q
تتواصل الانتهاكات التي تقوم بها السلطات البحرينية ضد ابناء الشعب المطالب باجراء تعديلات دستورية في البحرين، التي شهدت مؤخرا اجراء انتخابات تشريعية عدها البعض مسرحية جديدة اثارت قلق واستياء العديد من المنظمات الحقوقية، خصوصا وانها تأتي بعد ان عمدت السلطات الى تغيب الاصوات المعارضة...

تتواصل الانتهاكات التي تقوم بها السلطات البحرينية ضد ابناء الشعب المطالب باجراء تعديلات دستورية في البحرين، التي شهدت مؤخرا اجراء انتخابات تشريعية عدها البعض مسرحية جديدة اثارت قلق واستياء العديد من المنظمات الحقوقية، خصوصا وانها تأتي بعد ان عمدت السلطات الى تغيب الاصوات المعارضة، ومنذ منتصف 2016، شرعت السلطات البحرينية بحسب بعض المصادر، في حملة منظمة للقضاء على المعارضة السياسية المنظمة في البلاد. وكانت الأهداف الرئيسية لهذه الحملة الواسعة النطاق هي المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين والنشطاء السياسيين، ورجال الدين الشيعة، والمتظاهرين السلميين. ولقد استهدف القادة السياسيين من الأغلبية الشيعية بشكل غير متناسب طوال الوقت، وقبيل إجراء الانتخابات لم يكن ثمة زعيم سياسي شيعي واحد ذي مكانة وطنية تُرك دون أن يتم اعتقاله، أو سجنه، أو تجريده من الجنسية البحرينية.

وتشعر منظمة العفو الدولية ببالغ القلق بشأن القمع الواسع النطاق للمعارضة السياسية والنشطاء والقادة المدنيين. فقد تم استهداف الشخصيات العامة الشيعية بشكل غير متناسب في حملة قمع قبيل الانتخابات. وقال ديفين كيني، الباحث في منظمة العفو الدولية في شؤون البحرين: "على مدى العامين الماضيين، شهدت حملة القمع في البحرين احتجاز المعارضين السياسيين وترهيبهم وإسكات أصواتهم. ولذا فإننا ندعو السلطات إلى وضع حد لهذا القمع المستمر والمتصاعد، والسماح بحرية التعبير لأصوات المعارضين، بما في ذلك أولئك الذين يعارضون النظام الملكي" في البحرين.

كما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن الانتخابات تجرى وسط أجواء "قمعية لن تفضي إلى انتخابات حرة"، في حين تنفي الجهات الرسمية ذلك، متهمة إيران بإشعال الفتن وتأجيج الاحتقان بين السنة والشيعة في البحرين. ويرى مراقبون أن البحرين أصبحت "تابعة بشكل مطلق" للسعودية وخاصة بعد أن استعانت حكومة البحرين بالسعودية لـ "قمع" الاحتجاجات التي طالبت " بإقامة ملكية دستورية في البلد الذي تحكمه عائلة سنية" عام 2011. ويرى برلمانيون بريطانيون أن الانتخابات لن تكون حرة في ظل دعوة "جمعية الوفاق" البحرينية لمقاطعة الانتخابات في بلادها وفي ظل إسقاط الحكومة الجنسية البحرينية عن بعض معارضيها البارزين مثل الشيخ عيسى قاسم.

ويرى ناشطون سياسيون بحرينيون إلى جانب منظمات حقوق الانسان أن الأخبار والأحداث التي تجري في البحرين لا تبشر خيراً وأن الوضع نحو الأسوأ. ويقول أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية: "إن وضْع حقوق الإنسان في أسوا مراحله الآن وإن الانتخابات الصورية تأتي في أجواء من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وسحق كافة أشكال المعارضة والمراقبة".

ويقول ناشطون إن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة منع المعارضين من الترشح لعضوية مجلس النواب. ففي 11 يونيو/حزيران الماضي صدق الملك على قانون يمنع أعضاء الجمعيات السياسية المعارضة التي حلها القضاء من الترشح في الانتخابات النيابية. وأمر الملك بمنع قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية المنحلة من الترشح لعضوية مجلس النواب، وبنيها "الوفاق" و"وعد".

وقال نيل باتريك الخبير في شؤون الخليج العربي إن الانتخابات البحرينية "خسرت كل معانيها السياسية والعملية" منذ مقاطعتها من قبل جمعية "الوفاق" لتي تقود المعارضة السياسية في المملكة. وأضاف أن "إبعاد الوفاق ووعد اللتين تضمان أشخاصا من مختلف مكونات المجتمع يؤكد عدم وجود أي معنى للانتخابات البحرينية". وتابع "يمكن اعتبار الانتخابات مجرد مصدر لتعزيز مكانة أفراد يسعون لتقديم أنفسهم على أنهم يمثلون المجتمع". اعتقال شخصين "حرضوا" على مقاطعة الانتخابات وثلاثة آخرين أتلفوا إعلانات انتخابية وفي 2014، قاطعت المعارضة السياسية الانتخابات وكانت الأولى منذ احتجاجات 2011، ووصفتها بأنها "مهزلة". وفي تموز/يوليو 2016، حل القضاء البحريني جمعية "الوفاق" التي كانت لديها أكبر كتلة نيابية قبل استقالة نوابها في شباط/فبراير2011، وكذلك جمعية "وعد" العلمانية.

انتخابات برلمانية

وفي هذا الشأن أدلى مواطنو البحرين بأصواتهم في انتخابات برلمانية حُرمت جماعات المعارضة من المشاركة فيها وسط حملة على المعارضة في المملكة المتحالفة مع الغرب. ودعا نشطاء إلى مقاطعة الانتخابات وقالوا إنها ”مسرحية“. وتقول الحكومة إن الانتخابات ديمقراطية. وأحكمت عائلة آل خليفة السنية الحاكمة في البحرين السيطرة على المعارضة منذ أن قامت المعارضة الشيعية بانتفاضة فاشلة عام 2011. وأرسلت السعودية قوات للمساعدة في سحق الاضطرابات في مؤشر على القلق من أن يلهم أي تنازل تقدمه البحرين لتقاسم السلطة الأقلية الشيعية في السعودية.

وتعتبر السعودية أن البحرين المجاورة لها والمكونة من عدة جزر ولا تمتلك ثروة نفطية هائلة مثل دول الخليج الأخرى حليفة مهمة في حروبها بالوكالة مع إيران في الشرق الأوسط. وحلت البحرين، التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، جماعات المعارضة الرئيسية ومنعت أعضاءها من خوض الانتخابات وحاكمت عشرات الأشخاص، وصفتهم جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بالنشطاء، في محاكمات جماعية.

وقال سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقره في بريطانيا، إن من الواضح أن هيئات تشريعية من الدول الديمقراطية الرائدة في العالم تعتقد أن الانتخابات في البحرين تفتقر إلى الشرعية إذ لا يمكنك ببساطة أن ”تسحق وتعذب وتسجن“ المعارضة بأكملها وتدعو إلى ”انتخابات زائفة“ ثم تطالب باحترام المجتمع الدولي. وقالت الحكومة إن 506 مرشحين يخوضون الانتخابات، من بينهم 137 يتنافسون على مقاعد المجالس البلدية، مع مشاركة أكبر عدد من المرشحات.

ويصل عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت إلى نحو 365 ألفا وسيدلون بأصواتهم في 54 مركزا للاقتراع. ويسعى 23 فقط من أصل 40 من أعضاء مجلس النواب إلى إعادة انتخابهم هذا العام في البرلمان الذي لا يتمتع سوى بسلطات محدودة. ودعت وزارة الداخلية المواطنين إلى تجنب الشائعات والاعتماد على ”مصادر موثوقة“ في المعلومات. وكتبت الوزارة في تغريدة على تويتر ”ما يتم تداوله من رسائل نصية تدعوك لعدم الذهاب لمركز الانتخاب بزعم أن اسمك محذوف أمر غير صحيح“.

واتهمت الوزارة بعد ذلك إيران بإرسال تلك الرسائل وقالت ”إيران مصدر 40 ألف رسالة الكترونية استهدفت التأثير سلبا على العملية الانتخابية“. ويقول كثير من الشيعة في البحرين إنهم محرومون من الوظائف والخدمات الحكومية ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في البلاد البالغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة.

وتنفي السلطات هذه الانتقادات وتتهم إيران بتشجيع الاضطرابات التي شهدت اشتباك المتظاهرين مع قوات الأمن التي استهدفتها عدة هجمات بالقنابل. وتنفي طهران هذه الاتهامات. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان إن المنامة تتقاعس في توفير الظروف اللازمة لإجراء انتخابات حرة عن طريق ”سجن أو إسكات الأشخاص الذين يتحدون العائلة الحاكمة“ فضلا عن حظر جميع أحزاب المعارضة.

وقال أحد قادة جماعة الوفاق المعارضة المنحلة إن صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شجع سلطات البحرين في قمعها للمعارضة، الذي شمل تجريد عشرات النشطاء من جنسيتهم. وأضاف علي الأسود، الذي يعيش في منفى اختياري في لندن وقد حكم عليه غيابيا بالسجن المؤبد، إن السلطات ما كان لها أن تمضي في كل هذا القمع دون دعم قوي من الحكومة السعودية. وأضاف أن ولي العهد السعودي لا يستمع إلا للمتعنتين في العائلة الحاكمة في البحرين. بحسب رويترز.

ويقول معارضو الحكومة إن مساحة التعبير السياسي أخذت في التقلص في الفترة التي سبقت الانتخابات. وقال نشطاء إن عددا من النشطاء بينهم نائب سابق اعتقلوا بسبب دعوتهم إلى مقاطعة الانتخابات على تويتر. وقالت متحدثة حكومية إن السلطات لا تمنع أحدا من التعبير عن آرائه السياسية وإن البحرين تضم 16 جمعية سياسية وإن غالبيتها قدمت مرشحين للانتخابات المقبلة، مشيرة إلى أن الحكومة تدعم بشكل كامل الحوار السياسي المنفتح والشامل. وتأمل بعض شخصيات المعارضة في أن يؤدي الاحتجاج على مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في قنصلية الرياض في اسطنبول إلى تقوية الأصوات الأكثر اعتدالا في المنطقة بمن فيهم أفراد العائلة الحاكمة في البحرين المستعدون للحوار مع المعارضة.

عرقلة الانتخابات

الى جانب ذلك وجهت السلطات البحرينية التهم لخمسة اشخاص محتجزين ب"التشويش على العملية الانتخابية"، بحسب ما أفاد رئيس النيابة. وحُظرت حركات المعارضة في البحرين وسُجن مئات المعارضين وتم اسقاط الجنسية عن عدد منهم. وصرح رئيس النيابة العامة مهنا الشايجي رئيس لجنة التحقيق في الجرائم الانتخابية أن أحد المتهمين اعتقل بعد أن دعا على تويتر إلى مقاطعة الانتخابات بحسب بيان للنيابة.

وقال أن تغريدات المتهم على تويتر "تضمنت تحريضاً على عدم المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة على نحو من شأنه المساس بحرية الاقتراع والتأثير على سلامة العملية الانتخابية والتشويش عليها". واعتقل آخر بسبب "نشر مقطع بصوته على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن أخبارا كاذبة عن سلوك أحد المرشحين بقصد التأثير على مجريات العملية الانتخابية ونتائج الاقتراع"، بحسب البيان. وأضاف البيان أن المتهمين الثلاثة الآخرين متهمين ب"إتلاف إعلانات انتخابية لأحد المرشحين بمحافظة العاصمة". بحسب رويترز.

وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر أمر رئيس النيابة باعتقال وتوجيه التهم إلى رجل بسبب تغريدة قال فيها أنه سيقاطع الانتخابات. وحظرت السلطات البحرينية على الحزبين المعارضين في البلاد وهم جمعية الوفاق الشيعية وجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) العلمانية، طرح مرشحين للبرلمان. وتلاحق السلطات منذ 2011 معارضيها وخصوصا من الشيعة، وتصدر بحقهم أحكاما قاسية.

وقال "معهد البحرين للحقوق والديموقراطية" الذي مقره لندن أن المتهم هو علي راشد العشيري، العضو السابق في البرلمان من جمعية الوفاق المعارض المحظور حاليا. وكتب العشيري في تغريدة أنه وعائلته سيقاطعون الانتخابات. وقال "ما زال البعض يسأل هل ستصوت في الانتخابات؟ وكأنهم لا يعيشون ولا يتابعون الوضع السياسي المتأزم في البحرين". وأضاف "أنا مواطن بحريني محروم من حقوقي السياسية والمدنية لذلك أنا وعائلتي سوف نقاطع الانتخابات النيابية والبلدية ولا لقانون العزل السياسي".

قمع المعارضة

على صعيد متصل أعربت منظمة العفو الدولية عن "قلقها الشديد" من قمع السلطات البحرينية للمعارضة السياسية، قبل ن إجراء الانتخابات التشريعية. وقال ديفين كيني، وهو باحث في المنظمة في بيان أنه في العامين الماضيين تم "احتجاز وتخويف وإسكات المعارضة السياسية". وأكد البيان "ندعو السلطات لوقف هذا القمع المستمر والمتصاعد والسماح بحرية التعبير للأصوات المعارضة، بما ذلك أولئك الذين يعارضون النظام الملكي". وتابع كيني أنه "لا يمكن لشركاء وحلفاء البحرين الدوليين البقاء صامتين، وعليهم استخدام نفوذهم للضغط على السلطات البحرينية للالتزام بالمعايير الدولية".

من جانب اخر قضت محكمة في البحرين بالسجن المؤبد على ثلاثة معارضين بارزين ملغية حكما سابقا بتبرئتهم من اتهامات بالتجسس لصالح قطر فيما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه ”تزييف للعدالة“. وأفاد بيان من النائب العام بأن المحكمة قضت بالسجن المؤبد على الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق المعارضة والشيخ حسن سلطان وعلى الأسود العضوين بالجمعية نفسها لإفشائهم معلومات حساسة وتلقيهم دعما ماليا من قطر.

وكان النائب العام استأنف حكما بتبرئة المعارضين الثلاثة صدر في يونيو حزيران ومثل نصرا نادرا من نوعه لشخصيات معارضة تقول إن الادعاء يستهدفها بسبب الآراء السياسية. ويحاكم سلطان والأسود غيابيا. ويقضي سلمان بالفعل فترة عقوبة مدتها أربع سنوات للتحريض على الكراهية وإهانة وزارة الداخلية بعد اعتقاله عام 2015. وفرضت البحرين والسعودية والإمارات ومصر مقاطعة على قطر العام الماضي واتهمتها بدعم الإرهاب والتقرب من إيران. وتنفي قطر هذه الاتهامات وتقول إن هذه الدول تحاول تقويض سيادتها. بحسب رويترز.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان ”هذا الحكم يمثل تزييفا للعدالة ويظهر الجهود الدؤوبة وغير المشروعة التي تبذلها سلطات البحرين لإسكات أي شكل من أشكال المعارضة“. وأضاف البيان ”الشيخ علي سلمان من سجناء الضمير وهو محتجز فقط لممارسته سلميا حقه في حرية التعبير“. وشنت الوفاق، التي تربطها صلات قوية بالأغلبية الشيعية في البلاد، حملة للمطالبة بإصلاحات اجتماعية وسياسية في البلد الذي تحكمه أسرة سنية.

إهمال طبي

الى جانب ذلك طالبت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية باتخاذ "خطوات فورية لضمان حصول جميع المعتقلين على الرعاية" الصحية، ونددت في بيان حالات "الإهمال الطبي" و"الإساءة المتعمدة" داخل السجون. وقام باحثو المنظمة بأخذ شهادات عائلات 11 معتقلا وحصلوا على معلومات موثوقة بشأن هذه الحالات من "الإهمال الطبي"، بحسب بيان المنظمة.

وقال ديفين كيني أحد باحثي المنظمة في منطقة الخليج، إن هذه المعلومات "تعكس صورة قاسية للإهمال الطبي وإساءة المعاملة المتعمدة داخل سجون في البحرين". وأضاف "على الرغم من توفير رعاية طبية، إلا أنها غير كافية، وكثيرا ما يكون السجناء ضحايا تأخير ووحشية غير ضرورية". وتطرق إلى حالة "رجل مصاب بسرطان في المرحلة الثالثة أعيد إلى السجن بعد بضعة أيام فقط من أخذ خزعة منه".

وأضاف الباحث أن "الشخص نفسه اضطر للانتظار أكثر من شهر قبل أن يتلقى أدويته". وأشار إلى أن "رجلا آخر فقد سبعة أسنان على الأقل منذ بداية اعتقاله بسبب رفض تأمين علاج" له. ودعت منظمة العفو السلطات البحرينية إلى "اتخاذ خطوات فورية لضمان حصول جميع المعتقلين على الرعاية المناسبة، كما هو مطلوب منها أن تفعل بموجب القانون الدولي". وأدين العديد من المعتقلين على خلفية التظاهر أو المشاركة في أعمال عنف خلال احتجاجات في العام 2011 في هذه المملكة الخليجية الصغيرة.

اضف تعليق