q
ينصرف مفهوم التمويل الأصغر في معظم دول العالم الى تقديم نطاق واسع من الخدمات المالية فـي المجالات الائتمانية والادخار والإيداع والتأمين والتحويلات بل والتـدريب وبنـاء القـدرات لذوي الدخول المنخفضة أي الفقراء الناشطين اقتصاديا. ويهدف التمويل الأصغر الى الحد من الفقر، الغرض الذي من أجله وجدت...

ينصرف مفهوم التمويل الأصغر في معظم دول العالم الى تقديم نطاق واسع من الخدمات المالية فـي المجالات الائتمانية والادخار والإيداع والتأمين والتحويلات بل والتـدريب وبنـاء القـدرات لذوي الدخول المنخفضة أي الفقراء الناشطين اقتصاديا. ويهدف التمويل الأصغر الى الحد من الفقر، الغرض الذي من أجله وجدت مؤسسات التمويـل الصغير هو الوصول الى الفقراء الذين تعجز المؤسسات المالية الرسمية عن التعامل معهـم . ومؤسسات التمويل الصغير كلما وصلت الى اكبر عدد ممكن مـن الفقـراء كانـت انجـح ،ان الوصول الى الفقراء له عدد من الأبعاد التي يمكن أن ينظر إليها مثل البعد المكاني والبعـد الكيفي.

كذلك يهدف التمويل الأصغر الى توفير فرص العمل من خلال المشروعات والعمالة المصاحبة بما أن العمل هو رأس المال الأساسي للفقراء، فان استحداث اكبر عدد ممكن من فرص التمويل والتدريب واكتساب المهارات يساعد على ردم الفجوة بين الفـرص المتاحـة للفقراء والفرص المرتقبة. ومن الضروري التصدي للعقبات التي تعترض فرص التـدريب وانسيابه والعمل على توسيع فرص التدريب على الاستخدام الذاتي وإتخاذ التدابير اللازمـة لتحسين نظام الوصول للمهن التقليدية وغير التقليدية من مؤسسات التمويل الرسـمية وغيـر الرسمية . وهذا يساعد على نمو الأعمال وتنويع أنشطتها. كما يهدف التمويل الأصغر الى توفير الأموال من أجل الاستثمار في الأعمال الصغيرة، ثم الخروج بالأشخاص من دائـرة الفقـر وتعزيز النمو الاقتصادي. فضلاً عن تحقيق الانتشار وتعتبـر الاسـتدامة مجرد وسيلة لتحقيق هذه الغاية وليست غاية في حد ذاتها. حيث تتوقف قيمة الاستدامة علـى مدى ما تجلبه لعملاء التمويل الأصغر من منافع.

وهناك تجارب رائدة في هذا الموضوع لعل اهمها هي التجربة الكورية في هذا المجال، اذ تعتبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمثابه جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الكوري، و يصل عددها حاليا الى اكثر من 3 مليون منشأة، و تشكل 99.8% من المجموع الكلي للمشاريع العامله فى كافه القطاعات الأقتصادية وتوظف نحو 10.480 مليون عامل من اصل 12.04 مليون عامل اي نحو 87% من مجموع القوة العاملة في كوريا، و تساهم بنحو 52.8% من اجمالي القيمة المضافه المتولدة في هذا القطاع.

فمنذ بدايه السبعينيات تحولت الحكومة الكورية من تركز سياستها على الصناعات الخفيفه كثيفه العمل الى الصناعات الثقيله والكيماويه بسبب تأكل حصه كوريا من التصدير نظرا للمنافسه من قبل الدوله الناميه في اسواق المنتجات كثيفه العمل، ولقد اصبح تطوير الصناعات الثقيله والكيماويه غير ممكن تطبيقه بدون تطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تقوم بانتاج القطع والمكونات والاجزاء الضرورية اللازمة للصناعات الثقيلة، وبفضل سياسه الدعم المتنوعه ازداد اعداد المشروعات الجديده بشكل مستمر فقد بثت الحكومه الروح الرياديه لدى المواطنين و حثهم على خلق اعمال جديده . كما ادرجت كوريا تنمية الصناعات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن اهم اهداف خططها التنمويه وذلك من خلال دعم هذه الصناعات عن طريق تقديم قروض وتسهيلات ائتمانيه بالعملات المحلية والأجنبية والخدمات الاستشاريه في الاعمال الاداريه والفنية، وتقديم برامج متنوعة مثل المساعدات المالية والادارية والتسويقية وخدمات التدريب عن طريق:

- الصندوق الكوري لضمان القروض: تم انشاءه عام 1976 لمساعده المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من الافتقار الى ضمان القروض لتمكنها من الحصول على راس المال المطلوب للقيام بالمشروع.

- الوكالة الكورية لتشجيع التجارة والاستثمار: وهي منظمة شبه حكومية تساهم في تشجيع الانشطة التجارية الصغيرة والمتوسطة في الاسواق الخارجيه وتوفير المساعدات الفنية والادارية والتمويلية والتسويقية.

- الحوافز الضريبية: تمنح الحكومة الكورية العديد من الحوافز الضريبية للصناعات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنها اعفاء او تخفيض ضريبي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الجديده التي تقام خارج مناطق المدن، وتخفيض قيمة ضريبة الدخل بنسبه 50% في نهايه السنة الاولى و لمده 5 سنوات.

الا ان مشكلة المشاريع الصغيرة لاتكمن في التمويل لوحدها، فضلاً عن اختلاف الظروف الموضوعية والفنية لكل بلد، اذ وجد مثلاً ان ثمة عوائق اخرى غير التمويل تتمثل في الأتي:

1- إن مشكلة تمويل المشاريع لا تكمن في التمويل ذاته ، بل بإدارة التمويل ، فالتمويل ينبغي أن لا يتجه فقط نحو المشاريع التي تسهم في توظيف العمالة ، أو إيجاد فرص عمل للعاطلين فحسب ، بل ينبغي أن تتجه نحو القطاعات الحقيقية والمشاريع التي تسهم في خلق القيمة المضافة والإسهام في عملية التنمية ، كالمشاريع الصناعية والزراعية، وهنا يمكننا القول بأن عدم وجود حماية للمنتج المحلي ادى إلى اتجاه القطاع الخاص نحو الأنشطة الهامشية وعزوفه عن الإسهام في القطاعات الحقيقية الأمر الذي يتطلب اجراءات تدعم المنتج المحلي من قبل الحكومة .

2- يلاحظ أن اغلب الناس تتجه إلى القروض الإستهلاكية حتى لو تجاوزت نسبة فائدتها 10% بينما لا يتجهون إلى القروض الإنتاجية بالرغم من انخفاض نسبة فائدتها ، الأمر الذي يطلب ترويجا اعلاميا نحو تقافة الأعمال في المجتمع ، حتي يتجه الناس نحو الإقتراض المنتج وبالتالي يخفف العبء عن القطاع العام في التوظيف وغيره .

3- ان المشكلة التي تواجهها دائرة القروض والتشغيل في وزارة العمل هي ضعف المصداقية من جانب المستفيدين، إذ ثبت أن كثيرا منهم يستغلون القروض في غير المجالات التي منح لأجلها. الأمر الذي يتطلب وضع آليات لمراقبة التنفيذ ومتابعة المشاريع المسجلة ، واستمرارها .

4- المشكلة التي تجعل المصارف تتباطء في منح القروض للمستفيدين هي عدم تعزيز طلبات المتقدمين بطلب تمويل لمشاريعهم بدراسات جدوى معترفا بها تثبت صلاحية المشروع للتمويل، الأمر الذي يثير قلقا لدى المصرف الممول بقدرة المستفيد على تسديد القرض من عائدات المشروع . وهنا يمكننا القول بأن برنامج (حاضنات الأعمال) يعد مهما للغاية إذ يمكن اعتباره خطوة أساسية في طريق تخطي هذا المعوق، إذ سيكون بامكان المستفيدين إعداد مشاريع ذات جدوى تشجع على الدعم والتمويل من قبل المصارف.

اضف تعليق