q
الباحثة في اللاهوت وتاريخ الأديان (إيزابيل بنيامين ماما آشوري) وهي مسيحية عراقية تقيم في كندا، تساءلت في إحدى مقالاتها عن سر هذا التدفق المليوني الهائل، والسيل المتعاظم من الحشود البشرية على قبر الإمام الحسين في مدينة كربلاء وإثر متابعتها لمجريات زيارة الأربعين وانعكاساتها، على مدى...

عديدة هي الأسباب التي تجعل الانبهار بالمشهد الأربعيني، وفي أكثر من تفصيل، ولا ينحصر بالشيعة، بل حالة الاندهاش اليوم موجودة عند مختلف الناس من شعوب شتى، ومن انتماءات شتى، كما أن استثنائية الحدث الأربعيني لا تنحصر في إطار الزمن الحاضر، بل كانت حاضرة منذ التاريخ القديم، فكما تحدثت صحف إبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) عن النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) وظهور المخلص المهديّ المنتَظَر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من بعده، كانت استثنائية الإمام الحسين (صلوات الله عليه) حاضرة في الكتب الأولى.

الباحثة في اللاهوت وتاريخ الأديان (إيزابيل بنيامين ماما آشوري)، وهي مسيحية عراقية تقيم في كندا، تساءلت في إحدى مقالاتها عن "سر هذا التدفق المليوني الهائل، والسيل المتعاظم من الحشود البشرية على قبر الإمام الحسين في مدينة كربلاء".

وإثر متابعتها لمجريات زيارة الأربعين وانعكاساتها، على مدى عدة سنوات، أشارت السيدة إيزابيل الى أن "النصوص الموجودة في الكتاب المقدس والتي تمتدح زحفاً بشرياً سنوياً، باتجاه قبر شخص واحد فقط، تخبرنا بأن هذه الأرتال البشرية، لا تأتي من ذاتها، بل إن الرب هو الذي جمعها، وأتى بها من أطراف الأرض، من الشمال والجنوب والشرق والغرب".

وتأكيدا بأن الرعاية الإلهية هي التي تأتي بالسائرين إلى قبر الحسين (عليه السلام)، تذكر الباحثة ما جاء في (سفر إرميا 31: 8): "ها أنا ذا آتي بهم من أرض الشمال، وأجمعهم من أطراف الأرض، بينهم الأعمى والأعرج، الحبلى والماخض معاً، جمع عظيم يرجع إلى هنا بالبكاء يأتون، وبالتضرعات أقودهم، أسيرهم إلى أنهار ماء في طريق مستقيمة لا يعثرون فيها".

وترى السيدة إيزابيل استثنائية قبر الإمام الحسين (عليه السلام) من جهة بقائه مَعْلَماً شامخاً وضريحاً زاهراً، فكتبت أنه "لم نرَ في أي زمن أرتالاً من البشر تتقاطر على قبر من قبور الأنبياء، الموجودة في العراق والشام وفلسطين وإيران، ولا في أي يوم من أيام السنة".

وحول ظاهرة الكرم الاستثنائي التي تعمّ العراق أثناء زيارة الأربعين، والتي كتب عنها كتاب عرب وأجانب باندهاش وإعجاب، تقول الباحثة ماما آشوري: أن "الكتاب المقدس يشير إلى أن هذه الحشود الملیونیة مهما كبرت فهي لا تجوع، ولا تتعب، ولا تعطش، وتسیر في طریق ملیئة بالماء، ولا یعثرون فیها على أرضٌ سمحة سهلة لا عثرة فیها".

وأن هذا اللاجوع، وهذا اللاعطش، وهذا اللاتعب إثر الراحة والخدمة المتوفرة لزوار الأربعين، إنما هو بفضل من الله القادر الكريم، وقد وفره الشعب العراقي للزوار بأكرم وأجمل وأروع صورة، يقول المرجع الشيرازي (دام ظله): "في زيارات الأربعين، الشعب العراقي الكريم -في هذا العصر- ضرب أعلى المثل والقيم النبيلة في التضحية والفداء، من أجل تأمين حاجات الزوّار الكرام، بكل ما أمكنهم من طاقات، وباسترخاص كل شيء، حتى ببيع ممتلكاتهم ودورهم ومحلاّتهم وسياراتهم، لتوفير حاجات الزوّار، فجزاهم الله تعالى خير الجزاء".

اضف تعليق