q

في الخامس عشر من شهر شعبان يحتفل المسلمين الشيعة فقط بولادة الإمام الموعود المهدي، مع أن فكرة الإمام المهدي متفق عليها بين كل المذاهب الإسلامية، بل كل تفاصيل ظهوره المبارك منصوص عليها عند جميع المسلمين، فتكون الفكرة الإسلامية العامة (فكرة الإمام المهدي) بتذكير شيعي فقط.

وينتظر المسلمون منذ ألف وأربعمائة عام الإمام المهدي ليجعل الإسلام لكل الكون طوعا وليس جبرا، ويعيد الأمة الإسلامية الى الطريق المستقيم، فالإمام المهدي هو فرصة الإنسانية الاخيرة لإقامة العدل على الأرض، بعد ختم الرسل وانقطاع الوحي، وهو أخر الأئمة المنصوص عليهم من قبل الرسول الخاتم (ص)، ورسالته عالمية لا تختص بالشيعة فقط أو بالمسلمين، بل أن رسالته لكل الإنسانية، حيث يكون ظهوره إعلان إقامة دولة العدل المنتظرة، التي تشكل حلم البشرية منذ آلاف السنين.

ان الإشارات والروايات المتواترة بخصوص علامات الحياة في زمن دولة الإمام المهدي، تجعلنا متلهفين لذلك الزمان، حيث تتطور الحياة وتصل لقمة تقدمها العلمي والتكنولوجي، وفي زمنه كل محاور الحياة (الاقتصاد، الاجتماع، السياسة، الطب..الخ) تنضج، وتعطي ثمارها لكل البشرية وليس للأغنياء فقط، وفي زمنه يتم حل كل المعضلات التي واجهت الإنسان، أي أن زمن المهدي هو حلم كل إنسان على الأرض.

فمن المهم للمسلمين أن يثقفوا الأجيال على عقيدتهم، ويفصحوا عن ما موجود بصحاحهم وارثهم التاريخي، ويتكلموا ويكتبوا ويروجوا لما ينتظر الكون من الرسالة المحمدية، فهي ستنهض وتقود الحياة في الكون، بعد قرون طويلة من الانعزال والهزائم، أي أن كل مسلم يجب أن يفرح ويروج لهذا الأمر، لأنه يخص دينه وعقيدته ومستقبل الأمة الإسلامية.

فعندما نؤمن بالإمام المهدي ودولته الموعودة، يعني أننا مازلنا نعتقد بقوة ديننا الإسلامي، وقدرته على قيادة الكون كله، والمكسب الاهم أن ثمرة الايمان بالإمام المهدي هو تدمير كل مخططات معابد الكفر والماسونية واليهود والقوى العظمى.

● الإمام المهدي وعقيدة أهل السنة

صحاح مذهب أهل السنة تزخر بآلاف الأحاديث التي تتحدث عن الإمام المهدي، وعن علامات ظهوره، وكيفية حركته في أخر الزمان، وما أكثر المصرّحين من علماء أهل السنة ابتداءً من القرن الثالث الهجري وإلى اليوم، بأنّ فكرة الظهور محلّ اتّفاقهم، بل ومن عقيدتهم أجمع، والأكثر من هذا إفتاء الفقهاء منهم : بوجوب قتل من أنكر ظهور المهدي، وبعضهم قال : بوجوب تأديبه بالضرب الموجع والاِهانة حتى يعود إلى الحقّ والصواب على رغم أنفه ـعلى حدّ تعبيرهم ـ.

فالاتفاق تام بين علماء أهل السنة بخصوص وجود الإمام المهدي في آخر الزمان، وفي وصفه وصفاته، لكن الاختلاف فقط في أن الشيعة يقولون بولادته وأهل السنة يقولون انه لم يولد بعد.

اذن الخطوط العامة لعقيدة الإمام المهدي متفق عليها بين المسلمين، لكن واقع حال المذاهب الأربعة أنها تغيب فكرة المهدي المنتظر عن حياتهم، فقط هي موجودة في بطون كتبهم وفي فتاوى علمائهم، بعكس الشيعة الذين جعلوا الفكرة متواجدة في حياتهم، عبر عديد الطقوس من الدعاء بتعجيل فرج المسلمين ومن قبيل الاحتفال السنوي بالإمام المهدي، أي تحولت من قضية في بطون الكتب وعند العلماء الى حالة عامة تعيشها الجماهير، لذا ينظر لها على أنها حالة شيعية خاصة لمن فقط المعرفة والدراية.

● الاحتفالات الشيعية بالإمام المهدي

يقيم الشيعة احتفالات كبيرة بالإمام المهدي بمناسبة ولادته في 15 شعبان من كل عام، وتكون الاحتفالات بين زيارة كربلاء وبين إقامة الاحتفالات في الجوامع والحسينيات، بالتذكير بالإمام وسرد لتفاصيل حياته ولمسيرته الموعودة.

وهذه العملية تضمن توعية الأجيال على حقيقة جوهرية، حاول الحكام إخفائها منذ عهد الدولة العباسية والى عهد صدام، فكان المنع وتعتيم بالقوة والقهر اسلوب توارثه الحكام، لكن بقيت الأمة تتواصل حتى بأبسط الوسائل الممكنة، للحفاظ على الموروث، فكانت العوائل في زمن صدام تتبادل العصير والحلويات بالمناسبة، وكان الناس يذهبون لزيارة كربلاء، لكن من دون شعارات أو برامج احتفالية، مع تواجد شديد وكبير للأجهزة القمعية للنظام البعثي لإرهاب الناس.

نجد أن الاهم الان هو قيام بعض أصحاب المنابر في رد الشبهات، مثل قضية طول عمر الإمام المهدي، والتي تعتبر النقطة الفاصلة بين الشيعة والسنة، فدور نشر المعرفة المهدوية عبر المنابر، أمر أساسي لصاحب المنبر، لردم السلبيات التي يفتعلها الكثير من أهل المنابر الجاهلون، الذين يجعلون من المناسبة سبب للاحتقان الطائفي، عبر سردهم لمواضيع لا تنفع الأمة، والحقيقة أن المنابر التي توالي الأحزاب هي سبب عملية تسفيه الوعي.

أما الفضائيات فهي تلتزم ببرامج ممنهجة، حول القضية مثل نقل وقائع الاحتفالات، مع برامج للتعريف ورد الشبهات.

لكن تحتاج الفضائيات لثورة كي تخرج من شرنقتها، فبرامجها لليوم هي موجهه للشيعة فقط، أي أن الرسالة الإعلامية ناقصة، وتحتاج للكثير لان تكون رسالة لكل المسلمين، بحيث يتابعها المصري والقطري والمغربي والليبي، وهذا الأمر يحتاج لكوادر محترفة، تفهم طبيعة الناس وتقوم بتكوين رسالة تتناسب مع طبيعتهم، وهذا ما تفتقده كل القنوات الحالية.

* كاتب واعلامي عراقي

اضف تعليق