q
حينما تخلو حالة الاستمتاع من الجوانب المفيدة فإنها سوف تتحول إلى ضرب من اللهو، والأخير كما هو معروف يجعل من الإنسان مسخاً لا دور له في الحياة، ونظرا لاستمرار ساعات الصيام الطويلة التي تستغرق طوال ساعات النهار، يقضيها الصائم في نوع من الصراع بين الرغبة والامتناع...

حينما تخلو حالة الاستمتاع من الجوانب المفيدة فإنها سوف تتحول إلى ضرب من اللهو، والأخير كما هو معروف يجعل من الإنسان مسخاً لا دور له في الحياة، ونظرا لاستمرار ساعات الصيام الطويلة التي تستغرق طوال ساعات النهار، يقضيها الصائم في نوع من الصراع بين الرغبة والامتناع، فإن كثيراً من المهتمين حاولوا خلق فرص، للدمج بين الفائدة المتمثلة بتدعيم القدرات الروحية للصائم، وبين إمكانية التخفيف عنه، وذلك من خلال تقديم فقرات ترويحية تدعم روح التفاؤل والاستمتاع لديه.

من الأمور التي اعتادها الناس، ذلك الاختلاف الكبير بين شهر رمضان والشهور الأخرى، فهذا الشهر المبارك يتميز بأجواء خاصة، تجعله مختلف عن جميع شهور السنة، ومن بين أهم مزايا هذا الشهر الكريم، البحث عن سبل الترفيه التي تقلل من المصاعب التي يتعرض لها الصائم، بعد نهار الصوم الطويل، والصبر إزاء العطش والجوع، وكبح الجوارح كلها عن الرغبات المختلفة، لذلك نلاحظ اهتماما بالترفيه، من لدن جهات متعددة إعلامية وثقافية وحكومية وسواها، كلها تحاول بطريقة أو أخرى أن تريح الصائم، وترفّه عنه كي ينسى عناء النهار الطويل، فضلا عن استثمار هذا الشهر ثقافيا وفكريا وأخلاقيا ودينيا، في ضوء الظروف العصيبة التي يعيشها العراقيون والنواقص الكثيرة التي يعانون منها.

تكثر في شهر رمضان النشاطات النوعية، وهناك منظمات ومقاهي وكازينوهات تقدم أنواعا مختلفة للترفيه، منها ما يتميز باقتران الفائدة مع الترفيه ومنها ما يشكل إضاعة للوقت والفائدة معا، لذلك لابد من مراعاة ان تكون الفائدة مقرونة بالترفيه، حتى لو كان الأمر يتعلق بالمقاهي الكثيرة التي تنتشر في عموم البلدان الإسلامية والعربية، إذ تشكل المقاهي مكانا أساسيا يقضي فيه الشباب والناس عموما أوقاتا كثيرة في رمضان الكريم وسواه، ولكن تصبح المقاهي مزدحمة بعد الإفطار أكثر من الشهور الأخرى، لهذا يستحسن أن يتم استثمار هذه الحالة لصالح المجتمع، يتم ذلك من خلال تهيئة العديد من الفعاليات النوعية التي يتم الإعداد لها مسبقا، في خطوات مخطَّط لها.

وإذا عرفنا أن رمضان المبارك لهذا العام يتزامن مع ظاهرة الفراغ التي تعصف بالشباب العراقي والعراقيين بصورة أعمّ، فإن الفراغ الكبير وإقبال الشباب على وسائل الترفيه يصبح مضاعفا، لهذا يجب الانتباه الى أهمية استثمار التجمعات الكبيرة للناس في المقاهي وسواها، خاصة الشباب والتلاميذ الذي يقضون عطلتهم الصيفية في رمضان المبارك والتدفق الكبير نحو أماكن الترفيه لقضاء الوقت، لذلك لابد أن يقوم المعنيون بتطوير مهارات الشباب والمجتمع عموما بدورهم في الاهتمام بالمجتمع، مثال ذلك أن تقدم المقاهي أنشطة ثقافية متنوعة، محاضرات ومسابقات ثقافية، ونشر معلومات متنوعة تعمل على تطوير الإنسان، وبهذا تقترن الفائدة بالترفيه، مما يعطي لشهر رمضان المبارك نكهته الخاصة التي تميزه وتجعل منه محط أنظار الناس وانتظارهم مرة واحدة في كل عام، وهذا يضاعف تشوق الناس له.

وإذا صادف شهر الصيام في عطلة الطلاب، كما هو متوقع لبعض المراحل الدراسية، فإن ذلك يجعل من مساحة الفراغ لديهم أكبر، وهو ما سيمكن التلاميذ من عيش تجربة فريدة. وفي أسئلة قمنا بتوجيهها لهم تضاربت آراء بعض التلاميذ حول هذا الموضوع، فمنهم من يرى في تزامن شهر رمضان مع العطلة الصيفية استفادة، لكي يستمتع أكثر بالعطلة وأجواء رمضان الخاصة، دون أن تكون الدراسة عائقا، ومنهم من يرى في شهر رمضان مانعا عن الدراسة على الرغم من سعة الفراغ، لذلك يفضّل هؤلاء أن يكون رمضان مزامنا للعطلة، إضافة إلى كون رمضان مع الدراسة متعب ومرهق لهم، بسبب الحاجة إلى الدراسة والتركيز وصعوبة الجمع بين الصيام والاستعداد للامتحانات أو التحضيرات العلمية اليومية.

يفضل هؤلاء أن يتفرّغوا كليّا لشهر رمضان والاستفادة من مزاياه الكبيرة، لاسيما الروحية منها، كما يرى تلاميذ آخرون أن الدراسة تمثل وسيلة لسد الفراغ. وهناك مجموعة أخرى تملأ هذا الفراغ خلال شهر الصيام، بالاستعداد للعودة المدرسية من خلال متابعة دروسهم، فيما يعتبر بعضهم اقتران شهر رمضان بالعطلة الصيفية فرصة لبعض التلاميذ للتدرب على الصوم، واستثماره لصالحهم نفسيا لتقوية الإرادة والإيمان معاً.

كما يمكن أن يكون تزامن هذا الشهر الكريم مع حلول فصل الصيف، تمرينا أو درسا مضاعفا لتحمّل المصاعب واختبار إرادة الإنسان، وتعبيرا قويّا عن الإقدام على الصوم الذي يساعد على بناء شخصية تتميز بالصبر والتحمل، ومواجهة المصاعب الجسدية والنفسية في وقت واحد، ولذلك لابد أن يقترن هذا الشهر بالأنشطة التثقيفية المتنوعة التي تزيد من المعلومات المهمة، والمعارف التي تسهم في تطوير عقلية الشاب أو الإنسان في مختلف الفئات العمرية، فيندمج الإصرار على الصوم والالتزام به مع الرغبة بالفائدة وحصد النتائج المعرفية المتميزة.

في نهاية القول، لا يمكن إلغاء أو نفي حالة الإقبال المفرط على الترفيه في شهر رمضان المبارك، وهذا يحتّم على المعنيين والمهتمين أن تكون الفائدة مرادف للصيام بمتاعبه الجسدية، ولابد للجهات المعنية الرسمية والمدنية، كالمؤسسات الخيرية والمنظمات الثقافية، لابد لها أن تقدم فعاليات متنوعة تصب في صالح المجتمع، وتستغل فرصة التجمعات الكبيرة للناس في شهر رمضان، لأنها قد لا تتكرر بالكم والأعداد نفسها في الشهور الأخرى طوال العام، ويبقى الأمر خاضعا للتخطيط بالدرجة الأولى، على أن تسبقه إرادة المعنيين على أهمية نشر الثقافة بين عموم الناس في هذا الشهر المائز، خصوصا أن رمضان منذ سنوات عديدة يتزامن مع فصل الصيف وعطلة الطلاب الصيفية، وهم معظمهم من الشباب، الأمر الذي يتطلب تطويرهم مع بالتزامن مع الأوقات المخصصة للترفيه.

اضف تعليق