q

ارتفعت شعبية ملك السعودية الجديد "سلمان بن عبد العزيز" بصورة ملحوظة بين الاوساط المتشددة، (والمتعاطفين مع دورها الاقليمي)، في داخل السعودية وخارجها، شعبية كان النظام السعودي يبحث عنها بشدة بعد جملة من الانتكاسات السياسية والهزائم التنافسية لصالح غريمتها الاقليمية "ايران" في منطقة الشرق الاوسط، لسبب بسيط يتمحور حول اعادة الهيبة للمملكة التي ينظر اليها حكامها على اساس انها "قلب القوى السنية في العالم"، ومن دون اعارة اية اهمية تذكر لحجم هذه الانتصارات ومدى حقيقتها، وحتى وان كانت هذه الانتصارات سريعة وغير محسومة النتائج حتى الان، وهو ما سوقته حملات الترويج الاعلامي الضخمة وردود الافعال التي انتشرت بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، وكشفت مدى التعطش لانتصارات "خليجية" بقيادة "السعودية" لإعادة التوازن بين صراع القوى السني-الشيعي في المنطقة، كما كشف، ايضا، عن التوتر الكبير الذي تشعر به المملكة السعودية، (فضلا عن الحكام المتحالفين معها)، من تعامل ايران "البراغماتي" مع الملفات الحساسة التي تنافسهم فيها على الريادة، بعد ان خطفت عدة ملفات، منها الملف النووي الامريكي، والتقارب الممكن مع الغرب، فضلا عن ملف العراق ولبنان وسوريا، وصولا الى اليمن، التي توصف على انها "الخاصرة الاضعف لدول الخليج والسعودية تحديدا".

قبل ايام اجلت القوات البحرية السعودية، سفراء السعودية وقطر والقائم بالأعمال الإماراتية، بالإضافة الى موظفي تلك السفارات والعشرات من طواقم السفارات الأجنبية من مدينة عدن اليمنية (التي تحاول اعادة الشرعية لها باعتبارها الموقع البديل للرئيس اليمني "هادي" بدلا من صنعاء التي سيطر عليها الحوثيون في سبتمبر الماضي)، بعملية وصفتها بالنوعية، ومع ان العملية تأخرت عن موعدها المقرر، بعد ان "لاحظ قائد السفينة سفنا إيرانية حربية في المياه اليمنية لكن السفينة السعودية الدمام "الفرقاطة 816" استخدمت خطط الصمت الإلكتروني التي أظهرتها كسفينة تجارية إضافة إلى خروجها في الليل، حيث مكثت السفينة في الموقع ساعة واحدة بينما كانت عملية الإجلاء نصف ساعة فقط"، الا انها وصفت "بالناجحة" فقط لأنها تمكنت من اجلاء الموظفين وتجنبت الاصطدام المباشر مع القوات الايرانية، وقبلها بأيام سقطت طائرة حربية سعودية في المياه الدولية لعطب فني اصاب الطائرة واحتاجت معها لتدخل القوات الامريكية لإنقاذ طاقم الطائرة من عرض البحر، ويبدو ان تقدم الحوثيين تجاه عدن، رغم الضربات الجوية المكثفة، اجبر المخططين "لعاصفة الحزم" تعديل خططهم بشأن توقيت استمرار العملية التي كان من المقرر لها ان تستمر لشهر واحد في اقصى تقدير، الا ان التوقعات زادت لتضع جدولا زمنيا قد يستمر لمدة ستة شهور قادمة، مثلما زادت التكهنات الاخيرة بشأن امكانية القيام بهجوم بري واسع قد تقوم به القوات السعودية والمصرية داخل اليمن لمنع الحوثيين من الوصول الى عدن او السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية، بعد ان اثبتت الضربات الجوية انها غير قادرة على ايقاف زحف الحوثيين نحو الشمال، او حتى لمنع الحوثيين من استخدام الصواريخ "البالستية" تجاه الاراضي السعودية.

الى جانب هذه التغيرات العسكرية والتوقعات بـ "التدخل بريا في اليمن خلال أيام قليلة"، بحسب ما ذكره وزير الخارجية اليمني "رياض ياسين"، فان حسابات ومفاوضات سياسية تجري على قدم وساق لتعزيز موقف "التحالف العربي" ضد الحوثيين، فالعديد من التسريبات والتصريحات تناولت وجود صفقات سرية بين الرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" والسعوديين يقودها نجلا الرئيس اليمني والملك السعودي، وتتعلق بتخلي "صالح" عن "الحوثيين" او تأليب الجيش ضدهم (وهو ما قد يفتح الباب على الحرب الاهلية) مقابل توفير ممر امن او وعود بعدم الملاحقة القضائية.

طبعا تبقى جميع السيناريوهات مفتوحة امام جميع الاحتمالات، سيما وان الرد "الحوثي" او "الايراني" ما زال غير واضح او غير معلن حتى الساعة على الرغم من تصريحات لمسؤولين في حركة "انصار الله" الحوثية بان على السعودية الاستعداد لمفاجآت كبيرة خلال الايام القليلة القادمة، والتي يمكن تصورها بالتقدم الحوثي نحو السيطرة على عدن او التقدم تجاه الاراضي السعودية نفسها مع احتمال اطلاق عدد من الصواريخ البالستية التي بحوزة الحوثيين في حال خرجت الامور عن السيطرة، وبالتالي فان جميع التوقعات لا تصب في صالح استقرار اليمن او استقرار السعودية، فالانتصارات السريعة التي تبحث عنها السعودية داخل اليمن قد تؤدي الى خسارات سريعة من وجه نظر الكثير من المتابعين، فالتصعيد العسكري في اليمن زاد من سخونة الاوضاع في الشرق الاوسط بعد ان توسعت دائرة الحروب بإضافة اليمن الى سوريا والعراق وليبيا، فضلا عن تضرر مصر وتونس ولبنان والجزائر بالعمليات الارهابية العابرة للحدود، ويرى خبراء ان على السعودية ان تعيد التفكير بسياستها الخارجية قبل الاقدام على فتح الملف اليمني امام احتمالات مخيفة، واهمها ما ذا لو خسرت السعودية الحرب امام الحوثيين؟ وهل ستكون جبهتها الداخلية قوية امام انتكاسات سياسية او عسكرية جديدة في المنطقة؟

اضف تعليق