q
مع دخول الحرب في اليمن بين التحالف الذي تقوده السعودية وحركة أنصار الله، عامها الرابع تفاقمت الكوارث الإنسانية التي خلفتها هذه الحرب والمعاناة التي يكابدها المدنيون اليمنيون، مع استمرار الاتهامات المتبادلة بين السعودية وايران وتجاهل المجتمع الدولي لهذه المعاناة...

مع دخول الحرب في اليمن بين التحالف الذي تقوده السعودية وحركة أنصار الله، عامها الرابع تفاقمت الكوارث الإنسانية التي خلفتها هذه الحرب والمعاناة التي يكابدها المدنيون اليمنيون، مع استمرار الاتهامات المتبادلة بين السعودية وايران وتجاهل المجتمع الدولي لهذه المعاناة. فالتحالف السعودي وبحسب بعض المصادر، يواصل غاراته الجوية على أهداف الحوثيين ويضرب حصارا على البلاد جوا وبحرا وبرا. فيما الحوثيون "خلدوا" مرور ثلاث سنوات على اندلاع الحرب بإطلاق سبعة صواريخ دفعة واحدة ولأول مرة باتجاه أهداف سعودية. وخلف الهجوم قتيلا وجريحين، وهو ما فاقم الصراع من جديد خصوصا وان السعودية واطراف غربية حليفة، قد سعت الى اتهام ايران بمواصلة دعم انصار الله وتزويدهم بالاسلحة والصواريخ وهو ما تنفيه طهران.

وتطورات الحرب في اليمن تمضي من سيء إلى أسوأ على كل المستويات: فحصيلة القتلى تجاوزت 14 ألف مدني بينهم 5 آلاف طفل وامرأة فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 22 ألفا بينهم 5000 طفل وامرأة أيضا. هذا إضافة الى وفاة أكثر من 2100 وإصابة أكثر من 800 ألف جراء تفشي داء الكوليرا في البلاد. منظمة أوكسفام الإنسانية البريطانية، والتي أوردت هذه الاحصائيات قبل شهور، وصفت الوضع الانساني في اليمن بأنه الأسوأ في التاريخ. وقالت إن أكثر من 11 مليون طفل يمني يتضورون جوعا وباتوا مهددين بخطر المجاعة.

وبحسب إحصائية نشرها المركز القانوني للحقوق والتنمية، في صنعاء فقد تجاوز عدد النازحين مليونين و650 ألفاً وبلغ عدد المنازل المدمرة والمتضررة جراء قصف طيران التحالف 410 ألف. كما دمر في عمليات القصف 15 مطاراً و14 ميناءً و2144 طريقاً وجسراً، إضافة الى 16000 مبنى آخر بينها مساجد ومدارس ومنشآت جامعية ورياضية، ومستشفيات ومحطات لتوليد الكهرباء، وخزانات شبكات المياه ومحطات اتصالات، ومنشآت تجارية وحقولا زراعية وأسواقا تجارية، ومصانع ومخازن غذاء ومزارع للدواجن والمواشي.

وميدانيا وبحسب بعض الخبراء، لم تتمكن "عاصفة الحزم" بالرغم من إعادة تسميتها بعملية "إعادة الأمل" لاحقا - والتي أطلقتها القوات المسلحة السعودية في بداية الحرب لدعم حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا - من حسم معاركها ضد الحوثيين الذين تعتبرهم الرياض مدا للنفوذ الايراني في شبه الجزيرة العربية وخطرا على أمنها واستقرارها. لكن ايران تنفي أي تدخل لها في اليمن أو تقديم دعم عسكري للحوثيين.

وضخت السعودية والإمارات مليارات الدولارات في قتال حركة الحوثيين دون القدرة على القضاء عليها عسكريا، وربما ترى الرياض وحلفاؤها في الوقت الراهن، ورغم حديث ساستها بين الفينة والاخرى عن حل سياسي للصراع، أن النصر العسكري على الحوثيين وطردهم من صنعاء، بدعم الأسلحة والمعلومات المخابراتية الأمريكية، بات ضروريا أكثر من أي وقت مضى لوقف زحف النفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط.

اتهامات مستمرة

وفي هذا الشأن رفضت ايران اتهامات الغرب لها بتسليح الحوثيين في اليمن مشيرة إلى أن النزاع هو نتيجة صادرات السلاح البريطانية والأميركية إلى السعودية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في تصريحات نشرها موقع قناة "العالم" الايرانية إن "الجمهورية الإسلامية الايرانية تريد انتهاء العدوان السعودي على اليمن". وأضاف "ما يحصل في اليمن هو نتيجة تصدير الأسلحة البريطانية والأميركية إلى السعودية" معتبرا ذلك "سلوكا غير مقبول".

وأفاد تقرير أممي أن طهران خرقت حظر السلاح المفروض على اليمن عبر فشلها في منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين. وأضاف أن صاروخا أطلقه الحوثيون على السعودية العام الماضي كان مصنوعا في ايران رغم عدم تمكنه من تحديد الجهة الموردة بشكل قاطع. ودعا قرار أممي وضعت بريطانيا مسودته إلى اتخاذ "اجراءات إضافية" ضد ايران على خلفية التقرير. وقال قاسمي "في حال تم تبنيه، فإن هذا القرار سيوفر دعما للمعتدي" في إشارة إلى السعودية.

وقالت مسودة قرار إن بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا تريد أن يدين مجلس الأمن الدولي إيران لتقاعسها عن منع وصول صواريخها الباليستية إلى جماعة الحوثي باليمن والالتزام باتخاذ إجراء بشأن انتهاك العقوبات. وقال دبلوماسيون إن مسودة قرار تجديد عقوبات الأمم المتحدة على اليمن لعام آخر ستسمح أيضا للمجلس المؤلف من 15 عضوا بفرض عقوبات ضد ”أي نشاط له صلة باستخدام الصواريخ الباليستية في اليمن“. وقال دبلوماسيون إن بريطانيا أعدت مسودة القرار بالتشاور مع الولايات المتحدة وفرنسا. وتضغط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمحاسبة إيران في الأمم المتحدة في نفس الوقت الذي تهدد فيه بالانسحاب من اتفاق تم التوصل إليه عام 2015 بين القوى الكبرى للحد من برنامج إيران النووي ما لم يتم تصحيح ”عيوب كارثية“.

وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة إنه لا ينبغي لمجلس الأمن الدولي أن يدين إيران في قرار خاص بتجديد العقوبات على اليمن. وقال السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا ”نحن لا نفضل الإدانات على الإطلاق وعلى وجه العموم“. وأوضح قائلا ”إن القرار يخص اليمن. إنه قرار بشأن مجموعة العمل (خبراء مستقلون) وليس بشأن إيران. لذلك ينبغي أن نركز أولا على تمديد (مهمة) مجموعة العمل“.

ورحبت السعودية بمشروع قرار للأمم المتحدة مقدم من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن الإجراء، إذا ما أقر، فسيساعد في محاسبة إيران على ما وصفه بأنه ”تصديرها الصواريخ الباليستية“ للحوثيين المدعومين من إيران والسلوك ”المتطرف والعنيف“ في المنطقة بما في ذلك دعم جماعات إرهابية. وقال الجبير ”من أجل ضمان التزام إيران بالقانون الدولي يجب أن تكون لنا مواقف أكثر صرامة فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية وفيما يتعلق بدعم إيران للإرهاب... يتعين محاسبة إيران“.

اسلحة وتصريحات

الى جانب ذلك تجنب وزير خارجية فرنسا الرد على أسئلة بشأن ما إذا كان ينبغي لبلاده وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات بسبب استخدامها في اليمن وقال إن إيران لها أيضا ”الكثير“ من الأسلحة هناك. وتقود السعودية تحالفا تشكل في عام 2015 لقتال جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران والتي تسيطر حاليا على معظم شمال اليمن والعاصمة صنعاء في حرب أودت بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص وشردت ما يزيد على ثلاثة ملايين.

وواجهت الحكومة الفرنسية في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون انتقادات خاصة من جماعات حقوق الإنسان بسبب دعمها لأعمال السعودية وسماحها بإمكانية استخدام أسلحة باعتها للرياض في عمليات المملكة باليمن. وعندما سئل عن سبب استمرار باريس في بيع أسلحة للسعودية والإمارات في ظل الوضع الراهن تجنب الوزير جان إيف لو دريان المسألة وقال إن الأولوية هي لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.

وقال لو دريان أمام لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان ”إنني قلق حقا بشأن الموقف في اليمن“. وأضاف ”صحيح أنه توجد أسلحة سعودية، لكن هل تصدقون أنه توجد أسلحة إيرانية أيضا، الكثير (من الأسلحة الإيرانية)“. وتنفي إيران تزويد الحوثيين بالأسلحة. والسعودية والإمارات من بين أكبر مشتري الأسلحة الفرنسية حيث يشتريان من فرنسا دبابات وعربات مدرعة وذخائر ومدفعية. وتشتري الإمارات طائرات مقاتلة فرنسية. بحسب رويترز.

وقالت مصادر مطلعة إنه على عكس دول أوروبية أخرى، لم تبد باريس أي مؤشرات ملموسة على تقليل أو تعليق بيع أسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية رغم تحذيرات من أن بعضها قد يستخدم في حرب اليمن. لكن قلق باريس قد زاد بشدة بسبب تدهور الوضع الإنساني وفي ديسمبر كانون الأول دعا ماكرون إلى ”رفع كامل“ لحصار سعودي على اليمن. وقال الوزير ”المشكلة هي سيادة الدول التي تورط جيوشها في صراع غير مبرر، ونحن نأمل أن... نستأنف سريعا الحل السياسي، لأنها على الأرجح الأزمة الأسهل في الحل بالمنطقة إذا ما توفرت الإرادة السياسية لدى كل الأطراف“.

انسحاب أمريكا

على صعيد متصل كشف مشرعون أمريكيون النقاب عن خطط لاستخدام قانون صدر قبل عقود من الزمن لإجراء تصويت في مجلس الشيوخ على سحب البلاد من الحرب الأهلية في اليمن. وقال أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوري مايك لي والمستقل بيرني ساندرز والديمقراطي كريس ميرفي إنهم سيقومون بأول محاولة لاستغلال بند في قانون قوى الحرب لعام 1973 يسمح لأي عضو في المجلس بطرح قرار حول سحب القوات المسلحة الأمريكية من صراع لم تحصل المشاركة فيه على تفويض من الكونجرس.

وهذا التحرك من جانب المشرعين الثلاثة هو أحدث إجراء في معركة مستمرة بين الكونجرس والبيت الأبيض على السيطرة على شؤون الصراعات العسكرية. وقال ساندرز في مؤتمر صحفي”نعتقد أن هذا الصراع (في اليمن) غير دستوري وغير مصرح بخوضه، نظرا لأن الكونجرس لم يعلن الحرب أو يفوض استخدام القوة العسكرية“. ويجادل مشرعون على مدى سنين بأن الكونجرس تخلى عن سلطة أكثر من اللازم على الجيش للبيت الأبيض.

وبموجب الدستور فإن الكونجرس، وليس رئيس البلاد، هو صاحب سلطة إعلان الحرب. لكن انقسامات حول مدى السيطرة على وزارة الدفاع (البنتاجون) عرقلت مساعي إصدار تفويضات جديدة بالحرب. وقال رؤساء ديمقراطيون وجمهوريون إن تفويضا صدر في عام 2001 بالمعركة ضد تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له يبرر حرب أفغانستان والمعركة ضد تنظيم داعش في سوريا. لكن مساعدين بمجلس الشيوخ قالوا إن التفويض لا ينطبق على اليمن.

ولم يتضح بعد كيف سيمضي القرار قدما دون دعم قيادة الجمهوريين. ولم يرد متحدثون باسم زعيم الأغلبية ميتش مكونيل على طلب للتعقيب. ويقاتل تحالف بقيادة السعودية مدعوم من الولايات المتحدة المسلحين الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن منذ عام 2015 في مسعى لإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة. ولطالما كانت الخسائر المدنية الكبيرة في الحرب مصدرا للتوتر مع الكونجرس الأمريكي وأثارت تهديدات بعرقلة المساعدة للتحالف. بحسب رويترز.

وتدعم قوات أمريكية التحالف بإعادة تزويد طائراته بالوقود كما تقدم له بعض الدعم فيما يتعلق بمعلومات المخابرات. ورفض المسؤولون الأمريكيون الإفصاح عن عدد القوات الأمريكية المنتشرة على الأرض في اليمن وأرجعوا ذلك لأسباب أمنية. وأودت الحرب بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص وشردت أكثر من مليونين ودفعت اليمن إلى حافة المجاعة.

اضف تعليق