q

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي ستجرى في 17 آذار/مارس، بعد ان قام رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بحل البرلمان في كانون الاول/ ديسمبر الماضي على اثر انهيار حكومته الائتلافية. دخلت البلاد كما يقول بعض المراقبين في حرب تنافسية شرسة بين القوى والأحزاب الإسرائيلية، التي تسعى الى كسب اكبر عدد من أصوات الناخبين، حيث شهدت هذه الحملة تصعيدا غير مسبوق اتسم باتساع لهجة التسقيط والاتهامات المتبادلة بين المرشحين الذين سعوا الى اعتماد برامج وشعارات جديدة ومختلفة، في سبيل التأثير على قرارات الناخب الإسرائيلي الذي يسعى إلى تغيير الواقع الحالي فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصاد والأمنية.

وبحسب البعض فإن هذه الانتخابات ربما ستحمل الكثير من المفاجآت خصوصا مع وجود أطراف ودول حليفة وخصوصا حكومة البيت الأبيض وبعض الدول الأوربية، التي تعمل على تغيير الخارطة السياسية في إسرائيل التي فقدت الكثير، بسبب السياسات الفاشلة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يواجه اليوم جملة من التحديات والمشكلات التي قد تؤثر على نتائج الانتخابات، وهو ما أكده نتنياهو الذي قال أنه قد يخسر الانتخابات مشيراً إلى وجود جهد دولي كبير لإسقاط حكومة ليكود.

فشعبية حزب الليكود كما تقول بعض المصادر في تناقص مستمر، ومسيرة تل أبيب الأخيرة التي شارك فيها نحو 40 ألف شخص للمطالبة باستبدال الحكم في إسرائيل تؤثر على المزاج الانتخابي هناك، فالتصفيق والترحاب الكبير الذي حظي به خطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكي لم يكن له التأثير المطلوب في الشارع الإسرائيلي، الذي أنهكته سياسة نتنياهو الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى أن هناك معارضين يتهمون نتنياهو بالتسبب في عزلة إسرائيل دوليا، بسبب الجمود الذي وصلت إليه عملية السلام مع الفلسطينيين.

وأظهرت أحدث استطلاعات للرأي تقدم يسار الوسط متوقعة حصوله على 24 او 25 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا مقابل 21 مقعدا لحزب ليكود الذي ينتمي له نتنياهو. وتظهر استطلاعات أخرى سباقا أصعب مع توقع حصول كل من الحزبين الرئيسيين على 23 أو 24 مقعدا. وكما كان الحال دائما على مدى تاريخ إسرائيل الممتد 67 عاما لن يحصل حزب على أغلبية مما يجعل المفاوضات لتشكيل ائتلاف امرا حيويا.

إسقاط نتنياهو

قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هناك "جهدا دوليا كبيرا " لضمان خسارته الانتخابات. وبثت إذاعة الجيش الإسرائيلي تصريحات قالت إن نتنياهو أدلى بها لنشطاء من حزب ليكود اليميني الذي ينتمي إليه. وفسرت الإذاعة تلك التصريحات على أنها إشارة إلى التمويل الخارجي لجماعات تقوم بحملة من أجل تغيير الحكومة في إسرائيل.

ويحظر على الأحزاب السياسية في إسرائيل قبول أموال بشكل مباشر من متبرعين من الخارج خلال أي حملة انتخابية. ولكن يسمح بهذا التمويل بموجب القانون الإسرائيلي للمنظمات غير الربحية التي تتبنى وجهات نظر سياسية ويقدم مستشارون أمريكيون المشورة للمرشحين الإسرائيليين منذ سنوات. وقال نتنياهو "إنه سباق متقارب للغاية. لا شيء مضمون لان هناك جهدا دوليا كبيرا لاسقاط حكومة ليكود."

وتشير استطلاعات للرأي إلى تقارب شعبية ليكود والاتحاد الصهيوني الذي يمثل يسار الوسط قبل الانتخابات التي تجري في 17 مارس آذار في حين يرى معلقون سياسيون على نطاق واسع أن نتنياهو لديه فرصة أفضل لتشكيل إئتلاف حاكم بعد الانتخابات. وقال رئيس الوزراء الذي يتولى المنصب منذ عام 2009 إن هرتزوج سيسعى إلى إحياء محادثات السلام مع الفلسطينيين والتفاوض بشأن "تقسيم القدس وإعادة الأرض". وكان نتنياهو يشير إلى وعود منافسه في السعي لإحياء المفاوضات التي انهارت في ابريل نيسان. بحسب رويترز.

وكان نتنياهو قد قوبل بتصفيق حاد في الكونجرس الأمريكي خلال كلمة ضد اتفاق نووي محتمل مع إيران تسعى إليه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وجاءت هذه الزيارة بناء على دعوة القيادة الجمهورية للكونجرس مما أثار غضب البيت الأبيض والنواب الديمقراطيين. واتهم منتقدون نتنياهو بالتدخل في السياسة الأمريكية كما اتهموا الجمهوريين بمحاولة تعزيز احتمالات إعادة انتخابه. وتشير استطلاعات للرأي إلى تقارب شعبية ليكود والاتحاد الصهيوني قبل الانتخابات في حين يرى معلقون سياسيون على نطاق واسع أن نتنياهو لديه فرصة أفضل لتشكيل ائتلاف حاكم بعد الانتخابات.

مضاعفات ازمة السكن

الى جانب ذلك نشر مراقب الدولة في اسرائيل القاضي يوسف حاييم شابيرا تقريرا عن ازمة السكن التي تثير جدلا سياسيا يعتبر محرجا لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. واهمية التقرير ان الاتحاد الصهيوني وهو حلف بين العمال والوسطيين ويعتبر التحدي الاهم امام الليكود اليميني حريص على تركيز النقاش على الفروقات الاجتماعية ومشكلة السكن في حين عمل نتانياهو على رسم صورة الرجل القوي في مواجهة التحديات الامنية.

وقال نتانياهو خلال زيارته لمستوطنة في الضفة الغربية المحتلة "هذا التقرير مهم ويكشف بشكل مشروع بان هناك الكثير الذي ينبغي فعله في هذا المجال وهو ما انوي فعله بعد اعادة انتخابي". واضاف "يكثر الحديث عن غلاء تكاليف الحياة ولكني لا انسى الحياة نفسها والتحدي الرئيسي الذي نواجهه بوصفنا مواطني اسرائيل وبوصفنا دولة، انه التهديد النووي الايراني". وحاول حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تأجيل نشر التقرير بعد الانتخابات بحجة انه يشكل مادة دعاية انتخابية للمعارضة.

واكد القاضي شابيرا المكلف مراقبة استخدام الاموال العامة ان "عمل مراقب الدولة لا يجب ان يتأثر باجندة سياسية". ويأتي نشر التقرير بينما يسيطر نمط حياة رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتانياهو وزوجته على اجواء الحملات الانتخابية واستغلالهما للاموال العامة. وتتبادل جميع الاطراف الاتهامات بالوقوف وراء ازمة ارتفاع اسعار المساكن ويعد هذا الملف من الملفات الشائكة في اسرائيل حيث ادت ازمة السكن الى اندلاع حركة احتجاج شعبية غير مسبوقة في صيف 2011 مع نزول مئات الاف المتظاهرين الى الشوارع.

ويدرس التقرير سوق العقارات منذ عام 2008، منذ بداية ارتفاع الاسعار حتى عام 2013. وبحسب التقرير فانه "لم يتم التوصل الى اي حل" لوضع حد لهذا الارتفاع الذي وصل الى 55% للشراء و30% للايجارات. واضاف "هذا الاتجاه ما زال مستمرا" في اشارة الى زيادة قدرها 5% العام الماضي بحسب ارقام رسمية.

واكد مراقب الدولة ان الزيادة في الاسعار اضرت ب470 الف من الاسر الاكثر فقرا في اسرائيل. وبحسب التقرير فانه في بداية الازمة في عام 2008، فان حكومة ايهود اولمرت في حينه "لم يكن لديها طرق للتعامل" مع المضاربة العقارية، وفي تموز/يوليو 2010 بعد اكثر من عام على تشكيل حكومة بنيامين نتانياهو تم ادراك "الحاجة لوقف ارتفاع الاسعار واعتماد سياسة لخفض الاسعار". ولكن ذلك لم يكن كافيا بحسب التقرير الذي كتب "تصرفت الهيئات الحكومية المختلفة دون خطة عمل استراتيجية لعدة سنوات ودون تحديد الاهداف". بحسب فرانس برس.

على صعيد متصل نصب عشرات النشطاء الاجتماعيين الإسرائيليين خياما في مدينة تل أبيب احتجاجا على نقص المساكن وهي قضية كبيرة في الدعاية لانتخابات. ويأتي الاحتجاج في شارع رئيسي بعد مضي أيام على نشر تقرير لمدقق الحسابات الحكومي جاء فيه أن "أوجه قصور كبيرة" أدت إلى رفع أسعار المساكن. وهي مشكلة تلقي بظلالها على حملة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخوض الانتخابات.

وقال شاي كوهين وهو ناشط قاد الاحتجاج على صفحته على فيسبوك إنه دعا إلى الاحتجاج للتعبير عن سخطه جراء عجزه عن شراء شقة. وقال كوهين لراديو الجيش ردا على سؤال عن المدة الزمنية التي سيستغرقها الاحتجاج "نحن باقون هنا إلى أن نحقق مطالبنا." ويماثل هذا الاحتجاج احتجاجا آخر ضد نقص المساكن في عام 2011 وأشعل احتجاجات لم يسبق لها مثيل في إسرائيل.

ويرى مراقبون إسرائيليون تناميا في الغضب جراء ارتفاع تكاليف المعيشة بوصفها عنصرا أساسيا يحرك الناخبين في الانتخابات العامة. وتظهر استطلاعات الرأي أن نتنياهو يخوض منافسة قوية ضد إسحق هرتزوج رئيس الاتحاد الصهيوني المرتبط بحزب العمل من جهة يسار الوسط. وعند نتنياهو ميزة بأن لديه عددا أكبر من الحلفاء الذين يمكن من خلالهم تشكيل ائتلاف حاكم.

الافراط في الانفاق

في السياق ذاته تعرض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى انتقاد رسمي بسبب ما وصفه مراقب الدولة بافراطه في الانفاق على منازله العامة والخاصة. وقال المراقب المالي جوزف شابيرا في تقريره انه قدم ادلة الى المدعي الحكومي يهودا فينشتاين، الا انه لم يوص باجراء تحقيق جنائي. وقبل الانتخابات انتشرت في وسائل الاعلام مزاعم عن الحياة الفارهة لنتانياهو.

واورد شيبارا في تقريره تفاصيل ارتفاع كبير في تكاليف التنظيف والطعام والتصليحات في المسكن الرسمي لنتانياهو في القدس ومسكنه الخاص في قيسارية، منذ تولي الاخير رئاسة الوزراء في 2009. كما تحدث التقرير عن سوء استخدام سارة زوجة نتانياهو لاموال من اعادة تدوير الزجاجات، اضافة الى شرائها اثاث حديقة لمسكنهم الخاص المخصص للعطلات في قيسارية. وقال شابيرا ان الانفاق يتعارض مع مبادئ "التناسبية والمنطقية والتوفير والفعالية".

واظهر التقرير زيادة الانفاق السنوي على الطعام في منزل القدس من 211 الف شيكل (54 الف دولار) في 2009 الى 458 الف شيكل في 2012. ورغم وجود طاه خاص في المنزل، الا انه تم انفاق اكثر من 92 الف شيكل على الطعام الذي طلبه المنزل من المطاعم في 2011. ووصف شابيرا تلك المشتريات بانها تدل على "سوء التصرف".

واضاف شابيرا ان مكتب رئيس الوزراء انفق 8200 شيكل شهريا على تنظيف منزل قيسارية رغم ان نتانياهو يمضي معظم وقته في القدس، ووصف تلك النفقات بانها "مفرطة للغاية". واشار التقرير كذلك الى ان نتانياهو وزوجته انفقا معا اكثر من ضعف ما خصصه لهما البرلمان على تصفيف الشعر والماكياج. بحسب فرانس برس.

واضاف ان سارة نتانياهو استدعت فنيا كهربائيا الى منزل قيسارية بوتيرة مرة كل عطلة نهاية اسبوع لمدة ثلاثة اشهر، بما في ذلك اثناء العطلات عندما كان الموظفون في عطلة ولا يستطيعون تقييم ما اذا كانت الاصلاحات ضرورية. وقال حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو انه "يحترم النتائج" ويطبق العديد من التوصيات، الا انه ربط بين نشر التقرير و"الحملة الاعلامية المستمرة" لابعاد نتانياهو عن الحكم. وقال الليكود ان النفقات "ازدادت بشكل كبير" خلال الفترة التي اشرف فيها ميني نفتالي على عمليات صيانة وتشغيل المساكن، ووصفه بانه "موظف حكومي سابق غاضب" رفع قضية على سارة نتانياهو بتهمة سوء المعاملة.

المؤهلات الأمنية

من جانب اخر وفي مواجهة اتهامات من بنيامين نتنياهو بضعف سياساته في مجال الأمن القومي قال المنافس الرئيسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي في الانتخابات إنه سيكثف جهوده ليركز الناخبون على مؤهلاته العسكرية والاستراتيجية. ويقود اسحق هرتزوج ائتلاف الاتحاد الصهيوني المنتمي ليسار الوسط مع الوزيرة السابقة تسيبي ليفني وكان ضابطا برتبة ميجر في وحدة تابعة للمخابرات العسكرية سابقا.

ولكن ينظر على نطاق واسع الى أسلوب هرتزوج المعتدل على أنه عقبة في طريق إقناع اليمينيين الذين ربما يكونون غاضبين من نتنياهو العضو السابق بالقوات الخاصة بسبب قضايا منها ارتفاع أسعار الغذاء والمساكن بأن بوسعهم سحب تأييدهم له بأمان. وقال هرتزوج للصحفيين الأجانب في لقاء بالقدس لدى سؤاله كيف سيحول تقدمه الطفيف في استطلاعات الرأي الى انتصار "سنروي قصتي" في إشارة الى خدمته في الوحدة 8200 التابعة للمخابرات العسكرية.

وأضاف هرتزوج (54 عاما) أنه بحاجة الى "التواصل مع الأعضاء المعتدلين في ليكود" وهو حزب نتنياهو حتى يفوز بالانتخابات. وقال إنه خدم سبع سنوات في مجلس الوزراء الأمني المصغر في حكومات سابقة. وحتى الآن يركز حزب هرتزوج حملته الانتخابية على استغلال الغضب الشعبي من ارتفاع تكاليف المعيشة في اسرائيل بينما يتحدث نتنياهو يوميا عن المخاطر التي يشكلها برنامج ايران النووي والإسلاميون المتشددون.

على صعيد متصل توقع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو "سنوات صعبة" قادمة للجيش الاسرائيلي، في كلمة القاها في حفل تنصيب الرئيس الجديد لاركان الجيش الاسرائيلي. وقال نتانياهو في حفل تسلم الميجور جنرال غادي ايزنكوت رسميا مهامه كالرئيس الواحد والعشرين لأركان الجيش الاسرائيلي "السنوات الاربع القادمة ستكون اصعب بكثير من السنوات الاربع السابقة التي مرت" تحت قيادة بيني غانتس.

واضاف "الشرق الاوسط يتداعى والدول تتفكك وفي هذا الفراغ تزدهر امبراطورية ايران التي تطمح الى الحصول على السلاح النووي" وتحدث ايضا عن "قوى الاسلام المتشدد التي تتغلغل في كل صدع في الشرق الاوسط". وبدأ ايزنكوت (54 عاما) حياته العسكرية كجندي مشاة في لواء جولاني وترقى حتى وصل الى قيادة اللواء.

وعمل سكرتيرا عسكريا لرئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق ايهود باراك في الفترة ما بين عام 1999 و2001 وذكر الاعلام في تلك الفترة انه كان يجري مفاوضات مع سوريا. وعين لاحقا قائدا لقطاع "يهودا والسامرة" وهي التسمية التي تستخدمها اسرائيل للضفة الغربية المحتلة، وتولى بعد ذلك قيادة مديرية العمليات، ثم اصبح قائدا للجبهة الشمالية من 2006 حتى 2011. وخلال توليه قيادة الجبهة الشمالية كتب الى نتانياهو "رسالة شخصية" يثنيه فيها عن شن هجوم على برنامج ايران النووي الذي تخشى اسرائيل ان تكون له اغراض عسكرية.

وبحسب صحيفة هارتس فقد حذر ايزنكوت من ان شن مثل هذا الهجوم سيتسبب في حرب طويلة مع ايران وحزب الله اللبناني الموالي لها، كما سيضر بالعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة. وايزنكوت، وهو من اصول مغربية، معروف ايضا بموافقه الاكثر تشددا. وكان اول مسؤول عسكري اسرائيلي دافع علنا عن سياسة الردع الاسرائيلية التي عرفت باسم "الضاحية" نسبة الى منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت التي تقيم فيها اغلبية شيعية والتي كانت هدفا لغارات كثيفة مدمرة نفذها الطيران الحربي الاسرائيلي خلال حرب عام 2006 بين حزب الله الشيعي اللبناني واسرائيل. بحسب فرانس برس.

وبعدها حذر ايزنكوت ان "ما حدث في الضاحية الجنوبية سيحدث في كل قرية يطلقون منها نحو اسرائيل. سنستخدم القوة ضد هذه القرية بصورة غير متناسبة ونلحق فيها دماراً هائلاً. هذه بالنسبة لنا ليست قرى مدنية وانما قواعد عسكرية". والقى الجيش الاسرائيلي في عام 2006 منشورات تدعو السكان الى اخلاء الضاحية الجنوبية في بيروت. وتم استخدام هذا الاسلوب مرة اخرى في العمليات العسكرية الاسرائيلية ضد قطاع غزة والتي كان اخرها في شهر تموز/يوليو الماضي والتي قتل فيها اكثر من الفي فلسطيني معظمهم من المدنيين.

مفاجأة الانتخابات القادمة

الى جانب ذلك وبعد ان ظلت الاقلية العربية في اسرائيل على هامش المشهد السياسي طوال الستين عاما الماضية تأمل الان ان تكتسب قوة تحتاجها بشدة في الانتخابات البرلمانية وتخوضها أربعة أحزاب عربية تحت راية واحدة لأول مرة. وأظهرت عمليات المسح أن القائمة العربية الموحدة قد تجيء في المركز الثالث في الانتخابات ويصبح لها دور فاعل في تشكيل الائتلافات الحكومية التي تهيمن على السياسة الاسرائيلية التي لم تشهد احتكار حزب واحد للأغلبية في البرلمان.

ويعتبر عدد كبير من عرب اسرائيل الذين يشكلون 20 في المئة من عدد السكان الذي يبلغ ثمانية ملايين نسمة هذا التوحد الجديد خطوة كبيرة على طريق محاربة التمييز وكسب الاعتراف. ورغم ان لعرب اسرائيل حقوقا كاملة متساوية يقولون انه في كثير من الاحيان يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.

وقالت ميرنا برانسي (24 عاما) وهي طالبة من الناصرة "ظللنا ننتظر هذا منذ عقود. سيكون لدينا الان سلطة أكبر حتى نحدث فرقا." وعرب اسرائيل هم من بقوا في البلاد خلال حرب عام 1948 التي فر خلالها أو أجبر على الرحيل مئات الالاف من الفلسطينيين لينتهي بهم الامر في الاردن ولبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. ومن بقي يشكون طويلا من تدني الخدمات ومخصصات غير عادلة في التعليم والصحة والاسكان. ويعيش أكثر من نصف عرب اسرائيل تحت خط الفقر.

وانتشرت في أم الفحم البلدة التي يعيش فيها 48 ألفا من عرب اسرائيل التي تقع قرب الحدود الشمالية للضفة الغربية اللافتات التي تدعو السكان للتصويت للقائمة العربية الموحدة على طول الطرق الصاعدة الى التلال. وعلق عند مدخل البلدة راية الحزب ذات اللونين الازرق والرمادي وكتب عليها "هم واحد.. صوت واحد". على مقربة تطل مأذنة مسجد على علامة ماكدونالد التجارية وعلى نصب اقيم في ذكرى 13 شابا قتلتهم القوات الاسرائيلية عام 2000 خلال مظاهرة تضامن مع الانتفاضة الفلسطينية. وقالت ختام محاميد (46 عاما) انها لم تدل قط بصوتها في الانتخابات لكنها ستفعل هذه المرة وقالت "الحياة تزداد سوءا للعرب هنا. اذا ذهبنا لصناديق الاقتراع بأعداد كبيرة سنحصل على ما هو أكثر."

لم تشارك أحزاب عربية قط في أي حكومة اسرائيلية ولم تسع للمشاركة. وهذا لن يتغير الان على الأرجح لكن القائمة العربية الموحدة يمكن ان تلعب دورا كبيرا بعد فرز الاصوات. وتحصل الاحزاب العربية عادة على نحو 11 مقعدا في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) المكون من 120 مقعدا. وتشير استطلاعات الرأي انهم كقائمة موحدة يمكن ان يحصلوا على 13 مقعدا بينما ترتفع توقعاتهم الداخلية الى 15 مقعدا وهو ما يضعهم بوضوح في المركز الثالث.

وفي النظام الانتخابي البرلماني الاسرائيلي يختار الناخبون أحزابا لا أفرادا وزعيم الحزب الذي له أكبر عدد من الحلفاء السياسيين هو الذي يفوز عادة بتفويض رئاسي لتشكيل الحكومة. ولمح أيمن عودة رئيس القائمة العربية الموحدة الى ان القائمة قد تساند اسحق هرتزوج الذي يسير حزبه الاتحاد الصهيوني وهو يسار وسط كتفا بكتف مع حزب ليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي اليمني. وفي مثل هذه المنافسة المحتدمة كل مقعد يصبح له قيمة. وقال عودة "نريد لهذه الحكومة التي قادتنا جميعا يهودا وعربا الى طريق مسدود الا تستمر. لكننا في الوقت نفسه لسنا في جيب هرتزوج."

بعض شركاء عودة قد لا يوصون على الارجح بأي مرشح لرئاسة الوزراء لكن اذا حصل هرتزوج على المنصب يمكن ان تعطيه القائمة العربية الموحدة دعما ضروريا من الخارج. وحدث هذا من قبل حين أيد النواب العرب في البرلمان الاسرائيلي رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين الذي أبرم اتفاقا مع الفلسطينيين عام 1993.

وقال عودة "كانت لدينا صيغة ناجحة في التسعينات مع حكومة رابين" مشيرا الى رغبته في التوصل الى ترتيب مماثل. واستطرد قائلا "وحدنا المهمشين والمهددين ونسعى لشراكة مع اليهود أيضا." وفي انتخابات عام 2013 بلغت نسبة مشاركة عرب اسرائيل 57 في المئة أي أقل من متوسط المشاركة العامة التي بلغت 68 في المئة. وتوقعت تمار هيرمان من المعهد الاسرائيلي الديمقراطي زيادة الاعداد. ويشكل عرب اسرائيل 15 في المئة ممن يحق لهم التصويت وهو ما يعني ان امكاناتهم الانتخابية يمكن ان تضمن لهم 18 مقعدا. لكن البعض يصوت لاحزاب غير عربية. بحسب رويترز.

وفي تغير سياسي محتمل -وهو ما بدأت استطلاعات الرأي تتوقعه الان- وانتهت الانتخابات بالتعادل بين هرتزوج ونتنياهو وشكلا معا "ائتلافا كبيرا" ستمتنع قائمة عودة عن تأييد الحكومة لتصبح المعارضة الرسمية في البلاد وهي سابقة بالنسبة لحزب عربي في تاريخ اسرائيل. ولا يعرف عودة (40 عاما) على نطاق واسع خارج مجتمع عرب اسرائيل لكن سلطت عليه الاضواء خلال مناظرة تلفزيونية ظل فيها رابط الجأش حين اتهمه وزير الخارجية من أقصى اليمين افيجدور ليبرمان بتمثيل "منظمات ارهابية" في الكنيست. ورد عودة قائلا ان السلام أصبح كلمة قذرة في هذه الحملة الانتخابية وانه يخشى ان تصبح كلمة الديمقراطية أيضا كلمة قذرة في الانتخابات القادمة بسبب هذا الرجل.

اضف تعليق