q

تمثل الموهبة قدرة أو استعداد الانسان الفطري على الانتاج المتميز في الفكر والتطبيق، أما من الناحية التربوية والاصطلاحية فهناك صعوبة في تحديد وتعريف بعض المصطلحات المتعلقة بمفهوم الموهبة، كونها تبدو كثيرة التشعب ويسودها الخلط، فالموهبة تمثل سمات معقدة تؤهل الفرد للإنجاز المرتفع في بعض المهارات والوظائف، أما الانسان الموهوب فهو الفرد الذي يملك استعداداً فطرياً وتصقله البيئة الملائمة، لذا تظهر الموهبة في الغالب في مجال محدد يتقنه الانسان بصورة جيدة ومتميزة في وقت واحد.

ويرى بعض المعنيين بالموهبة ترابطا بينها وبين مفاهيم أخرى كالإبداع مثلا، هو بدوره يمثل إنتاج الجديد النادر المختلف المفيد فكراً أو عملاً، وهو بذلك يعتمد على الإنجاز الملموس، وترتبط الموهبة بالذكاء ايضا، وهو القدرة الكلية العامة للفرد على القيام بفعل مقصود، والتفكير بشكل عقلاني، والتفاعل مع البيئة بكفاية، وهو في نهاية المطاف يمثل قدرات الفرد في عدة مجالات، كالقدرات العالية في المفردات والأرقام، والمفاهيم وحل المشكلات، والقدرة على الإفادة من الخبرات، وتعلم المهارات والتعامل الجيد المعلومات الجديدة.

أما الأفراد الموهوبون أو المتميزون كما يعرفهم مكتب التربية الأمريكي، هم الذين يتم الكشف عنهم من قبل أشخاص مهنيين ومتخصصين، وهم الذين تكون لديهم قدرات واضحة ومقدرة على الإنجاز المرتفع، لذلك تعد الموهبة كالملَكة عند الإنسان، لذا عليه أن يستغلها وأن يحسن توظيفها في انجاز اهدافه، فهي أشبه ما تكون بالطاقة الكامنة عنده، فإذا اكتشفها وعرف منابعها جيدا، آنذاك يمكنه الاستفادة منها ومن ثم تطويرها، وهذا سيقوده بالنتيجة الى التميّز عن سواه، الامر الذي يجعل المجتمع في حاجة دائمة له.

تعتمد الامم والمجتمعات الراقية على الافراد الموهوبين، وتهتم بهم كثيرا، وتعمل على تهيئة مستلزمات التطور لهم، وتحرص على تقديم الرعاية التي تناسبهم، بما يحقق لهم نوعا من الاستقرار والدعم والإطراء والتشجيع، لكي تنمو مواهبهم اكثر فأكثر، وينشغلوا بالاكتشافات والمخترعات والتجديد، لذلك نلاحظ تصاعد وتيرة التقدم في الدول والمجتمعات التي ترعى المواهب المتميزة من أصحاب الكفاءات.

في المقابل هناك دول حكومات وشعوب لا تعبأ بالموهبة، بل اكثر من ذلك تأخذ بمحاربة الكفاءات وتخشاها الى ابعد حد، ولكن ما هي عواقب من يهمل المواهب القوية المتميزة؟، وقبل ذلك لماذا يهملها؟، من الواضح ان اهمال المواهب يعود الى سياسة التجهيل الرسمي التي تقوم بها الانظمة السياسية القمعية الجاهلة، لغرض نشر الجهل بين افراد ومكونات المجتمع، حتى يكون الجهل حاميا للنظام السياسي من وعي الجماهير، فالمجتمع الواعي عادة لن يقبل بانتهاك حقوقه، حتى لو كانت الحكومة فاسدة متجبّرة.

أما اذا كان المجتمع جاهل، فالجميع لا يهتم للظلم ولا يرى ضيرا في التجاوز على حقوقه، من هنا تبدأ مشكلة الناس، التي ستفرز مجموعة من العواقب مدمرة، قد تصل بالدولة والمجتمع الى الانهيار، فمراعاة المواهب والكفاءات، والاهتمام بالاطفال من لدن العائلة والمدرسة ورعاية مواهبهم، تعنى وضع الامور في نصابها الصحيح، وتعني ايضا النتائج السليمة للنشاط البشري، فلا خوف هناك على دولة ومجتمع متعلم، تُحترَم فيه الواهب، والكفاءات، الخوف سيكون على الدولة التي تهمل المواهب، لأنها كالانسان الذي لا يعرف اين تكمن مزاياه وقدراته، وعندما يجهل الانسان قدراته وطاقاته، سوف يتساوى مع العدم او اللاشيء، فما فائدة انسان يحمل عقلا عاجز عن العمل والانتاج، إنه في هذه الحالة كالجاهل الذي تتساوى لديه كل الاسباب والنتائج.

ولنا أن نتصور شعبا يتكون من افراد غير موهوبين، اطفال او كبار، غير قادرين على تطوير حياتهم وادارتها بالشكل السليم، إننا حتما سنكون عواقب وخيمة حتى لو لم نر نتائجها الان، فالعواقب الوخيمة التي تفرزها وتعكسها ظاهرة إهمال الكفاءات، تقود الدول والامم والشعوب نحو الانحدار، وربما يصل الامر كما ذكرنا سابقا الى الانهيار التام للمجتمع، لذلك بذلت الدول المتطورة والمجتمعات الراقية ما يكفي من الجهود العلمية بالمواهب وبأصحاب القدرة على الابتكار من الاذكياء والموهوبين.

وكان للاطفال حصة مهمة من هذا الاهتمام الجوهري بالموهبة والذكاء، فقد وضع العلماء المختصون قواعد ونصائح يمكن في حالة تطبيقها الحصول على نتائج جيدة جديا ومتميزة، لذلك تم وضع قواعد ونصائح وبنود تساعد على تحقيق التفوق لاسيما للموهوبين من الاطفال، كونهم يشكلون الاساس الذي تنطلق منه الموهبة، من هذه القواعد او البنود:

ـ أن يمتلك الطفل قدرة ممتازة على الاستدلال والتعامل مع المجردات والتعميم من حقائق جزئية.

ـ أن يكون لديه فضول عقلي على درجة عالية.

ـ أن يتعلم بسهولة ويسر.

ـ أن يكون لديه قدر كبير من الاهتمام.

ـ أن يكون لديه ساحة انتباه واسعة. وهذا يجعله يدأب ويركز على حل المشكلات.

ـ أن يكون ممتازاً في المفردات اللغوية كماً ونوعاً بالمقارنة مع أترابه الذين في مثل سنه.

ـ أن يكون لديه القدرة على القيام بعمل فعال بصورة مستقلة.

ـ أن يكون قد بدأ القراءة بصورة مبكرة.

ـ أن يظهر قدرة فائقة على الملاحظة.

ـ أن يظهر أصالة ومبادرة في أعماله العقلية.

ـ أن يظهر يقظة واستجابة سريعة للأفكار الجديدة.

ـ أن يملك القدرة على التذكر بسرعة.

ـ أن يملك مستوى تخيل غير عادي.

ـ أن يتابع مختلف الاتجاهات المعقدة بيسر.

ـ أن يكون لديه اهتمام كبير بطبية الإنسان (مشكلة الخلق والمصير).

ـ أن يكون سريعاً في القراءة.

ـ أن يكون لديه عدة هوايات.

ـ أن يكون لديه اهتمامات في المطالعة في شتى المجالات.

ـ أن يستخدم المكتبة بفعالية وبصورة مستمرة.

ـ أن يكون ممتازاً في الرياضيات وعلى الأخص في حل المشكلات.

واخيرا يمكن من خلال هذه النقاط وربما هنالك المزيد منها، أن نحقق جيلا من الموهوبين، يأخذون على عاتقهم فتح الآفاق الواسعة لتطور المجتمع.

اضف تعليق