q

شهد معسكر (الحوثي - صالح) تغيرا دراماتيكيا سريعا ومفاجئا بعد التحالف وعقد الشراكة السياسي فيما بينهما منذ إعلانهما رفض رئاسة عبد ربة منصور هادي على اليمن، هذا التغير يؤشر على أن العلاقة مابين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الشعبي العام (صالح) تراجعت إلى سابق عهدها أبان الإشتباكات شبه اليومية التي كان يشهدها شمال اليمن.

لكن شمال اليمن والعاصمة صنعاء ما بعد عام 2011 غير صنعاء ما قبلها، فصنعاء ما بعد سقوط علي عبد الله صالح عن الحكم بفعل الضغط الشعبي، أصبح فيها إعتراف يمني من قبل الأحزاب والساكنين بقوة الحوثيين عسكرياً وسياسياً، كما أن خصمهم الأمس هو حليفهم اليوم، ووجود مجلس قيادة وحكومة شراكة ما بين حزب علي عبد الله صالح، وجماعة الحوثيين.

فما الذي طرأ على العلاقة ما بين الحليفين؟ ولماذا تطور الخلاف بين الحليفين إلى تهديد ووعيد وتخوين وإشتباكات مسلحة ما بين الطرفين الحوثي - صالح؟، وإستنجاد الأخير بالتحالف الدولي بقيادة السعودية التي ما زالت طائرات تحالفها تقصف كل يوم العاصمة صنعاء وتجّوع بحصارها شعب اليمن منذ أكثر من ثلاثة سنوات.

هناك أكثر من علامة استفهام توضع حول سبب الفتنة الأخيرة في صنعاء منها: هل للتدخل الخارجي دور في فتنة صنعاء؟، بوجود مؤشرات قوية لدعم اماراتي كبير لأحمد نجل علي عبد الله صالح في تسليمه موقع مهم إذا ما تغيرت الحسابات العسكرية في صنعاء لصالح التحالف العربي بقيادة السعودية، أم أن التحالف ما بين معسكر الحوثي ـ صالح تحالف مصلحي وقتي أفرضته ضرورة مجابهة حكم عبد ربه منصور هادي، وتقاسم السلطة بينهما.

أم أن صالح استدرك بعد كل هذه الفترة أن جماعة الحوثي ذات ميول خارجية، ويريد إستعادة العروبة للعاصمة اليمنية صنعاء مثلما جاء في بيانه الأخير، وهو ما جعل جماعة الحوثي ترد بالتخوين على علي عبد الله صالح، وفي اليوم التالي وفي حدث غير متوقع من أغلب اليمنيين قتل علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق، وآخر الحكام العرب الذين حكموا باسم القومية العربية عند محاولته الخروج من بيته في صنعاء إلى محافظة مأرب.

المرحلة التي ستفتح إحتمالات عديدة على المشهد السياسي والعسكري في اليمن وعلى الجانب الإنساني لسكان صنعاء المتردي بالأصل حيث الفقر، والجوع، وإنتشار الأمراض، وتعطيل الحياة العامة إذا ما تفاقمت الأحداث إلى حرب أهلية في صنعاء والمناطق الأخرى من شمال اليمن.

الإحتمال الأول: إقتتال داخلي بين جماعة الحوثي وجماعة صالح في صنعاء

قد يكون هذا الإحتمال هو الأكثر ترجيحاً إذا ما دعم التحالف العربي بقيادة السعودية احمد نجل علي عبد الله صالح في قيادة المعارك ضد الحوثيين في صنعاء والمناطق في شمال اليمن، ونجاح هذا الإحتمال يتوقف على عاملين: الأول: يتمثل بمدى وقوف الجيش اليمني مع قيادات حزب المؤتمر الوطني الشعبي في مواجهة الحوثيين، والعامل الثاني: هو دور القبائل اليمنية في التصدي للحوثيين في صنعاء، لكن المؤشرات فيما يخص تركيبة هذين العاملين (الجيش، القبائل اليمنية) يدلان على أن الجيش اليمني منقسم الولاء على أساس سياسي بين قطبي المذهب الزيدي (الحوثي ـ صالح)، كما أن أغلب القبائل اليمنية ذات عقلية مصلحيه نفعية، وقد تقف إلى جانب الحوثيين إذا ما حصلوا على الضمانة والدعم من قبل جماعة الحوثيين.

الإحتمال الثاني: هدوء نسبي في صنعاء بعد حادثة مقتل علي عبد الله صالح

يرجح هذا الإحتمال لصالح جماعة الحوثيين في زوال عامل القلق الذي شكله صالح في خطابه الأخير ضد الحوثيين ومن ثم تصريح زعيم جماعة الحوثيين بعد مقتل صالح مباشرة بتبشيره بإنهاء حالة الخيانة التي شكلها صالح على حد تعبير عبد الملك الحوثي في إشارة إلى إنقلابه على جماعته وإعلان رغبته بالتعاون مع التحالف العربي بقيادة السعودية، لكن هذا الخطاب من جانب خصم ولا يشكل كل الموقف في صنعاء وإنما يتوقف إرساء حالة السلام والهدوء على أقرار قيادات حزب الوطني الشعبي بالهزيمة العسكرية النسبية بعد مقتل زعيمه علي عبد الله صالح، والمراهنة من جديد على العودة السياسية، ولململة هيكلية الحزب الوطني الشعبي، ومن ثم الإشتراك في الحياة السياسية مع الحوثيين، وهو خيار وان كان مرجحا لكنه مستبعدا في المنظور القريب على الأقل. وقد يؤدي أيضا إلى إختلافات كبيرة قد تؤدي إلى إنشقاقات ما بين قيادات الحزب الوطني الشعبي.

الإحتمال الثالث: عودة ما يسمى بالشرعية اليمنية إلى صنعاء بقيادة عبد ربه منصور هادي المدعوم من السعودية

هذا الخيار الذي ما زالت السعودية تراهن عليه ويشكل نقطة خلاف مع الإمارات حليفها الإستراتيجي في التحالف العسكري ضد الحوثيين، وفرض نجاح هذا الإحتمال يتوقف على التقدم العسكري، وعلى التغيير السياسي، وتقدم قوات تحالف عبد ربه منصور هادي صوب صنعاء ومدى إستجابة وتعاون قيادات الحزب الوطني الشعبي مع قوات عبد ربه منصور هادي، لكن التحالف الذي يقوده هادي المضاد لقوات جماعة الحوثي هو بالأساس يشهد إنشقاقات وصراعات كبيرة على السلطة خاصة في عدن عاصمة جنوب اليمن، كما أن فشل التحالف العسكري طيلة السنوات الثلاث الماضية في التقدم العسكري إتجاه صنعاء، يجعل هذا الإحتمال من أكثرها إستبعاداً إلا إذا كان هناك تدخل عسكري مباشر من قبل الولايات المتحدة في صنعاء، وهو فرض غير مستبعد لكنه يشكل خطورة عسكرية قد تأخذ أبعاد إقليمية ودولية.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001–2017Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق