q

ازداد التوتر بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا روسية بسبب استمرار الاتهامات الموجهة إلى روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي انتهت بفوز ترامب، حيث اصبحت هذه القضية من اهم القضايا في الولايات المتحدة، خصوصا وان التحقيقات المستمرة وكما نقلت بعض المصادر، قد اكدت وجود تعاون بين فريق حملة ترامب ومسؤولين روس. كما اشارت بعض التقارير الى أن الحكومة الروسية "بأوامر من (الرئيس) فلاديمير بوتين نفسه، دبرت هجمات قرصنة بهدف التأثير في الانتخابات، وترفض موسكو كافة المزاعم بشأن العلاقات مع ترامب أو فريقه أثناء الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة، كما ترفض رفضا قاطعا الاتهامات بمحاولاتها للتأثير على العملية الانتخابية الأمريكية، مؤكدة أن مثل هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة.

ويرى بعض المراقبين ان استمرار هذه الاتهامات قد يكون سببا في خلق ازمة عالمية جديدة، خصوصا وان روسيا قد سعت الى اتخاذ اجراءات مضادة، بعد ان عمدت الولايات المتحدة الى فرض عقوبات جديدة عليها، فقد أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق، إضافة 38 شخصية وشركة إلى قائمة العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا بسبب غزوها لشرق أوكرانيا، وتستهدف العقوبات الانفصاليين الأوكرانيين ومؤيديهم في شرق أوكرانيا إلى جانب أفراد وشركات شاركت في ضم شبه جزيرة القرم لروسيا. كما تشمل العقوبات الجديدة العديد من المسؤولين الروس والشركات الروسية بدعوى انتهاكها للعقوبات القائمة.

واحدة بواحدة

تحضر روسيا رداً مماثلاً لما فرضته وزارة الخزانة الأمريكية من عقوبات على موسكو، حسبما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، وأضافت زاخاروفا: "للأسف سنضطر للرد على ذلك". بحسب السي ان ان.

وألغت روسيا، اجتماعاً كان مقرراً عقده الجمعة المقبلة بين نائب وزير الخارجية، سيرجى رايبكوف، ووكيل وزير الخارجية الأمريكية، توم شانون، والذي كان يهدف لمحاولة تحسين الحوار بين الدولتين، وعزت موسكو إلغاء الاجتماع لفرض عقوبات أشد عليها وقالت زاخاروفا إن روسيا لا تستبعد مثل هذه المحادثات بشكل دائم، إلا أن سياسة الولايات المتحدة الخاصة بفرض العقوبات في حين تتابع المحادثات "يصعب فهمها". وأضافت: "لا يمكن أن تكون منفتحاً وأن معزول في ذات الوقت. إنه أمر سخيف"، ويقول المحللون إن قادة روسيا يريدون أن ينقلوا بكل وضوح وتأكيد أنه بعد انتظار إقامة ترامب لعلاقات أكثر دفئاً، فهم على استعداد الآن للتصعّيد إن لزم الأمر، وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت أنها ستشدد من العقوبات المفروضة على موسكو فيما يتعلق بالصراع المستمر في أوكرانيا.

احتمالات المواجهة العسكرية المباشرة

فيما يبدو أن اشتداد حرارة الجبهة الجنوبية والشرقية السورية وخاصة جبهة البادية أدى إلى رفع مستوى التوتر بين القطبين الروسي والأمريكي، حيث أن المواجهة على أشدها من قبل حلفاء القطبين على الأرض في السعي للسيطرة على المناطق التي لا زالت تحت وطأة تنظيم داعش الإرهابي، وسط حديث عن احتمالات اندلاع مواجهة مباشرة بين كل من الروس والأمريكيين إن لم يكن على الأرض ففي الأجواء السورية. يعزز هذه الاحتمالات ما قام به طيران التحالف الأمريكي من استهداف وإسقاط لطائرة مقاتلة سورية في ريف الرقة أثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد تنظيم داعش الإرهابي.

استهداف يؤكد أمرين الأول وقوف الأمريكيين إلى جانب تنظيم داعش في وجه الجيش السوري وحلفائه من جهة، والأمر الثاني تأكيد الغيظ الأمريكي من التقدم الواسع للجيش السوري وحلفائه ووصولهم إلى الحدود السورية العراقية للمرة الأولى منذ سنوات. إذا هي محاولة أمريكية لوضع خطوط حمراء للروسي، ولكن الجواب الروسي الذي تمثل بقصف الطيران التابع للتحالف الدولي يؤكد أنهم يريدون تثبيت خطوطهم الحمراء أيضا والإبقاء على يدهم ويد الجيش السوري مفتوحة في الساحة السورية وخاصة جبهة البادية.

إضافة إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تحديد المنطقة الجوية المحظورة على الطيران الأمريكي، في خطوة مهمة تؤكد أن الروس جادون في حماية حلفائهم على الأرض وتحديد خطوطهم الحمراء على غرار الأمريكيين. إذا هي عملية خلط جديدة للتوازنات القائمة، وسبب هذا الأمر التنافس الشديد على المساحات التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي في الجزء الشرقي من سوريا، وهذا الجزء يحظى اليوم بأهمية استراتيجية متزايدة وبالتالي فإن التنافس سيزداد أيضا بين القطبين الروسي والأمريكي.

مما ينذر بأن احتمالات الصدام المباشر مرشحة بدورها للازدياد خاصة أنه من الواضح أن الطرفين لا ينويان التراجع لصالح بعضهم البعض. حول هذا الأمر كتب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى محذرا من تزايد المخاوف من مواجهة عسكرية مباشرة بين القوات الأمريكية والروسية جنوب وشرق سوريا بسبب المنافسة الشديدة بينهم، كما اعتبر المعهد أن تلك المنطقة من سوريا الممتدة من معبر التنف إلى سنجار عند الحدود العراقية باتت استراتيجية جدا بالنسبة لكافة الأطراف.

الهوس الاميركي

الى جانب ذلك ندد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ب"الهوس" الاميركي بمناهضة روسيا، بعد قيام واشنطن بتعزيز العقوبات الاميركية على روسيا لدعمها الانفصاليين في اوكرانيا. وقال لافروف في مؤتمر صحافي عقده في موسكو مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان "لا استطيع قول شيء سوى ابداء الاسف ازاء الهوس بمناهضة روسيا من قبل نظرائنا الاميركيين الذي يتجاوز كل الحدود". واضاف لافروف "مرة اخرى فان هذه العقوبات تفتقر الى اي اساس".

وكانت الولايات المتحدة اعلنت تعزيز العقوبات على روسيا. وتأتي العقوبات الجديدة عقب الخطوة التي اتخذها الكونغرس بفرض عقوبات جديدة على روسيا ومنع البيت الابيض من تخفيف هذه العقوبات بشكل أحادي بسبب تدخل موسكو المفترض في انتخابات الرئاسة الاميركية في 2016. بحسب فرانس برس.

وقالت وزارة الخزانة أن العقوبات المشددة تستهدف أفرادا ومنظمات ترتبط بالنزاع المستمر في شرق أوكرانيا وستبقى مفروضة حتى تفي روسيا بالتزاماتها بموجب اتفاقات السلام في 2014 و2015. وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين ان هذه العقوبات "ستبقي الضغط على روسيا لدفعها للعمل للتوصل الى حل دبلوماسي". وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على 38 فردا ومؤسسة من بينهم مسؤولان في الحكومة الروسية و11 شخصا اخرين يعملون في شبه جزيرة القرم الاوكرانية التي ضمتها روسيا.

من جانب اخر قال الكرملين إن موسكو تبحث عددا من الإجراءات الانتقامية ردا على جولة جديدة مزمعة من العقوبات الأمريكية على روسيا بسبب دورها في أوكرانيا. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين "من البديهي أن المبدأ الأساسي للرد على العقوبات هو المعاملة بالمثل. "من الطبيعي أن تجرى حاليا صياغة واقتراح عقوبات (روسية) مختلفة على مستوى خبرائنا".

وأشار إلى أن موسكو تصف تصريحات أمريكية ربطت بين رفع العقوبات على روسيا وانسحابها من شرق أوكرانيا بأنها غير لائقة وغير صحيحة. وقال "قلنا مرارا إن روسيا ليست موجودة على أرض دونباس" في إشارة لقطاع من شرق أوكرانيا يسيطر عليه انفصاليون موالون لموسكو. وتابع "لذا نعتبر مثل هذه التصريحات غير لائقة وغير صحيحة". ونسبت وكالات أنباء روسية إلى وزير الدفاع سيرجي شويجو قوله إن روسيا تصقل الدفاعات في غربها ردا على ما تصفه بأنه تحركات عدوانية من جانب حلف شمال الأطلسي. ونقل عن شويجو قوله أيضا إنه يرى في الحشد العسكري لحلف الأطلسي على طول حدود روسيا دليلا على موقف الحلف المناهض لموسكو.

روسيا والتحدي

في السياق ذاته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن عناصر من المنظومة الأمريكية المضادة للصواريخ في ولاية ألاسكا وكوريا الجنوبية تمثل تحديا لروسيا وإن موسكو لا تجد أمامها من خيار سوى تعزيز قواتها في المنطقة ردا على ذلك. وأضاف بوتين إن روسيا لا يمكنها الوقوف موقف المتفرج وهي ترى الآخرين وهم يعززون قدراتهم العسكرية على امتداد حدودها في الشرق الأقصى مثلما حدث في أوروبا.

وقال إن موسكو انزعجت بصفة خاصة عندما نشرت الولايات المتحدة نظام الدفاع الصاروخي (ثاد) في كوريا الجنوبية لمواجهة تهديدات الصواريخ من كوريا الشمالية ومن تقارير عن خطط الولايات المتحدة لتعزيزات في منطقة فورت جريلي في ألاسكا وهي موقع لإطلاق الصواريخ المضادة للصواريخ. وتابع بوتين "هذه (التعزيزات) تدمر التوازن الاستراتيجي في العالم". وأضاف قائلا "ما يحدث عملية مزعجة وخطيرة للغاية. عناصر النظام المضاد للصواريخ تظهر في ألاسكا والآن في كوريا الجنوبية. هل يتعين علينا الوقوف مكتوفي الأيدي والاكتفاء بمشاهدة ذلك؟ قطعا لا. نفكر في كيفية الرد على هذه التحديات. هذا تحد بالنسبة لنا". بحسب رويترز.

ورأى بوتين أن واشنطن تستخدم كوريا الشمالية ذريعة لتوسيع قدراتها العسكرية في آسيا بالطريقة ذاتها التي استغلت بها إيران ذريعة لتطوير الدرع الصاروخي في أوروبا. وقال بوتين إن جزر كوريل، وهي مجموعة جزر في أقصى شرق روسيا متنازع عليها بين موسكو وطوكيو، "مكان مناسب جدا" لنشر عتاد عسكري روسي ردا على هذه التهديدات. وأضاف بوتين "لا أوافق على أن نبدأ بشكل منفرد بعسكرة تلك الجزر... لكننا مضطرون للرد على ما يحدث في المنطقة". وأضاف أن أي حديث عن نزع أسلحة الجزر لا يمكن أن يتم إلا بعد خفض حدة التوتر في المنطقة بكاملها.

الروس والانتخابات

وفي هذا الشأن قالت مسؤولة أمريكية للكونجرس إن متسللين إلكترونيين من روسيا استهدفوا أنظمة الانتخابات في 21 ولاية أمريكية خلال انتخابات الرئاسة العام الماضي. وقال مسؤول سابق إن تسجيل فيديو لدونالد ترامب وهو يتفاخر بمغامرات جنسية صرف الانتباه عن تحذيرات وزارة الأمن الداخلي. وخلصت وكالات مخابرات أمريكية إلى أن الكرملين أشرف على عملية واسعة النطاق شملت اختراق صناديق بريد الكتروني ودعاية على الانترنت لتشويه سمعة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ومساعدة دونالد ترامب في الفوز بالانتخابات في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال جيه جونسون الذي تولى وزارة الأمن الداخلي حتى نهاية عهد إدارة باراك أوباما إن الوزارة أصدرت تحذيرات بشأن اختراق الكتروني لقواعد بيانات تسجيل الناخبين. لكنه أبلغ لجنة المخابرات بمجلس النواب التي تحقق في مزاعم تدخل روسي في الانتخابات أن الإخطارات لم تلق الانتباه الذي تمناه وألقى باللوم على ظهور تسجيل فيديو لترامب يعود لعام 2005 ويتفاخر فيه باعتدائه جنسيا على نساء مما صرف انتباه الرأي العام الأمريكي عن التحذير. بحسب رويترز.

وكشفت جانيت مانفرا القائمة بأعمال نائب وكيل وزارة الأمن الداخلي لشؤون الأمن الإلكتروني علنا وللمرة الأولى عن استهداف 21 ولاية وقالت إن المتسللين اخترقوا عددا صغيرا من هذه النظم لكنها أكدت أنه لا يوجد دليل على تلاعب في الأصوات. وعند سؤاله لماذا لم تبذل إدارة أوباما المزيد لتحذير الناخبين قال جونسون "كنا نحرص بشدة على ألا ينظر إلينا بأننا نقف بجانب أي طرف في الانتخابات". ونفت روسيا مرارا أي مسؤولية عن أي هجوم الكتروني خلال الانتخابات الأمريكية.

ميركل تشعر بالقلق

الى جانب ذلك قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة أنجيلا ميركل قلقة من أن تؤدي عقوبات أمريكية ضد روسيا إلى فرض غرامات على شركات أوروبية واصفا التحرك الأمريكي بأنه "غريب". وأبلغ المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت الصحفيين في برلين أن ميركل تشعر بنفس القلق من العقوبات الجديدة الذي عبر عنه وزير الخارجية زيجمار جابرييل والمستشار النمساوي كريستيان كيرن خلال بيان مشترك.

وقال زايبرت "قرار مجلس الشيوخ الأمريكي يثير بالنسبة لها نفس الأسئلة التي أثارها لدى السيد كيرن والسيد جابرييل. هذا... تحرك غريب من مجلس الشيوخ الأمريكي". وأضاف أن من الغريب أن تفضي عقوبات تهدف إلى عقاب روسيا على التدخل في الانتخابات الأمريكية إلى فرض عقوبات على شركات أوروبية. وقال "ينبغي ألا يحدث ذلك. نرفض بوجه عام العقوبات ذات الآثار العابرة مما يعني أنها تؤثر على دول ثالثة".

من جهة اخرى اتهمت وزيرة الاقتصاد الألمانية بريجيته تسيبريز الولايات المتحدة بالتخلي عن نهج مشترك مع أوروبا بشأن العقوبات على روسيا وهددت بإجراءات مضادة محتملة إذا قررت واشنطن تغريم شركات ألمانية. وقالت تسيبريز "أشعر بالأسف لتقويض النهج المشترك لأوروبا والولايات المتحدة حيال روسيا والعقوبات والتخلي عنه بهذا الشكل". بحسب رويترز.

وتسيبريز من كبار أعضاء الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي ليسار الوسط وقالت إنه سيتضح ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيوافق على اقتراح أعضاء مجلس الشيوخ بمعاقبة الشركات الأوروبية التي تشارك في مشروعات للطاقة مثل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 أو تمولها. وأضافت "إذا فعل فسنضطر للتفكير فيما سنتخذه ضد ذلك".

اضف تعليق