q
{ }

بحث مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية بالتعاون مع مركز رؤية للسياسات والدراسات المستقبلية موضوعا تحت عنوان (آليات تحصين المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات من التأثيرات السياسية) في حلقة نقاشية، شارك فيها رئيس مفوضية الإنتخابات الأسبق عادل اللامي، وعضو مجلس المفوضين وناطقها الرسمي السابق صفاء الموسوي، ومدراء مراكز دراسات وبحوث ومستشارين سابقين وقانونيين وأكاديميين وإعلاميين وصحفيين في العاصمة بغداد.

افتتح الندوة الحوارية الدكتور ياسين البكري التدريسي في جامعة بغداد كلية العلوم السياسية، حيث أكد على "إن الكل يدرك مدى الضغط الموجود على قضية الإنتخابات خصوصا وأن هذا الضغط قسم منه على المواطن والقسم الآخر على الكتل السياسية، بالتالي على السياسي الذكي أن يحسب للحملة الإنتخابية منذ اليوم الأول لظهور نتائج الإنتخابات، وهذا عكس ما معمول به عند الكثير من السياسيين الذين يباشرون حملتهم الإنتخابية في الأشهر الأخيرة حتى يطرحون رؤيتهم، لذا من المؤكد بأن هذه واحدة من عناوين الخلل التي تعاني منها الأحزاب السياسية في العراق بشكل عام، مما يعقد المسألة ويجعل من الحملة الإنتخابية وكيفية الوصول للناخب تميل نحو جهة التحايل".

وأوضح أن هذه الحلقة النقاشية تأتي اليوم من أجل تحصين المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات من الضغوط السياسية، خاصة إننا نعرف في الإنتخابات السابقة وبصرف النظر عن أداء المفوضية والمهنية التي تتمتع بها، لذا نحن نريد أن نصل إلى آليات حقيقية من أجل أن نرتقي بأداء المفوضية إلى مستويات متقدمة، فأن أي إنتخابات ان لم تكن مصداقية شفافية بنتائجها بالتأكيد ستتعرض إلى الطعون التي تخل بمصداقية تلك الإنتخابات ونتائجها، وهذا بطبيعة الحال مما يعرض العملية السياسية بشكل عام إلى ضغوطات جديدة".

ولمتابعة تفاصيل وحيثيات هذا الموضوع بشكل أدق تم عرض ورقتين بحثيتين.

ما هي معايير المفوضيات المقبولة؟

الورقة الأولى من إعداد الدكتور غسان السعد - جامعة بغداد كلية العلوم السياسية، بعنوان (آليات تحصين المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات من التأثيرات السياسية). حيث أورد فيها "إن السؤال الأهم: ما هي معايير المفوضيات المقبولة؟، وللإجابة عن هذا التساؤل يمكن القول وببساطة شديدة، إنها عبارة عن ثلاثة معايير وهي (الإستقلالية، الحياد، المهنية)، وذلك من أجل أن تحظى برضا ومقبولية المتنافسين والرأي العام، إلى جانب ذلك فأن أخطر ما تتعرض له المفوضية اليوم هي وجودها في ساحة رمال متحركة، خاصة وأن كل حزب يسعى لسحب المفوضية إلى ساحته، وبالتالي عملية إستدراجها تكون ممكنة جدا لاسيما عن طريق الأحزاب القوية".

لذا فإن المجلس الأول الذي تأسس في عام (2004/2007) هو الأكثر إستقلالية من ناحية الإختيار، ليأتي المجلس الثاني وهو ما بين عام (2007-2012) كان التأثير الحزبي في الإختيار كاد أن يصل إلى (50%)، ليصل الأمر إلى المجلس الثالث والرابع إلى نسبة عالية تتجاوز (90%)، طبعا هذا له عدة أسباب منها قوة الأحزاب مقابل ضعف المفوضية، ثانيا، القانون جعل من مجلس النواب هو القناة الشرعية لولادة أعضاء مجلس المفوضية.

لكن يبقى السؤال المهم هنا كيف تؤثر الأحزاب السياسية في عمل المفوضية؟، واقعا أن أولى أدوات التأثير هي إختيار مجلس المفوضين على أساس الولاء السياسي، ثانيا، إختيار الطبقة الأكثر تأثيرا وهم مدراء مكاتب المفوضية في المحافظات والمدراء العامين في المفوضية، اضافة إلى ذلك هناك سلطة تحريك أولئك المدراء من محافظة إلى محافظة ومن دائرة إلى دائرة أخرى، ثالثا، التدخل في تعيين وترفيع المفوضين داخل المفوضية كذلك، وبمرور الوقت فإن التوظيف في ظل الولاء السياسي توسع أفقيا وعموديا، لذلك فإن عوامل التأثير تتشكل بالطريقة التالية.

أولا: العنصر البشري

هي الأداة الأولى وليست الوحيدة

ثانيا: التهديد

فهناك تهديد شخصي على سلامة العاملين في المفوضية وسلامة عوائلهم، وهناك تهديد وظيفي وابتزاز وتحريك الشارع بالإضافة الى الحملات التسقيطية، وتحريك هيئة النزاهة وإستغلالها كسوط يلوح بها ضد العاملين في المفوضية لاسيما في الدرجات العليا، بالتالي الكثير من قضايا النزاهة هي ملفقة وأن عملية فتحها هي عملية ابتزاز وعملية غلقها هي أيضا عملية ابتزاز، فخلال ثلاثة أيام تم غلق (120) قضية نزاهة على المجلس في ولايته الثانية.

ثالثا: الرشوة

الكيانات السياسية اليوم لا تتعامل بنزاهة مع العملية الإنتخابية بشكل خاص ومجمل العملية السياسية بشكل عام، لذلك البعض منها مستعد أن يقدم رشوة وهي على مستويين: مادي ومحاولة شراء مواقف وأصوات في المفوضية ومناطق نفوذ، ورشوة سياسية وخطورتها هنا مناصب أعلى ونفوذ حماية لاحقة ما بعد ترك المنصب.

رابعا: سلاح الإستجواب

وهو يعتبر من أهم أسلحة الرقابة لكن نلاحظ في قضية العلاقة بين مجلس النواب والمفوضية، بالتالي من المؤكد تم استغلال الإستجواب ضد المفوضية وزعزعة ثقة الرأي العام بالمفوضية.

فاذا كان هناك إنجاز حقيقي فهو الإنتخابات منذ (2004) وإلى الوقت الحاضر، وهذه الإنتخابات شكلت علامة في تاريخ المفوضية وهو يعتبر إنجاز، فالنتائج معلنة استفتاء على الدستور كذلك مقبولية دولية، فضلا عن ذلك واجهت المفوضية ثلاثة إستجوابات رسمية داخل مجلس النواب دون باقي مؤسسات الدولة، وبالتالي فإن عملية الإستجواب الجزء الأكبر منها هو سياسي وأن الخاسر الأكبر بهذه العملية هو ثقة الجمهور بالمفوضية، فكيف نحد من التأثيرات السياسية على المفوضية، بعيدا عن التنظير الأكاديمي؟، يجب أن نفكر بصوت عالي عن حلول واقعية، فمجرد الدعوة واللجوء إلى أخلاقيات العمل السياسي والمبادئ الدستورية، قد تكون نوع من الرومانسية المثالية التي لا تأتي غاياتها في ظل هذا الواقع والصراع الشديد، فيجب أن نفكر بواقعية خصوصا وأن الإطار القانوني غائب الأهمية، بالتالي فاذا ما شخصنا تدخل التأثيرات السياسية على الموارد البشرية داخل المفوضية، لذا يجب تحصين هذه الموارد والمناصب لاسيما في عملية الإختيار.

خاصة وأن عملية الإختيار في مجلس المفوضين لابد أن تتم من خلال مسابقة وطنية عامة، وهذا مما يقلل من فرص النفوذ السياسي لاسيما مع إعلان الدرجات بشكل مباشر، هذا النموذج من الإمتحان لا يوجد فيه إجتهاد شخصي ولا أسئلة تسرق ولا نتائج يتم التلاعب بها ويكون وثيقة لاحقة للممتحن في حال مطالبته بحقه، وهذا أيضا ممكن أن يكون طريقة لتوظيف وترفيع الموظفين داخل المفوضية.

النقطة الثانية، الرقابة على المفوضية وهذا يتم من خلال الرقابة القضائية فقانون رقم (47) لسنة (2017) قانون الإدعاء العام، يتحدث في المادة (واحد) عن دعم النظام الديمقراطي الإتحادي وحماية أسسه ومفاهيمه في إطار احترام المشروعية واحترام تطبيق القانون، وهذه من واجبات الإدعاء العام، بنفس الوقت نلاحظ في المجلس الحالي أكثر من عضو مجلس نواب صرح بأن الأسئلة تم طرحها عند بعض مرشحي الأحزاب.

النقطة الثالثة والخطيرة، السلطة القضائية لم تقم بواجبها الحقيقي في دعم النظام الديمقراطي، الرقابة النيابية لاسيما من الكتل الصغيرة والرقابة من منظمات المجتمع المدني، والتي هي مهملة لبعض المعايير المهمة من مثل إستقلالية المفوضية، أيضا الرقابة الإعلامية الواعية غير متحققة، الشيء الآخر الرقابة من قبل الأحزاب السياسية غير موجود في داخل المفوضية، فضلا عن الرقابة الدولية التي لم تنهض كرافعه مهمة في إعطاء شرعية دولية، إنما أصبحت في بعض الأحيان شاهد زور على مخالفات جسيمة.

بالتالي نحن نتحدث عن كادر بشري مستقل ومهني أولا، وثانيا رقابة على مجمل الأصعدة التي ذكرت سابقا، وثالثا حماية المفوضية، ورابعا يجب زيادة الوعي الديمقراطي، وأيضا خامسا مكافحة الفساد المالي وتشديد الرقابة على التمويل السياسي، فنحن سوف نظهر بعصر خطير وهو عصر (السلطة من أجل المال)، (وعصر تخادم صاحب الكيس وصاحب العصا)، بالتالي هذا التخادم سيكون إحدى ضحاياه هو استقلالية مفوضية الإنتخابات.

معايير الإنتخابات النزيهة وضمانات الاستقلالية

أما الورقة الثانية، هي بإمضاء الدكتور عبد العزيز عليوي العيساوي بعنوان (معايير الإنتخابات النزيهة وضمانات استقلالية المفوضية)، حيث تعرض "إلى الضغوط التي تتعرض لها المفوضية بشكل مباشر وهي الضغوط السياسية، فبعد كل إنتخابات نلاحظ أن المفوضية تتعرض لضغوط من قبل الرابحين والخاسرين، فالرابح يريد المزيد من الأصوات والخاسر يريد أن يربح، لكن الإشكالية هنا أن الرابح والخاسر من السياسيين ربما هو لا يعلم بأنه هو السبب خصوصا وأن هذا الأمر مربوط بقانون الإنتخابات، بالتالي المفوضية لا تستطيع التلاعب بنتائج الإنتخابات".

والموضوع الآخر هو الضغوط الشعبية التي لوحظت في الآونة الأخيرة، والتي جانب كبير منها هو جانب سياسي، والدليل أن الواقع السياسي في العراق هو واقع توافقي، فإن الآلية التي جاءت بالمفوضية السابقة هي نفسها التي جاءت بالمفوضية الحالية، فلماذا الشارع لا يحتاج على مفوضية الإنتخابات الحالية وهي جاءت عن طريقة المحاصصة بالبرلمان، وأقام الدنيا ولم يقعدها على المفوضية السابقة، إذا يوجد هناك جانب سياسي مؤثر على الشارع الذي تظاهر ضد المفوضية، تأجيل الإنتخابات ودمجها مع الإنتخابات المحلية وهذا مما يسبب إرباكا في عملية الإنتخابات، بالإضافة إلى الضغوط المالية.

نأتي إلى ضمانات إستقلالية المفوضية ففي المادة (102) من الدستور واضحة ولا لبس فيها، وأن تكون المفوضية العليا للإنتخابات مستقلة وهذا خلاف المنطق والواقع، خصوصا وأن عملية إختيار أعضاء مجلس المفوضين ترفض تلك الحقيقة جملة وتفصيلا، الضمان الثاني، هو وجود إنتخاب عادل وبالتالي لن تخضع المفوضية لأي ضغوط، والآلية الأخرى هي وجود سلطة ضامنة لتطبيق إجراءات الإنتخابات، والقضاء على المحاصصة.

إن الموضوع الأهم هو كوننا دائما ما نتعامل مع أي مجلس مفوضين كأنما هو مذنب وننهي أي مستقبل سياسي له داخل مفوضية الإنتخابات، فلماذا لا يكون لدينا هيئة خبراء من رؤساء وأعضاء مجلس المفوضين السابقين، فهل يعقل كل هؤلاء دون المستوى المطلوب؟.

المداخلات

عادل اللامي: فصل الإدارة الإنتخابية عن مجلس المفوضين

الأستاذ عادل اللامي رئيس مفوضية الإنتخابات الأسبق، يرى "إن هناك آليات تنفيذية عملية يمكن إتباعها من أجل تحصين المفوضية منها، (قانون المفوضية) ليس من ناحية طريقة اختيار أعضاء مجلس المفوضين فحسب، وإنما جهاز المفوضية تم التلاعب به بحيث تم توحيد جهاز المفوضية بجهاز واحد، القانون السابق الأمر (92) الذي وضعته الأمم المتحدة كان قد فصل الإدارة الإنتخابية عن مجلس المفوضين".

وأضاف اللامي، "إن مجلس المفوضين كان مؤقتا ومجلس الإدارة كان دائما، تجربة المفوضيات نشأت في بداية التسعينيات من القرن الماضي، لكن هناك تجارب سابقة قليلة مثل التجربة الكندية، تأسست المفوضية الكندية سنة (1920) وهي هيئة مستقلة لإدارة الإنتخابات، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن توالى أربعة رؤساء على تلك المفوضية، أما مجلس المفوضية فهو مؤقت ويضم شخصيات معروف عنها بالنزاهة والأمانة، إضافة إلى آليات تحصين المفوضية لابد من إعادة صياغة قانون الإنتخابات".

أحمد جويد: حماية الاصوات

من جهته أوضح الحقوقي أحمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، "إن الغاية من الحلقات النقاشية ليس فقط جلد الذات وإظهار العيوب ولكن البحث عن الحلول، فالعراق عندما تحول من الجانب الديكتاتوري إلى الجانب الديمقراطي كان الأمر ليس بالشيء الهين، بالتالي هذه فرصة كبيرة من أجل أن ننمي الوعي المجتمعي بأن يختار قياداته عن طريق صناديق الإنتخابات، وموضوعة التزوير والطعن بالإنتخابات لم تكن مقصورة على العراق فقط، الآن في الولايات المتحدة الأمريكية لا زالت الإتهامات متبادلة حيال فوز الرئيس الأمريكي".

وأضاف جويد، "المفوضية العليا في العراق لم تعمل بظروف طبيعية، فالعراق منذ (2003) ولحد الآن تقريبا هو يعاني من قضية الإرهاب والحرب الداخلية وغيرها، بالإضافة إلى الفساد الذي تفشى في جميع مؤسسات الدولة، مما أصبح التركيز على المفوضية يأخذ منحا سياسيا وليس منحا جديا لإصلاح هذه المفوضية من أجل الوثوق بالمخرجات التي تأتي بها الإنتخابات. اليوم حق كل مواطن عراقي مكفول بصوته الإنتخابي، وأن يصل هذا الصوت بأمانة لأي جهة".

وقال جويد، "يجب على المفوضية الحفاظ على هذا الصوت وإخراجه إلى الجهة التي انتخبها الناخب العراقي، فنحن نأمل أن نشاهد في المستقبل القريب إنتخابات جيدة وتداول سلمي جيد للسلطة، لكن مع كل هذه التمنيات نأمل أولا من الأحزاب السياسية في العراق، أن يكون لديها إنتخابات داخلية، حتى يكرسوا للوضع الإنتخابي وينطلقون من أنفسهم، مقترحي الأخير أن يتم تحديد شهادة معينة أو عمر معين كي نتلافى إشكالية المقاربة ما بين الصوت الواعي وغير الواعي في الإنتخابات".

الدكتور خليل ناجي: المفوضية غير محصنة

وعبر الدكتور خليل ناجي، الباحث في المجال الأمني "إن إستقلالية المفوضية منذ عام (2004) وإلى الآن تسير بانخفاض مستمر وذلك بسبب التدخل السياسي، لذا ومن أجل معالجة هذه القضية نحتاج إلى عدة خطوات إصلاحية، فالخطوة الأولى لإصلاح العملية السياسية هو ضمان استقلالية المفوضية، لكن نجد المفوضية المستقلة في العراق غير محصنة من الناحية القانونية، وبالتالي يمكن أن تتعرض لتدخلات، كذلك قانون المفوضية مرهون بإيجاد المحاصصة داخل مجلس المفوضين، وهذه القضايا وغيرها نستشعر من خلالها بأن عمل المفوضية يشوبه الكثير من الخلل من الناحية القانونية، لذا لابد من عقد سلسلة من الجلسات ويستضاف بها أعضاء المفوضية السابقين أو خبراء في هذا المجال للخروج بتوصيات نهائية، ترفع لصانع القرار لنحفظ من خلال ذلك عدم تأثير الجهات السياسية على عمل المفوضية المستقلة للإنتخابات".

عامر إبراهيم: الامراض والعيوب

عامر إبراهيم، إعلامي ونائب رئيس مجلس محلي، يرى "لابد أن نهيئ ناخب واعي ومثقف، وهذا الأمر يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية لتنمية وعي الناخب العراقي".

إلى ذلك أشار الدكتور علاء العبيدي، أستاذ العلوم الإقتصادية في جامعة بغداد، إلى "إن هناك مجموعة تساؤلات منها: هل إستطاعت المفوضية تحصين نفسها تماما من الأخطاء والتجاوزات؟. سؤال آخر، هل ما تبقى من أمراض في المفوضية لا يشكل خرقا يذكر في مصداقيتها أولا ولا يهدد العملية الإنتخابية ليصل بها إلى القول بأنها فاشلة ولم تنجح؟، كذلك هل نستطيع أن نعترف بوجود عناصر عاملة في المفوضية لم تنضج إلى الآن ولم تبرأ تماما مما تحملته من عيوب سابقة؟، وهل الضلع الذي تشكله المفوضية هو قائم على أساس مجتمع موبوء بالكثير من الأمراض والعيوب السياسية والإجتماعية؟، وهل أن هذه الصلة بين الضلع وأساسه يصبح من المستحيل تبرئة المفوضية من الأمراض والعيوب، رغم كثرة اللقاحات المختلفة التي أخذتها المفوضية عبر فترات متلاحقة من الزمن، الشيء الآخر أنا ضد فكرة أن يكون الناخب حامل لشهادة الإعدادية، وذلك لأن الشهادات اليوم ومع شديد الأسف تباع بمبالغ نقدية أولا، وربما يكون الجاهل وغير المتعلم هو أكثر وعيا من الشاب الذي يجلس في بيته ويشتري الشهادة، لذا نحتاج أولا إلى إصلاح التعليم لأنه أساس المعرفة".

الدكتور قحطان الحسيني: صراع بين الوعي والمصلحة

ويرى الدكتور قحطان الحسيني باحث في مركز المستقبل، "إن المفوضية المستقلة للإنتخابات حالها حال كل المؤسسات العاملة في العراق، سواءا تشريعية أم تنفيذية أم قضائية وهي عرضة دائما للتأثير السياسي، وهذا الإعتراف جعل البعض يعتقد بأن الاستقلال والمهنية في المؤسسات العراقية أصبح كالحلم أو الأسطورة، أيضا قضية الرقابة الدولية التي طرحت على اعتبارها أحد الحلول لتحصين المفوضية، لكن علينا أن نعترف بأن الأمم المتحدة واللجان التابع لها والمكلفة بمتابعة هذا الموضوع هي فقط تقدم الاستشارة وليست قراراتها ملزمة، بالتالي فإن القرارات الملزمة هي التي تصدر من البرلمان ومن الحكومة العراقية، لذلك لا يمكن التعويل كثيرا على الرقابة الدولية في تحصين مفوضية الإنتخابات".

وأضاف الحسيني، "قضية التمثيل العادل التي تم بمقتضاها وجود تمثيلا للأحزاب في مجلس المفوضية، وبالتالي إذا سلمنا بهذه الجدلية فما هو مصير الكتل والأحزاب السياسية الصغيرة، هنا ستترتب على هذا الإعتراف مظلمة كبيرة للأحزاب السياسية خاصة إذا ما عرفنا أن هذا التمثيل يمثل طيفا فكريا معينا، فما هو مصير التيارات والأحزاب الليبرالية، وموضوع الوعي الذي تم تداوله بكثرة يعتبر إتهام خطير للشعب العراقي وهو يجافي الحقيقة فالوعي موجود، ولكن هناك صراع بين الوعي والمصلحة".

وأشار الحسيني إلى "إن الصراع من هذا النوع تكون الغلبة فيه للمصلحة، والأكثر من ذلك أن الوعي في العراق أصبح مسيسا، أخيرا، إن دور الإدعاء العام والقضاء هو المعول عليه بشكل أساسي في تحصين المفوضية وما سواها من مؤسسات دستورية وقانونية في العراق، فكل الخروقات والإنتهاكات والتجاوزات حصلت أمام القضاء من دون أن يحاكم ساكن، وهذا ما يحزن ويحتاج إلى وقفة ومعالجة حقيقية".

الدكتور غسان السعد: قوة الأحزاب وضعف المفوضية

من جانبه قال الدكتور غسان السعد التدريسي في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد: "من الصعوبة في الوضع الذي يعيشه العراق سياسياً الحديث عن تحصين عمل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وعن كيفية تشكيلها وتسمية أعضائها أو موظفيها وذلك لعدّة أسباب منها قوة الأحزاب مقابل ضعف المفوضية".

وأضاف "إن القانون جعل من مجلس النواب العراقي والذي يمثّل عادةً الكيانات السياسية والبرلمانية، هو القناة الشرعية لولادة أعضاء مجلس المفوضية، وبالتالي كانت هذه الأسباب وغيرها غاية في الوضوح من عدم تحصين المفوضية من التأثيرات السياسية".

وقال الدكتور عبد العزيز عليوي التدريسي في كلية العلوم السياسية بجامعة الأنبار، "إن الآلية التي جاءت بأعضاء المجلس السابق للمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، هي نفس الآلية التي جاءت بمجلسها الجديد، كذلك وجود تأثير سياسي قوي على الشارع العراقي الذي رأيناه خرج مُتظاهراً ومُحتجّاً حينها على مجلس المفوضية السابق الذي جاء من خلال المحاصصة السياسية والبرلمانية، ونجده اليوم لا يُحرّك ساكناً تجاه ما يجري من محاصصة كذلك".

عدنان الصالحي: الصراع والمحاصصة

وأكد مدير الجلسة الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، على أنّ تقييم عمل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات يبقى مهمّةً ليست بالسهلة أمام أيّ مُراقب أو مُتخصّص محلي كان أم دولي، وهي مهمةً مُرتبطةً دائماً بالمشهد السياسي العراقي وتعقيداته المُتداخلة رُغم كل المحاولات التي حاولت إخراج المفوضية من حلبتي الصراع الحزبي والمُحاصصة كي تُصبح مستقلةً حقّا".

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة، بالشكر الجزيل والإمتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع، وتقدم بالشكر أيضا إلى وسائل الإعلام التي شاركت بتصوير الجلسة الحوارية.

اضف تعليق