q

قد تكون دراسة اسماء الاحزاب السياسية احدى السبل المهمة التي يعرّف من خلالها الناس انفسهم سياسيا مثل: الديمقراطيون المسيحيون، وحزب الكونغرس في الهند، والحزب المحافظ، والحزب الشيوعي، والحزب الديمقراطي، والانكاثا، والحزب الدستوري الثوري، وحزب جون سانغ، وحزب العمال، والحزب الليبرالي، والاتحاد الصيني الماليزي، وحزب الفلاحين، والحزب الراديكالي، والجزب الجمهوري، والحزب الوطني الاسكتلندي، والحزب الاشتراكي.

كما يمكن تفسير القليل من هذه الاسماء على انها اسماء تشير الى منهجية مزاجية للسياسة بأكثر الطرق شيوعا، فالمحافظ (يتمنى الابقاء على ما لدينا، ويفضل التغيير القليل او التدريجي)، بينما الراديكالي (يبحث عن الجذور والاصلاح الفرعي)، واما الثوري ف (يسعى الى تغيير النظام الحالي بشكل كامل)..

الاتجاهات السياسية للناس التقليديين تتركز في الطيف اليميني او اليساري لهذا النوع. وقد شرح بعض المعلقين الخلاف بين الحزبين الرئيسين (في الانظمة التي تسمى بنظام الحزبين) من حيث المزاجية، فعلى سبيل المثال: هناك الحزب المحافظ الليبرالي في القرن التاسع عشر في بريطانيا، وهناك الحزب الديمقراطي الجمهوري في الوقت الحاضر في الولايات المتحدة).

وتشير كثير من هذه الاسماء الى الايديولوجيات، الليبرالية والشيوعية والاشتراكية والمحافظية.

والشيء المدهش هنا هو عدد الاسماء التي تشير الى جماعات فئوية محددة داخل سكان الدولة: جماعات وطنية (الحزب الاسكتلندي الوطني، وحزب انكاثا – رمح دولة زولو) وجماعات عرقية (الاتحاد الماليزي الصيني)، وجماعات حزبية (الحزب الديمقراطي المسيحي، وحزب جونغ سانغ الهندوسي)، ومجموعات طبقية او مهنية (حزب العمال ، وحزب الفلاحين). وبالفعل اذا نظرنا الى حقيقة الاسماء الرسمية للأحزاب السياسية سنجد ان هذه الاسماء يؤيدها على الاقل (بشكل حصري او عام) جماعة فئوية من هذه الجماعات. فعلى سبيل المثال: كان الحزب الجمهوري الهندي يطلق عليه رسميا اتحاد الطبقات المصنفة (المنبوذة)، بينما كان الحزب الديمقراطي الوطني النيجيري السابق يقتصر على شعوب اليوروبا التي تعيش في غرب نيجيريا، وعلى العكس من ذلك تسعى بعض الاحزاب، مثل حزب الكونغرس الهندي والحزب الثوري الدستوري المكسيكي الى توحيد كل فرد في الدولة تحت مظلة الوطنية.

وقد عززت دراسات كثيرة اجريت على سلوك التصويت من صورة المصوتين الذين ينتمون الى احزاب سياسية (او كما يوصفون)، كتعبير عن الولاءات الطبقية او الدينية او العرقية او الوطنية (وهذا امر واقع في الولايات المتحدة مثلها مثل المملكة المتحدة والهند وجنوب افريقيا).. كما تعتبر تلك الاحزاب انها تتصارع من اجل تحقيق (مصالح مجموعتنا)، لذلك فنحن نستفيد من نجاح هذه الاحزاب، وهذا السلوك ليس حكرا على مجال التصويت في الانتخابات فقط، فتشكيل الحكومة او التصويت على التشريعات، والنقاشات حول مبادئ الفدرالية والعدالة الاجتماعية امور قابلة للشرح في السياق نفسه.

لقد كان ينظر إلى التيار اليميني في أوروبا، وبخاصة في أعقاب انتخابات البرلمان الأوروبي، 2009، باعتباره منشأ الهوية كما يتجلى في مواجهة (الأقليات الأخرى). وقد تبين من استطلاع لوموند ، المعهد الفرنسي لاستطلاع الرأي العام (أي إف أو بي) في يناير 2001 الذي تم إجراؤه في فرنسا وألمانيا أن الغالبية يشعرون أن المسلمين (لم يندمجوا على نحو سليم). وهذا يأتي في إطار المفهوم الذي أطلقت عليه المقالة اسم (الإسلام والاندماج: الفرنسيون والألمان يعترفون بالفشل). وذكر محلل من المعهد الفرنسي لاستطلاع الرأي العام أن النتائج أظهرت شيئًا (بعيدًا عن ربط الهجرة بالأمن أو ربط الهجرة بالبطالة، والتوجه إلى ربط الإسلام بالتهديد على الهوية).

اما على المستوى النفسي فلا يعد مثل هذا السلوك امرا مستغربا، فالبشر حيوانات اجتماعية تدين بالولاء لجماعة معينة وتشك في اي عدو ينتمي الى اي جماعة اخرى، وكما يشير تيرنر وتاجفل تكمن المشكلة عندما نعمل على بناء المعنى الايجابي للهوية الاجتماعية، فغالبا ما يلجأ الافراد داخل المجموعة الى تكوين اراء عن الافراد خارج المجموعة، كأن يعتبر الفرد ان كل الافراد خارج المجموعة يمتلكون عددا من الصفات الدنيا مقارنة بصفاته هو.

وهذا يقودنا الى الحديث عن (سياسات الهوية) وهي عبارة عن مجموعة من الحجج السياسية التي تركز على المصلحة الذاتية ووجهات النظر الخاصة بـ المجموعات المصلحية الاجتماعية المحددة ذاتيًا، والوسائل التي يمكن عن طريقها تشكيل سياسات الشعوب بواسطة مظاهر هويتهم التي يتم تحديدها عن طريق العرق أو الطبقة أو الدين أو الجنس أو الإثنية أو الأيديولوجية أو أي شيء آخر مرتبط على نحو غير مضبوط ولكن بسيط بالنسبة لإدراك المنظمات الاجتماعية.

وربما سؤال يطرح نفسه: لماذا تختلف الطرائق التي يعرّف الناس انفسهم بها؟

ان أقصر الطرق للإجابة عن هذا السؤال هو الاشارة الى الخبرات السياسية التي شكلت فكر هؤلاء الناس بالنسبة الى عمليات التنشئة الاجتماعية.

لقد ثبت ان المنزل والاصدقاء بالتحديد، لهم تأثيرات مهمة أكبر من تأثيرات المدرسة والتعليم الجامعي. كما تعتبر وسائل الاعلام مصدرا مهما للمعلومات والاتجاهات السياسية. كما قد تكون هذه التأثيرات هي التي تتم في فترة البلوغ، وهي الفترة التي تنشأ فيها عادات التصويت في الانتخابات، واي نوع اخر مهم من المشاركة السياسية. كما تشمل هذه التأثيرات تأثيرات تتأتى من زملاء العمل، او رفقاء الحرب، او اي حدث سياسي.

اخيرا يمكن القول، ان الناس تميل الى استيعاب قيم وافكار الجماعات التي يعرفونها وجها لوجه، وهي الجماعات التي ينتمون اليها.

 

اضف تعليق