q

مع تزايد أعداد المهاجرين الى الدول الأوروبية وباقي دول العالم الاخرى، ازدادت بشكل كبير الحوادث العنصرية ضد الاقليات المسلمة في تلك الدول بسبب التحريض المستمر من قبل بعض الجهات والاحزاب اليمينية المتطرفة في وسائل الإعلام، يضاف الى ذلك الاجراءات والقوانين المتشددة التي اعتمدتها بعض الحكومات ضد المهاجرين، حيث سعت الأحزاب اليمينية المتشددة و"الشعبوية" إلى استثمار الجرائم والعمليات الارهابية التي تقوم بها بعض التنظيمات والجماعات الإسلامية المتطرفة لتكريس مفهوم "الإسلاموفوبيا" أي الخوف من الإسلام والمسلمين وتوظيف ذلك لغايات انتخابية، فظهرت كما نقلت بعض المصادر شعارات متعددة منها أسلمة أوروبا والتهديد الإسلامي الخفي، وغير ذلك من الشعارات التي وفرت لليمين المتطرف خطابا مسموعا عوضه عن ضعف خطابه السياسي ومحدودية البدائل الاقتصادية والاجتماعية التي يُقدمها.

وتجلت نتائج هذا الخطاب في تنامي الأعمال العدائية ضد المسلمين والعرب وفي حق المساجد ومقابر المسلمين التي تعرضت للتدنيس في أكثر من مناسبة، كما ظهرت مجموعات من شبان اليمين تعتدي بشكل منظم ومنهجي على المسلمين في شوارع وأزقة المدن الأوروبية كلما سنحت لها سانحة. وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية من أكثر البلدان التي تشهد جرائم كراهية ضد المسلمين، وقد ذكر مكتب التحقيق الفدرالي الأميركي (أف بي آي) في وقت سابق أن نسبة تلك الجرائم شهدت ارتفاعا بنسبة 67% عام 2015، مشيرا إلى أن عدد المجموعات المعادية للمسلمين في تزايد. وخلصت دراسة أجراها مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إلى أن عدد الاعتداءات على المسلمين في 2016 تجاوز ألفي اعتداء مقابل 1400 اعتداء سنة 2015. أيضا، انتشرت ظاهرة الإسلاموفوبيا بسرعة في البلدان الأوروبية، وباتت أخبار الاعتداء على المسلمين تأتي من معظم العواصم الأوروبية، حيث شهدت العاصمة البريطانية لندن في أبريل/نيسان 2017، اعتداءً على امرأة محجبة تم إنزالها من حافلة نقل عام عنوةً.

كما تعرضت عدة نساء محجبات لاعتداءات مشابهة عام 2016 في لندن، وتضمنت الاعتداءات أعمال ضربٍ في الشارع، وإزالة للحجاب. وذكر بيان لجمعية مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، أن البلاد شهدت عام 2016، حدوث 419 جريمة تمييز، و39 جريمة مضايقة وتحرش، و25 هجومًا، و98 حادثة خطاب يحض على الكراهية واعتداء على المباني الدينية.

وشهدت بلدة هينان بومونت، شمالي فرنسا، في 30 مايو/أيار 2017، اعتداء شخص على امرأة كانت تجلس بجوار طفلها في حديقة عامة، وتضمن الاعتداء إزالة الحجاب وضرب المرأة على رأسها. وفي النمسا، سجلت أحداث الاعتداءات النابعة عن كراهية الإسلام زيادة بنسبة 65%، حيث تعرض المسلمون هناك لاعتداءات أثرت على حياتهم اليومية. وأظهر تتابع هذه الاعتداءات أن الهجمات التي يتعرض لها المسلمون ليس من الممكن أن تكون عبارة عن أحداث فردية، فيما أشار المركز الاستشاري للمسلمين في النمسا، في تقرير نشره حول العنصرية المرتكبة ضد المسلمين عام 2016، أن نسبة الهجمات ضد المسلمين زادت في ذلك العام بنسبة 65%. إلى ذلك، شكل قرار محكمة العدل الأوروبية حول منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل، أرضية تمهد لازدياد نسبة الهجمات المعادية للإسلام.

إيطاليا و أستراليا

وفي هذا الشأن فوجئ مهاجرون مغاربة يقيمون بمدينة ساسولو، بشمال إيطاليا بعبارات عنصرية مكتوبة عند مدخل المسجد الذي يرتادونه لأجل الصلاة. واكتشف المسلمون الذين يشكل المغاربة غالبيتهم، هذه الجمل المكتوبة بصباغة خضراء عند قدومهم لأجل أداء صلاة الجمعة. وكتبت جهة مجهولة عند باب المسجد عبارة “ساسولو وإيطاليا لن يصيروا أبداً مسلمين ج”، إضافة إلى صليبين وعبارة “إرحلوا من هنا” مكتوبة على الأرض.

وقام مسؤولو المسجد بإبلاغ الشرطة التي حلت بالمكان وقامت بإنجاز محضر للواقعة. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها هذا المسجد لحدث مثيل، فقد سبق أن عثر مرتادوه، في أوائل شهر أبريل الماضي، على عبارة عنصرية أخرى مكتوبة بخط أسود في نفس المكان مكتوب فيها :”ليس مرحباً بكم هنا في ساسولو”.

من جانب اخر كانت حنان مِرحِب تمشي في طريق مزدحم في مدينة سيدني الأسترالية، وتستمع إلى الموسيقى، حين وجه إليها شخص لكمة في وجهها، فيما وصفته الشرطة بأنه هجوم مرتبط بالتخويف من المسلمين. وتعتقد الفتاة الجامعية، التي تبلغ من العمر 19 عاما، أن السبب الوحيد وراء هذا الهجوم هو أنها ترتدي غطاء للرأس. وقالت حنان: "لقد شعرت بعدم الأمان بالمرة، وشعرت بغضب شديد لأني تعرضت لذلك في بلدي الأم". وتوصلت دراسة إلى أن النساء، اللائي يرتدين أغطية للرأس، يتعرض أغلبهن لخطر الهجمات المرتبطة بالإسلاموفوبيا في أستراليا. ووصفت تلك الدراسة بأنها الأولى من نوعها في أستراليا.

وحللت الدراسة 243 حادثا، أبلُغت بها مؤسسة سجل الإسلاموفوبيا في أستراليا بين سبتمبر/أيلول من عام 2014 وديسمبر/كانون الأول من عام 2015. وكان نحو ثلاثة أرباع من يقفون وراء تلك الهجمات ذكورا. وكان 68 في المئة من الضحايا نساء، وأربع من بين كل خمس منهن كن يرتدين أغطية للرأس. وكان 30 في المئة من بين النساء الضحايا يصطحبن طفلا وقت الهجوم.

وعلى الرغم من أن نحو نصف تلك الحوادث وقعت في أماكن عامة، لكن المارة أو الحضور لم يتدخلوا سوى في 25 في المئة من الحالات. ويعرِّف معدو الدراسة حوادث الإسلاموفوبيا بأنها أي حادث أو عمل من أعمال "العنف أو تشويه السمعة أو الانتهاكات المدفوعة بالكراهية، يستهدف مسلمين خلال حياتهم اليومية". وشارك في تلك الدراسة عدة جامعات في أستراليا، والأكاديمية الأسترالية للبحوث والعلوم الإسلامية، ومجلس التنوع في أستراليا.

وتقول الفتاة حنان مرحب إنه على الرغم من أن الكدمات والجروح السطحية في وجهها، التي نتجت عن الحادث الذي تعرضت له في مايو/أيار الماضي، قد التأمت، إلا أنها لا تزال غير مطمئنة لارتداء غطاء للرأس في الأماكن العامة. وتقول: "كل امرأة أو فتاة أعرفها ترتدي غطاء للرأس قلقة من أن شيئا ما قد يحدث لها". بحسب بي بي سي.

ويقول الدكتور محمد أوزالب، الباحث المشارك في الدراسة من جامعة تشارلز ستيرت، إن الإسلاموفوبيا غالبا ما تكون رد فعل على الخطاب السياسي المناهض للإسلام، والتغطية الإعلامية للحوادث الإرهابية. ويضيف: "عبر الوقت يربط الناس بين الإسلام والمسلمين وبين الإرهاب والعنف، وبالتالي يوجهون غضبهم باتجاه المسلمين". وتابع أوزالب: "لكن ذلك الغضب ينصب بالأساس على المسلمين الأبرياء، الذين يرونهم في الأماكن العامة، وأغلبهم من النساء". ويقول الدكتور أوزالب إن الإسلاموفوبيا يجب أن تحظى بمزيد من البحث والتوثيق حول العالم. وأضاف: "اعتقد أن أول الحلول لهذه المشكلة هو الاعتراف بها على كافة المستويات، بما في ذلك الدوائر البحثية والسياسية".

ألمانيا

من جهة اخرى وبناء على تقرير لصحيفة ألمانية ارتفعت أعداد الهجمات على المسلمين في ألمانيا، مقيمين ولاجئين وعلى مؤسساتهم، غير أن عدد الضحايا في تناقص، مقارنة مع العام الماضي. وقالت صحيفة "نويه أوزنابروكر تسايتونغ" الألمانية في تقرير لها إن أعداد الهجمات على المسلمين والمؤسسات الإسلامية في ألمانيا أكثر مما هو معلن حتى الآن، لكن بعدد جرحى أقل. وتعتمد الصحيفة في تقريرها على رد للحكومة الألمانية على استفسار بسيط من قبل حزب "اليسار". كما أن كل تلك الهجمات تقريبا قام بها حتى الآن، طبقا للمعرفة الحالية، أشخاص ينتمون لليمين المتطرف.

وبناء على ما نقلت وكالة الأنباء الكاثوليكية (ك ن ا) فإن جهازي الشرطة وهيئة حماية الدستور الألماني (المخابرات الداخلية) سجلا في الربع الثاني هذا العام 274 حالة اعتداء بدافع كراهية الإسلام، وبذلك توجب عليهم تصحيح الرقم السابق 201 حالة اعتداء، بحسب الصحيفة. وكذلك في الربع الثالث من العام الجاري جاء العدد مرتفعا أيضا حيث بلغ 217 اعتداء، في مقابل 200 اعتداء في الربع الأول من العام نفسه. وقد جرح في الـ217 اعتداء تسعة أشخاص، بينما كان الجرحى في الربع الأول من العام 16 شخصا. وارتفعت الاعتداءات على المساجد والأماكن الدينية من 13 اعتداء في الربع الثاني من العام إلى 16 اعتداء في الربع الثالث.

ويؤكد تقرير صحيفة "نويه أوزنابروكر تسايتونغ" أن تلك الاعتداءات تتضمن التأليب على المسلمين أو على اللاجئين المسلمين في مراكز الإيواء، وإرسال خطابات تهديد وهجمات على نساء محجبات أو رجال مسلمين في الشوراع، كما تتضمن الاعتداءات أيضا إضرارا بالممتلكات مثل كتابة شعارات نازية على المنازل. وبدأت السلطات منذ بداية هذا العام فقط اعتبار تلك المعلومات "أفعالا جرمية بدافع كراهية الإسلام"، ولذلك لا توجد لا توجد معلومات عنها بخصوص عام 2016، حتى يتم مقارنتها مع معلومات العام الجاري، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الكاثوليكية.

تويتر ومناهضة المسلمين

على صعيد متصل تراجع موقع "تويتر" عن تصريحات متحدث باسمه عندما قدم تبريرات معينة حول الأسباب التي جعلت الموقع يحتفظ بتغريدات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وُصفت بأنها مناهضة للمسلمين، إذ قال الموقع إنه قدّم مبررات غير صحيحة. بيدَ أنه لم يقدم على حذف الفيديو بحجة أن محتواه لا يتعارض مع سياسات النشر داخله. وغرد جاك دورسي، المشارك في تأسيس شركة "تويتر"، بأن المبرّر الذي قدمته الشركة كان خاطئاً، مضيفا أن الشركة تعمل على تقييم قواعد عملها وأنها مهتمة بآراء المستخدمين. وأحال دورسي على حساب "تويتر" الخاص بالأمان الذي نشر تغريدات في الموضوع.

هذا الحساب الأخير ذكر خلال اليوم ذاته أنه حصل هذا الأسبوع على مجموعة تغريدات تتحدث حول وجود مقاطع فيديو عنيفة، مشيراً إلى أن فريق الحماية بالموقع حوّل هذه التغريدات إلى مركز المساعدة حيث يمكن للمستخدمين إيجاد مبرّرات حول أسباب الاحتفاظ بها. غير أن هذه الإحالة، يستدرك الحساب، أدت إلى بعض التشويش. وأوضح الحساب أن الاحتفاظ بمقاطع الفيديو ليس لكونها إخبارية أو تهمّ الرأي العام، بل لأنها لا تتعارض مع سياساته الخاصة بالمواد الإعلامية.

وكان متحدث باسم "تويتر" قد صرّح لموقع "سي إن إن" الإخباري هذا الأسبوع أن الاحتفاظ بالتغريدات جاء "لأجل مساعدة الناس في الحصول على فرصة النظر لجوانب متعددة من القضية". وأضاف المتحدث: "من الممكن أننا بصدد مناسبة نادرة نسمح فيها بمحتوى مثير للجدل قد ينتهك قواعدنا، لأننا نؤمن أن هناك اهتماماً مشروعاً من الرأي العام في وجود هذا المحتوى". وقام ترامب، في وقت سابق، بإعادة تغريد سلسلة من مقاطع الفيديو المناهضة للمسلمين على حسابه في "تويتر"، الذي يتابعه نحو 44 مليون شخص، كانت جايدا فرانسين، وهي سياسية بريطانية في حزب الاستقلال البريطاني (يوكيب)، قد نشرتها. ويتضمن الفيديو الأول مشاهد لما يظهر أنه مهاجر مسلم يركل صبياً هولندياً يستخدم عكازاً، بينما يتضمن الفيديو الثاني ما نُسب إلى رجل مسلم يهشم تمثال مريم العذراء. أما الفيديو الثالث فيُظهر مجموعة من الناس يتحدث الفيديو عن كونهم إسلاميين يضربون مراهقاً حتى الموت.

اضف تعليق