q

الفضيحة كبيرة التي تعرضت منظمة أوكسفام إحدى اهم وأكبر المنظمات الإنسانية غير الحكومية في بريطانيا، والأكثر شهرة عالميًا، بعد تقرير نشرته صحيفة "تايمز" البريطانية كشف كما نقلت المصادر، عن استغلال بعض العاملين في المنظمة للاجئين والقيام بممارسات جنسية مقابل منحهم المعونات في أعقاب الزلزال المدمر في هايتي بمنطقة البحر الكاريبي عام 2011. هذه الفضيحة التي هزت الرأي العام البريطاني والعالمي، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصا وان

التحقيقات الداخلية للمنظمة قد اكدت، أنه تم فصل 6 موظفين وكشفت المنظمة في بيان لها أن هناك العديد من السلوكيات المشينة تضمنت البلطجة والتحرش والترهيب. وفقا لما ذكرته صحيفة "تايمز" البريطانية.

وأعرب رئيس دولة هايتي جوفينيل مويس، عن استيائه من الوضع هناك، وكتب على حسابه على تويتر "لا يوجد ما هو أفظع من استغلال موظفين متوحشين فاقدين للأخلاق معاناة المحتاجين في لحظات ضعفهم". ودفعت فضيحة أوكسفام الحكومة البريطانية لمطالبة جميع الجمعيات الخيرية العامة في الخارج بتقديم الضمانات الكاملة لحماية الضعفاء وإحالة كل الشكاوى لديهم إلى السلطات المعنية كما قامت إدارة التنمية الدولية بإنشاء وحدة جديدة مكرسة للحفاظ على الكرامة الإنسانية في الجمعيات الخيرية واعتقال المجرمين والمتنمرين العاملين لدى تلك المنظمات.

وتأسست منظمة أوكسفام الخيرية في عام 1942، بهدف الحد من الفقر حول العالم ، وغيرت حياة الكثيرين من الناس. وفي عام 1948، فتحت أول متاجرها في المملكة المتحدة. واليوم تضم المنظمة 23 ألف متطوع يعملون بجد ودون مقابل في 650 متجراً منتشراً حول العالم. وفي عام 1961، تلقت المنظمة تبرعات شعبية بلغت عشرين ألف جنيه استرليني، وهذا ساهم في إنقاذ حياة عدد كبير من سكان جمهورية الكونغو من المجاعة في ذلك الوقت. ثم بدأت ببيع البضائع اليدوية الصنع التي تستوردها من الدول النامية وبهذا أصبح 1.65 مليون عامل جزءا من مشروع التجارة العادلة.

وتتلقى المنظمة سنوياً أطناناً من الملابس الجديدة والمستعملة لبيعها لصالح أعمالها الخيرية. وأطلقت المنظمة مشروع تبرع لها بمبلغ 2 جنيه استرليني شهرياً منذ عام 1994، وهذا أدى إلى ارتفاع عدد المتبرعين بالآلاف. كما احتلت منظمة أوكسفام الخيرية المرتبة الرابعة في المملكة المتحدة من بين أفضل 100 جمعية خيرية لجمع التبرعات الخيرية عام 2017، بعد جمعيات أبحاث السرطان ومؤسسة القلب البريطانية و مكميلان لأبحاث للسرطان.

بغاء وترهيب

وفي هذا الشأن افاد تقرير داخلي نشرته منظمة "أوكسفام" ان نشاطه الانساني في هايتي تخللته تجاوزات، بعد ان اقر مسؤول فيها أنه أقام علاقات جنسية مع مومسات لقاء اجر، في حين اتهم موظفون آخرون باللجوء الى اسلوب الترهيب والمضايقات. وبحسب التقرير الذي جاء في 11 صفحة واعد في 2011 ونشر جزئيا، اقر المدير السابق للمنظمة في هايتي البلجيكي رولاند فان هوفرميرن (68 عاما) بانه اقام علاقات جنسية مع مومسات لقاء اجر في مقار ممولة من المنظمة، التي بدأت العمل في البلاد بعد الزلزال المدمر في 2010.

وفي هذه الوثيقة التي اعدت اثر فتح تحقيق داخلي، لم تستبعد المنظمة استخدام خدمات مومسات قاصرات. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "انه امر فظيع"، واصفة هذا السلوك بانه "دون المعايير التي نتوقعها من جمعيات خيرية ومنظمات غير حكومية نتعامل معها". وروت الهايتية ميكيلانج غاوب لصحيفة "تايمز" انها اقامت علاقة مع فان هوفرميرن عندما كانت في ال16 وهو في ال61. واعطاها المال وحفاضات لطفلها. وذكرت انه كان احيانا يدعو نساء كن يبحثن عن وظيفة الى منزله ويعطيهن احيانا المال. واضافت "كان يساعدني لكن كان لديه العديد من الفتيات". وتابعت "كن دائما نساء من هايتي (...) النساء كن مصدر تسلية له".

وكان البلجيكي اكد انه لم ينظم حفلات جنس جماعي شاركت فيها مومسات شابات. وفي رسالة نشرها الاعلام البلجيكي اقر بانه اقام علاقات جنسية مع "امرأة شريفة وراشدة" دون اي مقابل. وحسب التقرير لم يعد سبعة موظفين يعملون لحساب اوكسفام في هايتي في اطار هذا التحقيق. اضافة الى استخدام مومسات اتهم آخرون بممارسة اسلوب الترهيب والمضايقات حيال موظفين في المنظمة.

واقيل اربعة موظفين لارتكابهم "اخطاء فادحة" في حين استقال ثلاثة بينهم فان هوفرميرن، الذي طلب منه "المغادرة بطريقة مشرفة شرط تعاونه الكامل مع باقي مجريات التحقيق". كما وجه ثلاثة موظفين في أوكسفام "تهديدات جسدية" ومارسوا "الترهيب" بحق أحد الاشخاص الاربعة المدعوين للشهادة في إطار التحقيق الداخلي.

وقالت المنظمة غير الحكومية إنها قررت نشر هذا التقرير لإظهار "القدر الأكبر من الشفافية في شأن القرارات المتخذة خلال التحقيق". وأكدت أنها أبلغت السلطات المختصة بأسماء الأشخاص المشتبه بقيامهم بسلوكيات جنسية غير ملائمة، كما أرسلت نسخة كاملة من التقرير إلى السلطات الهايتية التي أعلنت الخميس عزمها إجراء تحقيقها في الموضوع. وكشفت المنظمة عن خطة عمل لمنع وقوع تجاوزات جنسية جديدة.

وفرضت وزارة التنمية الدولية البريطانية على كل منظمة تتلقى دعما حكوميا ومنها اوكسفام، بان ترفع تقريرا حول قواعد الوقاية الداخلية بحلول 26 شباط/فبراير. وقالت تيريزا ماي "لن نتعامل مع اي طرف لا يحترم المعايير التي وضعناها". وفي تقريرها لعام 2011 اعتبرت اوكسفام ان عليها وضع "آليات افضل" لاعلام مناطق ووكالات اخرى بالسلوك المشبوه لبعض موظفيها. وتعرضت المنظمة لانتقادات لانها سمحت لموظفيها المتورطين في الفضيحة بالالتحاق بمنظمات غير حكومية اخرى دون اي تحذير. وبعد اوكسفام انتقل فان هوفرميرن للعمل لدى منظمة "اكسيون كونتر لا فان" الفرنسية غير الحكومية في بنغلادش التي اسفت لعدم ابلاغها بالامر. بحسب فرانس برس.

وادى كشف معلومات عن سلوك موظفين لدى اوكسفام في هايتي الى كشف المزيد عن تجاوزات في جنوب السودان وليبيريا. واتسعت الفضيحة الى منظمات انسانية اخرى منها منظمة "سايف ذي شيلدرن" البريطانية غير الحكومية المتهمة بالسماح لبرندن كوكس زوج النائبة التي اغتيلت جو كوكس، بالرحيل دون عقاب في حين اتهم بسلوك جنسي غير لائق مع زميلات. وسيمثل المدير العام لاوكسفام بريطانيا والمدير العام لسايف ذي شيلدرن امام لجنة برلمانية بريطانية.

26 قضية جديدة

الى جانب ذلك أعلنت منظمة "أوكسفام" البريطانية أنها تحقق في 26 قضية جديدة تتعلق بسلوك جنسي غير لائق تم الابلاغ عنها منذ ظهور فضيحة في وقت سابق بشأن طريقة تعاطيها مع قضية حدثت في هايتي عام 2011. وقال الرئيس التنفيذي للمنظمة الخيرية مارك غولدرينغ للجنة برلمانية في لندن أن 16 من القضايا مرتبطة بعمليات "أوكسفام" الدولية.

وقال "تم التقدم بـ26 قضية (...) تتباين في إطارها الزمني من أحداث وقعت مؤخرا إلى أحداث قديمة لم يبلغ عنها الأشخاص المعنيين في حينها". وأضاف "نريد من الناس الابلاغ" عن هذه القضايا. واعتذر غولدرينغ "بصدق" نيابة عن "أوكسفام" إلى اللجنة التي أفادت أنها ستجري تحقيقها الخاص بشأن الانتهاكات التي وقعت في قطاع الإغاثة الخارجية. وقال إنه تم وضع ضمانات عقب تحقيق داخلي بشأن سلوكيات بعض موظفي "أوكسفام" في هايتي لكنه أقر بأن الهيئة لم تقم بما هو كاف. وكشفت "أوكسفام" عن خطة تحرك للتعاطي مع التحرش والانتهاكات الجنسية، بما في ذلك إقامة نظام تدقيق جديد للموظفين.

واعتذرت المنظمة رسميا لهايتي بشأن فضيحة دعارة تهزها. وأعربت عن شعورها بـ"العار" وتعهدت بالتعاطي بشكل أفضل مع تقرير داخلي بشأن الاتهامات. وتمت إقالة أربعة موظفين فيما سمح لثلاثة آخرون بينهم المدير السابق لـ"أوكسفام" في هايتي رولاند فان هوفرميرن بمغادرة المنظمة.

من جهة اخرى أعلنت منظمة أوكسفام للإغاثة أن ثلاثة رجال من العاملين بالمنظمة، يواجهون مزاعم بارتكاب سلوك جنسي مشين في هاييتي، قد هددوا الشهود بدنيا خلال تحقيق أجري عام 2011. وقالت أوكسفام، إن هناك "حاجة لبذل مزيد من الجهد"، من أجل منع "الموظفين المتورطين في مشكلات" من العمل لصالح منظمات خيرية أخرى.

وعلى الرغم من ذلك التحذير، فإن العديد من الرجال المرتبطين بالانتهاكات المزعومة، قد تولوا بعد ذلك وظائف في منظمات خيرية أخرى. ونشرت أوكسفام نسخة منقحة من تقريرها، قائلة إنها ترغب في أن تكون "شفافة بقدر المستطاع"، بشأن القرار الذي اتخذته وطُمست أجزاء من التقرير، الذي بلغ عدد صفحاته 11 صفحة، بهدف إخفاء هوية الأشخاص، بما في ذلك أسماء الرجال الثلاثة المتهمين بتهديد الشهود.

وتواجه أوكسفام ضغطا دوليا متزايدا، بسبب طريقة إدارتها لتحقيق، بشأن مزاعم أفادت بأن بعض أفراد طاقمها في هايتي استجلبوا عاهرات في مبان تابعة للمنظمة. ويكشف التقرير عن أن سبعة من موظفي أوكسفام قد غادروا المنظمة، بسبب سلوكهم في هايتي. وفُصل أحد الموظفين، بينيما استقال ثلاثة آخرون بعد استجلابهم عاهرات. ولم يُستبعد استخدام عاهرات قاصرات. كما فُصل اثنان آخران بسبب ممارستهما التسلط والترهيب، وفصل آخر بسبب تقاعسه عن حماية الموظفين. بحسب رويترز.

وعلى الرغم من ذلك التحذير، فإن العديد من هؤلاء المتورطين عملوا بعد ذلك لصالح منظمات إغاثة أخرى، بما فيها منظمة أوكسفام ذاتها. وتولى السيد هورميرن في نهاية المطاف منصبا آخر رفيع المستوى، وهو رئيس بعثة منظمة "العمل ضد الجوع" في بنغلاديش. وقالت منظمة العمل ضد الجوع إنها أجرت سلسلة من المراجعات بشأن هورميرن، لكنها لم تتلق معلومات من أوكسفام، عن أي سلوك غير أخلاقي أو غير لائق من جانب هورميرن.

الهجوم على أوكسفام

في السياق ذاته وصف الرئيس التنفيذي لمنظمة أوكسفام الخيرية ومقرها بريطانيا الانتقادات التي وجهت للمنظمة بعد فضيحة اعتداءات جنسية بأنها كانت حادة ولا تتناسب مع الحدث. وكرر مارك جولدرينج في مقابلة مع صحيفة الجارديان البريطانية اليومية اعتذاره فيما يتعلق بالاتهامات الموجه لموظفين من أوكسفام باعتداءات جنسية في هايتي والتي هزت قطاع المساعدات الإنسانية منذ الكشف عنها.

ونقلت عنه الصحيفة قوله ”(لكن) حدة وشراسة الهجمات تجعلك تتساءل.. ماذا فعلنا؟ هل قتلنا رضعا في مهودهم؟“ وأضاف ”بالتأكيد نطاق وحدة الهجمات لا تتناسب مع مستوى الجرم“. وقال جولدرينج للجارديان ”كل ما قلناه يتم تحويره... لقد تعرضنا لهجمات شرسة“. ونشرت الصحيفة إعلانا على صفحة كاملة من المنظمة تعتذر فيه عن ”السلوك المشين الذي حدث باسمنا“. بحسب رويترز.

وأثارت تصريحات الرئيس التنفيذي لأوكسفام ردودا غاضبة على تويتر من بينهما تعليق من وزير الداخلية السابق جاك سميث الذي قال ”عزيزي مارك جولدرينج. أنت لست الضحية هنا“. وقال رئيس هايتي إن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها موظفون في أوكسفام ما هو إلا قليل من كثير ودعا لإجراء تحقيقات في عمل منظمة أطباء بلا حدود ومنظمات إغاثة أخرى جاءت لبلاده بعد الزلزال المدمر الذي ضربها في 2010.

اضف تعليق