q
ولا يُنجز التغيير في أيام معدودات، بل عبر مراحل، ولكل مرحلة استحقاقاتها، ولابد من الصبر والحكمة والتدبر، على الذين يريدون التغيير أن يعقلنوا حركتهم، بحسب متطلبات الظروف لا بحسب رد الفعل، فإذا كانت حركة الإنسان في دائرة رد الفعل، فسيكون في دوامة أزمات يخلقها عدوه له...

التغيير عملية انتقال الفرد أو المجتمع بإرادته من حالة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية إلى حالة أفضل. وقد ورد في الصحيفة السجادية: (واجعل غدي وما بعده أفضل من ساعتي ويومي). وهي دعوة متواصلة الى التغيير نحو الأحسن والأحسن، وينبغي للمؤمن - دائماً - أن يستزيد من العلم النافع والعمل الصالح، فمهما يبلغ المرء فثمة مجال للرقي.

ومن حيثيات التغيير، الحكمة والشجاعة والإقدام في تحدي العقبات وتجاوزها، في إطار يجمع بين التمسك بالفضيلة والتطلع الى مستقبل زاهر، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إِذا هبْتَ أمراً خفت منه فقعْ فيه، فإِن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه). وقبل كل شيء، جدير بالمؤمن والمؤمنة أولاً التوكل الله والاستعانة به، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (من وثق بالله أراه السرور، ومن توكل عليه كفاه الأمور).

وبيّن القرآن الكريم اشتراط التغيير الإلهي بتغيير الإنسان لنفسه أولاً، يقول (عز وجل): (إن الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُوا ما بِأنفسهِم). ويتحقق التغيير بمعرفة متطلباته واتقان آلياته. يقول الإمام الشيرازي الراحل (قده): "التغيير يبدأ من الإنسان، والثقافة النافذة هي أول شرط في التغيير". حيث إن الإنسان محكوم بأطر ثقافية تحدد سلوكه، وليس من اليسير الفكاك منها.

ولا يُنجز التغيير في أيام معدودات، بل عبر مراحل، ولكل مرحلة استحقاقاتها، ولابد من الصبر والحكمة والتدبر، يقول(قده): "على الذين يريدون التغيير أن يعقلنوا حركتهم، بحسب متطلبات الظروف لا بحسب رد الفعل، فإذا كانت حركة الإنسان في دائرة رد الفعل، فسيكون في دوامة أزمات يخلقها عدوه له".

وينبغي أن يكون السعي الى التغيير في إطار (نبذ العنف)، فإن العنف يزيد الأمر سوءً، يقول المرجع الشيرازي (دام ظله): "أسلوب الحوار أولاً، والتظاهرات والإضرابات السلمية ثانياً، هي الأجدى والأحمد عاقبة في السعي الى الاصلاح والتغيير، وفي التاريخ البعيد، كما في التاريخ القريب، نماذج كثيرة تؤيد ذلك".

ومن مقومات التغيير لإنجاز الإصلاح، كفاءة مَنْ يقود حركة التغيير، فليس للفاسد أن يكون مصلحاً، وليس للخائن أن يكون أميناً. عن الإمام الباقر (عليه السلام): (مّنْ عرف مِنْ عبدٍ مِنْ عبيد الله كذباً إذا حدّث، وخلفاً إذا وعد، وخيانة إذا ائتمن ثم ائتمنه على أمانة، كان حقاً على الله تعالى أنْ يبتليه فيها، ثم لا يخلف عليه ولا يأجره).

ويقول الإسلام: اعمل ما تشاء، فلك حرية العمل شريطة أن لا تضرّ غيرك، لذا فإن (الحرية) كانت المرتكز لإنطلاق حركة التغيير التي شرع بها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونجح في بناء دولة العدل والسلام والفضيلة والرفاه، وإن إصلاحاته قد بدأت بالإدارة والحقوق والمال، ولنا أن نبدأ وننجح.

اضف تعليق