q
يعتقد خبراء أن انسحاب الولايات المتحدة سيقوي شوكة المتشددين في إيران، ولا سيما أن طهران هددت بتعجيل نشاطاتها النووية إذا ما أعيد فرض العقوبات الأميركية عليها، كما أنها ستعمل على زيادة التجارب الصاروخية وتدعم الجماعات المسلحة، فإن إيران قد تبقى ملتزمة فنيا بشأن السماح للوكالة الدولية بتفتيش منشآتها وفق الاتفاق، ولكنها لن تكون ملزمة بنظام أكثر صرامة في التفتيش، ويرى مراقبون أن ترامب قد يصدق على الاتفاق بهدف إقناع كوريا الشمالية بتنفيذ رغبتها المعلنة في عقد قمة مع الرئيس الأميركي.

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، قراره النهائي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، معتبراً أن الاتفاق "الكارثي" أعطى نظام طهران "الإرهابي" ملايين الدولارات.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي، إن لدى بلاده أدلة كافية بأن طهران لم تتوقف عن تخصيب اليورانيوم، معتبراً أن الاتفاق سيتسبب بسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. وأضاف: "على مدى الشهور الماضية سعينا مع شركائنا وحلفائنا لإصلاح الاتفاق النووي".

وبيّن ترامب أن الشعب الإيراني "لم يعرف النعيم منذ 40 عاماً"، مؤكداً أنه يجب وقف سلوكات إيران "الخبيثة" في الشرق الأوسط.

وأكد ترامب أنه سيوقع على مرسوم يقضي بإعادة فرض العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن واشنطن تستعد لإعادة فرض جميع العقوبات على إيران التي رفعت بموجب الاتفاق النووي.

من جانبه ذكر الإليزيه في بيان له، أن الرئيس الفرنسي ناقش مع ترامب، هاتفياً، القضايا المتعلقة بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وذلك قبل ساعات من إعلان ترامب موقفه النهائي من الاتفاق النووي الإيراني.

وذكر بيان صادر عن الإليزيه، أن "الرئيس الفرنسي ماكرون ناقش الثلاثاء هاتفياً مع نظيره الأمريكي ترامب، وتطرق معه للمسائل المتعلقة بالسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".

وفي مناسبات عديدة وصف ترامب الاتفاق بـ "الأسوأ في التاريخ"، كما هدّد بالانسحاب منه.

روحاني يتبنى خطابا عنيفا

الرد الإيراني على قرار ترامب لم يتاخر كثيرا، اذ شن الرئيس الإيراني حسن روحاني هجوما حادا على الولايات المتحدة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران وإعادة فرض العقوبات عليها.

وقال روحاني، في كلمة له نقلها التلفزيون الرسمي عقب كلمة ترامب: "الليلة رأينا تجسيدا لكلام قلناه قبل 40 عاما وهو أن أمريكا دولة تنقض العهود". واعتبر الرئيس الإيراني أن بلاده "تلتزم بما تتعهد به بينما أمريكا لم ولن تلتزم بما تتعهد به على الإطلاق".

ووصف روحاني انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي بأنه "تتويج لمساعيها الحقيقية على الأرض"، وأشار إلى أن بلاده ستنتظر لمعرفة موقف الدول الأخرى في الاتفاق النووي حيال القرار الأمريكي.

وتابع: "أصدرت تعليمات لوزارة الخارجية لتدخل في مباحثات مع روسيا والصين وتقوم بالتقييمات الضرورية". ومضى "روحاني" بالقول: "أمريكا كانت ولا تزال تعامل الشعوب بطريقة عدائية وتدخل في الانقلابات العسكرية في إيران وساندت المقبور صدام وأسقطت طائرة مدنية".

وحاول «روحاني» طمأنة شعبه فيما يخص التداعيات الاقتصادية للقرار الأمريكي، قائلا:"«وضعنا خطة لتأمين العملات الصعبة بالبلاد". وتوعد الرئيس الإيراني بقيام بلاده بـ"التخصيب الصناعي في المستقبل دون أي قيود إذا اقتضت الحاجة".

وأضاف: "لن نسمح لترمب بأن يمارس أي ضغوط نفسية أو اقتصادية على الشعب الإيراني"، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ جملة من القرارات الاقتصادية تحسبا للقرار الأمريكي.

السعودية تتشفى

وأعلنت السعودية، تأييدها وترحيبها بالخطوات التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، معربة عن تأييدها لما تضمنه الإعلان من إعادة فرض للعقوبات الاقتصادية على إيران، والتي سبق وأن تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي.

وقال بيان للسعودية، إن تأييدها سابقا للاتفاق النووي بين إيران ودول مجموعة (5 + 1) كان مبنياً على قناعتها التامة بضرورة العمل على كل ما من شأنه الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط والعالم، حسب وكالة الأنباء السعودية "واس".

وأضاف البيان: "إلا أن إيران استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة بما في ذلك حزب الله والحوثيين، التي استخدمت القدرات التي نقلتها إليها إيران في استهداف المدنيين في المملكة واليمن، والتعرض المتكرر لممرات الملاحة الدولية، وذلك في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن".

وأكدت المملكـة استمرارها في العمـل مـع شركائها في الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، لتحقيـق الأهـداف المرجوة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي، وضرورة معالجة الخطر الذي تشكله سياسات إيران على الأمن والسلم الدوليين بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي، بل يشمل كافة أنشطتها العدوانية بما في ذلك تدخلاتها في شؤون دول المنطقة ودعمها للارهاب، ويقطع كافة السبل، نهائيا، أمام إيران لحيازة أسلحة الدمار الشامل.‎

سيناريوهات مستقبلية

صحيفة اندبندنت البريطانية أوردت السيناريوهات المحتملة لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشان الاتفاق النووي وذلك في تقرير نشرته قبل انسحاب اعلان ترامب الانسحاب رسميا من النووي الإيراني.

واشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في فبراير/شباط الماضي التزام إيران بالاتفاق، وهو ما لقي ترحيبا من الأطراف المعنية، بما فيها الولايات المتحدة، لذلك فإن أي قرار لترامب بالانسحاب من الاتفاق كما توعد بذلك من قبل سيضع الجميع في دائرة مجهولة، وفق الصحيفة التي كتبت التقرير قبل اعلان ترامب الانسحاب.

ما هي الخيارات؟

وفقا لبنود الاتفاق، قدمت الولايات المتحدة تنازلات قبل وصول ترامب إلى السلطة فعلقت عقوبات فرضتها على إيران كعقاب لها على برنامجها النووي، بينها إرغام الشركات الدولية على تقليل مشترياتها من النفط الإيراني.

فأحد الخيارات المتاحة لترامب كما يسميها بعض الخبراء "الخيار النووي"، وهو إعادة فرض جميع العقوبات مرة واحدة، وهو ما يعني انتهاك فوري من قبل الولايات المتحدة لبنود الاتفاق التي تقول إن العقوبات يجب أن تبقى مرفوعة طالما أن إيران ملتزمة ببنوده.

وتشير ذي إندبندنت إلى أن الجميع -بمن فيهم وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو- قالوا إن إيران ملتزمة، وهو ما أكده آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير/شباط الماضي.

دوافع ترامب

الرئيس الأميركي لم يخف كرهه للاتفاق منذ حملته الانتخابية حتى أنه وصفه بأنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، لكنه أعرب عن استعداده للعمل على تحسينه. وبينما لدى ترامب مخاوف بشأن الاتفاق فإن مراقبين يعتقدون أنه يخضع لضغوط من قبل الصقور في حزبه الذين يرفضون الاتفاق منذ البداية، وشخصيات مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يعتبر أن إيران تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل.

كما أن ترامب يحبذ فكرة أنه يستطيع أن يعود إلى داعميه الأساسيين، ويقول "انظروا، لقد نفذت وعدا آخر". لكن خبراء يقولون أن الرئيس يرمي بالولايات المتحدة والاتفاق في أزمة نووية بهدف استمالة قاعدته السياسية، وأنه لا يبدو أن ثمة إستراتيجية محددة لدى الرئيس أو الإدارة بشأن ما سيأتي لاحقا.

ماذا عن أوروبا؟

الاتحاد الأوروبي يدعو إلى الحفاظ على الاتفاق، ويؤكد التزامه به حتى لو خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق.

لكن وكالة أسوشيتد برس تقول إن النظام المالي العالمي متشابك ومرتبط بالولايات المتحدة، ولن يكون من السهل على الجميع المضي في الأعمال التجارية مع إيران دون انتهاك للعقوبات الأميركية.

ماذا ستفعل إيران؟

يعتقد خبراء أن انسحاب الولايات المتحدة سيقوي شوكة المتشددين في إيران، ولا سيما أن طهران هددت بتعجيل نشاطاتها النووية إذا ما أعيد فرض العقوبات الأميركية عليها، كما أنها ستعمل على زيادة التجارب الصاروخية وتدعم الجماعات المسلحة.

ووفق ما ينقل موقع "الجزيرة" عن اسوشيتد برس فإن إيران قد تبقى ملتزمة فنيا بشأن السماح للوكالة الدولية بتفتيش منشآتها وفق الاتفاق، ولكنها لن تكون ملزمة بنظام أكثر صرامة في التفتيش.

ويرى مراقبون أن ترامب قد يصدق على الاتفاق بهدف إقناع كوريا الشمالية بتنفيذ رغبتها المعلنة في عقد قمة مع الرئيس الأميركي.

ألكسندرا بيل من مركز مراقبة التسلح وعدم الانتشار في واشنطن تقول لصحيفة ذي إندبندنت إن إعادة الولايات المتحدة فرض العقوبات ستكون انتهاكا للاتفاق. وتقول "سنفقد المصداقية كجهة يمكن الوثوق بها"، وتساءلت: لماذا ستبرم كوريا الشمالية أي اتفاقية بعد ذلك؟

ماذا يفعل مجنون أمريكا؟

سوليفان مستشار الرئيس السابق باراك أوباما يقول إن أمام ترامب ثلاثة سيناريوهات:

الأول: التصديق على التنازلات التي سبق أن قدمتها واشنطن وفق الاتفاق كما يفعل كل أربعة أشهر من توليه الرئاسة ولكنه قد يضيف سلسلة مطالب، وهذا ما قد يبقي الاتفاق حيا، ويتيح المجال أمام الأوروبيين لتحسينه كما وعدوا.

الثاني: رفض التصديق، ولكنه لا يدفع مباشرة باتجاه إعادة فرض العقوبات.

الثالث: عدم التصديق والدفع لفرض عقوبات أميركية جديدة، ويضع ذلك واشنطن في خلاف حاد مع حلفائها المفترضين بأوروبا، وهذا الخيار يحاول الأوروبيون وإيران تجنبه.

اضف تعليق