدولة مفروض عليها عقوبات معينة...

لم تترك الادارة الامريكية السكون الذي يخيم على الاجواء بينها وإيران يدوم طويلا فقد تعمد بين الحين والآخر الى اثارة الاحداث التي من شأنها ان تزعج الجانب الايراني بصورة او بأخرى محاولة بذلك كسب الرأي العام الدولي.

في خطوة تمثل الاعتراض الاول من نوعه بدعوى عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا، احتجزت حكومة إقليم جبل طارق ناقلة نفط عملاقة للاشتباه في كونها تنقل نفطا خاما إلى ميناء بنياس.

العملية لاقت ترحيبا من الخارجية البريطانية والإشادة بعمل سلطات جبل طارق، في الوقت الذي كشفت الخارجية الإسبانية أن وقف ناقلة النفط جاء بطلب وجهته الولايات المتحدة إلى بريطانيا.

التحرك البريطاني غير معلوم الاسباب ما اذا كان بدافع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوربي على سوريا ام جزء من التواطئ مع زمة العقوبات الامريكية المفروضة على ايران.

طبيعة ما جرى يشي بأنه قرار بريطاني امريكي وهذا ما عبرت عنه الحكومة الاسبانية بشكل مؤكد، وهو ما يفيد ان القرار لم يأتي وفق قرار اوربي قاضي بأضافة عقوبة جديدة على سوريا كون النظام يعمد الى قمع المدنينيين والحراك الشعبي منذ عام 2011.

الاحتجاز ووفقا لهذا السيناريو ارادت من خلاله امريكا ان تضرب عصفورين بحجر واحد، الاول يتمثل بوضع حد للتنسيق بين بعض الدول الاوربية وايران للالتفاف على العقوبات الامريكية على ايران، والثاني هو توجيه ضربة مباشرة لايران وبالنتيجة فهو يبقى قرارا امريكيا بحتا.

جميع المعطيات تشير الى انها عقوبات امريكية على ايران وليس لسوريا دخل فيما حصل، بل اتخذت كذريعة، ماحدث هو رسالة وتحذير اوربي اسباني امريكي الى ايران انه وفي حال استمرار النظام الايراني في مواصلة تقليص التزامها النووي فأن اوربا ستضم صوتها الى امريكا في توقيع وتنفيذ العقوبات الاخيرة.

ولان ايران لاتخضع لعقوبات من قبل الاتحاد الاوربي الذي لجأ الى اتخاذ العقوبات السورية ذريعة لتوجيه رسالة عبر الحليف الايراني سوريا بأن اوربا قد لا تقف بالضرورة مع الجانب الايراني لاسيما وانها تحاول تمرير الجزء القليل من منتوجها النفطي لمن ينضوي تحت عبائتها من الدول العربية.

ايران التي ترى احتجاز السفينة تم بطريقة غير قانونية وهنا لابد من وضع التساؤول التالي ما الذي يفسر الادعاء الايراني؟، وهل يوجد قانون يشرعن هذا الاحتجاج من قبلها.

بالتأكيد الاجابة لا تحتمل خيار ثان، فطالما ان الناقلة تحمل علم بنما ولم تكن تابعة لدولة مفروض عليها عقوبات معينة، فضلا عن عدم حملها لمواد ممنوعة فأن الاقدام على هذه الخطوة تأتي خارج الاطر القانونية الدولية.

وتعتبر امريكا ان ايران تحاول الالتفاف على العقوبات الامريكية وهذه الواقعة توضح بجلاء ان المحاولات الايرانية قد تبؤء بالفشل وقد تنجح في بعض منها لكن امريكا مصرة على وضع النظام الايراني تحت انظارها وهو ما يجعل من الاستحالة مزاولة اي نشاط اقتصادي يذكر.

اقدام ايران على هذه الخطوة وهو ارسالها لناقلة نفطية عبر ميناء اوربي يرفض دخول اي وقود لسوريا يحمل بين جنباته بعض الاحتمالات، فربما تريد ان تقول ان بأمكانها الاستغناء عن قناة السويس وهي لا تكترث بالعقوبات المفروضة عليها من قبل امريكا، او ربما تكون خطوة غير مدروسة بعناية وبالتالي ادى الى احتجاز تلك الناقلة وقد تزيد تلك التصرفات الاوضاع سخونة اكثر مما هي عليه.

احتجاز هذه الناقلة ربما يدفع بايران الى الاتجاه نحو تصعيد آخر من شأنه ان يأزم الموقف بصورة اكبر في المنطقة، وبالتأكيد فأن اي تصعيد سيقابل بتصعيد مشابه من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وفي حال اقدام ايران على التصعيد سيحرمها من التعاطف الاوربي الذي يمكن ان يوصف بالخجول مع الملفات العالقة مع الادارة الامريكية.

الرسالة التي يجب ان تفهم من جميع ما حصل هو محاولة واضحة من قبل امريكا وبريطانيا لخلق فجوة بين الانظام الايراني والاتحاد الاوربي الذي لم يوجه لغاية الآن اي عقوبات على ايران في إطار اتهام الطرفين عدم الاعتراف بتلك العقوبات.

الاتحاد الاوربي يصدر للاسواق الاوربية اضعاف مضاعفة ما يتم تصدريه للاسواق الايرانية وهذا طبيعتة الحال يجعل من اصطفاف الدول الاوربية الى الكفة الامريكية امر واقع، ذلك كونها سوق رائج لتصريف المنتجات فضلا عن هيمنتها على السوق العالمية والحركة الاقتصادية، في الوقت الذي اخذ الدور الايراني وعلى وجه الخصوص الاقتصادي بالانحسار في الآونة الاخيرة.

على ايران ان تؤمن بمبدأ التفاوض لاسيما وانه لا يعد رضوخا بقدر ما يأتي ضمن مساع تكريس الحماية الامنية والاقتصادية من الانهيار في حال نشبت الحرب التي يرغب البعض سماع قرع طبولها في مياه الخليج العربي.

التفاوض يعطي لايران فرصة المحافظة على ازدهارها الاقتصادي مقابل تراجع في البرنامج النووي، وبالتالي تكسب الرضى الشعبي الدخالي وتقوي جبهتها الداخلية لخلق رأي عام منهاض للغطرسة الامريكية ومن ثم ضمان عدم حدوث ما حصل للشعوب العربية التي رحبت بالاحتلال الامريكي كونه المخلص الوحيد من الانظمة الجاثمة على صورهم وجعل بلدانهم تقبع تحت الجوع والتخلف والحرمات.

اضف تعليق