q
لا توجد إستراتيجية واضحة لدى ترامب فهو يتعامل مع الأحداث عبر متابعتها في وسائل الإعلام، ويشكل ردة فعل على فعل في كل يوم ويتخذ قرارات في تويتر قبل إبلاغ مساعديه ومستشاريه تأكيدا للذات وكأنه لازال رجل أعمال يضارب في التجارة والعقارات. مما يسبب فوضى سياسية...

كثيرة هي المؤشرات التي تتوقع إستعداد ترامب للحرب رغم ميوله للعزلة ورفعه شعار (أمريكا أولا)، وأيضا اعتزامه الإنسحاب من سوريا حينما صرح بذلك في مؤتمر صحفي مع رؤساء دول البلطيق الثلاثة (لاتيفيا وليتوانيا وأستونيا).

مع أن معادلة الصراع في سوريا قد تكون الدالة المحورية لتدشين الحرب خاصة بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة لمطار T4 العسكري في حمص، وجدل استخدام الأسلحة الكيميائية وتصاعد وتيرة الرد الأمريكي الغربي عسكريا ضد سوريا، مع ذلك يبدو أن ترامب غير متحمس للتصعيد ضد سوريا بسبب الروس إلا أنه يرغب باستهداف المصالح الإيرانية، مع كل هذه المعطيات قد لا ينزلق ترامب لحرب مفتوحة في سوريا أو أي مكان آخر ضد إيران استنادا إلى تلك الدوافع والمؤشرات، لكنه سيكون مستعدا لها في أي لحظة نتيجة التضييق الداخلي ضد سياسياته وخلفيات علاقته بروسيا أبان الإنتخابات الرئاسية.

مضافا إلى ذلك شخصية ترامب المفعمة بالثقة في النفس رغم أنه يزداد غضبا وشعورا باليأس لحصاره بعدة تحديات ينازعها من أجل البقاء والنجاح، وهذا ما يجعله غير متوازن وغير متوقع بقراراته ويتراجع عنها.

ويؤكد سمة إنعدام التخطيط الإستراتيجي وأنه لا توجد إستراتيجية واضحة لدى ترامب فهو يتعامل مع الأحداث عبر متابعتها في وسائل الإعلام، ويشكل ردة فعل على فعل في كل يوم ويتخذ قرارات في تويتر قبل إبلاغ مساعديه ومستشاريه تأكيدا للذات وكأنه لازال رجل أعمال يضارب في التجارة والعقارات. مما يسبب فوضى سياسية لعدم اضطراره لأتباع القواعد، إنما يصر على أتباع حدسه، مما يدفعه للتعويل على تسخيره لمنصب الرئاسة كوسيلة وحماية لأي خسارة سياسية.

لكن الحياة السياسية تختلف عن عالم الصفقات والمال والأعمال، فهنالك بحث عن درجة من الرضا وتقييم للإنجازات والإبقاء على الشعبية للفوز في إنتخابات التجديد النصفي وإرضاء مجلس الشيوخ وتأييدهم لسياساته مسألة ضرورية. وحتى إنْ كان لا يستطيع إرضاء الجميع فعليه أن يتظاهر على الأقل بذلك. لكنه غير بارع في التظاهر بذلك ويستهدف الآخرين عند إستهدافه، وهو محاط الآن بحروب سياسية داخلية منها تحقيق روبرت مولر الذي بدأ يأخذ تأثيره على ترامب وفريقه مشكلا مخاطر حقيقية حول علاقته بروسيا، خاصة أن المقابلة الشخصية معه اقتربت وباتت حتمية، والتخمينات تتوقع أن تكون المقابلة مع الرئيس الأمريكي نتائجها تثبت أن ترامب شخص مذنب وإلا فإن مولر سيكون كشخص يحاول حمايته.

كما أن هنالك فضائح تنتظر ترامب تدور حول علاقته بنساء دخلت في سياق القضاء مما يضعف من ترامب مهما كانت توقعات نتائج تلك الفضائح فهي تعد خلفية أساسية في إنتخابات التجديد النصفي، وسيكون للنساء اللاتي يحق لهن التصويت حماسة ضد الرئيس ترامب ومؤيديه في الكونغرس عند ترشحهم.

كما أن شريحة الشباب والطلبة تتخذ مواقف مضادة لترامب فهم يشعرون بالخيانة فيما يخص موضوع حيازة السلاح بعد حادثة قتل التلاميذ في إحدى المدارس، فلم يتم تشريع قانون يقنن حيازة السلاح ولا زالت لوبي الجمعية الوطنية للبندقية ضاغطة ومانعة لتشريع هذا القانون رغم أن ترامب تحدث بثقة وتفاخر مفرط حول وقوفه ضد لوبي الأسلحة ولكنه سرعان ما تغاضى عنه وخضع له، هذه الحروب الداخلية الثلاث ضد ترامب تجعله غير مطمئن لما سيسفر عن النتائج لتحقيق مولر وقضايا النساء والشغب والتظاهرات ضده مما يجعل إعتبار ذهاب ترامب للحرب أكثر من مجرد عملية تخمين، لهذا فهو قد يفتح ثلاث جبهات حرب خارجية للتغطية على جبهات الحرب الداخلية مضطرا:

1- حرب تجارية ضد الصين لترصين الوضع الإقتصادي الداخلي ورفع مستوى النمو وتوفير الوظائف خاصة إذا لم تتعاون الصين في ملف العقوبات ضد كوريا الشمالية وهذا غير متوقع ومع ذلك حل الملف النووي الكوري الشمالي يحسب منجزا لترامب يمثل سياسة إلهاء مهمة ضد حروبه الداخلية.

2- حرب إنسانية ضد المهاجرين بتقييد سياسات الهجرة والتضييق على بعض الدول الإسلامية يترابط مع بناء الجدار العازل مع المكسيك والحديث عن تمويله وضرورته وزيادة الشعور القومي الأمريكي وإثارة الحساسيات مع العالم الشرقي.

3- حرب حقيقية محدودة ضد إيران قد تكون مسرحها سوريا بشكل مباشر مع فرنسا وبريطانيا تزامنا مع حادثة سيرغي سكيربال أو غير مباشر عن طريق إسرائيل يشمل فتح جبهة جنوب لبنان ضد حزب الله، وزيادة النفوذ والتواجد الأمريكي في العراق ودعم السعودية أكثر في اليمن، والخروج من الإتفاق النووي الإيراني وتجديد العقوبات الإقتصادية ضدها..

هذه الحرب ضد إيران، صحيح أنها تقع في خانة التخمينات لكن بدايتها تستند إلى معطيات صلبة.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001–2018Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق