q
في عصر يكافح فيه حتى المبتكرين في وادي السيليكون للحاق بالركب ومواكبة التطورات، أصبحت معرفة القادة لأنفسهم وقدراتهم أمراً حاسماً. فكيف سيستطيعون التعلم والتطور؟ أو جمع المواهب لإنشاء فرق العمل التي يحلمون بها، ليعززوا من نقاط قوتها ومعالجة نقاط ضعفها؟ أو تفادي التكاليف غير الظاهرة...
هنريك بريسمان/ديبورا آنكونا

 

إلى إي مدى تستطيع التكيف في عالم سريع التغير؟

في عصر يكافح فيه حتى المبتكرين في وادي السيليكون للحاق بالركب ومواكبة التطورات، أصبحت معرفة القادة لأنفسهم وقدراتهم أمراً حاسماً. فكيف سيستطيعون التعلم والتطور؟ أو جمع المواهب لإنشاء فرق العمل التي يحلمون بها، ليعززوا من نقاط قوتها ومعالجة نقاط ضعفها؟ أو تفادي التكاليف غير الظاهرة؟ يحتاج القادة الاستثنائيون إلى فهم العالم، والقطاعات التي يعملون بها، وشركاتهم، والأهم من ذلك فهم أنفسهم.

كما كتب بنجامين فرانكلين: "هناك ثلاثة أشياء عسيرة: الفولاذ، الألماس، ومعرفة الذات". بالاستناد إلى عقود من الأبحاث حول فعالية القيادة، ومراقبة ممارسات الإدارة عن كثب، صممنا أدوات تطوير وتغذية راجعة أطلقنا عليها "x360" من أجل تسهيل عملية اكتشاف الذات.

منذ إطلاقها في 2017، استخدم هذه الأدوات ما يقارب 2000 مشترك ببرامج انسياد من أجل تحديد بصمتهم في القيادة -أسلوبهم الخاص في الإدارة- ومن أجل استكشاف طريقة للارتقاء بدورهم. وكما هو الحال في أدوات 360 درجة، تخول الأشخاص من مقارنة صورتهم الذاتية مع الصورة التي يراها مدرائهم وأقرانهم ومرؤوسيهم وكافة أصحاب المصلحة. أظهرت الأبعاد الثلاثة الأساسية لأدواتنا فعاليتها في المؤسسات المتعددة الثقافات والأنماط.

سنقوم في هذا المقال الذي يعد الجزء الأول لسلسلة من ثلاثة أجزاء، بتناول "بُعد التكيُف"، أي "من أنت" بحسب أدوات 360X.

القيادة والقدرة على التكيف

يلخص مؤشر القدرة على التكيف عقودًا من الأبحاث حول الفرق بين الأشخاص ممن يستطيعون التعامل مع الضغوطات وممارسة مهام القيادة في ظل تلك الضغوطات، ومن لا يستطيعون ذلك. يسلط هذا الجانب من القيادة الضوء على جوانب الذات التي تعتبر راسخة نسبيا ويصعب تغييرها. ويقيس قدرة الأشخاص على التكيف والعمل في سياق متغير إلى حد كبير. ويحتوي على خمسة أجزاء:

المرونة:

في بيئة تتطلب التجريب بشكل مستمر، لا بد من الإخفاق. تعزى المرونة إلى القدرة على تخطي تلك الإخفاقات ومواجهة الشدائد. يتمتع الأشخاص المرنين بآليات قوية للتكيف، وعدم الاستسلام بسهولة للقلق والاكتئاب. قد تشير انخفاض مستويات المرونة إلى الحاجة لتعلم كيفية التعامل مع الإخفاقات أو الابتعاد عن المهام القيادية التي تنطوي على خطورة.

الذكاء العاطفي

عندما تصعب الأمور، من السهل التغلب على المشاعر السلبية، أو عدم القدرة على التحكم بالنفس، أو الشعور بالإرهاق والإجهاد. يعزى الذكاء العاطفي إلى القدرة على مراقبة وكبح العواطف بشكل صحيح. بالإضافة إلى تقييم مشاعر الآخرين وتأثيراتها. يتوجب على القادة معرفة متى يكونوا أو فريق عملهم غير قادرين على التعامل مع الأمور بسبب الغضب أو الخوف ويحتاجون إلى المزيد من الوقت لاتخاذ قرارات صحيحة.

الفكر المتناقض

يتسبب التغيير في خلق تورات بسبب عدم وفرة الموارد في الكثير من الأحيان. تخلق الأولويات الجديدة مطالب تنافسية وقد ترغم القادة على الاختيار، على سبيل المثال، بين المكاسب طويلة الأجل والمكاسب القصيرة الأجل. العقلية المتناقضة هي القدرة على قبول الأمور المتناقضة والشعور بالحماس عوضاً عن الإجهاد. فالقادة القادرين على رؤية الضغوطات كفرص أكثر كفاءة في ابتكار حلول متكاملة.

التوجه نحو التعلم

يترجم بعض الأشخاص الفشل على أنه فرصة للتعلم. بينما يراه الآخرون كإشارة على الأداء الضعيف. يعزى التوجه نحو التعلم إلى الشق الأول، ويساعد القادة على التكيف بسرعة من جهة التفكير والأفعال بحسب المطالب المتغيرة. يعكس التوجه نحو التعلم، الميل القوي نحو استقاء معارف جديدة من أجل مواكبة الأفكار الجديدة وتطوير المهارات باستمرار. يعد التوجه نحو التعلم أمر حاسم لتطوير الأداء في بيئة سريعة التغيير.

إظهار الثقة بتولي دور قيادي

عندما يصبح التغيير عنوان اللعبة، لن تكون القيادة الهرمية ذات فعالية. ويجب استبدال اسلوب القيادة السلطوي بآخر يطبق على جميع المستويات في المؤسسة، وهو ما نطلق عليه القيادة الموزعة. ولكن لنجاح هذا النهج، يجب أن يكون لدى الأشخاص الثقة الكافية لاتخاذ دور قيادي. تعزى ثقة القيادة إلى الإيمان بقدرة الشخص على حشد الآخرين ومواجهة تحديات المستقبلية للقيادة. فالقيادة ليست للضعفاء في عالم سريع الخطى، والشجاعة والإصرار من الأمور المطلوبة للنجاح.

الوعي الذاتي

لا يوجد أسلوب واحد للقيادة، ولا يوجد قيادي مثالي. لا نستطيع التأكيد بشكل كافي على أن x360 ليست بأداة تقييم. فهي آلية للتطوير والحصول على التغذية الراجعة بهدف استكشاف نقاط القوة، والخبرات والقيم لتكون الأساس الذي نرتكز عليه. فخلق بصمتك القيادية عملية مستمرة تبدأ بتكوين صورة واضحة عن نفسك. وهي تتمحور حول استكشاف الجوانب الخفية في شخصيتك. ويجب أن نركز على دور الوعي الذاتي في تعزيز ذلك: فهو يساعدك على معرفة المهارات المطلوبة والتي تحتاجها لتصبح قيادي أفضل. كما يساعد الوعي الذاتي على إيصال أسلوبك للآخرين بحيث يسهل عليهم التعامل معك.

سنتناول في مقالنا اللاحق القدرات الخمسة التي تساعد القياديين على التطور، والتي تشكل البعد الثاني من x360.

* هنريك بريسمان، أستاذ مساعد في السلوك التنظيمي بكلية إنسياد، والمدير الأكاديمي لمركز إنسياد العالمي للقيادة/ديبورا آنكونا، أستاذ متميز في كلية سلون للإدارة، وأستاذ الدراسات التنظيمية ومؤسس في مركز MIT للقيادة، التابع لكلية MIT Sloan للإدارة.
https://knowledge-arabia.insead.edu

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق