q

تدهورت العلاقات الروسية-الأمريكية بشكل كبير منذ وصول الرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى البيت الابيض، بسبب الاتهامات المتواصلة لموسكو بتدخلها في الانتخابات الأمريكية عام 2016 وما اعقبها من تطورات يضاف الى ذلك تدخلها في أوكرانيا. وتنفي موسكو تدخلها في الانتخابات الرئاسية، وهوما اكده الرئيس الامريكي في وقت سابق، حيث قال: إن علاقات بلاده بروسيا تمر بـ "أسوأ حالاتها"، وكانت الإدارة الأمريكية وكم نقلت بعض المصادر، أعلنت اجراءات تصعيدية ضد روسيا في الفترة الاخيرة بسبب الضغوط المتواصلة من قبل خصوم ترامب الذي وعد في حملته الانتخابية، بفتح صفحة جديدة مع روسيا التي تعد اهم واقوى منافس للولايات المتحدة بينها: طرد العشرات من الدبلوماسيين الروس في السفارة الروسية بواشنطن وقنصلية موسكو في سان فرانسيسكو واغلاق مقرين في نيويورك وميريلاند تستخدمهما أجهزة الاستخبارات الروسية.

هذا بالإضافة الى عقوبات شملت العقوبات أفرادا وتسعة كيانات من بينها وكالتان للاستخبارات الروسية وهما GRU وFSB. وكان الرئيس باراك أوباما قد تعهد باتخاذ إجراءات ضد روسيا وسط اتهامات أمريكية لها بأنها أدارت الهجمات الالكترونية ضد الحزب الديمقراطي ومراسلات مساعد بارز للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، يضاف الى ذلك التطورات الاخيرة بشأن التحقيق الخاص بتدخل موسكو في الانتخابات.

وقد وصف الكرملين تقريرا نشره نواب أمريكيون ديمقراطيون يتهم روسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية بأنه ضار بالعلاقات الثنائية وبالولايات المتحدة نفسها. واتهم النواب الديمقراطيون روسيا بتنفيذ ”هجوم شرس“ على المؤسسات الديمقراطية في أنحاء العالم، وطالبوا الرئيس دونالد ترامب بالتعامل مع التدخل الخارجي في الانتخابات باعتباره أزمة وطنية.

ونشر الديمقراطيون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تقريرا يتضمن تفاصيل ما وصفوه بجهود روسية على مدى ما يقرب من عقدين للتأثير في السياسات في أنحاء أوروبا وانتقدوا ترامب لأنه لم يبذل جهدا يذكر للتصدي لتلك المشكلة. وأعدت اللجنة التقرير بناء على طلب من السناتور بن كاردن أرفع عضو ديمقراطي فيها.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، الذي نفى مرارا اتهامات مسؤولين بالمخابرات الأمريكية وآخرين لموسكو بالتدخل في أي انتخابات أجنبية، في مؤتمر صحفي عبر الهاتف إن روسيا ترفض أي اتهامات لها بالتدخل وإنها مستاءة من استمرار صدور هذه المزاعم. وأضاف بيسكوف ”كل ما يمكننا عمله فيما يتعلق بهذا الحملة (المناوئة لروسيا) هو التعبير عن أسفنا والتأكيد أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة“.

استهداف روسيا وترامب

وفي هذا الشأن دعا أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى التعامل مع التدخل الخارجي في الانتخابات باعتباره أزمة وطنية وإنشاء وكالة واحدة لتنسيق الرد الأمريكي في هذا الصدد ووضع مجموعة جديدة من العقوبات لمعاقبة المسؤولين، وكان السناتور الديمقراطي بن كاردن عضو اللجنة طلب إعداد التقرير بعد فوز ترامب المفاجيء في انتخابات عام 2016. وصدر التقرير بعد عام من تأكيد وكالات استخبارات أمريكية أن روسيا تدخلت في الحملة لصالح ترامب مرشح الحزب الجمهوري وذلك لإضعاف موقف المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ويتضمن التقرير ثمانية فصول وعددا من الملاحق تورد تفاصيل الأدوات التي قال محققو الكونجرس إن روسيا استخدمتها للتأثير في الانتخابات في أوروبا وتتضمن أكثر من 30 توصية حول كيفية منع حدوث المزيد من التدخل في أوروبا والولايات المتحدة والدول الأخرى. واتهم المحققون موسكو بمحاولة إضعاف الدول الديمقراطية بنشر معلومات مضللة خبيثة وتهديد أمن الطاقة في دول أخرى واستخدام ”مجرمي الإنترنت“ لسرقة المعلومات.

وتضمنت التوصيات العمل على دعم المؤسسات الديمقراطية في الدول المعرضة للتدخل في انتخاباتها وإنشاء مؤسسة مشابهة للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب لتنسيق رد الفعل الأمريكي لمثل هذا التدخل. وطالب التقرير واشنطن وحلفاءها بتجميد أموال الكرملين ”القذرة“ ونشر أي معلومات عن أرصدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الخارج.

وقال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) إن روسيا وآخرين يحاولون تقويض الانتخابات في الولايات المتحدة، في الوقت الذي ستجرى فيه الانتخابات المهمة المقبلة في نوفمبر تشرين الثاني حين سيسعى الجمهوريون للاحتفاظ بالسيطرة على الكونجرس. وخلصت أجهزة المخابرات الأمريكية إلى أن روسيا تدخلت في انتخابات الرئاسة التي أجريت في 2016 لمساعدة الرئيس دونالد ترامب على الفوز، وذلك بسبل منها اختراق الحسابات على الإنترنت وإرسال رسائل إلكترونية محرجة لمرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة آنذاك هيلاري كلينتون ونشر دعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال مايك بومبيو مدير وكالة المخابرات المركزية لشبكة (سي.بي.إس) إن التدخل الروسي قائم منذ فترة طويلة ولا يزال مستمرا. ولدى سؤاله عما إذا كانت موسكو تحاول تقويض الانتخابات الأمريكية، رد بومبيو قائلا ”نعم... منذ عقود“. وأضاف ”مازلت قلقا، لا من الروسيين فحسب، بل من مساعي آخرين أيضا“، دون أن يخض في تفاصيل. وتابع ”لدينا الكثير من الأعداء الذين يريدون تقويض الديمقراطية الغربية“.بحسب رويترز.

وأقر اثنان من مساعدي ترامب، وهما مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين ومساعده في الحملة الانتخابية جورج بابادوبولوس، بالكذب على مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) في التحقيق. وينفي ترامب أي تواطؤ لحملته مع روسيا. وقال بومبيو لشبكة (سي.بي.إس) إن وكالة المخابرات المركزية مناط بها عمل مهم في إطار فريق الأمن القومي لإبقاء العملية الانتخابية الأمريكية آمنة وديمقراطية. وأضاف ”نعمل بجد لتحقيق ذلك. لذا سنقف ضد الروس أو أي أطراف أخرى تهدد بلوغ تلك الغاية“.

روسيا والدول الأخرى

من جانب اخر قالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن روسيا تتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للدول في مختلف أنحاء العالم وذلك في وثيقة سياسية تتضمن تحليلا رصينا عن موسكو بوصفها منافسة لواشنطن رغم مساعي ترامب لتحسين العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعكس انتقاد روسيا، الوارد في الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي التي اعتمدت على رؤية ترامب للسياسة الخارجية الأمريكية، رأيا طالما آمن به دبلوماسيون أمريكيون وهو أن روسيا تعمل بهمة على تقويض المصالح الأمريكية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

وذكرت الوثيقة ”عبر أشكال حديثة من الأساليب التخريبية تتدخل روسيا في الشؤون السياسية الداخلية لدول بأنحاء العالم“. ولم تشر الوثيقة بصورة مباشرة إلى اتهامات من أجهزة المخابرات الأمريكية بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي. وأضافت الوثيقة ”روسيا تستخدم عمليات معلوماتية في إطار جهودها الهجومية عبر الإنترنت للتأثير على الرأي العام في أنحاء العالم. وتمزج حملاتها، ذات التأثير، عمليات المعلومات السرية وحسابات الإنترنت لأشخاص وهميين بوسائل إعلام تمولها الدولة ووسطاء من طرف ثالث ومستخدمين مأجورين لمواقع التواصل الاجتماعي“.بحسب رويترز.

ويلزم الكونجرس كل إدارة أمريكية بوضع استراتيجية للأمن القومي. وقال مسؤول شارك في إعداد الوثيقة إن استراتيجية ترامب الجديدة تأثرت بشدة بأفكار كبار مسؤولي الأمن القومي وليس بأفكار الرئيس نفسه. وأوردت برقية غير سرية لوزارة الخارجية الأمريكية، أن ”روسيا تحاول إضعاف المصداقية في الالتزام الأمريكي تجاه أوروبا. وبغزوها لجورجيا وأوكرانيا أظهرت روسيا استعدادا للجوء إلى القوة لتهديد سيادة الدول في المنطقة“. وتعكس استراتيجية ترامب أولويات سياسة (أمريكا أولا) بشأن حماية أمن الولايات المتحدة وحدودها وإعادة بناء الجيش الأمريكي وإبراز القوة خارج الحدود الأمريكية وانتهاج سياسات تجارية مواتية بدرجة أكبر لمصالح الولايات المتحدة.

عقوبات امريكية

الى جانب ذلك نشرت الولايات المتحدة الجمعة لائحة تضم 39 شركة روسية لتصنيع الاسلحة سيخضع التعامل معها لعقوبات بموجب قانون اميركي جديد. وتضم اللائحة شركات مرتبطة بالجيش ووكالات الاستخبارات الروسية وتُعتبر دعائم رئيسية في قطاع التصدير العسكري الروسي مثل "روسوبورونكسبورت" وشركة تصنيع الاسلحة الذائعة الصيت كلاشنيكوف.

وإدراج تلك الشركات على اللائحة لا يعني أنها تواجه عقوبات. لكن قد يتم اتخاذ اجراءات في حقّ الهيئات التي تُجري "تعاملات كبيرة" مع هذه الشركات. واصدرت وزارة الخارجية الاميركية هذه اللائحة توافقا مع قانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة من خلال العقوبات، والذي مرره الكونغرس في وقت سابق رغم معارضة البيت الابيض. بحسب فرانس برس.

وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية للصحافيين إنّ "قصد الكونغرس والإدارة هو استخدام الفصل 231 من القانون، للردّ على سلوك روسيا الخبيث في ما يتعلق بالنزاع في شرق أوكرانيا، التدخلات والهجمات الالكترونية، وانتهاكات حقوق الإنسان".وتابع أنّ "هذا الفصل من القانون يستهدف التعاملات الكبيرة مع أشخاص يعملون في قطاع الدفاع والاستخبارات في الحكومة الروسية، والتي قد تتضمن بيع اسلحة روسية متطورة حول العالم".

من جانب اخر قالت وزارة الخارجية الروسية إن وزير الخارجية سيرجي لافروف أبلغ نظيره الأمريكي بأن روسيا تعد دعاوى قضائية لاسترداد ما تقول موسكو إنها ممتلكات صادرتها الولايات المتحدة دون وجه حق. ونقلت الوزارة عن لافروف قوله إن أفعال السلطات الأمريكية التي أمرت بإزالة أعلام روسيا من على المباني الدبلوماسية التي صودرت في الولايات المتحدة غير مقبولة.

وفي واشنطن قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ردا على أسئلة بشأن الاتهامات إن ما الأفعال التي قامت بها الولايات المتحدة في المنشآت الروسية المغلقة ”قانونية تماما“ ونفذته بعد ”تفكير عميق وبطريقة حكيمة“. وأضافت ”جرى إنزال الأعلام من على العقارات التابعة للقنصلية الروسية في سان فرانسيسكو بطريقة تنطوي على الاحترام. جرى تخزينها بأمان داخل كل مبنى من المباني... لا توجد دولة في العالم تحترم علمها وأعلام الدول الأخرى أكثر من الولايات المتحدة. هذا شيء نأخذه على محمل الجد“.

لكن الخارجية الروسية قالت إن لافروف شدد في حديثه لتيلرسون على ”أن التصرفات غير المشروعة التي يواصل المسؤولون الأمريكيون القيام بها تتناقض مع إعلانات على أرفع مستوى في واشنطن عن نوايا لتطبيع العلاقات الثنائية التي وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق“. وغادر الموظفون الروس القنصلية في سان فرانسيسكو الشهر الماضي بعدما أمرت واشنطن موسكو بإخلاء بعض من عقاراتها الدبلوماسية في إطار سلسلة من الأفعال الانتقامية التي نبعت من توتر العلاقات بين البلدين.

رفض روسي

على صعيد متصل رفض الكرملين الاستراتيجية الأمنية الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصفها بالامبريالية لكنه رحب باستعداد واشنطن للتعاون في بعض المجالات. وكشفت إدارة ترامب النقاب عن وثيقة أمنية - تقوم على مبادرة ”أمريكا أولا“ التي طرحها الرئيس- تتهم روسيا بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين تظهر ”القراءة السريعة للأجزاء من الاستراتيجية التي يرد فيها ذكر بلادنا بشكل أو بآخر... صفة إمبريالية“.

وأضاف أن الوثيقة تظهر كذلك ”عدم الترحيب بالتخلي عن فكرة عالم أحادي القطب، بل وتؤكد على عدم الترحيب بعالم متعدد الأقطاب“. ولا تتضمن وثيقة الاستراتيجية الأمنية اتهامات محددة توجها أجهزة المخابرات الأمريكية بأن موسكو تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016. لكنها عكست وجهة نظر أشمل يعبر عنها دبلوماسيون أمريكيون منذ فترة طويلة مفادها أن روسيا تعمل بنشاط على تقويض المصالح الأمريكية في الداخل والخارج.

وقال بيسكوف ”لا يمكننا أن نقبل بموقف يصف بلادنا بأنها مصدر تهديد للولايات المتحدة“ وأضاف ”في الوقت نفسه هناك بعض المناحي الإيجابية المتواضعة، خاصة، الاستعداد للتعاون في مجالات تتوافق مع المصالح الأمريكية“. وتحدث ترامب مرارا عن رغبته في تحسين العلاقات مع الرئيس فلاديمير بوتين رغم أن روسيا أحبطت السياسة الأمريكية في سوريا وأوكرانيا ولم تبذل جهدا كافيا لمساعدة واشنطن في مواجهة كوريا الشمالية.

وقال ترامب في خطبة أعلن فيها استراتيجيته الأمنية إنه تلقى اتصالا من بوتين ليشكره على تقديم معلومات مخابراتية ساعدت في إحباط هجوم بقنبلة في مدينة سان بطرسبرج الروسية. وينظر تحقيق تجريه وزارة العدل الأمريكية فيما إذا كان مساعدون في حملة ترامب تواطأوا مع روسيا وهو ما تنفيه موسكو وترامب.

من جانب اخر قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إن العلاقات الأمريكية الروسية الآن في أسوأ حالة يمكنه تذكرها، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبدو له شخصا ودودا يحرص على إقامة روابط عمل إيجابية مع روسيا. وكان ترامب قال لدى تولي منصبه في يناير كانون الثاني الماضي إنه يريد تحسين العلاقات مع روسيا بعد أن تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.

إلا أن العلاقات تدهورت بعد ذلك إذ اتهم مسؤولون بالمخابرات الأمريكية روسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وتنفي موسكو هذا الاتهام. وقال ميدفيديف الذي التقى ترامب في مانيلا إنه والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجدا ترامب شخصية بناءة ودودة لكنه اتهم ساسة أمريكيين آخرين باستغلال ”ورقة روسيا“ لتحقيق مآربهم الخاصة والتأثير على موقف ترامب من روسيا. بحسب رويترز.

وقال ميدفيديف في مقابلة مع القنوات التلفزيونية الرئيسية في روسيا ”الانطباع الذي يخلفه (ترامب) هو أنه شخصية سياسية ودودة مستعدة لإقامة اتصالات شاملة وردود الفعل عنده معقولة تجاه كل شيء“. وأضاف أنه تحدث معه لفترة وجيزة على العشاء في قمة إقليمية عقدت في مانيلا. لكن ميدفيديف وصف العلاقات بين البلدين بأنها سيئة جدا وقال إن المناخ السياسي تجاه روسيا في الولايات المتحدة يذكره بفترة الخمسينيات عندما ساعد السناتور الأمريكي جوزيف مكارثي في إطلاق حملة ضد كل من اعتبره مؤيدا للشيوعية في الولايات المتحدة.

اضف تعليق