q

تواصل القوات العراقية المشتركة معاركها البطولية لتحرير مدينة الموصل، من عصابات تنظيم داعش الارهابي، حيث حققت هذه القوات في الفترة الأخيرة انتصارات مهمة وتوغلت اكثر في الجانب الغربي لمدينة الموصل، التي اصبحت وبحسب بعض المراقبين اقرب للخلاص والتحرر من سيطرة التنظيم، واكدت بعض المصادر إن الجيش العراقي قطع آخر طريق رئيسي للخروج من الموصل معقل تنظيم "داعش"، وسيطر على طرق الوصول إلى المدينة من الشمال الغربي. وقال ضابط، برتبة عميد ركن بالفرقة المدرعة التاسعة بالجيش، إن الفرقة أصبحت على بعد كيلومتر واحد من "بوابة الشام" في الموصل، وهي المدخل الشمالي الغربي للمدينة. وتابع: "نحن نسيطر الآن على الطريق، والآن بوابة الشام في مدى الرؤية الفعلية لقواتنا".

وقال سكان بالموصل، إنهم لم يتمكنوا من التحرك على الطريق السريع الذي يبدأ عند "بوابة الشام". ويربط الطريق المذكور الموصل بتلعفر، وهي معقل آخر للتنظيم الإرهابي، على بعد 60 كيلومترا إلى الغرب ثم إلى الحدود السورية. والجانب الغربي من الموصل، أصغر من جانبها الشرقي، ويمثل 40% من مساحتها، لكن كثافته السكانية أعلى، إذ يسكنه قرابة 800 ألف مدني، من جانب اخر اكد بعض الخبراء ان العمليات العسكرية ربما قد تكون اصعب في مناطق اخرى ولاسباب مختلفة، منها ان تنظيم داعش الارهابي يستخدم المنازل المكتظة بالسكان كدروع بشرية، هذا بالاضافة الى ان هذه العصابات تتواجد في مناطق وعرة و تستخدم اساليب اخرى لاعاقة تقدم القوات.

وجددت القوات العراقية الهجوم على جنوب الموصل في وقت سابق بعد توقف للعمليات استمر شهر تقريبا اثر استعادة السيطرة على الجانب الشرقي من الموصل. والجانب الغربي للمدينة المعروف محليا بالساحل الايمن، حيث ظهر زعيم تنظيم داعش الارهابي ابو بكر البغدادي علنا للمرة الاولى لاعلان "دولة الخلافة" في العراق وسوريا. واستولى التنظيم على ثلث مساحة العراق مدة عامين قبل ان يعيد الجيش العراقي تنظيم نفسه ويستعيد معظم الاراضي التي خسرها العام 2014، والجانب الغربي للموصل اخر المعاقل الرئيسية للتنظيم، الذي اعترف مؤخرا وعلى لسان زعيم التنظيم بهزيمته امام القوات العراقية.

المجمع الحكومي

وفي هذا الشأن شقت القوات العراقية طريقها حتى أصبح المجمع الحكومي الرئيسي في الموصل وهو أحد الأهداف الرئيسية في حملة طرد مسلحي تنظيم داعش من آخر معقل لهم في الشطر الغربي من المدينة في مرمى نيرانها. وفر بعض المدنيين الخائفين من القتال صوب خطوط الحكومة التي عادة ما تكون هدفا للمتشددين. بينما اضطر آخرون إلى التراجع داخل مناطق ما زالت تحت سيطرة داعش في المدينة لكنها تعاني شحا في إمدادات الغذاء والمياه.

وسيطرت القوات العراقية على الجانب الشرقي من الموصل في يناير كانون الثاني بعد قتال استمر 100 يوم وبدأت هجومها على مناطق تقع غربي نهر دجلة يوم 19 فبراير شباط. وإذا هزمت القوات العراقية تنظيم داعش فستكون النهاية قد كتبت للجناح العراقي من الخلافة التي كان أعلنها قائد التنظيم أبو بكر البغدادي عام 2014 في مناطق من العراق وسوريا المجاورة. وقال القائد الأمريكي في العراق إنه يعتقد بأن القوات المدعومة من الولايات المتحدة ستستعيد السيطرة على الموصل والرقة -معقل التنظيم في سوريا- في غضون ستة أشهر.

وقال مسؤول في الإعلام يعمل مع الوحدات الخاصة في وزارة الداخلية "حاليا مجلس المحافظة والمجمع الحكومي تحت نيران قوات الرد السريع" في إشارة إلى مدى يصل إلى 400 متر. والسيطرة على هذا المجمع ستساعد القوات العراقية على مهاجمة المتشددين في وسط المدينة القديمة القريب وستكون لها أهمية رمزية فيما يتعلق باستعادة سلطة الدولة على المدينة. وواجهت وحدات جهاز مكافحة الإرهاب التي تلقت تدريبا من الولايات المتحدة نيران القناصة والمورتر التي أطلقتها داعش مع تحرك الوحدات شرقا عبر منطقة وادي حجر للانضمام إلى قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية التي جرى نشرها على جانب النهر في خطوة من شأنها المنع التام للدخول إلى المدينة من جهة الغرب.

وأحرق المتشددون منازل ومتاجر وسيارات للتمويه أثناء تحركاتهم ومنع المراقبة الجوية من رصد مواقعهم. وأظهرت لقطات عبر الأقمار الصناعية غطاء فوق شارع في وسط المدينة القديمة. وقال سكان في المناطق التي يسيطر عليها المتشددون إنهم أجبروا على إخراج سياراتهم من المرائب إلى الشوارع لإعاقة تقدم المركبات العسكرية. وبدأ مهندسون عسكريون اصلاح جسر في اقصى جنوب المدينة بعد ان استعادت قوات الرد السريع السيطرة عليه. وقد يسهل الجسر وهو أحد خمسة جسور في المدينة دمرت كلها وصول التعزيزات والإمدادات من الجانب الشرقي.

ويعتقد بوجود عدة آلاف من المتشددين -كثير منهم جاءوا من دول غربية- داخل الموصل وسط سكانها المدنيين الذين لم يغادروا المدينة وقدروا في بداية الحملة بعدد 750 ألفا. ويلجأ المتشددون لأسلحة مورتر وقنص وشراك خداعية وسيارات ملغومة في مواجهة الحملة التي تشنها القوات المسلحة العراقية وفصائل الحشد الشعبي. وتقول الحكومة العراقية إن عدد النازحين من غرب الموصل حتى الآن بلغ 14 ألفا وهو ما يصل بعدد النازحين من المدينة منذ بدء الهجوم في منتصف أكتوبر تشرين الأول إلى أكثر من 175 ألفا بحسب تقديرات الأمم المتحدة. بحسب رويترز.

ووصل إلى قطاع يسيطر عليه جهاز مكافحة الإرهاب نحو 270 مدنيا. ونقل المصابون إلى عيادة طبية في حين جرى فحص الرجال للاطمئنان إلى أنهم ليسوا أعضاء في تنظيم داعش. وهتف رجل شرطة مناديا باسم مشتاق فوقف أحدهم. وقال رجل شرطة آخر إنهم تلقوا معلومات بأن متشددا اسمه مشتاق يختبئ ضمن النازحين. وحمل أحد الرجال سيدة فقدت وعيها بعد إصابة ابنها بشظية أثناء فرارهم من منطقة تل الرمان. ووصل رجل يدعى أبو علي من منطقة تل الرمان مع أطفاله الأربعة. وقال إن داعش قتلت أمهم قبل ثلاثة شهور لأنها خرجت إلى الشارع دون تغطية وجهها مضيفا أنه عثر على جثتها في مشرحة. وأكد أبو علي أنه سينتقم من التنظيم المتشدد.

مواقع داعش في سوريا

في السياق ذاته قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه أصدر أوامر لقواته الجوية بضرب مواقع لتنظيم داعش داخل سوريا ردا على تفجيرات في العاصمة بغداد في الآونة الأخيرة. وهذه هي المرة الأولى فيما يبدو التي تشن فيها مقاتلات عراقية غارات من هذا القبيل عبر الحدود. وقال العبادي في بيان "لقد عقدنا العزم على ملاحقة الإرهاب الذي يحاول قتل أبنائنا ومواطنينا في أي مكان يتواجد فيه حيث وجهنا أوامرنا لقيادة القوة الجوية بضرب مواقع الإرهاب الداعشي في حصيبة وكذلك في البوكمال داخل الأراضي السورية والتي كانت مسؤولة عن التفجيرات الإرهابية الأخيرة في بغداد." وأضاف قائلا "نفذ أبطال الجو العملية للرد على الإرهابيين بنجاح باهر."

وحصيبة بلدة عراقية بينما البوكمال بلدة سورية. وقال بيان منفصل لقيادة العمليات المشتركة العراقية إن الضربات وقعت ونفذتها طائرات إف-16 مقاتلة ودمرت مقرات لتنظيم داعش في البوكمال. وقال مسؤول أمني كبير "استهدفت الضربات مقرات يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية لإعداد السيارات الملغومة في البوكمال... بعدما تلقت المخابرات العراقية معلومات من مصادرها داخل سوريا." بحسب رويترز.

وقال مصدر مقرب من وزارة الخارجية السورية إن الغارة العراقية تمت "بالتنسيق الكامل" مع الحكومة السورية. وفي واشنطن قالت الولايات المتحدة إنها ساعدت العراق بمعلومات مخابرات. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الكابتن جيف ديفيز للصحفيين "بلى كنا على علم.. بل ودعمناها بالمعلومات." وأضاف "إنها ضربة جيدة..ضربة فعالة..ضربة ضد أهداف لداعش." كما تعرض التنظيم المتشدد لهجوم في سوريا من طائرات حربية روسية وتركية وتابعة لتحالف تقوده الولايات المتحدة وجميعها يدعم عمليات مختلفة ضد التنظيم في البلاد.

خارج الموصل

على صعيد متصل يدور الجزء الاساسي من المعارك لاستعادة الجانب الغربي من مدينة الموصل داخل الاحياء السكنية، لكن في الوقت ذاته تخوض القوات العراقية معارك ضد تنظيم داعش في المناطق الصحراوية المفتوحة. وتتقدم قوات الفرقة التاسعة من الجيش العراقي في منطقة تمتد ضمن سلسلة تلال ترابية لقطع طريق بين الجانب الغربي من الموصل وبلدة تلعفر التي لا تزال معقلا للجهاديين.

وتم بالفعل قطع الطريق بين تلعفر والمناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم في سوريا، لكن قطع الطريق بين تلعفر وغرب الموصل منعهم من اعادة التموين او التراجع امام ضغوط القوات العراقية المتقدمة من المحور الجنوبي. وذكر الفريق الركن قاسم المالكي آمر الفرقة ان القتال ليس سهلا. واوضح "بصراحة ، التقدم بطيء"، مضيفا ان "المشكلة تتعلق بالتضاريس وليس العدو. الامر يبدو سهلا لكن المكان مكشوف وليس هناك شوارع" وتابع "اينما نتحرك لابد ان تسبقنا جرافات لفتح طرق لنا".

في غضون ذلك، تواصل قافلة لا نهاية لها لدبابات وعجلات مدرعة السير ببطء عبر صحراء مفتوحة خلف جرافة تقوم بفتح طريق مخلفة سحابة ضخمة من الغبار. وتتخذ الفرقة التاسعة موقعا على تلول العطشانة، احدى اعلى المناطق ارتفاعا في محافظة نينوى، ما يتيح لهذه القوة مشاهدة الموصل والسهول المحيطة بالمدينة. هذا التكتيك جعل المشهد مرعبا، ولم يعد بالامكان مشاهدة الا اشياء على علو مرتفع مثل خزان مياه ابيض واعمدة الكهرباء، التي لا يزال من الممكن رؤيتها بوضوح.

وقال المالكي "انهم يريدون ان يختبئوا عنا بواسطة حرق النفط، واحداث هذا الدخان". ويبتسم عبد الرزاق الذي يضع قبعة بيسبول ويرتدي نظارات شمسية ، وهو يتلقى مكالمات ويواصل عبارات التشجيع لطيارين. ويحث احد الطيارين بعد اتصال لتنسيق ضربة ضد مجموعة من مقاتلي داعش، قائلا "يلاّ يابطل، اعطيني نتيجة جيدة". وجاء رد عبر جهاز الاتصال ذاته، يقول "هناك مجموعة مقاتلين خلف موكب ، نريد معالجتهم" وهو يعني استهدافهم. فاجاب المالكي "اوكي ، اوكي" ثم التقط جهاز اتصاله الثاني، ليواصل التنسيق قبل مراقبة نيران المروحية المهاجمة، ثم قال "اعطني نتيجة انت بطل". ثم جاء رد سريع يقول "سبعة قتلى جميعهم مقاتلين".

ويقول المالكي ان قواته تقدمت نحو 13 كيلومترا خلال الايام الستة الماضية، واستعادت السيطرة على عشر قرى ومحطة للطاقة الكهربائية من قبضة تنظيم الدولة الاسلامية. ويرى هذا الضابط ان الامر سيستغرق بعضة ايام للوصول وتامين طريق تلعفر الموصل. وعلى مسافة قريبة جدا تمركزت قوة اميركية وهي جزء من الوحدات التي تقدم المشورة والمساعدة وتعمل جنبا الى جنب مع قوات الفرقة التاسعة. بحسب فرانس برس.

ويقول المالكي "انهم معي اينما اذهب، هناك تنسيق مستمر، مشيرا الى ان هناك قوات عراقية ترافق التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم لتنسيق الضربات الجوية. ويقول اللفتنانت كولونيل جيمس براونينغ ان قواته تقدم مساعدة للقوات العراقية منذ شهرين، من ضمنها عمليات استعادة الجانب الشرقي للموصل. واضاف "مهمتنا هنا هي التاكد من ان قائد الفرقة التاسعة يحصل على كامل امكانيات قوات التحالف الى جانبه". واوضح "كل شيء من الناحية الاستخباراتية الى القدرات القتالية اضافة الى منصة مراقبة. وذلك ليتمكن من متابعة المعركة بشكل افضل، ويفهم اين قواته واين هي ارض المعركة".

اضف تعليق