q

تتوالى الاخبار التي غالبا ما يسربها مسؤولون كبار وقيادات امنية بارزة من الولايات المتحدة الامريكية والعراق، والتي تؤكد بان حسم موعد معركة الموصل اقترب من ساعة الصفر، سيما وان الحكومة العراقية وقوات التحالف ما زالت تعيش تحت ضغط احتلال داعش لثاني أكبر مدينة (من ناحية عدد السكان) في العراق، والاكبر بين جميع المدن التي يحتلها على طرفي نهر دجلة في العراق وسوريا، وبعد مرور 8 أشهر على سقوط المحافظة بيد تنظيم داعش، ما زالت التصريحات والتوقعات (في كثير من الأحيان) تأتي بعبارات متناقضة ومرتبكة، خصوصا فيما يتعلق بمن سيشارك في المعركة؟ ومن سيقودها؟ وحجم القوات التي ستشارك؟ وما هو السقف الزمني المتوقع لحسمها؟، والاهم من ذلك كله، هل الحكومة وقواتها الأمنية مستعدة لخوض المعركة، على الأقل، من دون الاستعانة بقوات المتطوعين الشيعة (الحشد الشعبي)؟

بعض هذه الأسئلة أجاب عنها مسؤول بالقيادة المركزية الأمريكية رفض الكشف عن اسمه، حيث أكد "إنه يجري تجهيز قوة عراقية وكردية تضم ما بين 20 ألف إلى 25 ألف جندي لاستعادة مدينة الموصل من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في فترة ابريل-مايو (نيسان-آيار) على الأرجح، وأبلغ المسؤول أن الموصل "يسيطر عليها حاليا ما بين ألف إلى ألفين من مقاتلي الجماعة المتشددة"، واضاف "انه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن ما إن كان ينبغي وجود عدد صغير من المستشارين العسكريين الأمريكيين على الأرض قرب الموصل لتوجيه دعم جوي عن قرب"، وأشار الى ان "القوة المهاجمة الرئيسية التي يجري تجميعها لحملة الموصل ستضم خمسة ألوية من الجيش العراقي، وستعمل ثلاثة ألوية اصغر حجما كقوة احتياطية وستقوم ثلاثة ألوية من قوات البشمرجة الكردية باحتواء المدينة من الشمال وعزلها عن قوات تنظيم الدولة الاسلامية المتمركزة الي الغرب، كما ان ما يعرف بقوة قتال الموصل والتي تتألف بشكل اساسي من ضباط سابقين بشرطة الموصل ومقاتلين من العشائر يجري ايضا تجميعها استعدادا للهجوم، واضاف ان حوالي لواء من جنود مكافحة الارهاب سيجري استخدامهم ايضا في القتال، وسيتراوح العدد الاجمالي للجنود من 20 ألفا الي 25 ألفا".

واضاف المسؤول ان "القادة العسكريين العراقيين والامريكيين يهدفون الي ان تشارك جميع ألوية الجيش العراقي الخمسة التي تضم القوة المهاجمة الرئيسية في تدريبات تقودها الولايات المتحدة حاليا في العراق، اما توقيت الهجوم فسيعتمد في نهاية المطاف على جاهزية القوات العراقية التي انهارت الصيف الماضي عندما غزا مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية ثاني أكبر مدينة في البلاد وتقدموا عبر شمال العراق"، وسئل المسؤول عن اتخاذ هذا الاستثناء مع هجوم الموصل الذي وصفته وزارة الدفاع الامريكية بانه معركة محورية في مجمل الحملة في العراق فقال انه يعكس الثقة في العراق الذي وضع خطة المعركة، واضاف قائلا "هم ملتزمون تماما بهذا، هذه خطتهم، هم الذين بادروا اليها، وهم يتحركون قدما كما لو انهم سينفذونها في الاطار الزمني الذي وصفته".

طبعا سارع وزير الدفاع الأميركي الجديد "اشتون كارتر" بنفي هذه التسريبات، بعد ان اثارت ضجة، خصوصا من قبل مجلس الشيوخ الأميركي، حيث بعث العضوان البارزان "جون مكين" و"ليندسي جراهام" رسالة لاذعة إلى البيت الأبيض يشكوان فيها اللقاء الصحفي الذي توقع احتمال أن يبدأ هجوم الموصل في نيسان (أبريل) أو أيار (مايو) ويضم ما بين 20 ألفا و25 ألف جندي عراقي وكردي، وقال مكين وجراهام في رسالتيهما للرئيس باراك أوباما، "هذه التسريبات لا تعرض نجاح مهمتنا للخطر فحسب وإنما قد تكلفنا أيضا حياة جنود أميركيين وعراقيين ومن التحالف"، ويمكن القول ان هذه التصريحات لم تكن بالجديدة تماما، بعد ان سبقها رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" بأيام بالقول "ان معركة تحرير الموصل ستبدأ بعد أشهر من خلال التنسيق مع قوات أمريكا والبيشمركة"، كما اكد تعيين "قيادة تحرير الموصل" قبل شهرين، وتم تسجيل الالاف من المتطوعين (من أهالي الموصل) لتحرير المحافظة، وان الشرطة المحلية هي من ستمسك الأرض بعد تحريرها لمنع أية هجمات تخريبية من قبل عناصر داعش كعمل انتقامي يمكن ان يقوم به التنظيم.

والواضح من هذه التسريبات ان القلق الذي ينتاب الأطراف المشاركة في تحرير الموصل يشمل أمور منها:

1. جاهزية القوات العراقية وقوات البشمركة على اقتحام مدينة الموصل مرهونة بضمان ان لا تتحول المعركة الى حرب طائفية او عشائرية او قومية، بدلا من حرب لمكافحة الإرهاب، وهو ما يؤخر ساعة الصفر، ربما من اجل التنسيق العالي مع عشائر ووجهاء الموصل والأهالي لإرسال التطمينات اللازمة لما بعد معركة التحرير.

2. وضع الموصل والخوف من الخلاف بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان حول المناطق المتنازع عليها، وهو ما أكده العبادي بالقول، "أن المناطق المحررة يجب أن تكون لأهل الموصل مشددا بالقول لا نريد نحن كحكومة اتحادية ولا للبيشمركة أن يسيطروا بالحرب، فالمناطق المتنازع عليها تحل بالدستور.

3. من الصعب ان تشارك قوات "الحشد الشعبي" في تحرير مدينة الموصل، وان كان لها دور فقد يقتصر على الاسناد او التحرك على أطراف المدينة او المناطق الحدودية، وهو ما سيفقد الحكومة قوة ضاربة ومهمة، وربما تكون سببا اخر لتأخر عملية الحسم.

4. الخوف من تحول الموصل الى مدينة اطلال (على غرار ما حدث في "مدينة عين العرب كوباني" في سوريا) في حال عدم حسم المعركة بسرعة، وإصرار مقاتلي داعش على الاحتفاظ بها، سيما وان العديد من الخبراء يتوقعون معركة قاسية تعتمد على "حرب الشوارع"، حيث رأى العقيد الأمريكي السابق "جيمس ريس" ان "المدينة محاصرة الآن وعلى العراقيين التحضير لحرب شوارع في مدينة يقطنها عدة ملايين من البشر، الأمر الذي سيكون شديد التعقيد".

5. على الرغم من تصريحات رئيس الوزراء العراقي التي اكدت ان "الشرطة المحلية" المكونة من أهالي مدينة الموصل هي من ستمسك بالأرض بعد تحريرها من عناصر داعش، غير ان الموصل عندما سقطت بيد التنظيم كان هناك ما يقارب من (20) ألف منتسب من "الشرطة المحلية"، ويرى خبراء ان المزيد من التطمينات والخطط العملية، ينبغي ان توضع لإعادة الموصل الى أحضان الدولة العراقية بعد 8 أشهر من سيطرة التنظيم عليها.

6. الموازنة بين الرغبات الإقليمية والدولية ومصلحة الدولة العراقية، وهي موازنة صعبة للغاية، فالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية موجود، فيما تدعم جهات إقليمية أخرى أطراف موجودة على الأرض، ومن هنا المح "العبادي" الى ان الحكومة العراقية ترحب بجميع المساعدات الخارجية الا ان الموازنة بين هذه الأطراف ومصالحها داخل العراق اهم من المساعدات المقدمة.

اضف تعليق