q

تشهد الهند باستمرار حوادث قطارات مميتة نظرا إلى سوء صيانة شبكة سكك الحديد الشاسعة، رغم أنها تقل عشرات ملايين الركاب سنويا، إذ تسير شبكة خطوط السكك الحديدية الهندية 12 ألف قطار، وتنقل 23 مليون راكب يوميا، لكن سجل السلامة لشبكة خطوط السكك الحديدية في الهند يدعو للقلق، فالخطوط الحديدية تعاني من التلف بسبب قلة الصيانة والاستثمار، وشهدت عدة حوادث في السنوات الأخيرة راح ضحيتها المئات.

حيث يستقل آلاف العمال يوميا قطارات متهالكة وسط تكدس كبير للوصول إلى مقار عملهم في نيودلهي بالهند. ما دفع البعض لتسميتها "قطارات الموت"، حيث المخاطر كبيرة كاحتمال السقوط من على متن القطار أو التعرض للصعق بالكهرباء عند محاولة التشبث بأبوابه. نقص التمويل عرقل تحديث السكك الحديدية في هذا البلد الذي يعد الثاني من حيث عدد السكان في العالم، إلا أن الدولة ضخت مؤخرا 100 مليار يورو لهذا الغرض.

ولا تقتصر حوادث القطارات في الهند وحسب، فقد شهدت مصر حادثًا مؤسفًا، اصطدام قطارين بالقرب من محطة خورشيد على خط "القاهرة -الإسكندرية"، ما أسفر عن وفاة 41 شخصًا وإصابة المئات. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحصد شريط سكة حديد مصر أرواح الركاب، فبحسب تقرير لهيئة السكة الحديد في سبتمبر 2016، بلغ إجمالي حوادث القطارات في آخر 5 سنوات 4777 حادثة، وأسوأها في 2015.

كما وقعت حوادث قطارات مماثلة، بل ربما أكثر فظاعة، في دول عدة في جميع أنحاء العالم، كحادث "قطار ملكة البحر" الذي وقع في عام 2014، في سريلانكا، وحصد نحو 1700 روح، في كارثة عُدّت الأسوأ في تاريخ السكك الحديدة في العالم.

حوادث القطارات خطر يومي يهدد المسافرين!!

في حادث مفجع، خرج قطار عن سكته الأحد شمال الهند، ما أودى بحياة أكثر من 100 شخص، فيما لا تزال عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين مستمرة، لقي أكثر من 100 شخص مصرعهم في شمال الهند عند خروج قطار عن سكته ليل السبت الأحد، في أسوأ حادث قطارات تشهده البلاد منذ 2010.

وقال المسؤول في شرطة ولاية أوتار براديش دالجيت سينغ شودري إن "حصيلة الضحايا تجاوزت الآن 100 قتيل"، موضحا أن 150 شخصا آخرين جرحوا، وكانت الحصيلة السابقة تحدثت عن سقوط أكثر من 90 قتيلا.

وهرع رجال الإنقاذ إلى مكان الحادث الذي وقع بينما كان معظم الركاب نائمين، بالقرب من مدينة كانبور، التي تبعد نحو 50 كيلومترا جنوب شرق عاصمة الولاية لوكناو، وما زالت عمليات الإغاثة مستمرة، بينما وضعت مستشفيات المنطقة في حالة تأهب وخصصت 30 سيارة إسعاف لنقل الجرحى. بحسب فرانس برس.

وكان شودري أعلن أولا أن "ما نعرفه هو أن حادثا كبيرا وقع خرج فيه قطار عن سكته"، موضحا أنه "تم انتشال 63 جثة وحوالى 150 جريحا". فيما عرضت محطات التلفزيون لقطات للقطار وقد أصيبت عربته بأضرار جسيمة.

وقال شهود عيان أنهم سمعوا صوتا قويا عند وقوع الحادث. وقال أحد هؤلاء الناجين "أيقظنا صوت قوي هذا الصباح (...) أشعر أنني محظوظ لأنني على قيد الحياة وسالم. لكنها كانت تجربة اقتراب من الموت لنا جميعا".

وعبر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القومي الهندوسي في تغريدة على تويتر عن "حزنه الذي لا يوصف" في مواجهة هذه المأساة، ووعد وزير سكك الحديد سوريش برابو في تغريدة بأن تجري الحكومة تحقيقا حول أسباب الحادث وتتخذ إجراءات صارمة بحق المسؤولين عنه.

بين سوء الصيانة والكوارث الطبيعية

أدى خروج قطارين عن سكتهما في وسط الهند إلى مقتل أكثر من 27 شخصا، وكان القطاران يسيران في اتجاهين معاكسين خلال عبورهما جسرا غمرته الفيضانات. وقال مسؤولون إن القطارين لم يسقطا في النهر رغم خروجهما عن السكة.

وعملت فرق الإنقاذ طوال الليل على إخراج الركاب العالقين في القطارين اللذين كانا يسيران في اتجاهين معاكسين حين خرج عدد من عرباتهما عن السكة في ولاية ماديا براديش، وتم إنقاذ حوالى 300 شخص بعد خروج القطارين عن السكة بفارق دقائق، بحسب الشرطة ومسؤولين آخرين، وقال قائد شرطة السكك الحديد في ولاية ماديا براديش م.س. غوبتا "قتل 27 شخصا نتيجة الحادثين"، وأضاف أنه "تم إخلاء كل العربات وانتشال كل الجثث" مشيرا إلى أن الحصيلة قد ترتفع بشكل طفيف. بحسب فرانس برس.

وأفاد مسؤولون محليون عن إصابة ما لا يقل عن 25 شخصا بجروح وقد نقلوا إلى المستشفى، مؤكدين أن العربات لم تسقط في النهر برغم خروجها عن السكة، وقال المتحدث باسم وزارة السكك الحديد، أنيل ساكسينا، للتلفزيون الهندي أن أحد القطارين كان قادما من العاصمة الاقتصادية بومباي حين حاصرته مياه نهر ماتشاك الذي فاض من مجراه بشكل مفاجئ ما أدى إلى خروج آخر أربع أو خمس مقطورات عن السكة.

وتابع أن المياه حاصرت أيضا قطار الركاب الثاني الذي كان متوجها من مدينة باتنا الشرقية إلى بومباي فخرجت القاطرة وأول عربتين أو ثلاث عربات عن السكة، وهطلت أمطار موسمية غزيرة في العديد من مناطق الهند في الأسابيع الأخيرة متسببة بمقتل حوالي 180 شخصا في فيضانات في غرب الهند وشرقها.

لماذا تتكرر حوادث القطارات في مصر؟

في الوقت الذي أكد فيه التليفزيون المصري، على وصول عدد ضحايا حادث تصادم قطاري الركاب بمنطقة (أبيس) شرقي الإسكندرية، إلى 49 قتيلا، عاد السؤال التقليدي الذي يطرح على مدى سنوات ماضية، مع وقوع كل حادث قطار يسفر عن سقوط ضحايا لماذا تتكرر حوادث القطارات في مصر؟. بحسب البي بي سي.

وكانت هيئة السكة الحديدية المصرية، قد أعلنت أن قطار ركاب كان قادما من القاهرة، تصادم مع آخر كان قادما من بورسعيد، في تمام الساعة الثانية والربع بعد ظهر الجمعة 11 آب/ أغسطس ، إذ ضرب القطار الأول مؤخرة القطار القادم من بورسعيد بالقرب من محطة خورشيد، على خط القاهرة - الإسكندرية .

وعلى مدار السنوات الماضية بات من المعتاد تكرار حوادث القطارات التي تعزى في معظم الحالات إلى أخطاء بشرية كما تعزى إلى قدم منظومة السكك الحديدية المصرية بمعظم مكوناتها.

منظومة متهالكة

يقول الدكتور أسامة عقيل أستاذ المرور والطرق والنقل في جامعة عين شمس، والخبير في وسائل النقل، إن ما يؤدي إلى تكرار الحوادث التي توقع ضحايا، هو أن منظومة السكك الحديدية قديمة جدا في مصر، ولم تشهد تحديثا على مدى سنوات طويلة، ويشرح عقيل الفارق بين ما تقوم به هيئة السكك الحديدية في مصر، على مدار سنوات وهو الصيانة، وبين المفترض أن يتم وهو التحديث، فيقول إن الصيانة مثلا تتعلق بتغيير قطع غيار بعينها، أو احلال قضبان قطارات متهالكة بأخرى جديدة، إما التحديث والكلام لعقيل فهو تغيير المنظومة التقنية بكاملها.

ويرى عقيل أن مصر تخلفت عن أجيال كاملة، من الأنظمة التقنية لتشغيل السكك الحديدية في العالم، ويضرب مثلا بنظام الجر فيقول إنه مر بأجيال مثل الجر بالفحم والجر بالديزل والكهرباء ثم أخيرا الجر الإلكتروني، وهو استخدام القوة المغناطيسية، التي تخفف كثيرا من وزن القطارات، وهي تقنية يعمل بها في العديد من العالم بينما مصر ما تزال في عصر الجر بالديزل ، ويضيف عقيل أن نفس الأمر ينطبق على نظام الإشارات وتنظيم الحركة إذ أنه في مصر ما يزال في العصر اليدوي.

ولا يغفل عقيل مسؤولية الإدارة، فيما وصل إليه مرفق السكك الحديدية في مصر من تدهور، وهو يقول إن النظام التراتبي الإداري المعمول به هناك، هو أن يعين الموظف الأقدم رئيسا للهيئة، وبهذا ربما ينتهي الأمر بموظف كان في قطاع الورش رئيسا لهيئة سكك حديد كبيرة، بينما هو لا يملك الرؤية ولا الوعي، بما يحدث من تطور في هذا المجال في العالم، بما يمكنه من إدراك ما هو فيه والسعي لتحديثه، ويرى عقيل أن منصبا إداريا ضخما من هذا القبيل يحتاج إلى شخص على دراية بكل ما هو جديد في دنيا النقل والسكك الحديدية، وقادر على صياغة رؤى جديدة في مجاله.

وفي معرض تشخيصه للحل يقول عقيل إنه كان قد قدم خطة سابقا لواحد من وزراء النقل في مصر، وكانت ترتكز في أساسها على العمل خطوة خطوة، عبر تطوير الخط الأطول من سكك حديد مصر، والذي يبلغ طوله 1100 كيلومتر ويتمثل في المسافة بين الاسكندرية وأسوان مرورا بالقاهرة وتحديثه، ليتحول لخط عصري ثم يتم الاستفادة من نقل البضائع عبر خطين للنقل بالسكك الحديدية، بما يوفر موارد بعيدا عن الدولة ثم إعادة هيكلة للهيئة لتقليل الوظائف ثم استخدام الموارد التي توفرت بعد خمس سنوات بالنهوض بالخطط الفرعية الأخرى للسكك الحديدية.

التمويل هو العائق

أما محمد أبو حامد عضو مجلس النواب المصري، فيختلف ويقول في حديث لنقطة حوار، إنه ومنذ "ثورة الثلاثين من يونيو" وهناك عزم على إصلاح العديد من القطاعات، ومنها قطاع السكك الحديدية ويضيف أنه ومنذ أول دور للانعقاد في مجلس النواب الحالي، فإن المجلس شهد العديد من الاجتماعات بين النواب والوزراء المسؤولين عن القطاعات الخدمية، وأن الوزير الأسبق للنقل كان قد عرض على النواب خطة شاملة لميكنة حركة القطارات، وإنشاء مصنع لإنتاج عربات قطارات السكك الحديدية، لكن والكلام لحامد فإن المشكلة هي مشكلة تمويل، والجميع يعرف كيف أن الوضع الذي تمر به مصر صعب اقتصاديا.

ويقول أبو حامد إن مرفق السكك الحديدية في مصر، يحتاج إلى تمويل ضخم لتطويره قد يصل إلى 100 مليار جنيه، ليكون قادرا على العمل، لكن ظروف مصر صعبة بعد مرورها بثورتين، ويضيف أبو حامد أنه ونتيجة لسنوات طويلة من الفساد والإهمال قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، فإن الدولة المصرية ورثت كما هائلا من المشاكل المتراكمة في كافة القطاعات.

ويؤكد أبو حامد على ضرورة وجود إدارة فعالة، في قطاع السكك الحديدية، ويرى أن الخصخصة ضرورية في هذا المجال من أجل وجود إدارة أكثر كفاءة ودقة، وبحيث تكون هناك شراكة من أجل التطوير بين الدولة وقطاعها الخاص.

استقالة المسؤولين

استقال رئيس هيئة السكك الحديد في مصر إثر مقتل أكثر من 40 شخصا في حادث تصادم قطارين قرب الإسكندرية الجمعة الماضي، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء المصري، فيما أشار وزير النقل "لاستمرار سير التحقيقات لكشف ملابسات حادث".

قال مكتب رئيس الوزراء المصري إن رئيس هيئة السكك الحديد تقدّم باستقالته بعدما لقي 41 شخصا على الأقل مصرعهم في تصادم قطارين الجمعة في الإسكندرية بشمال مصر، حيث أفاد مكتب رئيس الوزراء في بيان أن وزير النقل هشام عرفات قبل استقالة مدحت شوشة، وتضمن بيان وزير النقل "استمرار سير التحقيقات لكشف ملابسات حادث تصادم القطارين بمدينة الإسكندرية (...) لمعرفة أسباب وقوعه". بحسب فرانس برس.

من جهته طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي التحقيق في الحادث "والتعرف على أسبابه ومحاسبة المسؤولين عنه"، بحسب بيان للرئاسة.

وأثار الحادث الجدل مجددا حول مشكلات وتجهيز السكك الحديد خصوصا مع تكرار الحوادث بسبب تقادم القطارات وقلة الصيانة وضعف المراقبة، وتقع حوادث قاتلة بين قطارات وسيارات أو حافلات تعبر تقاطعات السكك الحديد. وسجل وقوع 1234 حادث قطار في مصر عام 2015، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي.

ويعتبر حادث الجمعة هو الأسوأ منذ تصادم حافلة مدرسية وقطار عند تقاطع طرق قرب مدينة أسيوط (وسط) أسفر عن سقوط 47 قتيلا العام 2012، ويذكر أنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أسفر اصطدام بين قطار وباص عن سقوط 27 قتيلا جنوب القاهرة. وكان معظم الضحايا في طريق عودتهم من حفل زواج.

ويوجه المصريون منذ عقود انتقادات للحكومة بسبب عجزها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من حوادث السير، والحادث الأسوأ في تاريخ السكك الحديد في مصر وقع في شباط/فبراير 2002 حين أدى حريق اندلع في قطار كان متوجها من القاهرة إلى الجنوب عن مقتل حوالى 370 شخصا.

أسوأ 4 حوادث قطارات في العالم

تظل القطارات أحد أفضل وسائل المواصلات وأكثرها أمانا، حيث تندر حوادث القطارات بسبب التنظيم الذي تسير به وسيلة النقل تلك بين الوجهات المختلفة، إلا أن العالم شهد حوادث كبيرة للقطارات حول العالم نتيجة لأسباب عدة.

ومن أبرز 4 حوادث للقطارات حدثت في العالم من حيث عدد القتلى:

حادث قطار سريلانكا 2004

في ديسمبر/كانون الأول 2004، قتل أكثر من 1700 شخص وجرح المئات في حادث تحطم قطار في سريلانكا نتيجة لعواصف شديدة ولدت أمواج كبيرة أدت إلى دفع القطار من على السكة الحديدة، مما أدى الى انقلابه بشكل كامل وبداخله أكثر من 2000 راكب، وكان القطار يبعد عن البحر مسافة 217 ياردة (تقريبا 200 متر)، إلا أن الأمواج التي ولدتها العاصفة دفعت القطار بشكل عنيف مما أدى إلى انقلابه.

حادث قطار بهار بالهند 1981

في يونيو/حزيران 1981، وخلال فترة الأمطار الغزيرة التي شهدتها الهند في ذلك العام، انزلق قطار يحمل أكثر من 1500 راكب في نهر باجهامتي بالهند نتيجة الأمطار الكثيفة والرياح السريعة، حيث غرق معظم القطار في النهر بركابه، مما أدى إلى مقتل 500 منهم وإصابة 800، ولم يعثر على جثث 300 من القتلى حتى الآن.

حادث قطار يوفا بروسيا 1989

في يونيو/حزيران 1989، تسبب تسريب من خط للغاز الطبيعي في تكتل الغاز في جيب بين مدينتي يوفا وأشا بالاتحاد السوفيتي السابق، وعندما لمح مهندسو خطوط الغاز انخفاضا في مستوى الضخ قاموا فورا بزيادة معدلاته مما جعل نسب الغاز عالية في ذلك الجيب.

وبمجرد مرور قطارين يحملان أكثر من 1200 راكب معظمهم من النساء والأطفال، انطلقت شرارة أشعلت انفجارا ضخما بقطر 2.4 ميل وكان يمكن رؤيته من على بعد 95 ميلا وأسفر عن مقتل جميع الركاب على الفور بالإضافة إلى تدمير القطارين بشكل كامل.

كارثة قطار عواش بأثيوبيا 1985

تعتبر حادثة قطار عواش أحد أسوأ كوارث القطارات في إفريقيا، حيث انزلق قطار يحمل أكثر من 1000 راكب عن الخط نتيجة لعدم تهدئة السرعة بأحد الملفات القريبة من قرية عواش بأثيوبيا في يناير عام 1985، وتسبب الانزلاق في انقلاب القطار على عدد من البيوت في تلك القرية، وقتل نتيجة لذلك 428 شخصا من بينهم بعض سكان القرية وجرح بقية الركاب، وتم القبض على سائق القطار الذي كان من ضمن الجرحى بسبب إهماله.

اضف تعليق