q

المتغيرات العسكرية الكبيرة التي شهدتها الحرب في سوريا خلال السنوات الأخيرة وخصوصا بعد تدخل روسيا وباقي حلفاء الأسد في هذه الحرب، اثار قلق ومخاوف العديد من الدول والحكومات ومنها اسرائيل، التي تخشى من تزايد النفوذ العسكري الإيراني في المنطقة، هذه المتغيرات دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى إتباع أسلوب وتحركات جديدة من اجل ايقاف التوسع الايراني والعمل ايضا على بناء تحالفات جديدة تمكنه من مواجهة هذا التحدي. حيث واصل المسؤولون الإسرائيليون وكما نقلت بعض المصادر، إطلاق المواقف والتصريحات التي تركز على شرح معالم التهديدات، وعرض الموقف الإسرائيلي من التطورات التي تشهدها الساحة السورية، وتحديداً هزيمة داعش، وصولاً إلى التلويح بخيارات عسكرية واسعة، في حال عدم تلبية مطالبها وسقوفها السياسية.

هذه التطورات ايضا اثارت قلق ومخاوف الكثير من الدول، التي تخشى ومن حدوث حرب كارثية تهدد امن واستقرار المنطقة، التي تعاني اساسا من حالة عدم استقرار وصراعات كبيرة، ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا وقفت إيران مع الرئيس بشار الأسد، ومع مرور الوقت وتزايد التهديدات على استقرار نظام الأسد، أصبحت مشاركة إيران في الحرب أكثر فاعليه. وتنظر إسرائيل بقلق الى النفوذ الايراني في سوريا. خصوصا وان عدوها الأول اهم حليف لروسيا قد أصبح اليوم اقوى واقرب بكثير من حدودها، وهو ما دفعها الى استخدام اسلوب اكثر حدة حيث اكد وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، أن إسرائيل لا تعتزم الاستسلام لمحاولات إيران بإنشاء واقع جديد حولها، مؤكداً أن تل أبيب لن تكتفي بالوقوف جانباً متفرجين.

ولوّح ليبرمانبأن إسرائيل ستفعل كل شيء من أجل ألا يكون هناك إيرانيون عند حدودنا. ونتيجة إدراكها للمخاطر التي يمكن أن تترتب على تكريس الحضور الإيراني وحزب الله في سوريا، على الأمن القومي الإسرائيلي، لفت ليبرمان إلى أن إسرائيل تتحسب من أن تسوية حول مستقبل سوريا ستجعل إيران وأذرع موالية لها تستقر هناك. وهو القضية الأساس التي كانت محور لقاء نتنياهو والرئيس فلاديمير بوتين، وقبل ذلك الوفد الاستخباري الإسرائيلي الرفيع في واشنطن.

من جهته، ذهب رئيس البيت اليهودي» المتطرف، وزير التربية نفتالي بينيت، أبعد مدى في إطلاق التهديدات، مشيراً إلى أن إسرائيل لن تعتمد فقط على الولايات المتحدة وروسيا، وأن دولة إسرائيل تحتفظ لنفسها بالحق في الدفاع عن نفسها، حتى ضد الإيرانيين عند حدودنا. ونحن مطلعون طوال الوقت على الخطوات الجارية هنا، وهذا أحد أكثر الأحداث حساسية، والأكثر حيوية.

ولوّح بخيار مناحيم بيغن في مواجهة المفاعل النووي العراقي الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية، عام 1981. وأوضح قائلاً: لم ولن نستعين بجهات خارجية من أجل الأمن القومي الإسرائيلي، بل ندافع عن أنفسنا بقوانا الذاتية. في السياق نفسه، انتقد رئيس حزب يوجد مستقبل يائير لابيد، أداء نتنياهو إزاء الموضوع الإيراني والسوري، ورأى أن هناك فشلاً هائلاً في السياسة الخارجية. وأوضح معالم هذا الفشل بالقول إنه في الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة إلى أمننا، لم تنجح الحكومة في وضع خطة عمل ناجعة أمام الإدارة الأميركية.

ورأى أن المجلس الوزاري المصغر مشغول بخلافات داخلية وبتسريب معلومات وتوقف عن القيام بواجبه، وهو بلورة السياسة. وعلى هذه الخلفية، لفت إلى أنه في ظروف كهذه، ليس غريباً أننا قمنا بالرد متأخرين جداً على استقرار الإيرانيين. وكل من لديه عينان في رأسه شاهد إيران تستقر في سوريا، لكن الحكومة لم تدرك أن عليها أن تبلور في الوقت المناسب حملة سياسية ناجعة من أجل وقف تحول إيران إلى دولة عظمى إقليمية وتهديد دائم.

نتنياهو والحرب

وفي هذا الشأن اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران بالسعي لبدء حرب مع بلاده، ونشر قواتها، لهذا الهدف، في المناطق التي يتركها "داعش" في سوريا. وأشار نتنياهو في حديث لقناة "20" إلى حدوث تغير في الوضع بالشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة، بحيث أصبح "ثمة احتمال كبير لتحقيق الانتصار الدولي على داعش في سوريا". واعتبر أن هذا أمر جيد وسيء في آن واحد، فسيء لأن "إيران تنتهج التسلل المنتظم إلى المناطق التي يتركها داعش". وتابع: "إن إيران لا تخفي حقيقة أنها تخطط لنشر عسكرييها وقواتها الجوية والبرية والبحرية هناك (في تلك المناطق).. ومن الأهداف المتوخاة من ذلك بدء الحرب ضد إسرائيل.. ومن الواضح أن هذا تغير يهددنا ويهدد دول المنطقة، وبرأيي، العالم كله".

الى جانب ذلك قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إيران تبني مواقع لإنتاج صواريخ موجهة بدقة في سوريا ولبنان بهدف استخدامها ضد إسرائيل. واتهم نتنياهو إيران في بداية اجتماع مع أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بتحويل سوريا إلى “حصن عسكري في إطار هدفها المعلن محو إسرائيل”. وتابع أنها “تبني أيضا مواقع لإنتاج صواريخ موجهة بدقة لتحقيق هذا الهدف في كل من سوريا ولبنان. هذا أمر لا يمكن أن تقبله إسرائيل. هذا أمر يجب ألا تقبله الأمم المتحدة”.

على صعيد متصل هدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأن بلاده بأنها لا تعتزم ضبط النفس حيال الوجود الإيراني في سوريا، وأنها لن تكتفي بلعب دور المتفرج الحيادي، وذلك بعد تشكيك الأوساط الإسرائيلية في جدية الروس حول إخراج القوات الإيرانية وحزب الله من سوريا. وقال تحاول إيران من خلال حرس الثورة أن تخلق واقعاً جديداً حولنا مع قواعد لسلاحي الجو والبحرية الإيرانيين في سوريا، وتصنيع سلاح دقيق في لبنان، ودولة إسرائيل لا تعتزم التسليم بهذه المحاولات.

ضرب مقرات الأسد

الى جانب ذلك أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن تل أبيب لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تمدد إيران في سوريا. وهدد مسؤول إسرائيلي كبير بخلط الأوراق في سوريا عبر ضرب أحد مقرات الرئيس بشار الأسد ونسف اتفاقات مناطق خفض التوتر التي توصلت إليها موسكو بموافقة طهران وأنقرة بعد 5 لقاءات في أستانة، وفقاً لما ذكرته "الجريدة" الكويتية.

وأكد المصدر، أن لقاء نتانياهو وبوتين لم يسفر عن أي اتفاق، وأن إسرائيل لديها وسائل وقدرات كفيلة بقلب كل الموازين، موضحاً أنه "يكفي فقط أن تقصف أحد مقرات الرئاسة السورية"، في إشارة إلى استهداف رأس النظام لإعادة خلط الأوراق، على حد قوله. وأشار المصدر إلى أن "إسرائيل لا تزال تنسق مع الولايات المتحدة وروسيا في كل ما يتعلق بسوريا، إلا أنها ستغير الأمور إذا بقيت إيران وتموضعت جواً وبراً وبحراً في سوريا"، مبيناً أن عراب الترتيبات وقيادة الدفة داخل سوريا هو موسكو لا غريمة الأخيرة التقليدية واشنطن.

من جهة اخرى قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن إسرائيل مستعدة "للدفاع عن نفسها" ضد ما وصفه بـ"التهديد" الذي يشكله "تموضع" إيران في سوريا. وأضاف نتنياهو خلال اجتماعه مع بوتين في مدينة سوتشي الروسية: "نحن نلتقى خلال السنوات الأخيرة لبحث ليس العلاقات الثنائية فحسب، ونحن نعمل دائماً على توطيدها، ولكننا نبحث أيضا الأوضاع التي تتبلور في الشرق الأوسط وهذه الأحوال تتغير الآن بسرعة. إيران تبذل جهودا حثيثة من أجل تعزيز وجودها العسكري في سوريا. هذا يشكل خطراً على إسرائيل وعلى الشرق الأوسط وبتقديري على العالم أجمع. إيران كانت قد بدأت جهودها للاستيلاء على العراق وعلى اليمن وهي قد حققت فعلاً سيطرة على لبنان." بحسب CNN.

وتابع نتنياهو: "نحن ننتصر جميعاً على داعش في إطار جهود دولية كبيرة جداً ونرحب بذلك، ولكن ما لا نرحب به هو دخول إيران إلى الأماكن التي يخرج منها تنظيم داعش. لن ننسى ولو للحظة بأن إيران لا تزال تهدد يومياً بتدمير إسرائيل. إنها تزود تنظيمات إرهابية بالسلاح وهي ترتكب الإرهاب بنفسها. إنها تطور الصواريخ العابرة للقارات بهدف تزويدها بأسلحة نووية ولجميع هذه الأسباب تعارض إسرائيل مواصلة الجهود الإيرانية التي تسعى إلى التموضع في سوريا. سندافع عن أنفسنا بشتى الوسائل ضد هذا التهديد وضد تهديدات أخرى."

بين المتغيرات والجمود

اذا ما صح ما تسرب عن الاجتماعين المهمين جدا والمفصليين جدا والذي عقد الاول بين الموفد الامريكي كوشنير والرئيس الفلسطيني محمود عباس بينما الثاني كان بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي بوتين ، اذا صح ما تسرب عن هذين الاجتماعين فان رياح المتغيرات الإستراتيجية قد بدأت تهب على المنطقة، أمريكيا أبلغت الرئيس الاسرائيلي بشكل جاد انه لا يمكن وقف الاستيطان لان ذلك يسقط حكومة نتنياهو، وكأن حكومة نتنياهو اهم من إنهاء إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة !!!! بينما بوتين ابلغ نتنياهو بان ايران حليف استراتيجي لروسيا وان الدور الإيراني لإيران في سوريا لا اعتراض روسي عليه ، ماذا يعني ذلك ؟؟؟؟

ليس جديدا ولا مفاجئا ان تحسم أمريكيا انحيازها لإسرائيل ، الجديد ان الذين يتوهمون بامكانية ان تكون أمريكيا وسيطا لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي قد سقطت أوهامهم وبدون اي شكوك واصبحوا وجها لوجه امام الحقيقة هذه التي تهربوا منها عشرات السنوات، هذا من جانب ومن جانب اخر فان الجديد ان ايران تتحول عبر نفوذها الى دولة مواجهة مع اسرائيل قد اصبح حقيقة ايضا رغم كل الجهد الاسرائيلي، ايران ومن خلال نفوذها المتعاظم في سوريا ولبنان أصبحت اقوى واهم دول المواجهة، وأي جهد إسرائيلي لكبح هذا التوجه قد تجاوزه الزمن الا اذا ارادت اسرائيل ان تشعل حرب نووية في المنطقة اقرب الى حرب عالمية وهذا مستبعد حتى اللحظة .

ومن كل هذا فان الروس يعودون للمنطقة وبتحالف استراتيجي مع ايران لا ليسيطروا على سوريا ولبنان فحسب بل والعراق ايضا لان العراق واذا ما وضعت امام حسم موقفها من ايران او أمريكيا ستختار ايران حتما للطابع لأكثر من سبب ليس اهم تلك الأسباب العامل المذهبي المشترك . ان مقولة نتنياهو " استمرار الوضع الراهن " كانت صادقة في جانب ، استمر الوضع الراهن في تعاطي اسرائيل مع دينماميكية الصراعات في المنطقة بطريقة ميكانيكية ساذجة بينما تغير الواقع من حول اسرائيل بدرجة جعل منها متخلفة عن مواكبة التطورات .

لقد اقترب الوقت كثيرا والذي ستعض اسرائيل على إصبعها ندما لانها اضاعت فرصة السلام مع الفلسطينيين متسلحة بوهم القوة لان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ظل المعطيات القادمة والتي بدأت لن يبقى فلسطينيا اسرائيليا ولا عربيا اسرائيليا بل سيغدو اسلاميا اسرائيليا وحينها لو ارادت اسرائيل السلام مع الفلسطينيين الذين لن يستطيعوا الاتفاق مع اسرائيل حتى لو رغبوا، فإيران التي ستكون على الحدود سيكون لها كلمة الفصل وستكون العلاقة بين الرئيس الفلسطيني أيا كان وطهران هي التي ستحدد مستقبل السلام في المنطقة.

هذا ليس خيالا ولا امنيات، لقد صمد الفلسطينيين الى الحد الذي تجاوز فيه شعبنا مرحلة فرض استسلام مذل ، هذا يكفي، المتغيرات القادمة ستصنع معادلات جديدة ترفع والى حد لا تتخيله اسرائيل سقف المطالَب الفلسطينية، وهذا ليس مزاجية فلسطينية ولكنه متطلبات المتغيرات والتحالفات الجديدة ستفرض منطق جديد. هذا يستدعي فلسطينيا اعادة النظر في الاستراتيجية السياسية دون مغامرة ولكن دون تردد ، التوازن بين المغامرة والتردد هي صلب السياسة الحكيمة ، والواعدة ، والمثمرة . فلسطينيا ان نقف على ارض الواقع ونتطلع الى المستقبل هو جوهر موقفنا . اسرائيليا الوضع مختلف ، اسرائيل عليها ان تقرأ أخطاءها ، اما ان تتجاوز تلك الأخطاء فذلك امر مشكوك فيه ، مشكوك فيه بحكم عقلية المكابرة الاسرائيلية وبحكم ان الزمن لا يعود الى الوراء .

اضف تعليق