q

بيروت/باريس (رويترز) - يقول دبلوماسيون إن بعض دول الاتحاد الأوروبي التي سحبت سفراءها من سوريا تشير في أحاديث خاصة الى أن الوقت قد حان لمزيد من التواصل مع دمشق على الرغم من معارضة فرنسا وبريطانيا لذلك.

وأصبحت هذه الدول تتحدث بمزيد من الصراحة في الاجتماعات الداخلية عن الحاجة للتحاور مع الحكومة السورية ولأن يكون لها وجود في العاصمة. وترفض كل من لندن وباريس ذلك وتقولان إن الرئيس بشار الأسد فقد شرعيته تماما.

ومن غير المرجح أن يؤدي هذا الى تغير في سياسة الاتحاد الأوروبي لكن الجدل يبرز المأزق الذي تواجهه الدول الغربية التي عزلت الحكومة في بداية الأزمة وفرضت عقوبات ورغم ذلك لايزال الأسد في السلطة بعد أربع سنوات.

وقال دبلوماسيون إن الدعوات جاءت من عدة دول ويمكن أن تدعمها بلاد منها السويد والدنمرك ورومانيا وبلغاريا والنمسا واسبانيا وجمهورية التشيك التي لم تسحب سفيرها. كما تؤيد النرويج وسويسرا وهما من خارج الاتحاد هذه الخطوة.

وعلى الرغم من الخلافات الممتدة منذ فترة طويلة داخل اوروبا بشأن سوريا فإن الدعوات زادت منذ تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق الصيف الماضي وبدء ضربات جوية بقيادة الولايات المتحدة ضده.

ويقول مسؤولون أمريكيون إنه لا يوجد تغير في سياسة بلادهم فيما يتعلق بالأسد على الرغم من تركيزهم على قتال التنظيم المتشدد وهو عدو لدمشق ايضا.

وقال دبلوماسي أوروبي "بعض الدول تقول: بشار واقع ويجب أن نضع هذا في الاعتبار اذا كانت هناك تهديدات لأوروبا" في إشارة الى خطر أن ينفذ الجهاديون العائدون من سوريا هجمات في الداخل.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات للمرة الأولى على الأسد ودائرته المقربة عام 2011 حين اتخذت السلطات إجراءات عنيفة ضد المحتجين. وتحولت الأزمة الى حرب أهلية أسفرت عن مقتل اكثر من 200 الف شخص وهي درجة من المعاناة يرى بعض الدبلوماسيين أنها تبرر إجراء اتصالات مع دمشق سعيا الى حل سياسي.

ويقول دبلوماسيون إن من المفهوم بوجه عام أنه لابد وأن تجرى مفاوضات غير أن بريطانيا وفرنسا تعتبران رحيل الأسد شرطا مسبقا. لكن احتمالات انهيار حكومته تتراجع بينما تدور رحى الحرب.

وقال دبلوماسي كبير بالاتحاد الأوروبي "كنا بانتظار أن يسقط كبيت من ورق لكن المشكلة أننا ننتظر منذ أربع سنوات دون أن يحدث هذا."

وقال مندوب سوريا بالأمم المتحدة امس الثلاثاء إن الحكومة السورية مستعدة لتعليق قصف حلب حتى يتسنى اختبار وقف محلي لإطلاق النار وهي خطة ساندها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ديسمبر كانون الأول.

وقال وزير خارجية الدنمرك مارتن ليدجارد لرويترز "من المهم أن يدعم الاتحاد الأوروبي وسيط الأمم المتحدة وجهوده للتوصل الى وقف لإطلاق النار."

وأضاف "فيما يتصل بذلك لا يمكن أن نتجنب الحوار مع النظام في دمشق لأنه يمثل عنصر قوة."

ويشير دبلوماسيون أوروبيون الى ما يعتبرونه تغيرا في موقف الولايات المتحدة من سوريا. ويقول دبلوماسيون أمريكيون إنهم لم يحيدوا عن هدف الإطاحة بالأسد من الحكم لكنهم لا يجدون سياسة قادرة على تحقيق ذلك بثمن مقبول.

نتيجة لذلك فإنهم تعايشوا مع استمرار الأسد في منصبه لشهور وأوضحوا أن تركيزهم ينصب على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقالت بسمة قضماني مديرة مبادرة الإصلاح العربي ومقرها باريس والعضو السابق في تكتل المعارضة السورية الرئيسي بالمنفى "لا نعرف ماذا يريد هذا التحالف والولايات المتحدة لا تتخذ قرارا."

وأضافت "هذا يؤدي الى دعوات في أوروبا تقول إن الأسد أخف الضررين. عاد الجدل الى سابق عهده."

في العلن استبعد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي التعامل مع دمشق. وبعد اجتماع في اكتوبر تشرين الأول قالوا إن "نظام الأسد لا يمكن أن يكون شريكا" في الحرب ضد الدولة الإسلامية.

من جانبها وصلت الولايات المتحدة وتركيا الى اتفاق مبدئي على تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة وتزويدهم بالعتاد.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مسؤولين ورجال أعمال ومؤسسات وعلى التجارة وحظرا على واردات النفط والمشتقات النفطية السورية. ويفرض عقوبات على 11 شخصا و63 شركة وكيانا.

وفي اكتوبر تشرين الأول وسع نطاق العقوبات لتشمل 12 وزيرا بالحكومة وشخصيتين بارزتين من الجيش وشركة إماراتية اتهمت بالمساعدة في إمداد سوريا بالنفط.

وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان الأسبوع الماضي حين سئل عما اذا كانت فرنسا ستستأنف تبادل معلومات المخابرات مع دمشق في الحرب ضد الدولة الإسلامية "بشار الأسد يقتل شعبه منذ سنوات."

وأضاف "إنه ليس جزءا من الحل في سوريا وبالتالي فإننا لسنا مضطرين للاختيار بين دكتاتور دموي وجيش إرهابي شرس. يجب محاربة الاثنين."

ويقول دبلوماسيون إن الأسد حريص على أن يعيد الغرب فتح سفاراته لكنهم يستبعدون هذا في الوقت الراهن. ويرى البعض حلا وسطا يتمثل في التحاور مع دمشق مع التنديد بالعنف والدعوة الى إدخال المساعدات.

وقال دبلوماسي "كنت لأتردد في استخدام كلمة حوار.. الأمر يتعلق بالتواصل مجددا."

حتى في باريس هناك بعض الشكاوى من طريقة التعامل مع الأزمة. وقال دبلوماسي فرنسي كبير دعا الى مزيد من الحوار مع السوريين وحليفتهم ايران إن إغلاق السفارة كان خطأ.

وتوفد عدة دول أوروبية دبلوماسييها الى دمشق لكنهم لا يقيمون هناك رسميا. وقال الدبلوماسي الفرنسي "الآخرون الذين تركوها (السفارات) مفتوحة تمكنوا من أن تكون لهم عيون على الأرض ومن الاحتفاظ بعلاقة مع الأسد."

واضاف "ليست لدينا فكرة واضحة عما يحدث. الرغبة في تجديد الحوار موجودة داخل دوائر المخابرات."

 

اضف تعليق