q
أحدثت الضربة العسكرية الامريكية البريطانية الفرنسية على سوريا الضجة التي اريد لها ان تكون، لكنها قد اخفت في باطنها الكثير من الاسرار التي قد تنكشف يوما بعد اخر، بعضها مفيد للمعسكر الشرقي وأخرى مفيدة لعدوه الغربي، حيث بدت أجواء العسكرة والحرب الباردة أكثر وضوحا...

أحدثت الضربة العسكرية الامريكية البريطانية الفرنسية على سوريا الضجة التي اريد لها ان تكون، لكنها قد اخفت في باطنها الكثير من الاسرار التي قد تنكشف يوما بعد اخر، بعضها مفيد للمعسكر الشرقي وأخرى مفيدة لعدوه الغربي، حيث بدت أجواء العسكرة والحرب الباردة أكثر وضوحا.

اكثر من 100 صاروخ اطلقت على سوريا فجر السبت، أدت الى إصابات طفيفة بعدد من الجنود السوريين، وبالتاكيد سبب هذا يعود لتفهم الجيش السوري لحتمية الضربة فاخلى قواعده، لكن الاختلافات في الرواية تركزت على كم الصواريخ التي تم اسقاطها او التي أكملت مسيرتها الى هدفها، فالمعسكر الشرقي يقول انه اسقط 73 صاروخا من اصل 103 فيما أظهرت قناة "سي ان ان" الامريكية رواية مختلفة مدعمة بالصور للاقمار الاصطناعية تؤكد تدمير مراكز حيوية سورية وتسويتها بالأرض.

بعد هذه الحادثة بدأت الأمور تتكشف اكثر، فروسيا لم تصل الى مرحلة الدفاع الكامل عن حليفها السوري، وهو يعكس هشاشة هذا التحالف حتى وان وصل الى حد إقامة قاعدتين عسكريتين في طرطوس وحميميم، اما المعسكر الغربي، فهو الاخر ليس افضل حالا من عدوه الشرقي، اذ تباينت الرؤى بين اطرافه وبينما اختلفوا حتى في اهداف ضربتهم، تغيبت دول مثل المانيا عن المشاركة في هكذا عمل عسكري يفترض ان يكون مشتركا.

موقف الحكومة الألمانية اتسم بأنه "غير موافق" حيال الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وبريطانيا، ضد مواقع الجيش السوري، رداً على ما قالت الدول الثلاث، بأن القوات الحكومية استخدمت السلاح الكيميائي ضد المدنيين في مدينة دوما بريف دمشق. واعتبرت صحيفة welt الألمانية، أن برلين يبدو أنها قد أوقعت نفسها في مأزق فيما يتعلق بموقفها من ضرب الأسد، فعلى الرغم من تأييد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لهذه الغارة، فإنها لم تشارك فيها. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الألمانية تفاجأت بتوقيت الضربة العسكرية ضد سوريا، وكانت أميركا قد أبلغت حلفاءها الرافضين للضربة الجوية بانطلاق العملية العسكرية، عندما كانت الطائرات المقاتلة تحلق في سماء سوريا.

علاقات ليست على ما يرام

ولم تكن ألمانيا طرفاً في هذه الضربة الجوية، نظراً لتوتر العلاقة بين المستشارة الألمانية ميركل، والرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبعد إقالة مستشار الأمن القومي السابق لترامب، هربرت ماكماستر، الذي يعد المسؤول الأميركي الوحيد، الذي يحظى بثقة المستشارة الألمانية، حافظت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين (من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، على قنوات الاتصال مع نظيرها الأميركي، جيمس ماتيس. وخلال منتصف الأسبوع الحالي، صرَّحت ميركل بأن "التدخل العسكري ضروري لتفعيل اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وتحذير النظام السوري من مغبة استخدام الأسلحة الكيميائية في المرات القادمة". بحسب موقع "عربي بوست".

كما أضافت المستشارة الألمانية، أن "ألمانيا لن تشارك في الضربات العسكرية، على الرغم من تأييدنا لفكرة التدخل العسكري، الذي يهدف إلى منع الجيش السوري من استخدام الأسلحة الكيميائية". ولطالما اتبعت ألمانيا نهجاً حذراً في التعامل مع موسكو، إذ تعتمد برلين على روسيا في الحصول على نحو ثُلث استهلاكها من الغاز، فتارة تضغط من أجل استمرار العقوبات بسبب ضمِّ شبه جزيرة القرم، ودعم الانفصاليين في شرقي أوكرانيا، وتارة تحافظ على الحوار والعلاقات التجارية، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.

وقالت صحيفة welt إنه "في الواقع، يعتبر امتناع ألمانيا عن المشاركة في الغارة الجوية أمراً غير ضروري، خاصة أن قواتها البحرية لا تملك غواصات مثل تلك التي من المحتمل أن تكون المملكة المتحدة قد أرسلتها خلال نهاية الأسبوع الحالي إلى البحر الأبيض المتوسط".

موقف متناقض

ومن جهة أخرى، كان بإمكان طائرات تورنادو الألمانية المتواجدة في الأردن المساهمة في الغارة الجوية عبر التقاط صور استطلاعية. لكن خلال الأسبوع الماضي، أشارت الحكومة الألمانية إلى أن هذه الطائرات المقاتلة لن تبرح مكانها، خشية اعتراضها من قبل الدفاع الجوي الروسي المتمركز في سوريا. وحيال هذا الشأن، قال نائب رئيس البرلمان الألماني، توماس أوبرمان (من الحزب الديمقراطي الاجتماعي)، إن "الهجمات الانتقامية ليست من صلاحياتنا الأساسية".

وبدا أن ألمانيا اتَّخذت إجراءات حمائية تماماً، مثلما حدث خلال شهر أبريل/نيسان من سنة 2017، حينما أقدم ترامب على شنِّ هجومٍ على قاعدة الشعيرات الجوية التابعة للجيش في سوريا، على خلفية الهجوم باستخدام الغازات السامة، الذي استهدف بلدة خان شيخون في ريف إدلب. وفي ذلك الوقت، كانت ميركل مؤيدة للضربة العسكرية دون المشاركة فيها.

إلا أن الصحيفة الألمانية رأت أن الأمر المثير للاستغراب، هو أن المستشارة الألمانية عندما كانت في صف المعارضة، انتقدت سلفها غيرهارد شرودر (من الحزب الديمقراطي الاجتماعي)، نظراً لأنه رفض دعم الولايات المتحدة الأميركية في حربها على العراق. وخلال سنة 2011، رفضت ميركل أيضاً التدخل العسكري الفرنسي والأميركي ضد الرئيس الليبي الأسبق، معمر القذافي. وفي ذلك الوقت، امتنعت ألمانيا، التي كانت عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي، عن التصويت لفائدة الهجوم تماماً مثلما فعلت الصين وروسيا. كما أقدمت ألمانيا على سحب قواتها حتى لا تكون طرفاً في التدخل العسكري ضد ليبيا.

تغير النظام ليس الهدف

في بريطانيا بررت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي السبت مشاركة بريطانيا في الضربات العسكرية في سوريا إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا، قائلة إنه "لا يوجد بديل عملي عن استخدام القوة".

وقالت رئيس الحكومة البريطانية في بيان "لا بديل عن استخدام القوة (...) لمنع استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري"، محملةً دمشق المسؤولية عن الهجوم الكيميائي المفترض على مدينة دوما بمنطقة الغوطة الشرقية.

وأضافت أن "هذا لا يتعلق بالتدخل في حرب أهلية. ليس لذلك علاقة بتغيير النظام"، واصفة الرد العسكري بأنه "ضربة محدودة". وأكدت أن الضربة سترسل "إشارة واضحة إلى أي شخص آخر يعتقد أن باستطاعته استخدام الأسلحة الكيميائية مع الإفلات من العقاب".

ومضت ماي قائلة "لا يمكننا السماح باستخدام الأسلحة الكيميائية لتصبح أمرا عاديا داخل سوريا أو في شوارع المملكة المتحدة أو في أي مكان آخر في عالمنا".

اين السند القانوني

من جانبه، انتقد زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيرمي كوربين افتقار الضربة للأسس القانونية، وقال إن ما تم الاستناد عليه في توجيه ضربات جوية بريطانية لسوريا قابل للنقاش.

وأضاف كوربين -في مقابلة مع "بي بي سي"- أنه كان سيؤيد فقط أي تحرك مدعوم من مجلس الأمن الدولي. وتابع "أقول لوزير الخارجية.. أقول لرئيسة الوزراء: أين السند القانوني لذلك؟".

وتابع "الأساس القانوني.. كان يجب أن يكون الدفاع عن النفس أو تفويض من مجلس الأمن. التدخل لأسباب إنسانية مفهوم قابل للنقاش من الناحية القانونية في الوقت الحالي".

اهداف جديدة لأمريكا

وبعد الضربة على سوريا قالت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، الأحد 15 أبريل/ نيسان 2018، إن بلادها لن تسحب قواتها من سوريا إلا بعد أن تحقق أهدافها.

وفي حديث مع فوكس نيوز ذكرت هيلي 3 أهداف للولايات المتحدة، وهي ضمان عدم استخدام الأسلحة الكيماوية بأي شكل يمكن أن يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر، وهزيمة تنظيم داعش، وضمان وجود نقطة مراقبة جيدة لمتابعة ما تقوم به إيران، وقالت "هدفنا أن تعود القوات الأميركية للوطن، لكننا لن نسحبها إلا بعد أن نتيقَّن من أننا أنجزنا هذه الأمور".

"تويتر" خطر على جنودهم

وقبل الهجوم الثلاثي على سوريا انتقد نواب ديموقراطيون الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة لاستخدامه وسائل التواصل الاجتماعي متناولا امكان شن ضربة عسكرية ضد سوريا، محذرين من أن هذه اللهجة "المتهورة" و"الساخرة" تعرض القوات الأميركية للخطر.

وحضّ تسعة اعضاء في مجلس النواب، كلهم من المحاربين الأميركيين القدامى، ترامب على الكف عن نشر تغريدات في هذا الشأن بعد هجوم مفترض بالاسلحة الكيميائية في مدينة دوما السورية، حيث تقدر الحكومة البريطانية أنه أسفر عن مقتل 75 شخصا.

وقال النواب مايك تومبسون وتيد ليو وسيث مولتون وآخرون في بيان مشترك "كمحاربين قدامى، نحن قلقون بشكل عميق حيال الاستخدام المتهور للرئيس لتويتر والمنصات العامة الأخرى لمناقشة استخدام القوة العسكرية في سوريا".

وقالوا إن "لهجة (ترامب) الساخرة والوقحة" يجب أن تتوقف. وأضافوا "لقد عايشنا أهوال الحرب بأنفسنا وندرك أن إطلاق الصواريخ أمر خطير"، وتابعوا "نعرف أن استراتيجية الرئيس طائشة وغير مسؤولة وتعرض رجالنا ونساءنا في الجيش للخطر".

اضف تعليق