q

الاعتراف بمدينة القدس عاصمة أبدية لـ"إسرائيل"، وزيادة المساعدات العسكرية المخصصة لها كانت ابرز واهم وعود الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ويبدو أن هذه الوعود أصبحت اليوم وبحسب بعض المراقبين، اقرب لتنفيذ الأمر ستكون له تداعيات خطيرة على عملية السلام وحل الدولتين الذي أصبح من وجهة الإدارة الأمريكية التي تتهم السلطة الفلسطينية بأنها شريك في نشر الكراهية امراً مستحيلا الآن، كما ان هذه الخطوة ستكون لها تداعيات على مستوى علاقات واشنطن مع عدد من حكومات ودول الشرق الأوسط. فتنفيذ مثل هذه الخطوات "الخطيرة" كما نقلت بعض المصادر، قد يتسبب بإشعال صراع في المنطقة التي تعيش في أزمة وصراعات خطيرة، وستكشف ايضا الوجه الأمريكي الحقيقي في التعامل مع القضية الفلسطينية، التي تعاني التهميش الكبير وتفرض على الفلسطينيين الخيارات الصعبة المنحازة لمصلحة إسرائيل.

وقال لناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة ان أي حل عادل يجب أن يضمن أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة المستقلة، مؤكداً أن عدم التوصل إلى حل للقضية سيبقي حالة الفوضى والعنف سائدة في المنطقة والعالم. وأضاف أبو ردينة أن الشرعية الدولية وقرار الاعتراف بفلسطين في الجمعية العامة (29/11/2012)، هو الذي سيخلق المناخ المناسب لحل مشاكل المنطقة وإعادة التوازن في العلاقات العربية الأمريكية.

صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من جانبه رفض بشكل قاطع التوجه الأمريكي الجديد في المنطقة، مؤكداً أن "الانحياز التام (الأمريكي) لـ"إسرائيل" بات واضحاً للجميع". وأضاف: "لا يمكن القبول بالمساس بالقدس ولن نسمح لأحد بذلك، والحديث عن اعتراف ترامب الرسمي بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" خطوة في غاية الخطورة، وتمس كل الاتفاقيات السابقة التي تم توقيعها، وقد تشعل المنطقة بأكملها". وكان المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، قد أكد في وقت سابق أن نقل السفارة للقدس "مسألة وقت ليس إلا، وأن الرئيس (ترامب) ما زال يدرس الخيارات". كما صرح مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، أن ترامب يفكر جدياً بنقل السفارة إلى القدس.

وسنة 1995 سنّ الكونغرس الأمريكي قانوناً يقضي بنقل سفارة الولايات المتحدة في "إسرائيل" من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة، لكن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين كانوا يوقعون على تأجيل الخطوة، ويجددون الأمر كل نصف عام. ويعتبر وضع القدس من العقبات الرئيسية أمام إقرار السلام بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، لا سيما بعد أن احتلت "إسرائيل" كامل المدينة المقدسة سنة 1967، وضمتها إليها بعد ذلك في خطوة لم تحظَ باعتراف دولي. وفي السياق ذاته، كشف مسؤول فلسطيني رفيع المستوى عن أن العلاقة بين واشنطن والسلطة الفلسطينية تمر بمرحلة "حرجة للغاية"، قد ينتج عنها تصعيد غير متوقع خلال الفترة المقبلة. وأضاف إن "عباس تلقى رسائل شديدة اللهجة من الإدارة الأمريكية، وصلت مرحلة التهديد المباشر في حال واصل التهديد بالبحث عن وسيط جديد لعملية السلام غير واشنطن".

عاصمة إسرائيل

وفي هذا الشأن قال مسؤولون أمريكيون إن الرئيس دونالد ترامب قد يلقي خطابا في وقت لاحق يعلن فيه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في خطوة من شأنها أن تؤجج التوتر في منطقة الشرق الأوسط. ونقلت بعض المصادر الاعلامية، عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنه من المتوقع أن يؤجل ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس رغم إعلانه المرتقب المثير للجدل. ولا يعترف المجتمع الدولي بمطالبة إسرائيل بالسيادة على القدس بأكملها.

ورفض المتحدث باسم مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق على تلك الأنباء قائلا "لا يوجد لدينا ما نعلنه". وحذر نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الإدارة الأمريكية من اتخاذ هذه الخطوة قائلا "الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية يمثلان خطورة كبيرة على مستقبل عملية السلام ويدفعان المنطقة إلى عدم الاستقرار".

وتنقل مراسلة بي بي سي باربرا بليت آشر عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الرئيس ترامب غاضب ممن يحذرونه من خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بسبب مخاوف من أنها ستؤدي إلى مزيد إلى العنف وستتسبب في انتكاسة لعملية السلام.

وأضافت لذا قررت الإدارة الأمريكية إلى "الخطة ب" وهي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دون نقل السفارة في الوقت الحالي ولكنها خطة مثيرة للجدل لأن تحديد الوضع النهائي للقدس يجب أن يكون في اتفاق سلام نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتدور مناقشات الآن بشأن كيفية الإعلان عن هذه الخطوة دون الإضرار بجهود السلام.

وكان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وأصدر الكونغرس الأمريكي قرارا عام 1995، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. لكن قرار الكونغرس تضمن عبارة تسمح للرئيس بإصدار أمر كل ستة أشهر بإرجاء تنفيذ قرار الكونغرس، وهو ما دأب الرؤساء الأمريكيون على فعله منذ ذلك الحين.

وكانت القدس مقسمة، إذ تسيطر إسرائيل على شطرها الغربي ويدير الأردن شطرها الشرقي حتى عام 1967، الذي احتلت فيه إسرائيل القدس الشرقية وأراضي فلسطينية وعربية أخرى. ويرغب الفلسطينيون في أن تكون القدس الشرقية، التي تضم المسجد الأقصى وأماكن أخرى مقدسة لدى المسلمين والمسيحيين واليهود، عاصمة لدولتهم المستقبلية، بينما تصر إسرائيل على أن القدس بأكملها عاصمة أبدية لها.

من جانب آخر، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مصادر مطلعة أن الرئيس ترامب يعتزم تنفيذ وعده بشأن السفارة، لكنه يأخذ بعين الاعتبار أن ذلك قد يعقد صياغة اتفاقية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأشارت المصادر إلى أن خطة ترامب تبلورت بعد اجتماعه من مستشاريه للأمن القومي في البيت الأبيض. فيما ذكرت مصادر في الإدارة الأمريكية بأن هناك أيضا خيارا آخر، حيث قد يعلن عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس خلال زيارته لإسرائيل المتوقعة في منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وكان بنس قد أعلن، أن ترامب يفكر حاليا في كيفية وموعد نقل السفارة إلى القدس، فيما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أنه من السابق لأوانه الحديث عن القرار النهائي بهذا الشأن. ويشير مراقبون إلى أن مثل هذه الخطوة من قبل ترامب قد تقوض الجهود لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، والتي يقوم بها صهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر.

تصويت واعتراض

الى جانب ذلك صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة ضد تبعية مدينة القدس لدولة إسرائيل، وسط أنباء عن قرب اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذه المدينة عاصمة للدولة العبرية. وأكدت 151 دولة أثناء التصويت الذي أجري في نيويورك أنه لا صلة للقدس بإسرائيل، مقابل تسع دول ممتنعة وست داعمة، وهي إسرائيل نفسها والولايات المتحدة وكندا وجزر مارشال وميكرونيسيا وناورو.

وصدر في أعقاب التصويت قرار أممي ينص على أن أي خطوات تتخذها إسرائيل كقوة احتلال لفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها في مدينة القدس غير مشروعة وتعتبر لاغية وباطلة ولا شرعية لها، داعيا السلطات الإسرائيلية إلى احترام الوضع القائم تاريخيا في المدينة قولا وفعلا، وخاصة في الحرم القدسي الشريف. من جانبه، أعرب الطرف الأمريكي عن خيبة أمله من القرار الصادر، قائلا إن هذا هو القرار الأممي الـ18 الموجه ضد إسرائيل منذ بداية العام.

وصدر هذا القرار مع 5 قرارات أخرى تدين تواجد إسرائيلي المتواصل في الجولان المحتلة، ودعمته 105 دول مقابل 6 معارضة و58 ممتنعة. جاء ذلك في وقت أوردت فيه وسائل الإعلام، نقلا عن مصادر رسمية، أنباء عن قرب اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله سفارة واشنطن من تل أبيب إلى هذه المدينة.

من جانب اخر أفاد التلفزيون الإسرائيلي بأن تل أبيب تتوقع من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف رسميا بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل. وأكدت "القناة الثانية" الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية تتوقع أن يأمر ترامب بتفعيل الخطوات التمهيدية لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، تطبيقا لوعوده الانتخابية.

وأوضح التقرير أن الرئيس الأمريكي لا يعتزم التوقيع على وثيقة تقضي بتأجيل تطبيق القرار وقد وقع عليها ترامب في 1 يونيو/حزيران المنصرم مبتعدا بذلك عن وعد مهم أطلقه أثناء حملته الانتخابية. وجاءت هذه التقارير بعد يوم من إعلان نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، أثناء مراسم احتفالية بمناسبة الذكرى الـ70 للتصويت في الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين ما أدى إلى إقامة دولة إسرائيل، أن ترامب "يفكر فعلا" في نقل السفارة إلى القدس. وقال بينس إن نقل السفارة هو مسألة وقت لا أكثر، مشيرا إلى أن التوقيت ليس مناسبا الآن لاتخاذ هذه الخطوة، حسب اعتقاده.

وأعلن بينس قبيل زيارة إسرائيل الشهر المقبل، عزمه على مخاطبة الكنيست الإسرائيلي برسالة "حازمة" ليؤكد التزام واشنطن بعلاقات أوثق مع تل أبيب ووقوفهما معا "في كل ما نعتز به". من جانبه، ذكر البيت الأبيض على لسان المتحدثة باسمه ساره ساندرز أن المعلومات عن استعداد واشنطن لنقل سفارتها إلى القدس أمر سابق لأوانه، مضيفا أن "لا شيء لدينا كي نعلنه" في هذا الإطار.

قرار مدمر

في السياق ذاته اعتبرت الرئاسة الفلسطينية كما نقلت بعض المصادر، أن أي اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها خطرا على عملية السلام واستقرار المنطقة. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن "الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل، أو نقل السفارة إليها، ينطوي على نفس الدرجة من الخطورة على مستقبل عملية السلام، ويدفع المنطقة إلى مربع عدم الاستقرار". وتابع، "القدس الشرقية بمقدساتها هي البداية والنهاية لأي حل ولأي مشروع ينقذ المنطقة من الدمار". وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اعتبر الحديث عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس كلاماً عدوانيا وخطوة استفزازية تسيء لعملية السلام ككل، معتبرا أن العملية السلمية في الشرق الأوسط سوف تكون في مأزق لا يمكن الخروج منه. وصرحت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في وقت سابق، إن قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس يعني تحولها إلى شريك مباشر في الاحتلال.

ويعتبر وضع القدس أحد العقبات الرئيسية أمام إقرار السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 وضمتها إليها بعد ذلك في خطوة لم تحظ باعتراف دولي. وطالما حث الزعماء الفلسطينيون والحكومات العربية والحلفاء الغربيون ترمب على عدم المضي قدما في نقل السفارة، إذ إن ذلك سيعني اعترافا فعليا بدعوى إسرائيل بأحقيتها في القدس كاملة عاصمة لها.

من جانب اخر حذر الملك الأردني عبد الله الثاني بن الحسين، من تداعيات نقل السفارة الأمريكية للقدس خلال المرحلة الحالية؛ "لما يُشكله من مخاطر على حل الدولتين وذريعة يستغلها الإرهابيون". ووفق ما أعلنه الديوان الملكي الأردني في بيان له، فقد اجتمع الملك عبد الله مع رئيس مجلس النواب بول رايان، ورؤساء وأعضاء عدد من اللجان في مجلسي الشيوخ والنواب.

وركزت اللقاءات على سبل توسيع آفاق الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، وتطورات الأوضاع بالشرق الأوسط، وفي مقدمتها جهود تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأكد الملك عبد الله أنه "لا يوجد بديل عن حل الدولتين الذي يضمن تحقيق العدالة والحرية والاستقرار"، مُشدداً على "أهمية عدم اتخاذ إجراءات تقوض ما تبذله الإدارة الأمريكية من جهد مشكور لاستئناف العملية السلمية".

اضف تعليق