q
إن من بين الأسباب التي أدت إلى تدهور أوضاع العرب وتخلفهم عن ركب الحضارات والتطور، تعاملهم بالواسطة والمحسوبية، فأصبح الرجل غير المناسب في

إن من بين الأسباب التي أدت إلى تدهور أوضاع العرب وتخلفهم عن ركب الحضارات والتطور، تعاملهم بالواسطة والمحسوبية، فأصبح الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، وهذه الحالة أدت إلى انتشار الفساد الإداري وانعدام الامانة والاتقان، والمحسوبية هي أحدى الظواهر السلبية التي نتجت من الازمات والمعوقات في البلاد، وكذلك بسبب عدم وجود حلول للمشاكل في دوائر الحكومية وغيرها، مما ادى بالمواطنين إلى الأخذ بظاهرة المحسوبية والواسطة لإكمال معاملاتهم، ونعني بالمحسوبية والواسطة هي اعتبار القرابة العائلية أو السياسية أو المذهبية في تحقيق مصلحة ما، كإسناد الوظائف أو الترقيات أو غيرها، وجعل الحسب أو النسب في المقام الأول.

تأثير المحسوبية على المجتمع

تؤدي ظاهرة المحسوبية إلى وقوع المجتمعات في دائرة الفساد الاداري والمالي، وانتشار الفساد بشكل اسرع من ذي قبل، وأيضا سوف تأثر في فئات الشعب كافة، وتكوين فكرة المحسوبية في اذهان المواطنين، وتخوفنا من أن تطور هذه الظاهرة وتصبح في جميع المجالات وحتى ابسط الأمور، وأما تأثيرها من حيث الوظيفة، فهي تعين أشخاص غير كفوئين في مناصب مهمة، وكذلك ضياع الفرص على الخرجين وأخذ حقهم في التعين، لذا علينا وضع طرق وحلول للقضاء على الواسطة والمحسوبية لإرجاع الحق لهم.

سبل القضاء على المحسوبية والواسطة

هناك الكثير من الحلول للتخلص من ظاهرة المحسوبية، ومنها العمل بنظام الوظيفة بالمنافسة، للتخلص من الواسطة فيما يخص أمر التعيينات وتفضيل شخص عن الاخرين، وأيضا هذا النظام يمكننا من ارجاع الحق لأصحاب الكفاءة العلمية والتخصص الصحيح، ومن الحلول الاخرى محاولة وضع قوانين صارمة فيما يخص ظاهرة المحسوبية ومن يعمل بها لكلا الطرفين، لمحاولة التخلص منها، وكذلك الرقابة الشديدة على الدوائر الحكومية والتعيينات ومراقبة سرية لإيصال أي حاله من هذه الظاهرة تحدث في دوائر الدولة أو في أمر اخذ حق الغير، ويكون دور الاعلام كبير في قضاء على المحسوبية، من خلال وضع برامج وارشادات لتوعية الناس ومعرفتهم بالخطاء التي يقومون به، وكيفية الابلاغ على حالات مشابه.

ولأهمية الموضوع في مجتمعاتنا وتأثيره على جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع وطرح التساؤلات لأصحاب الاختصاص والمسؤولين ومن يهمه الامر، لمحاولة القضاء على هذه الظاهرة والوصول لمجتمع ناجح ومتكامل قدر الإمكان، وكان السؤال الأول كالآتي:

هل هناك اثر تخريبي للواسطة في التعيينات؟

وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (قحطان حسين)، دكتوراه علوم سياسية، فأجابنا قائلا:

الواسطة او المحسوبية هي ظاهرة من ظواهر الفساد الاداري والتي انتشرت بشكل واسع في العراق بعد 2003 خصوصا في مسألة تعيينات الموظفين، إذ أدى الطلب المتزايد على الوظائف الحكومية مقابل محدودية الدرجات الوظيفية الى لجوء طالبي التوظيف الى الاقارب او الأصدقاء من المسؤولين لغرض تيسير مسألة توظيفهم، من غير أن تتوفر فيهم شروط ومؤهلات التوظيف، وهذا يشكل في حد ذاته ظلما كبيرا للمستحقين والمؤهلين فعلا للوظائف المطلوبة، وكذلك فأن تعيين اشخاص عن طريق الواسطة يؤدي في الاغلب الى اعطاء مسؤوليات وظيفية لأشخاص عديمي الاهلية وغير قادرين على القيام بمهامهم بالشكل الصحيح، مما يؤدي الى التلكؤ في انجاز المهام الموكلة اليهم وهذا بحد ذاته يشكل هدم وتخريب وتعطيل لعمل المؤسسة التي تم التعيين فيها خارج الضوابط، وبالتالي تنخفض الانتاجية والخدمات التي ينبغي تقديمها للمواطنين ختاما، فإن التعيين بالواسطة ظاهرة مرفوضة ومنافية للشرع والقانون والاخلاق، لأنها اقل ما يمكن أن توصف هي انها عملية سلب حقوق البعض ممن تتوفر فيهم شروط التعيين ومنحها لآخرين من غير المؤهلين.

والتقينا الدكتور (علاء الحسيني)، اكاديمي في كلية القانون جامعة كربلاء، فقال في معرض إجابته:

نعم هنالك أثر تخريبي، ويعد هذا الفعل جريمة بنظر قانون العقوبات حيث تنص المادة ٣٣٠ يعاقب بالحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة امتنع بغير حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته، أو أهل عمدا بواجب من واجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة أو لأي سبب آخر غير مشروع.

حلول مقترَحة للقضاء على المحسوبية؟

أجابنا الدكتور (حسين السرحان)، دكتوراه علوم سياسية، و باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، قائلا

.مشكلة المحسوبية ليست جديدة على الدولة العراقية ( مجتمع وحكومة )، وهي ظاهرة اجتماعية بالدرجة الاولى ينظر لها من قبل الجمهور على انها فعل حسن يقوم به الاقرباء والاصدقاء والمقربين، ومن لا يبدي استعداده للمساعدة يتعرض لنقد حاد وربما يكون جارح، وغياب الاطر والانظمة المؤسساتية الضامنة لحقوق الجميع هي السبب الاساس في تفشي الظاهرة، ولذلك نلاحظ انه اتساع الظاهرة يعتمد على فاعلية وعدم فاعلية تلك الاطر والانظمة، وهذا ما عانت منه الدولة العراقية منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي، والمؤسف أن هذه الظاهرة انعكست على سلوك القوى السياسية في مختلف المراحل التي مر بها نظام الدولة في العراق، واتسع ذلك التأثير اكثر بعد 2003 والتغيير السياسي، لذا نلاحظ ان القوى السياسية المتحكمة بالنظام السياسي ومؤسسات الدولة بشكل عام اعتمدت هذا السلوك الغير موضوعي، الامر الذي قاد الى فشل عام يكاد يكون مؤشر في كل تلك المؤسسات، وهي صورة من صور الفساد وذلك لأنها تولى مهام معينة لغير المختصين بها.

ونرى أن الحل هو بتعزيز الاطر المؤسساتية في التشغيل، والعمل على مكافحة الفساد، وتكليف من هم اختصاص في تولي الوظائف الخاصة والعامة في الدولة، كذلك لابد ان تكون هناك حملات اعلامية وثقافية تجاه هذه الظاهرة والحد منها وبيان سلبياتها على الاداء العام لمؤسسات الدولة، كذلك هناك دور لمنظمات المجتمع المدني في نشر التوعية بهذه الظاهرة الخطيرة، وتبقى كل تلك الجهود تحت خيمة النظام السياسي، فهو المسؤول الاول عن مواجهة تلك الظاهرة لان مهمة استكمال الاطر المؤسساتية والتنظيمية (تشريعيا وتنفيذيا) هي من مسؤولياته لكن هذا لا يعفي الفعاليات الاخرى في المجتمع من مسؤولياتها الساندة للنظام السياسي في تلك المهمة.

واخيرا التقينا الأستاذ (محمد سعد البهادلي)، موظف في مفوضية النزاهة، فأجابنا بقوله:

من الممكن القضاء عليها تدريجيا لكن ليس في كل الأمور، وأنا ضد الواسطة قطعيا في الأمور التي تتسبب في ظلم الآخرين، كأن تحصل على وظيفة وغيرك من المتقدمين مؤهل أكثر لهذه الوظيفة، أو أن تكون في دائرة تنتظر دورك لفترة طويلة ويأتي شخص ينجز معاملته مباشرة قبل الجميع فقط لمجرد أنه يعرف أحدا في الدائرة والأمثلة كثيرة، والعمل على دورات تدريبية للموظفين الذين يتعاملون مع الجمهور، فإذا كانت طريقة تعاملهم غير لائقة فإن هذا يدفع المواطن إلى البحث عن واسطة لإنجاز معاملاته.

اضف تعليق