q

ماتزال ملفات فضائح التحرش الجنسي التي تطال العديد من الشخصيات والاسماء الكبيرة في مختلف دول العالم، محط إعلامي واسع خصوصا وان السنوات الأخيرة قد شهدت اتهامات جديدة طالت الكثير من الشخصيات، وقد أظهرت بعض التقارير السابقة، زيادة نسبة التحرش الجنسي في الدول المتقدمة، ونشر موقع "Wonderlist" في وقت سابق قائمة بأعلى 100 دول في العالم من حيث انتشار معدلات التحرش الجنسي والاغتصاب والتي تصدرتها الولايات المتحدة والعديد من الدول المتقدمة الأخرى. وتشير البيانات إلى أن في السويد والدنمارك، 80 الى 100 في المئة من الناس تعرضوا للإساءة الجنسية كبالغين وهي أعلى نسبة في أي مكان في القارة. وفي المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا وفنلندا، 60-79 في المئة من الأشخاص تعرضوا للاعتداء الجنسي.

ومع تفاقم وانتشار هذه الفضائح والاتهامات التي أثارت غضب الكثير من الناس في أمريكا وغيرها من الدول الأخرى، نظم مئات الأشخاص مسيرة في قلب مدينة هوليوود الأمريكية دعما لضحايا الاعتداءات والتحرش الجنسي بعد حملة على وسائل التواصل الاجتماعي صورت مثل تلك الاعتداءات كسمة منتشرة في الحياة الأمريكية. وتأتي مسيرة هاشتاج (مي تو) بعد سلسلة من الاتهامات التي أعلنها رجال ونساء قالوا إنهم كانوا ضحية تحرش جنسي من شخصيات نافذة في صناعة الترفيه. ولكن المشاركين في المسيرة قالوا إنهم يمثلون أيضا رجالا ونساء تعرضوا لانتهاكات جنسية وهم أطفال وفي مواقف أخرى.

من جانب اخر أعلن النائب الاميركي الديمقراطي البارز جون كونيرز انه سيستقيل من مجلس النواب حيث قضى خمسة عقود بعدما طالته سلسلة اتهامات بالتحرش. وقال كونيرز (88 عاما) لإذاعة ديترويت "سأتقاعد اليوم"، ما جعله الأول بين أربعة نواب يواجهون اتهامات بتصرفات جنسية مشينة يتخلى عن منصبه. وأعلن تأييده لحلول ابنه جون كونيرز الثالث محله في مقعده في مجلس النواب.

وفي تصريحات أدلى بها من المستشفى حيث أفادت تقارير أنه يخضع للعلاج من مضاعفات ناتجة عن الضغوطات النفسية، أصر اقدم نائب على أن الاتهامات ضده "غير صحيحة". وتخلت قيادة الحزب عنه عندما اتضحت خطورة الاتهامات الموجهة إليه في وقت يحاول الكونغرس ايجاد طريقة للتعامل مع مسألة السلوك الجنسي الشائن. وقرأت زميلته شيلا جاكسون لي رسالة في مجلس النواب وجهها كونيرز إلى زملائه يعلن خلالها بأنه ابلغ رئيس المجلس بول راين وزعيمة الديموقراطيين في المجلس نانسي بيلوزي بأنه سيتخلى عن مقعده. وكتب كونيرز في الرسالة "لقد علمتني امراة عظيمة هي والدتي كيف اعامل النساء بكرامة". وأضاف "نظرا للظروف حيث لم أمنح الحق في المحاكمة العادلة والاوضاع الصحية الحالية وحفاظا على ارثي وسمعتي، فانني سأتقاعد". ويعد كونيرز اقدم نائب ومدافع بارز عن الحقوق المدنية ويشغل مقعده منذ عهد الرئيس ليندون جونسون ابان ستينات القرن الماضي.

فرنسا والهند

من جانب اخر سجلت الشكاوى المقدمة حول اعتداء أو تحرش جنسي في فرنسا ارتفاعا كبيرا منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر، وذلك بفضل ازدياد جرأة الضحايا على البوح بما جرى معهم، وخاصة بعد الصدمة العالمية التي سببتها قضية المنتج السينمائي الأمريكي هارفي واينستين. وبحسب تعداد لوزارة الداخلية الفرنسية، فقد ارتفع عدد الشكاوى المقدمة بهذا الشأن بنسبة 30% مقارنة مع ما كان عليه في الشهر نفسه من العام الماضي، وهذه الشكاوى تتعلق بتحرش جنسي أو اعتداء جنسي أو اغتصاب.

ومنذ تكشف قضية المنتج الهوليوودي هارفي واينستين وفضائحه الجنسية في تشرين الأول/أكتوبر واتهام نحو مئة سيدة له بالتحرش الجنسي، كثرت حالات بوح الضحايا عن اعتداءات مماثلة في فرنسا وغيرها من بلدان العالم. ويؤكد الخبراء أن هذا الارتفاع في القضايا المقدمة لا يعكس ارتفاعا في الحالات بقدر ما يعكس ارتفاعا في إقبال الضحايا بالبوح عما جرى. فما نسبته 10% فقط من ضحايا الاغتصاب يقدمون شكاوى في العادة، ولا تصدر أحكام إدانة سوى على 1% فقط من مجموع من يرتكبون هذه الاعتداءات، وفقا للمجلس الأعلى للمساواة بين النساء والرجال في فرنسا. وتقوم الحكومة الفرنسية بإعداد مشروع قانون حول العنف الجنسي للعام 2018، وقد دعت المعنيين بهذا الأمر من عناصر شرطة وقضاة ومواطنين أيضا إلى المساهمة فيه.

الى جانب ذلك عندما ذهبت الممثلة الهندية ديفيا أوني إلى ولاية كيرالا جنوب البلاد في 2015 ظنت أنها ذاهبة إلى اجتماع عمل مع مخرج سينمائي حاز على جوائز لمناقشة دور لها في فيلم. وبدلا من ذلك تمت دعوتها لغرفة المخرج في فندق في الساعة التاسعة ليلا وعرض عليها المخرج ممارسة الجنس وقال لها إن عليها أن تقدم تنازلات إن أرادت النجاح في مجال صناعة الأفلام. وقالت ”تسمع طوال الوقت عن ممثلات يطلبهن مخرجون لغرف فنادقهم في الليل لكن لم أشك لأنني ذهبت بتوصية“. وأضافت أنها رفضت وغادرت دون الحصول على دور في الفيلم.

وقالت ثلاث نساء يعملن في بوليوود قلعة صناعة الأفلام في الهند، وهي الأكبر في العالم، إن ما روته أوني ليس نادر الحدوث. ولكن حتى بعد أن أثار توجيه مزاعم بالاعتداء والتحرش الجنسي للمنتج السينمائي هارفي واينستين في هوليوود موجة من الشكاوى المشابهة ترددت بوليوود في الإفصاح عن مرتكبي مثل تلك الأفعال. وقالت ألانكريتا شريفاستافا وهي مخرجة سينمائية في الهند ”لا أعرف إن كان ما يحدث في هوليوود من إعلان أسماء هؤلاء الرجال يمكن أن يحدث هنا في الهند... فيما يتعلق بنفسياتنا وكيف يعمل النظام الأبوي في المجتمع الأمر أكثر صعوبة“. بحسب رويترز.

وقال منتج الأفلام السينمائية في الهند موكيش بات إن صناعة الأفلام في البلاد لا يجب أن ينظر إليها نظرة مختلفة وإن الأمر يقتصر على ما يمكن فعله لمنع التحرش. وقال”ماذا بوسعنا أن نفعل؟ لا يمكننا أن نفرض أي رقابة أخلاقية... لا يمكننا أن نضع شرطة أخلاقية خارج كل مكتب أفلام للتأكد من عدم إساءة استغلال أي فتاة“ مشيرا إلى أن على صناعة الأفلام الحذر من الادعاءات الكاذبة. وأضاف ”أنا لا أقول أن الرجال ليسوا استغلاليين. إنهم كذلك منذ قرون. لكن نساء اليوم لسن بالبساطة التي يتظاهرن بها... وكما يوجد رجال صالحون وآخرون سيئون هناك أيضا نساء استغلاليات وخادعات جدا“ لكنه رفض تقديم أي أمثلة على ذلك.

امريكا

في السياق ذاته اتهمت امرأتان جديدتان روي مور بالتحرش، بحسب ما أوردت وسائل الاعلام لكن هذا المرشح الجمهوري عن الاباما الى مجلس الشيوخ الاميركي لم يبد أي اشارة بانسحابه من السباق بينما واصلت حملته نفي هذه الاتهامات. وأورد موقع "ايه ال.كوم" ان امراة من غادسدن مسقط رأس مور في الاباما قالت انه قام بملامستها عندما كانت في مكتبه في العام 1991.

كما اشار الموقع الى ان امرأة اخرى قالت انه دعاها الى الخروج معه في العام 1982 عندما كانت لا تزال في ال17 بينما كان هو في الثلاثينات من العمر، وان مور قال لها انه يخرج مع "فتيات من سنك كل الوقت". هذه الاتهامات هي الاخيرة ضد مور القاضي السابق في المحكمة العليا في ولاية الاباما، اذ تقدمت خمس نساء قبلا بشكاوى ضده وقالت احداهن انه تحرش بها قبل عقود وعندما كانت في ال14 من العمر.

ويواجه المرشح المحافظ البالغ من العمر حاليا 70 عاما والمعارض للمؤسسات، المرشح الديموقراطي داغ جونز في انتخابات خاصة في مجلس الشيوخ لملء معقد جيف سيشنز الذي اصبح شاغرا بعد تعيينه مدعيا عاما في وقت سابق هذا العام. ونفى فيليب جوريغي محامي مور ادعاء بيفرلي يونغ نلسون بان مور اعتدى عليها في سيارته في العام 1977 عندما كانت في ال17 من العمر وتهز هذه القضية واشنطن قبيل انتخابات حاسمة في مجلس الشيوخ، يأمل فيها الحزب الجمهوري بالاحتفاظ بأغلبيته الضئيلة 52 مقابل 48 مقعدا. وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب صرح ان على مور ان يتخلى عن ترشحه اذا صحت الاتهامات. لنه اضاف في الوقت نفسه انه لا يحب ان تدمر مجرد اتهامات حياة هذا السياسي من الاباما.

من جانب اخر اتهمت مذيعة بمحطة إذاعية السيناتور آل فرانكين بلمس ثديها أثناء نومها وتقبيلها بالقوة في عام 2006 عندما كان يعمل ممثلا كوميديا وكان كلاهما يستعدان لتقديم عرض أمام القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وروت المذيعة لييان توييدن تجربتها بنفسها على موقع محطة كيه.إيه.بي.سي ومقرها لوس أنجليس في ظل غضب بسبب تقارير عديدة بشأن تحرشات جنسية ارتكبها رجال من أصحاب النفوذ من نجوم هوليوود إلى رجال الكونجرس. بحسب رويترز.

وقدم فرانكين وهو ديمقراطي اعتذارا. ودعا زعماء جمهوريون وديمقراطيون في الكونجرس لجنة الأخلاقيات لمراجعة الادعاءات وقال فرانكين إنه سيتعاون. وقالت توييدن إن فرانكين كتب عرضا هزليا يحتوي على قبلة بينهما وقال إنه صمم على التدريب عليها وهو ما رفضته في البداية. وأضافت أيضا أنه لمس جسدها أثناء نومها عندما كانا في طريق العودة للوطن على متن طائرة عسكرية وكتبت ”شعرت بأني منتهكة مجددا. محرجة. محتقرة. مهانة. كيف يجرؤ أحد على لمس ثديي بهذه الطريقة ويظن أن الأمر مضحك؟“.

90 مليون دولار

الى جانب ذلك توصلت شركة توينتي فيرست سنشري فوكس إلى تسوية قدرها 90 مليون دولار لمزاعم ناجمة عن فضيحة تحرش جنسي في قناة فوكس نيوز الإخبارية التابعة لها، والتي أطاحت برئيس الأخبار روجر إيلز والمذيع بيل أوريلي من وظيفتيهما. وبدأت الفضيحة في فوكس في يوليو تموز عام 2016 عندما أقامت المذيعة جريتشن كارلسون دعوى قضائية تتهم إيلز بالتحرش. وفقد أوريلي وظيفته في أبريل نيسان بعد اتهامه بالتحرش ونفى ارتكاب أي مخالفات. وتوفي إيلز في الشهر التالي.

وتحل التسوية، التي تتطلب موافقة قاض، كذلك مطالبات ضد موظفي ومديري فوكس، ومن بينهم: روبرت مردوك وابنه لاكلان، الرئيس التنفيذي لفوكس، وجيمس مردوك، وهو ابن آخر لمردوك وكبير المدراء التنفيذيين، وورثة إيلز. ولم يقر المدعى عليهم بارتكاب أي مخالفات عند الموافقة على التسوية المقدمة إلى محكمة تشانسيري في ولاية ديلاوير. وتطالب التسوية التي تم التوصل شركات التأمين على موظفي ومديري فوكس وورثة إيلز بدفع 90 مليون دولار للشركة التي مقرها نيويورك لصالح المساهمين. وستعزز فوكس أسلوب الإدارة وقالت إنها أنشأت مجلسا لضمان بيئة عمل أفضل وتعزيز التدريب وتعزيز توظيف النساء والأقليات وترقيتهم. بحسب رويترز.

ويضم المجلس أربعة أعضاء مستقلين، منهم القاضية الاتحادية السابقة باربرا جونز. وتوضح وثائق المحكمة أن ورثة إيلز عارضوا الكثير من المزاعم في التسوية التي تم التوصل إليها قبل تقديم الدعوى. وتقود شبكة التقاعد للعاملين في مدينة مونرو بولاية ميشيجان المساهمين الذين أقاموا الدعوى. وقال محامي المساهمين ماكس بريجر إن اتفاق التسوية سيوفر ”فوائد مهمة“ لكل من المساهمين والعاملين في فوكس نيوز. وليس الاتفاق أول تسوية كبيرة مع مساهمين تخص شركة تابعة لمردوك. وتواجه فوكس نزاعا قضائيا خاصا آخر مرتبطا بفضيحة التحرش الجنسي.

اضف تعليق