q

وَعَدَ اللهُ تعالى بخلاص البشرية من الظلم الذي سيعمّ الأرض، قال (عز وجل): (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).

وبيّن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، بأن هذا الوعد الإلهي سيتم على يد الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم):

"أبشّركم بالمهدي يُبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً". "المهدي من عترتي، من ولد فاطمة".

وأنه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيحقق النتيجة النهائية التي أرادها الله تعالى من وراء بعثة الرسل والأنبياء، من لدن آدم حتى الخاتم.

غَيْبَة الإمام المهدي (عليه السلام) إنما هي بأمر إلهي، ولحكمة لا تُعرف إلا عند ظهوره، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يقول: "إن لصاحب هذا الأمر غَيْبَة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل"، قلت له: ولِمَ جُعلْتُ فداك؟ قال: "الأمر لا يُؤذن لي في كشفه لكم".

وقال (عليه السلام): "وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله. إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة، لما أتاه الخضر من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى إلى وقت افتراقهما. يا ابن الفضل، إن هذا الأمر أمر من الله، وسر من سر الله، وغَيْب من غَيْب الله، ومتى علمنا بأنه (عز وجل) حكيم صدّقنا بأن أفعاله كلها حكمة، وإنْ كان وجهها غير منكشف".

في زمن الغَيْبَة، مما يجب على الإنسان، السعي لإصلاح ما فسد من أمور النفس والعباد والبلاد، وهذا السعي من أجل الإصلاح سيكون حتى في عهد ظهوره (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإن حركة الإمام كحركة جده النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، حركة طبيعية وغيبية، فكما كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يستند إلى الإمداد الغيبي، كانت حركته أيضاً تعتمد على منطق المعادلات الطبيعية.

وإن الروايات الشريفة تنفي أن الإمام المهدي سيأتي من دون أية مقدمات، ويخضع العالم له. كلا، فهنالك جبابرة وطغاة، وهنالك أفراد ستتعرض مصالحهم للخطر، فقد أنكر بعض علماء اليهود والنصارى النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم) عندما جاء وهم (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم). أيضاً ستخرج جماعة إلى الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وتقول له: "لا حاجة لنا بك، فارجع من حيث أتيت".

الانتظار من أهم التكاليف، ومن أعظم العبادات، لكن هناك انتظار سلبي أن يتقاعس المؤمن عن أداء أي دور مع أسرته ومجتمعه، وينزوي عن المساهمة في أية مسؤولية إزاء دينه وأمته. يقول الإمام الشيرازي الراحل (أعلى الله درجاته):

"انتظار الفرج ليس بمعنى الانتظار القلبي فحسب، وإنْ كان الانتظار القلبي منه، لكن بمعنى العمل أيضاً لأجل الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولأجل أن يعجل الله تبارك وتعالى ظهوره (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فكما أن الانتظار بالنسبة إلى الزارع أن يهيّأ الأرض وسائر الشؤون المرتبطة بالزرع، علينا في غيبة الإمام (عليه السلام) أن نهيئ أنفسنا ومجتمعاتنا بالعمل الصالح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

ويقول المرجع الشيرازي (دام ظله): "لنعاهد الله على أن نكون عند مرور ذكرى مولد الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في كل سنة أحسن من السنة السابقة، وفي هذه الذكرى العظيمة لكل منا أن يسعى لإصلاح نفسه، فلو أصلحنا أنفسنا فإن صاحب الزمان هو الذي سيأتي إلينا قبل أن نذهب إليه".

اضف تعليق